الديوان » العصر الأندلسي » ابن حيوس » تخلف عنه الصبر فيمن تخلفا

عدد الابيات : 67

طباعة

تَخَلَّفَ عَنهُ الصَبرُ فيمَن تَخَلَّفا

وَقَد وَعَدَ القَلبُ السُلُوَّ فَأَخلَفا

وَسارَ مُطيعاً لِلفِراقِ وَما شَفا

حُشاشَةَ نَفسٍ مِن رَداها عَلى شَفا

وَلَمّا وَقَفنا وَالرَسائِلُ بَينَنا

دُموعٌ نَهاها الوَجدُ أَن تَتَوَقَّفا

ذَكَرنا اللَيالي بِالعَقيقِ وَظِلَّها ال

أَنيقَ فَقَطَّعنا القُلوبَ تَأَسُّفا

وَعاصى الأَسى مَن حَثَّ قِدماً عَلى الأُسى

وَعَنَّفَ دَمعُ العَينِ مَن فيهِ عَنَّفا

وَفي حاضِرِ التَوديعِ مَمنوعَةُ الحِمى

تُريكَ صَباحاً جامَعَ اللَيلَ مُسدِفا

إِذا نَظَرَت لَم تَعدَمِ الظَبيَ أَحوَراً

وَإِن خَطَرَت لَم تَفقَدِ الغُصنَ أَهيَفا

وَلَم تَرَ عَيني مَنظَراً مِثلَ خَدِّها

وَقَد كَتَبَت فيهِ يَدُ الدَمعِ أَحرُفا

عَشِيَّةَ وافَتنا عَلى غَيرِ مَوعِدٍ

نَوىً لَم أَزَل مِن قُربِها مُتَخَوِّفا

كَتَمتُ الهَوى جُهدي وَبِالصَبرِ مُسكَةٌ

وَبَرَّحَ ما أَلقى فَقَد بَرِحَ الخَفا

وَلي سَنَةٌ لَم أَدرِ ما سِنَةُ الكَرى

لِهَمٍّ أَتى ضَيفاً فَأَلفى مُضَيِّفا

يُمَثِّلُ لي طَيفاً تَجَنَّبَ في الكَرى

فَلَمّا جَفاني الغُمضُ أَرضى وَأَسعَفا

فَيا هَمُّ دُم وَاِنفِ الرُقادَ فَإِنَّني

وَجَدتُكَ مِنهُ الآنَ أَحفى وَأَرأَفا

إِلامَ اِتِّباعي القَلبَ وَهوَ يُضِلُّني

مُطيعُ هَوىً لَم يَقوَ إِلّا لِأَضعُفا

وَكَم أَشغَلُ العُمرَ القَريبَ ذَهابُهُ

بِذِكرِ حَبيبٍ بانَ أَو مَنزِلٍ عَفا

وَأَطلُبُ في أَعقابِهِ عَدلَ خُرَّدٍ

عَدَلنَ عَنِ الإِنصافِ مِنكَ تَنَصُّفا

صَحِبتُ لَيالي الدَهرِ حَتّى مَلِلنَني

وَثَقَّلتُ حَتّى آنَ لي أَن أُخَفِّقا

وَما بَلَغَ الحُسّادَ فِيَّ مُرادَهُم

قُعودي عَنِ الأَمرِ الدَنيءِ تَعَفُّفا

وَما المَرءُ إِلّا مَن يَضَنُّ بِنَفسِهِ

إِباءً وَلا يَرضى مِنَ العِزِّ بِاللَفا

وَمَن لا يَعيفُ الطَيرَ إِن سَنَحَت لَهُ

وَإِن خالَطَ الماءَ اِمتِنانٌ تَعَيَّفا

يَبوءُ بِخُسرٍ بائِعُ العِزِّ بِالغِنى

وَأَخسَرُ مِنهُ مُشتَري الغَدرِ بِالوَفا

وَما الغَرَضُ المَطلوبُ مِمّا أُريغُهُ

إِذا كانَ يَوماً بِالمُروءَةِ مُجحِفا

عَرَفتُ رِجالاً لا أَذُمُّ جِوارَهُم

لِكَونِيَ فيهِ ناعِمَ البالِ مُترَفا

فَلَم أَرَ إِلّا شاكِماً يَبذُلُ اللُهى

مُصانَعَةً أَو حاكِماً مُتَحَيِّفا

سِوى مَلِكٍ يَأبى الدَنِيّاتِ فِعلُهُ

فَيَبذُلُ إِنعاماً وَيَحكُمُ مُنصِفا

نَخا وَسَخى في المُمحِلاتِ فَجارُهُ

بِخَيرٍ فَلا يُعصى وَعافيهِ يُعتَفا

إِذا ما جَرى في غايَةٍ صَدَقَ اِسمُهُ

وَغادَرَ كُلّاً خَلفَهُ مُتَخَلِّفا

لَعَمري لَقَد بَذَّ المُلوكَ جَميعَهُم

بِأَربَعَةٍ في غَيرِهِ لَن تَأَلَّفا

بِأَمنٍ لِمَن يَخشى وَقَهرٍ لِمَن طَغى

وَسَبقٍ لِمَن جارى وَعَفوٍ لِمَن هَفا

فَإِن طَلَبَ الأَمجادُ مَسعاهُ قَصَّروا

وَإِن حاوَلوا إِخفاءَ سُؤدُدِهِ خَفا

وَإِن صالَ لَم تَعدُ العُقوبَةُ حَدَّها

عَلى أَنَّهُ ما جادَ إِلّا وَأَسرَفا

مَليءٌ بِأَن يَأتي الجَميلَ خَليقَةً

إِذا ما أَتاهُ المُحسِنونَ تَكَلُّفا

وَجَدنا الغِنى وَالأَمنَ مِمّا أَفادَهُ

وَخَوفَ الرَدى وَالفَقرِ مِن بَعضِ ما نَفا

أَعَمُّ الوَرى جوداً إِذا بَخِلَ الحَيا

وَأَصدَقُهُم بِشراً إِذا البَرقُ سَوَّفا

تُلاقيهِ في العامِ الجَديبِ غَمامَةً

تَسُحُّ وَفي اليَومِ العَصَبصَبِ مُرهَفا

أَخافَ الزَمانَ المُستَبِدَّ بِرَأيِهِ

فَصارَ عَلى أَحكامِهِ مُتَصَرِّفا

وَيَأنَفُ أَن يَستَصحِبَ السَيفُ كَفَّهُ

إِذا لَم يَقُدَّ السابِرِيَّ المُضَعَّفا

وَيَمنَعُهُ مِن أَن يُعاوِدَ غِمدَهُ

إِلى أَن يَرى هامَ الأَعادي مُنَصَّفا

وَلَم يُرضِهِ أَن فاقَ في البَأسِ عامِراً

وَعَمراً إِلى أَن فاقَ في الحِلمِ أَحنَفا

وَيُعرَفُ بِالفَضلِ الَّذي بَهَرَ الوَرى

إِذا ما اِنتَمى مَلكٌ سِواهُ لِيُعرَفا

وَما زُرتُهُ إِلّا اِعتَفَيتُ اِبنَ مامَةٍ

وَخاطَبتُ سُحباناً وَشاهَدتُ يوسُفا

إِذا كَلَّ أَهلُ العِلمِ أَرهَفَ حَدَّهُم

وَما خَطِلوا إِلّا وَكانَ مُثَقَّفا

إِلى أَن عَدَدنا مُعجِزاتٍ يُذيعُها

وَيُهدي بِها مِمّا أَنالَ وَأَتحَفا

وَلَم آتِهِ أَشكو اِتِّصالَ هِباتِهِ

وَضَعفِيَ عَن شُكريهِ إِلّا وَأَضعَفا

مَواهِبُ شَتّى لَو عَدَتني وَحوشِيَت

كَفانِيَ ما أَحرَزتُهُ مُتَسَلِّفا

بِيُمنايَ مِنها صَعدَةٌ وَبِأُختِها

مِجَنٌّ وَقِدماً كُنتُ أَعزَلَ أَكشَفا

بِظِلِّكَ يا عِزَّ المُلوكِ اِبنَ تاجِها

وَفى لي زَمانٌ قَبلَ قُربِكَ ما وَفا

بَقيتَ لِذا الثَغرِ العَزيزِ فَلَم تَزَل

عَلى ساكِنيهِ حانِياً مُتَعَطِّفا

صَرَفتَ صُروفَ الدَهرِ غَيرَ مُشارِكٍ

فَزالَت كَما زالَ الأَتِيُّ عَنِ الصَفا

فَلا فُلَّ عَزمٌ شَرَّدَ الخَوفَ عَنهُمُ

وَأَسكَنَهُم ظِلّاً مِنَ الأَمنِ قَد ضَفا

وَلا حَجَبَ اللَهُ الكَريمُ اِبتِهالَهُم

وَلا خابَ داعيهِم إِذا اللَيلُ أَغضَفا

لِيَهنِكَ ذا العيدُ الشَريفُ وَلا تَزَل

لَهُ ما أَقامَ النَيِّرانِ مُشَرِّفا

تُبِرُّ عَلَيهِ بِالجَمالِ إِذا أَتى

وَتَخلُفُهُ في ذا الأَنامِ إِذا اِنكَفا

قَرَنتَ النَدى بِالبِشرِ حَتّى تَمازَجا

كَمَزجِ الزُلالِ العَذبِ صَهباءَ قَرقَفا

تَصَرَّمُ أَخبارُ الكِرامِ فَتَنطَوي

وَذِكرُكَ ما يَنفَكُّ يُروى وَيُقتَفا

فَضائِلُ لا تَخفى عَلى ذي نَحيزَةٍ

وَهَل لِضِياءِ الصُبحِ عَن ناظِرٍ خَفا

فَرائِدُ قَد صارَت بِنَظمي قَلائِداً

وَما كُلُّ مَن أَلفى الجَواهِرَ أَلَّفا

بِغُرِّ قَوافٍ لا أَخافُ عِثارَها

تَجَشَّمنَ حَزناً أَو تَيَمَّمنَ صَفصَفا

إِذا طَرَقَت سَمعَ المُعاديكَ خالَها

صُخوراً وَإِن كانَت مِنَ الماءِ أَلطَفا

تَخَيَّرَها مِن لُجَّةِ الفِكرِ غائِصٌ

إِذا حازَ أَسنى الدُرِّ مِن قَعرِها طَفا

وَما زِلتَ تَحبوني بِإِحسانِكَ النَدى

صَريحاً وَأَكسوكَ الثَناءَ مُفَوَّفا

إِلى أَن رَآنا مَن لَهُ خِبرَةٌ بِنا

وَكُلٌّ بِما حازَت يَداهُ قَدِ اِكتَفا

فَها أَنتَ أَغنى الناسِ عَن مَدحِ مادِحٍ

وَها أَنا بَعدَ العُدمِ أُرجى وَأُعتَفا

أَبَيتُ بِشِعري أَن يَراهُ مُسَربِلاً

سِواكَ وَشُكري أَن يُرى مُتَخَطَّفا

فَبَيَّضتَ لي وَجهَ الرَجاءِ وَطالَما

بَدا لي وَلَم أَعرِفكَ أَربَدَ أَكلَفا

وَأَظهَرتَ فَضلي وَهوَ خافٍ عَنِ الوَرى

بِفَضلٍ كَفى المُدّاحَ أَن تَتَكَلَّفا

وَما كُنتُ إِلّا صارِماً فيهِ جَوهَرٌ

جَلَوتَ الصَدا عَن مَتنِهِ فَتَكَشَّفا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حيوس

avatar

ابن حيوس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-hius@

121

قصيدة

3

الاقتباسات

221

متابعين

بنِ حَيّوس 394 - 473 هـ / 1003 - 1080 م محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان ...

المزيد عن ابن حيوس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة