الديوان » عبد الكريم المحمود » بشراكِ يا فلسطين

عدد الابيات : 167

طباعة

بشراكِ أرضَ القدس بالظفرْ

بشراكِ وعدُ الله قد حضرْ

بشراكِ هذا الصوت في السماءْ

بالفتح ربّ الكون قد أمر

بشراكِ جندُ الله بالفداء

اليكِ قادمون بالقدَر

وفي فلسطينَ لهم بلاء

تُحنى له الرؤوسُ إنْ ذُكِر

يحطّمون قلعة الفساد

ويسحقون رأس مَن كفر

ويرفعون راية الجهاد

خفّاقةً تقول للبشَر:

اليومَ يا غزاةُ تندمون

اليوم لا خلاصَ لا وزَر

بُغاتُكم بالحقّ يُعدَمون

ويُقذفون أسوءَ الحُفَر

اليومَ صاغرين تُخرَجون

بمؤلم العصيّ والدِّرَر(1)

في ذلّكم بالخزي راجعون

وفي غدٍ مقامكم سَقر

بشراكَ ياشهيدُ مِن دماك

تأجّج الظلام وانفجر

بشراك يا أسيرُ مِن أذاك

قد رنّ قفلُ السّجن وانكسر

وهبّت الجموعُ كالرياح

اليك بالورود والزهَر

فلتنطلقْ لتنثرَ الجراح

بيادراً بالخير تزدهِر

بشراك يا شريدُ يا غريب

وعنك ضعْ حقيبة السفر

اليك عاد بيتُك السليب

وحقلُك الخصيبُ والنهَر

وصامدُ الزيتون عن لِقاك

يسائل النجومَ والقمر

وجارُك القديم في حِماك

أقام عند الباب وانتظر

وها هي العيونُ كي تراك

على الطريق ترجِع النظَر

فعجّل الرجوعَ للصِحاب

ومجمعِ الأحباب والسّمَر

فاليومَ اسرائيلُ للتّباب

مصيرُها وفيه تندثر

طغاتُها باللعن يُذكَرون

في هُلكِهم تُدوّن العبَر

بهم عَدَت سبعينَها السّنون

بالجور والإرهاب والضرر

ببغْيهم كمْ أهرقوا الدماء

طاغين قد عَلاهُم البطَر

كمْ قتّلوا الأطفالَ والنساء

لمْ يرحموا للضعف والصِّغَر

واستوطنوا الديارَ طاردين

سكّانَها مِن أعرق الأُسَر

وصادروا الأموالَ سارقين

في جمعها مَن أفنوا العمُر

وهدّموا البيوت ظالمين

وأحرقوا الحقولَ والشجر

كم أفسدوا في الأرض عابثين

في عودةٍ لبعث ما غبَر

مِن قُبحهم في الغابر القديم

في الفعل والطِباع والفِكَر

مُذ عهدِ موسى ذلك الكليم

ساموه بالعذاب والكَدَر

بالخُلف واللجاجِ والعِناد

قد جرّعوه أوخزَالإبَر

والهُزء والجدال والتضاد

منها أرَوه المشهدَ النُّكُر

وجرّحوا مقامَه المكين

بحبّهم للكِبر والأشَر

لم يحملوا التوراةَ سادرين

في جهلهم جَهالة الحُمُر

قالوا ولن نكونَ مؤمنين

حتى نرى الإلهَ بالبصَر

فصُرّعوا بالصعْق ناظرين

مِن بعْثهم ما فيه مزدجَر

فما انثنوا لله شاكرين

بل كفرُهم أقام واستمرّْ

اذ بَدّلوا ما قال هازئين

وجُلّهم مِن حِطّةٍ سخِر

فعُذّبوا بالرٍّجْز ظالمين

وما به أناب مُدَّكِر

بل أصبحوا للعِجْل عابدين

اذ أُشرِبوا محبّةَ البقَر

وأنكروا ما أُيّد الكليم

به مِن المعاجز الكُبَر

للبحر بانفلاقه العظيم

ما كان في قلوبهم أثَر

وللعصا بخيرِها العميم

لمَن بَراها قلّ مَن شكَر

بل خالفوا ميثاقَه الحكيم

وشايعوا مَن ضلّ أو غدَر

فما لهم توحيدُ عابدين

بل للهوى قلوبُهم تفِرّْ

وما لهم احسانُ أقربين

بل قربُهم لأرذل الوطَر

وما لهم أقوالُ صالحين

بل قولُهم في الفحش والهذَر

وما لهم صلاةُ خاشعين

بل في السجود عينُهم شَزَر(2)

وما لهم زكاةُ طائعين

بل فيهم الزكاةُ تحتضِر

وما لهم يُعاود الفقير

بل فيهم الفقيرُ ينتحِر

يعصون ربّ الكون في النقير

وما بهم من خوفه حذَر

قد ردّهم بهيئة القرود

في السبت مِن عُتاتهم ثأر

فكانت النّكالَ للجحود

وعِبرةً لخير معتبِر

لكنهم في شِركهم رقود

فقلّ مَن أفاق أو شعَر

قلوبُهم في غَيَّها تعود

بقسوةٍ كقسوة الحجَر

تشبّعت بالحقد والشرور

يدبّ في دمائها الوَحَر(3)

وأوغلت في الجِبت والغرور

وما بها لرحمةٍ وتَر

بالظنّ أمّيّون زاعمون

لله هم أعزّ مَن فطَر

وأنّهم لربّهم بَنون

لسَعدهم جِنانَه ذخَر

فلا يذوق النارَ مذنبون

إلّا مِن الأيّام ما نزُر

قد ساقهم لباطل الظنون

غُواتُهم بالمكر والغَرَر

اذ بدّلوا مُنزَّل الكتاب

وحرّفوه غيرَ ما نَدَر

فأكثروا الايذاءَ كالذباب

في خسّةٍ تعافها الحشَر

وأوغلوا في الظلم كالذئاب

وطيشُهم بشرّه انهمر

مِن عشقهم لفاسد الصفات

تنشّقوا من ريحها المَذَر

وحبُّهم لذلّة الحياة

في وحلها وجوهَهم غمَر

ويكرهون عِزّة الممات

من اسمه الجميعُ ينذعر

اذ أدركوا بأنّهم جُناة

لا شئَ مِن ذنوبهم غُفر

نفاقُهم أحاط بالقلوب

وفي النفوس داؤه انتشر

فأظلمتْ عليهم الدّروب

وأُركسِوا في الجبن والخَوَر

باكون إنْ دعتْهم الحروب

أو لاح مِن أوارها شَرَر

يعصون أمرَ الله والرسول

إن جاء بالقتال والخطَر

عن الجهاد فيهم النّكُول

وكلّهم برفضه جهَر

أصاب موسى منهم الذهول

مِن فسقهم لربّه جَأر

اذْ خاطبوه إنّنا قُعود

فاذهبْ مع الاله وانتصِر

للدين ليس منهم الجنود

وليس فيهم للهدى نفَر

فحُرّمتْ عليهم البلاد

بخيرها وقُدسِها الأغرّْ

وعوقبوا بالتَّيه في الوِهاد

بظلمهم فما لهم مقَرّْ

تاهوا لأربعين في السنين

بَين القِفار مِلؤهم ضجَر

ولم يُنيبوا بَعدُ تائبين

بل في الضلال زيغُهم كثُر

فبعد موسى ذاق أنبياء

مِن بَغْيهم ما فاض في الأثَر

مِن صارخ التكذيب والعَداء

وبالغِ الايذاء والسَّخَر

ورمْيهم بمُقذع الهجاء

وقتِلهم بفاجع الصور

كقتْل يَحيى(4) السيّد الحَصور

لتضحكَ البغِيُّ أو تُسَرّْ

وبعده قتلُ الأب(5) الصبور

لجسْمِهِ مِنشارُهم نشَر

وقتلُ عيسى باطلٌ يدور

في فخرهم وخاب مَن فَخَر

وقذفهم مريمَ بالفجور

وفاحش مِن قولهم صَدَر

كما رمَوا داوودَ(6) بالغرور

وعن تُقاه حرّفوا الخبَر

وفي سُليمانَ(7) لهم كُفور

بالسّحر ساموه وما سَحَر

واليومَ كاذبين يدّعون

بهيكلٍ له قد استتر

لعلّهم بالظنّ فائزون

مِن مُلْكِه بالتّبْر والدُّرر

وأنكروا الإسلام والرسول

محمداً وحرّفوا الزُّبُر

وحرّفوا التوراة أنْ تقول

بأنه الأخيرُ في النذُر

وما أذاه من بني النضير

ومن بني قريضةٍ بسرّْ

بل غدرُهم لخائن الضمير

في غزوة الأحزاب مشتهر

واستوجبوا لنقمة القدير

فعيشهم بالذلّ منعفر

قلوبهم على مدى القرون

بالظلم والشرور تزدخر

فهم على الضعيف قاهرون

وفي حمى القويّ كالهِرَر

وها هُم اليهودُ مقتدون

مِن الجُدود مَنْ هُم الأشَرّْ

قارونُ مِن عبادة الكنوز

مع الكنوز ساخَ وانطمَر

وبلْعَمٌ(8) أراد أنْ يفوز

بالمال دون الدين فانحدر

والسامريُّ(9) حاول النشوز

بعِجْلِهِ فخاب واندَحر

وذو نُواس(10) مُحرقُ الأنام

للعنِه أخدودَه حَفَر

واليومَ إسرائيلُ لا تنام

إلّا على مذابح الزّمَر

مِن قومِنا وأهلِنا الكِرام

وعنهم التاريخُ مستَطَر

فمنذُ عام النّكبة الفضيع

توالت السنونُ بالغِيَر

ورغمَ جورِ العصر لا يُضيع

ضميرُنا دماءَ مَن عَبَر

لمْ تَنسَ حيفا اتسلَ(11) الجُناة

في قتل كل مخلصٍ وحُرّْ

وعند يافا نارُ ذكريات

مذابحِ الأرغون(12) تستعِر

والقدسُ لا يطالها سُبات

عن بطشِ هاجاناهم(13) القذِر

وديرُ ياسينَ(14) على الدوام

تُعيد فينا الهمّ والسّهَر

لِما جَنتْ عصائبُ اللئام

ليحيْ(15) بعون (الاتسل) الغجَر

اذ قادهم (شاميرُ) للجحيم

ولعنةٍ في الأرض تَستقِرّْ

بالمِثل فوق (بيغن) الزنيم

لعائنُ العباد تنهمر

لقتلِ كلّ رافضٍ كريم

وذبحِ كلّ صامدٍ صَبَر

وما جَنى البلماخ(16) في (الخَصاص)

(وسعسعٍ) وأهلِ (يازوَر) (17)

مجازرٌ نداؤها القِصاص

مِن حاضرالجُناة أو قُبِر

(كوهين) أو (رابين) أو (الون)

فخيرُهم جزاؤه السُّعُر

(دايان)،(كولمان)،(غوريون)

وكلّ نذلٍ منهم اشتهَر

ومِثلُهم عُتاةُ مجرمون

تنافسوا بسافل السيَر

(باراك) أو (بيريز) أو (دهان)

وكلّ مَن في الرجس منغمِر

في كفْر قاسمٍ(18) لهم رِهان

في قتل أبرياءَ قد خَسِر

ومسجدُ الخليل(19) في (الخليل)

قد غصّ بالمجازر الأُخَر

وكمْ لهمْ مِن قاتلٍ ذليل

في أقدس البقاع قد فَجَر

وما ارتوى لِحقدِهم غَليل

على الدماء كارعاً مُصِرّْ

قدْ أسرفوا في القتل قاصدين

لِمَن على جَلائه قُسِر

فأمطروا بالموت لاجئين

بهمْ أحاط الضعفُ والكِبَر

صبرا وشاتيلا(20) لها أنين

على مدى السنين ما فتُر

مذابحُ النساء والبنين

في أرضها بالحزن تنفجِر

جرائمُ الكتائب البُغاة

بقتلها الأطفالَ تفتخِر

ربائبُ الأنجاس والغزاة

لهم عن التقصير تعتذر

أدارها (ايتان) بالفُتات

وقد رَجتْ (شارون) أن يُدِرّْ

فكمْ هوتْ بِنارِهم فتاة

وكمْ فتىً بفأسِهم جُزِر

وبعد نصف القَرن مِن شُرور

تُعيد إسرائيلُ كلّ شَرّْ

فتقتلُ الأطفالَ في سُرور

بجيشِها عليهم انتصَر

محمّدُ الدرّة(21) كمْ يَزور

خيالَنا في ظرفنا العَسِر

طفلٌ بَدا كطالع الزهور

أرداه من رصاصهم مَطر

ومثلَه الآلافُ في حضور

أرواحِهمْ نرتّل السُّوَر

وجورُها مستفحلٌ يدور

على القُرى بالنار مستمِر

وغزّةٌ والقدسُ والخليل

وطولكرمْ قد ذاقت الأمَرّْ

وفي رفحْ ونابلِسْ مثيل

لذلك العذاب لا يقَرّْ

وفي أريحا أو جِنينَ جِيل

مِن الأنام عيشُهم دمَر

لا بيتَ فيها يفقد القتيل

كذلك المدائنُ الأُخَر(22)

قد عاث الاحتلالُ في الربوع

وطيّبَ المعاش قد ثَبَر

في كل يومٍ تُذرف الدموع

على شهيدٍ أو فتىَ أُسِر

أو منزلٍ تهدّه دروع

جَرّافةٍ عداؤها هَدَر

تجرّف البيوتَ والزروع

وتسحق الأشجارَ والثمَر

للقتل كم تُغير طائرات

بقصفها الأجسادُ تنتثر

وللمظاهرات راجمات

تُميت كلّ ضيغمٍ زأر

وإن رمى الفتيانُ بالحجار

فبالرصاص يُدفَع الحجَر

(فأولمرتُ) حكمُه شَنار

على سِنيّ حُكمهم يُجرّْ

وقبله (شارونُ) وسْمُ عار

فيهم يدوم دائمَ العُصُر

واسمُ نتنياهو(23) لهمْ شِعار

في الظلم والافساد والصَّعَر

رموزُ صهيونيّةُ الولاء

وكلّهمْ بجرمه ظَهَر

اذ يأمرون الجندَ باقتداء

في قمع كلّ صادقٍ وبَرّْ

في دربهم يسيرأشقياء

مِن كلّ وغدٍ حظُّه عثَر

مصيرُهم للسحق والفناء

اذْ فوقهم قهّارُ مقتدِر

له بدتْ علائمُ انتقام

وموعدُ العقاب قد بَدَر

جنودُه بموتِها الزؤام

تُحيطهم وما لهمْ مفرّ

بِنارِه سيُحرق الطَّغام

وكلّ مَن في غَيّه سَدَر

ونورُه يُبدّد الظلام

واليأسَ عن مستضعفٍ قُهِر

على فلسطينَ له سلام

يَعمّها في البدْو والحضَر

وطغمةُ اليهود لانهزام

يقودهم لأبعد الجُزُر

وعسكرُ الطغاة لانحطام

لا وغدَ منهم سالماً يذَر

هلاكُهم لبغيهم ختام

وحقّنا لا بدّ منتصِر

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الكريم المحمود

عبد الكريم المحمود

33

قصيدة

شاعر وباحث عراقي ، مواليد البصرة 1959م ، دكتوراه في الأدب والنقد الحديث من جامعة الكوفة 2009م .

المزيد عن عبد الكريم المحمود

أضف شرح او معلومة