الديوان » أبو الحسنى » صُبِّي أُخيَّةُ بالرِّكَاءِ وَزَوِّدِي

عدد الابيات : 44

طباعة

صُبِّي أُخيَّةُ بالرِّكَاءِ وَزَوِّدِي

مِن قَهوَةٍ تَشفِي القُلُوبَ تُسَهِّدِ

هَلَّا تَرَكتِ البُنَّ يَنبِذُ سَاعَةً

كَي نَرتَوِي مِن رَشفَةِ المُتَزَبِّدِ

زَبَدُ القَهَاوِي كُلَّمَا كَثُرَ الرُّغَى

طَابَ المَذَاقُ بِهِ وَلَم يَتَبَدَّدِ

وَدَعِي الشَّرَابَ بِلَا تَضَارُبِ سُكَّرٍ

شَوبُ الضَّرِيبِ مُعَكِّرٌ وَمُبَلِّدِ

إنَّ المَرَارَةَ فِي اللِّسَانِ حَلَاوَةٌ

تُجلِي مَرَارَةَ حَسرَةِ المُتَكَبِّدِ

مَا لِي بِظَلمَاءِ الدُّجَى خِدنٌ سِوَى

ذِكرَى اللَّيَالِي المُؤنِسَاتِ بمَرقَدِي

وَالذِّكرَيَاتُ بِرَغمِ أُنسَتِهَا قَسَت

بِالصَّدرِ ذَا لِضَيَاعِهَا فَيُكَمَّدِ

أَبكِي العُهُودَ بِمَا خَلَت وَتَصَرَّمَت

وَالعَينُ عَاجِزَةٌ بِأَن تَتَجَلَّدِ

إِنَّ الحَيَاةَ كَدُجنَةٍ قَد عُتِّمَت

وَالذِّكرَيَاتُ بِهَا كَأَنجُمِ فَرقَدِ

وَاللّٰهِ لَولَا البَاقِيَاتُ لَجَرَّنِي

شَوقِي لِسُكرٍ فِي الوَرَى وَتَعَربُدِ

وَلَهِمتُ بَينَ الخَلقِ أَسئَلُ حَائِرًا

عَن قَاتِلِي وَمُهَاجِرِي وَمُصَفِّدِي

أَرخَى حِبَالَ الوِدِّ يَمسِكُنِي بِهَا

وَأَنَا بِلُجَّةِ هَيقَمٍ أَتَنَجَّدِ

فَتَمَسَّكَت أَيدِي الفَتَى وَاستَأمَنَت

حَتَّى غَدَا بَعدَ الوَنَى يَتَوَجَّدِ

ثُمَّ انبَرَى عِقدُ الوِصَالُ بِكَفِّهِ

وَانفَكَّ رَابِطُنَا عَقِيبَ تَوَطُّدِ

وَسَقَطتُ فِي جُبِّ الصَّبَابَةِ هَاوِيًا

وَالقَلبُ مُضنَى مُفزَعٌ يَتَفَقَّدِ

وَاعتَادَ جَفنِي حِينَهَا أَرَقًا عَلَى

عَهدٍ طَوَاهُ الصَّرمُ بَعدَ تَوَدُّدِ

كُلُّ النَّوَازِلِ قَد تَمُرُّ بِلَا شَجًا

وَالخَطبُ فِيكَ مُفَجِّعٌ وَمُنَكِّدِ

وَمَدَامِعُ الأَشوَاقِ أَدمُعُهَا دَمٌ

وَالغَمُّ فِيهَا شُعلَةٌ تَتَوَقَّدِ

إِنَّ الَّذِي عَابَ الهَوَى بِجَهَالَةٍ

وَقُلُوبُ خَلقِ اللهِ لَيسَت فِي اليَدِ

وَالرُّوحُ جُندِي مِن جُنُودِ إِلَهِهِ

وَاللهُ وَحدَهُ مَن يَقِي وَيُجَنِّدِ

سَطَعَت نُجُومُ الشَّامِ ثُمَّ تَنَازَعَت

فَهَفَا الوَرِيدُ أَمَامَهَا يَتَوَرَّدِ

مِنهَا الغُمَيصَاءُ انجَلَى لَمَعَانُهَا

فَالبَّردُ حَانَ زَمَانُهُ بِجُوَيرِدِ

وَالزَّمهَرِيرُ اشتَدَّ طِيلَةَ لَيلِهَا

يَا لَيتَهِ لِلَظَى الهُمُومِ يُبرِّدِ

وَتَرَى لَيَالِي القَرسِ تَبعَثُ غُربَةً

فَتَزَيدُ مِن آلَامِ جُرحِ مُصَدَّدِ

وَتَرَى عُطَارِدَ لِلمُلَيكِ مُحَجِّبًا

كَالسَّأمِ يُقصِي الاِشتِيَاقَ وَيُفقِدِ

وَالأَرضُ جَفَّ نَبَاتُهَا وَزُهُورُهَا

وَاستُبدِلَ الجُورِي بِشَوكَةِ غَرقَدِ

مَا الأَرضُ كَالأَرضِ التِي عُهِدَت لَنَا

وَالنَّاسُ لَيسَت مَن بِهَا تَتَعَهَّدِ

نَعَقَ الغُرَابُ عَلَى ظَعَائِنِ أَهلِهِا

وَالدَّمعُ بَينَ رِحَالِهِم مُتَزَوَّدِ

رَحَلَت أَهَالِي الدَّارِ مُنذُ خَرَابِهِ

وَدِيَارُنَا لَيسَت كَمَا نَتَعَهَّدِ

إِنَّ الدِّيَارَ عَنِ الأَهَالِي قَفرَةٌ

تَبكِي العُشُوشُ طُيُورَهَا إِن تَبعُدِ

لَجَّ الحَنِينُ بِمُهجَتِي وَبِسُؤدُدِي

لِأَرَى الشَّمَائِلَ تُستَعَادُ وَتُقصَدِ

وَالنَّاسُ إِن صَلَّت وَزَكَّت شُوِّهت

أَخلَاقُهَا بِمَعَايِبٍ تَتَعَدَّدِ

إِذ مَا خَفَضتَ جَنَاحَ مَعرُوفٍ إِلِى

جَنبِ الخَسِيسِ يُسِيء إِلَيكَ وَيَجحَدِ

يَأتِيكَ فِي حَاجَاتِهِ مُتَمَلِّقًا

وَبُعَيدَ نَيلِ المُبتَغَى يَتَمَرَّدِ

عَامَلتُ بِالحُسنَى اللِئَامَ فَقَد طَغُوا

وَتَوَهَّمُوا أَنِّي الجَّهُولُ الأَبلَدِ

هَل مَن يُعَامِلُ بِالمُرُوءَةِ جَاهِلٌ

أَم مَن يَظُنُّ كَذَالِكَ لَا يَرشُدِ

أَحسِن إِلِى الأَدنَاءِ تُجزَ نَدَامَةً

تُردِي العَقَارِبُ أُمَّهَا إِن تَشدُدِ

قَومٌ دَهَاهُم خِسَّةٌ وَحَقَارَةٌ

فَاعذُر مَسَاوِءَهُم وَعَنهُم أَبعِدِ

يُعطِي الكِرَامُ وَلَا يُبَالُونَ الضَّنَى

وَلَهُم أَيَادٍ فَوقَ كُلِّ ذَوِي يَدِ

هُم يُطعِمُونَ قَرِيبَهُم وَغَرِيبَهُم

أَبوَابُهُم مَفتُوحَةٌ لا تُؤصَدِ

إِنَّ الرِّجَالَ يُقَوِّمُونَ نِسَاءَهُم

سَاءَ الَّذِي بِنِسَائِهِ يَتَقَيَّدِ

أَوَلَسنَ هنَّ النَّاقِصَاتُ رَصَانَةً

مَن سَارَ بِامرَأَةٍ فَلَا يَتَسيَّدِ

وَالنَّفسُ إِن رَغَدَت مَعِيشَتُهَا بَغَت

وَمَتَى تُلَبِّ مُرَادَهَا تَتَبَغدَدِ

فَاكسِر هَوَاهَا بِالخُضُوعِ لِرَبِّكَ

وَمِنَ المَلَذَّاتِ اقتَصِد وَتَزَهَّدِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو الحسنى

أبو الحسنى

35

قصيدة

أَبُو الحُسنَى: هو مصطفى بن أيمن بن جودة بن عمر بن مصطفى العناني العُمَري العدوي القرشي، المولود يوم الإثنين الموافق التاسع من شهر رجب سنة ١٤٢٣ ثلاث وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة، المسجل با

المزيد عن أبو الحسنى

أضف شرح او معلومة