الديوان » سوريا » محمد المجذوب » حنانك لا تخشي أذاي ولا ضري

عدد الابيات : 31

طباعة

حنانَكِ  لا تخشي أذايَ ولا ضُرِّي

فما  أنا ذو نابٍ ولا أنا ذو ظفرِ

حنانَكِ،  لا يَخفقْ جناحاك رهبةً

ولا  ترمِني عيناك بالنظر الشَّزْرِ

أحِذراً  وفي جنبيَّ، يا طيرُ، للورى

وللطير دنيا من رؤى الحب والشعر!

أراعَكِ  هذا الحِملُ ينآد تحتَه

مَطايَ فلا ينفكُّ يُنجدُه صبري

وخطوٌ  يثيرُ الأرضَ لولا نَداوةٌ

ذَرَتْها على مَيْتِ الثَّرى أدمعُ القَطْرِ

وسَوْرَةُ  أنفاسٍ يكادُ زفيرُها

يسيل شَعاعاً في لوافحِهِ سَحْري

فلملمتِ أطرافَ الجناح تحفزاً

وأمسكتِ  خوف الغائلاتِ عن النقر

وقلت، وقد أسرفتِ: باغٍ من الورى

أخو شَرَكٍ يطوي الضلوعَ على مكر

حنانَكِ.. بعضُ الظنِ إثمٌ فما أنا

ودنيا  الورى إلا الغريبُ مع السَّفْر

حنانَكِ.. لستُ المرء يطلبُ يُسْرَه

بآلام مخلوقٍ سواه على عسري

سلي خفقاتِ النجمِ في لُجَّةِ الدجى

وعربدةِ  الأسحارِ في يقظةِ الفجر

سلي عَرْفَ هاتيك الأزاهيرِ في الرُّبى

وهينمَة  الصفصافِ في عُدوة النهر

سلي  الواديَ النشوانَ بالعِطر والندى

يُطلُّ عليه السفحُ بالحُلَل النُّضْر

سليها  فمِن قلبي على كل نفحةٍ

بها  أثرٌ يروي المكتَّم من سرْي

سلي  عن أغانيَّ الحياةَ فلم يزل

بمسمعِها رجعٌ من النَغَم البِكر

لئن  أخفتَتْها قسوةُ الدهر فترةً

لفي  النفسِ لحنٌ عزَّ عن قسوة الدهر

فقد  يخرسُ الطيرُ الحبيسُ وملؤه

حنينٌ يهزُّ الروحَ للأفق الحر

وددتُ لَوَنِّي جارُك العمرَ كلَّه

أذودُ بنفسي عنك عاديةَ الغدر

تضوء  عشياتي بريَّاك فتنةً

وتُسكرني نجواك في البُكَر الخُضر

ويسلقُني  في الحقلِ ظلُّك عابثاً

فأقفزُ فوقَ الشوكِ في إثْره أجري

وأنعَمُ  تحتَ العشِّ في حضنِ مضجعٍ

يسيلُ  عليه الطَّلُّ من أكؤُسِ الزهرِ

فراشيَ  فيه العشبُ غضَّاً مُمهَّداً

وثيراً، ولكنَّ الوسادَ من الصخر

ومن  ورق الدِِّفْلى عليّ غلالةٌ

تقي  جسميَ العاري أذى البرد والحر

مُنى من تهاويل الخيالات حاكَها

صَناعٌ  من الوهمِ المجنَّحِ في صدري

حَلمتُ بها في غفوةِ الخطبِ برهةً

فلما  صحا جَفَّتْ رُؤايَ من الذعر

وهمتُ بذكراها وقد حال بيننا

غياهبُ  من ليلِ الحقيقةِ والفكر

أَعدتِ إلى القلب المحطَّمِ طيفَها

جديداً  فعاد السحرُ في دمهِ يسري

وأَنسيتِه أوجاع دنيا هوت بها

زعازعُ  تذرو الموتَ في البرِّ والبحر

طغا  في مغانيها الدَّمارُ وصَوَّحتْ

مفاتَنَها –رغمَ النُّهى شهوةُ الشر

فخلِّي  جفوني المُغْمَضاتِ تضمُّها

قليلاً  وخلّي الطيفَ يَلمسُه ثغري

ولا تُفسدي بالشكِّ نشوةَ حُلمِنا

فما هي إلا فترةٌ ثم.. لا ندري!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


سَحْري

السَّحْر: القلب والرئة، والشَّعاع بالفتح مصدر شعَّ: تفرقَ.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احساس


معلومات عن محمد المجذوب

avatar

محمد المجذوب حساب موثق

سوريا

poet-muhamad-almajdhub@

2

قصيدة

41

متابعين

محمد بن مصطفى المجذوب الحسني، شاعر وكاتب وروائي وداعية ومناضل سوري ولد في طرطوس في سوريا سنة 1907م، وهو من أسرة دينية محافظة تعمل في التجارة ولها صلة بعلوم الدين ...

المزيد عن محمد المجذوب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة