الديوان » العصر العثماني » يوسف الأسير الحسيني » إذا تبسم البرق الحجازي في الفجر

عدد الابيات : 67

طباعة

إذا تبسم البرق الحجازي في الفجر

أقول لدمعي حان وقت البكا فاجر

أخال سليمى بالثنايا تبسمت

فأومض ذاك البرق من ذاك الثغر

فرفقاً رفاقي بالذي عمه الضنا

فلست بخالٍ مثلكم فالهوى عذري

وكونوا معي وارثوا لسائل مدمعي

فإني إذا أمسيت أصبح كالنهر

وأمر الهوى عند الذي لم يقاسه

غريب وقيس فاس ذلك بالسحر

وشرع الهوى صعب فيعسر شرحه

وسلطانه في عرشه غالب الأمر

وما كل حب يمكن الصب كتمه

إذا مد ماء النهر فاض على الجسر

وحاولت كتمان الهوى فوجدته

محالاً على مثلي وفضح الهوى قهري

أواري أواري والدموع تذيعه

وما رجهُ في القلب يسطع كالجمر

وقد طار من عيني الكرى ثم لم يعد

كما طار كروان فضل عن الوكر

وان هواني في الهوى غير ضائري

ولكن هجر العاذلين مع الهجر

فذل الهوى عز وعذب عذابه

وبخل الفتى بالروح في شرعه مزرى

وإني لأخشى ان أموت ولم افز

بزورة من أهوى فاحصر في قبري

وإني لأرضى أن أسير لأرضه

أسيراً وأبقى عنده دائم الأسر

إذا جن ليلي زاد ويلي ووحشتي

واعوزني باب إلى طاقة السر

ويؤخذ من صدري فؤادي دغرة

إذا غردت ورقاء في وارق السدر

ويخلبه البرق التهامي خلباً

فيهمي له دمعي فيصبح ذا مطر

واطرب من مرس النسيم إذا سرى

وأشكو له ضري وأودعه سري

وفي مهجتي يهتاج وجدي إذا بدا

بأفق عوالي طيبة الكوكب الدري

هي الجنة الخضراء طيبة الثرى

هي البلدة الغراء منزلة البدر

بها الروضة الغناء والحجرة التي

هي الكعبة العليا لدى كل ذي حجر

بها قبر خير الخلق مفتخراً به

على سائر الغبراء بل والعلا الخضر

به نال هذاك المكان مكانة

كما عصره أضحى به غرة العصر

مقام له تعنو الملوك جلالة

وتحرسه الأملاك عن أمر ذي الأمر

ويهدي له دوماً من الله والورى

صلاة وتسليم يهلان كالقطر

فيا بلدة أغلى من التبر تربها

وأطيب في شم الأنوف من العطر

قد اختارها الرحمن مهبط وحيه

ومأوى امام الرسل مختاره النضري

هو القرشي الهاشمي محمر

خيار خيار الخلق من عالم الذر

نبي زكا أصلاً وفرعاً ومنصباً

وذاتاً وأوصافاً كأسمائه الغر

حبيب عليه الله ألقى محبة ففي

كل قلب طاهر حبه يسري

أعز لدى أهل الهدى من نفوسهم

ومن كل حب غير خالفه البر

كريم به كل المكارم أكملت

سوى أنه الخير الأجل بلا شر

لقد جمعت فيه المحامد كلها

كوامل حتى زاد عن كل ذي قدر

على انه ذو عصمة ونزاهة

فما كان سؤقط في قلبه يجري

رسول حبانا مع بلاغ بلاغة

وامدى لنا في هديه سور الذكر

كلام قديم قد حوى كل حكمة

وحكم سديد منزل ليلة القدر

كتاب صدور العالمين مقره

وذاك لدى أهل النهى اعظم الذخر

يلين إذا بتلى به الصخر خاشعاً

ولكن بعض الناس اقسى من الصخر

هنو الآية الكبرى لدى كل عارف

هو النعمة العظمى لدى كل من بدري

فوالله لو أوتيت ملكاً مؤبداً

على تركه لم ارض بالملك مع فقري

فشكراً لربي إذ هداني لحفظه

فإني به أحببت منشرح الصدر

كما قد هدى قلبي لسنة من أتى

به رحمة للعالمين ذوي الطهر

فسيرته الحسنى جلت لي أدلة

على صدقه جلت عن الحصر في الذكر

وما اخترت إلا اخترت في الأمر قوله

وأحمدت إذا أمضيت عاقبة الأمر

وازداد نوراً كلما ازددت خبرة

بأخباره إذ كلها بالهدى تغري

وقد أظهر الله المهيمن دينه

على كل دين فهو كالشمس في الظهر

فلولاه كنا في الضلالة والعمى

ولم نر نور الحق في السر والجهر

وإنا ألفنا النور حتى إذا بدا

ظلام نفرنا منه خوفاً من العثر

فايما ننافيه الأمان من الردى

واسلامنا فيه السلام من المكر

وإذ ألف الكفار ظلمة كفرهم

يفرون من نور الهدى أيما فر

وإنا وإياهم فريقان مبصر

وأعمى برى الأبصار من أعظم الضر

ورب الورى بالحق بحكم بيننا

فيقضي على أهل الضلالة بالخسر

ونأله ان لا يزيغ قلوبنا

لنحشر مع هذا النبي لدى النشر

فيشفع عند الله فينا بإذنه

فندخل في الأبرار منا بلا وزر

هو المصطفى المحمود في كل موطن

لدى كل مخلوق سوى أمة الكفر

بشير نذير أكرم الخلق كلهم

على ربه ختم البشيرين والنذر

على الخير والرضوان رباه ربه

وأرسله للخلق في أكمل العمر

فبلغهم ما شاءه واهتدى به

أهالي قبول الحق منهم بلا جبر

وجادل بالحسنى عصياً جاحداً

وجاهدهم بالعدل فاختص بالنصر

وكم مستجير قد أجار وكم أذى

على نفسه كافاه بالعفو والغفر

وكم مادح قد فاز منه بقصده

وكم مرتج نجاه في ساعة العسر

يميناً به أني أهيم بحبه

إذا جال في معنى شمائله فكري

فطوبى لمن بش النبي بوجهه

وبشرى لمن يلقى محياه بالبشر

ويا ويل من يلقاه غضبان معرضاً

فيحسب من أهل الشقاوة والحقر

ونذكر من أوصافه وهي كلها

محاسن غر إذ نكل عن الحصر

جزاه إله الخلق أحسن ما جزى

به سائر الرسل الكرام من الأجر

وصل عليهم مع سلام وآلهم

وأصحابهم دوماً إلى منتهى الأمر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن يوسف الأسير الحسيني

avatar

يوسف الأسير الحسيني حساب موثق

العصر العثماني

poet-yusuf-al-asir@

70

قصيدة

22

متابعين

يوسف بن عبد القادر بن محمد الحسيني، الأزهري، من بني الأسير. عالم وكاتب، فرضي، فقيه، شاعر. ولد في (صيدا) سنة 1817م، وانتقل إلى (دمشق) سنة 1247هـ، ثم عاد إلى صيدا، فتعاطى ...

المزيد عن يوسف الأسير الحسيني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة