بصوت :
عدد الابيات : 82
طباعةوَدَّعْتُ لَيَالٍ كُنْتُ فِيهَا أَغْضَبُ
وَلَحَظَاتٍ تَخُونُنِي النَّفْسُ وَتَعْتُبُ
كُنْتُ دَوْمًا فِي الْفَيَافِي ضَائعًا
وَالْيَوْمَ أَعْلَمُ أَنِّي دَوْمًا مُذْنِبُ
كُسِرَ الْقَلْبُ وَالْفُؤَادُ لَهُ زَلَّةٌ وَالْ
عَقْلُ مَا كَانَ عَلَى النَّفْسِ يَتَغَلَّبُ
مَا أَضْمَرْتُ بَعْدَ الْقُرْآنِ سَلْوَةً
هَيْهَاتَ بَعْدَهُ سَلْوَةً إِلَيَّ أَقْرَبُ
نَارٌ فِي الْحَشَا لَا تَنْطَفِي وَ
بِئْرُ الدَّمْعِ مَاؤُهُ لَا يَنْضَبُ
وَدَّعْتُ أَيَّامًا وَلَيَالٍ وَالرُّوحُ
تَهْفُو ثُمَّ إِلَى الْوَرَاءِ تُؤَنَّبُ
ضَاقَ الصَّدْرَ بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا
وَالْقَلْبُ بَاتَ بِالْوَهنِ يَتَقَلَّبُ
مَا أَنْصَفَتْنِي النَّفْسُ رَاكِبًا لِلدُّنْيَا
وَكُنْتُ بِرَغْمِ أَخْطَارِهَا أَرْكَبُ
وَكُنْتُ أُقْنِعُ النَّفْسَ أَلَّا يَمُرَّ بِ
مُضْجِعِي طَيْفُ لَاهٍ وَأَتَجَنَّبُ
مَخَاضٌ جَاءَ قَصِيدَتِي بُرْهَةً
يَسْتَوْلِدُ قَوْلُ الشِّعْرِ فَتُنْجِبُ
فَمَا رَغِبْتُ عَنْ قَوْلِ الْقَصِيدِ
لَحْظَةً ، وَمَا كُنْتُ عَنْهُ أَرْغَبُ
رَحَلَ الصِّبَا وَوَلَّى زَمَانُهُ وَ
اَلْمُشِيبُ أَتَى وَوَلَّى الْأَطِيبُ
رَحَلَ الشَّبَابُ وَمَا لَهُ مِنْ عَوْدَةٍ
وَغَزَانِي الشَّيْبُ فَأَيْنَ الْمَهَرَبُ؟
مَا خِلْتُ أَوْرَاقَ الْعُمرِ تُذْوَى
وَلَا الْعُمرُ كَالْسَبِيَّةِ يُسْلَبُ
ضَعُفَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَوَهَنَ
الْعَظْمُ وَدَانَتْ بِيَ الرُّكَبُ
وَالْشَّمْسُ تَحْرِقُنَا كُلُّ صَيْفٍ
حَرٌّ الْهَجِيرِ كأنه أُمُّ لنا وأَبُ
لَعَمْرِي إنَّ الْحَيَاةَ عَجِيبَةٌ
وَفِيهَا الْعُجَابُ فَهَلْ أَعْجَبُ؟
وَالزُّهْدُ فِيهَا فَضِيلَة وَبُكَاءُ
الذُّنُوبِ أَصْبَحَ هُوَ الْمَطْلَبُ
وَالْعُيُونُ شَاخِصَةٌ إلَى مَلِيكِهَا
وَمَا جَنَتْ النُّفُوسُ يُحْصَى وَيُكْتَبُ
حَسِبْتُ الْمَعَاصِي خَفِيَّة و
بِتُّ فِي سِرِّي لَاهٍ أَلْعَبُ
وَمَا زِلْتُ أُوقِظُ اللَّيْلَ مِنْ عَتَمَتِه
حَتَّى تَجَمَّدَ فِي أَجْفَانِيَ التَّعَبُ
تَحْتَ الْجُفُونِ سَوَادٌ وَمَا بَدَا
إلَّا بَقَايَا الْأحْشَاء تُغْتَصَبُ
رُبَّ فَتًى يَخُونُ إَلْيَاسُ هَيْبَتَهُ
وَمَا خَانَهُ يَأْسٌ وَمَا خَانَهُ تَعَبُ
اِنْجَلَى لَيْلُ الْمَعَاصِي وَالتَوَى
شُعَاعُ النُّورِ يَدْنُو ثُمَّ يَهْرُبُ
الرُّوحُ تَرْحَلُ إِلَى بَارِيهَا وَتَهْجُرُ
الدُّنْيَا وَمَا جَنَتْ مِنْهَا يُسْلَبُ
مَا اَلدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ يَوْمٍ ، وَوَقْتَ
السَّاعَةَ كُلُّ شَيْءٍ فِيهَا يَذْهَبُ
وَمَا خَطَوْتَ فِيهَا خُطْوَة إِلَّا
وَأَنْفَاسُكَ فِيهَا تُعَدُّ وَتُحْسَبُ
اسْتَمْسِكْ بِحَبْلِ اللَّهِ مُعْتَصِمِاً
تَنَلْ رِضَى مِنْهُ فَهُوَ الْوَاهِبُ
مَنْ يَثِقُ بِاَلِّلَهِ تُحْمَدُ عَوَاقِبُهُ
فَمَنْ غَيْرَهُ عَلَى الْعَوَاقِبِ أَغْلَبُ
يَكْفِيكَ شَرَّ مَنْ عَزُّوا وَمَنْ هَانُوا
فَيَنْأَى مَنْ خَانَ وَيَنْأَى الْقُطْرُبُ
وَمِنْ النِّسَاءِ فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ
فَأَجْمَلُهُنَّ ذَاتُ الْخُلُقِ هِيَ الأَنْجَبُ
وَاحْذَرْ مِنْ كُلِّ ذَا نَابٍ أَزْرَقٍ
وَاحْذَرْ مِنْ الْبَهَمِ مِنْهَا الأَصْعَبُ
الْخَيْلُ خَيْرُ مَطِيَّةٍ ، وَخَيْرُ
الْخُيُولِ مِنْهَا دَهَمٌ أَوْ أَشْهَبُ
وَكُلِّ مَا لَذَّ مِنْ الطَّعَامِ وَ
خَيْرُ الطَّعَامِ مِنْهُ التَّمْرُ الْأَطِيبُ
مِنْ النَّخْلِ لَا تَكْثِرُ فَحَسْبُكَ
سَبْعُ حَبَّاتٍ حِينَ يَرْطُبُ
إِنَّ الْكَرِيمَ وَإِنْ ضَاقَتْ مَعِيشَتُهُ
بِالْفَضِيلَةِ تَحْلَّى وَبِهَا يَتَشَبَّبُ
وَاللَّئِيمُ وَإِنْ طَالَتْ عِزَّتُهُ يَبْقَى
صَغِيرًا وَأَعَزُّ مِنْهُ اَلْجُنْدُبُ
أَيْنَمَا ذُكِرَ الْأَصِيلُ طَابَتْ سِيرَتُهُ
وَالرَّخِيصُ سَيَبْقَى عَلَيْهِ يُطَبْطَبُ
وَتَجَاهَلْ اللَّئيمَ فِي رِفْقَةٍ
وَاعْتَزِلُهُ كَمَا يُعْتَزَلُ الْأَجْرَبُ
إِنْ مَاتَ اَلْكَرِيمُ أَوْرَثَ عِزَّةً
وَإِنْ مَاتَ الْبَخِيلُ مَالَهُ يَنْهَبُ
تَبًّا لِدَارٍ لَا يَدُومُ نَعِيمُهَا
وَمَا فِيهَا يَوْمَئذٍ يُخَرَّبُ
لَا تَرْجُ مِنْ بَشَرٍ قَيْدَ أُنْمُلَةٍ
وَالنَّصِيحَةُ خَيْرٌ لِمَنْ يُجَرِّبُ
انْظُرْ حَوْلَكَ فَمَا تَرَى، هَلْ
تَؤَوُّبُ الْأُمُورُ وَتُعَقِّبُ؟
مَا دَامَتْ الْحَيَاةُ لِبَشَرٍ، لَكِنَّهَا
لِلرِّجَالِ دَوْمًا عَصَاً تُؤَدِّبُ
مَا دَامَتْ لِلْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلٍ
وَلَا دَامَ فِيهَا الْأَعَزُّ الأنْجَبُ
غَيْرَ تَقْوَى اللَّهِ لا تَرْجُ نَفْعًا
فَالتَّقْوَى خُلُقُ الأَعَزُّ الْأهْيَبُ
وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ خُلُقُ مُحَمَّدٍ
وَخُلُقُ المُؤمِنُ التَّقَيُّ المُهَذَّبُ
الْمُؤْمِنُ صُورَةُ دِينِهِ، وَصَلَاتُهُ
لِلْمَوْلَى فِيهَا الطَّاعَةُ وَالتَّقَرُّبُ
مَا كُسِيَ الْمُؤْمِنُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ
وَمَا كَسِيَهَا إلَّا الْعَاصِي الْمُكَذِّبُ
لَا خَيْرَ فِي وُدٍّ امْرىٍء مُتَقَلِّبٍ
إنْ تَقْلَّبَ الدَّهْرُ كَانَ مِثْلُهُ يَتَقَلَّبُ
الْجَوْفُ لَيْسَ بِئْرَاً يُمْتَلَى
فَقَدْ ذُلَّ بِجَوْفِهِ أَشْعَبُ
وَلَا تَأمَنَنَّ الدَّهْرَ فَإِنَّهُ
مِنَ الْقِدَمِ لِلْرِجَالِ مُؤَدِّبُ
وَمِنْ عَدُوِّكَ أَنْتَ فِي مَأْمَنٍ
وَمِنَ الصَدِيقِ كُنْ دَوْمَاً مُتَرَقِّبُ
وَاحْذَرْ إنْ رَأَيْتَ اللَّيْثَ مُتَبَسِّمَاً
فالْلَيْثُ يُبْدِي نَوَاجِذَهُ إذْ يَغْضَبُ
وَإِنْ رَأَيْتَ الثَّعْلَبَ مُتَمَلِّقَاً
فَاحْذَرْ فَبَيَّنَ فَكَّيْهِ يُخْفِي عَقْرَبُ
يَقْطُرُ مِنْ طَرَفِ لِسَانِهِ عَسَلَاً
وَيَجْعَلُ الْأَرْضَ تَحْتَكَ تَلَهَّبُ
لَا تَقْطَعْ وُدًّاً مَعَ حَبِيبٍ وَتَجَاوَزْ
فَإِنَّ التَّجَاوُزَ عَنْ الْهَفَوَاتِ أَصْوَبُ
وَكُن لِقَرِينِكَ دوما مُخَلِصًا
فَالْقَرِينُ لِلْقَرِينِ دَوْمَاً يُنْسَبُ
وَاخْفِضْ جَنَاحَ الذُّلِّ لِلْوَالِدَيْنِ
فَالْعَاقُّ فِي النَّارِ لَا بُدَّ مُعَذَّبُ
لَا تُصَاحِبْ كَاذِبَاً فَالْكَاذِبُ
لِلْبُيُوتِ دَوْمَاً مُخَرِّبُ
وَاعْلَمْ أَنَّ قِصَرَ اللِّسَانِ فَضِيلَةٌ
وَأَنْتَ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ تَخْطبُ
فَمَا نَفَعُ الْكَلَامِ الْكَثِيرِ وَمَا
نَفْعُهُ حِينَ يَجْرَحُ وَيَعْطُبُ
وَلَا تَفْضَحْ أَحَدَاً بِسِرِّه
فَالْفَضِيحَةُ تَفْتُنُ وَتَنَكُبُ
فَإِنْ نَشَرْتَ سِرَّ امرِىءٍ فَ
النَّاسُ سَوْفَ تَزِيدُ وَتَكَذِبُ
اطْمَئنْ فَأَنْتَ فِي مُلْكِهِ
هُوَ اللَّهُ الرَّزَّاقُ الْمُثَوِّبُ
مَالِي أَرَى اليأْسَ فِي الْعَيْنَيْنِ مُرْتَسِمَاً
وَالْقَلْبُ الْغَضُّ بالأحْزَانِ يَصْطَخِبُ
سَيَبْعَثُ اللَّهُ مِنْ آفَاقِ رَحْمَتِهِ
لُطْفَاً يُرَمِّمُ فِي الْجَنْبَيْنِ الْعَطَبُ
طَمِّنِ الْفُؤَادَ فَالْأقْدَارُ حَانِيَةٌ
وَفِي الْحَيَاةِ سُرُورٌ يُرْتَقَبُ
وَفِي السَّمَاءِ هَدَايَا الْغَيْبِ دَانِيَةٌ
يَوْمَاً سَتَأْتِي البُشْرَى وَتَذْهَبُ النُّوَبُ
وَسَوْفَ تَنْهَمِرُ الْعَطَايَا فَ
مَنْ غَيْرَ اللَّهِ لِلدَّاءِ مُطَبِّبُ
كَمْ أَغَاثَ مَلْهُوفَاً بِرِزْقِهِ
وَالرِّزْقُ مِنْ اللَّهِ يُسْتَجْلَبُ
وَكَمْ مِنْ دَاعٍ لَهُ إجَابَة
وَمَا كَانَ لِمَنْ دعاه مُخَيِّبُ
فإِنْ قَسَتْ الدُّنْيَا عَلَيْكَ
وَنَالَكَ الْأَمْرُ الْأَشَقُّ الْأصْعَبُ
فَإِلَى الْبَارِي اضْرَعْ فَهُوَ
أَدْنَى مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ وَأَقْرَبُ
وَاحْذَرْ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَهِي سَهْمٌ
وَدُعَاؤُهُ إلَى اللَّهِ لَا يُحْجَبُ
وَإِنْ ضَاقَ عَلَيْكَ الرِّزْقُ بِأَرضٍ
وَخَشِيتَ أَنْ يَضِيقَ الْمَذْهَبُ
فَارْحَلْ، فَإِنَّ الْبَسِيطَةَ وَاسِعَةٌ
طُولَاً وَعَرْضَاً شَرْقُهَا وَالْمَغْرِبُ
عَلَيْكَ بِالتَّأَنِّي فِي لُؤْمِ الْعَزِيزِ
إِنَّ خَيْرَ دَوَاءٍ هُوَ الْكَلَامُ الْأَعْذَبُ
طَمِّنْ الْفُؤَادَ فَالْأقْدَارُ مَكْتُوبَةً
وَلَا تَجْلِسْ يَوْمَاً حَظَّكَ تَنْدُبُ
وَاصْبِرْ عَلَى ضِيقِ الْحَيَاةِ وَمُرِّهَا
الْقَطْرُ سَيَأْتِي وَيَزُولُ الْعَنْدَبُ
يتَنَافَرَ الصُّبْحُ وَيَغِيبُ الضُّحَى
والْعُمرُ يَمْضِي وَالآجَالُ تَقْرُبُ
بِالْنُصْحِ أَخْتُمُ مقُولَتِي فَ
النُّصْحُ أثْمَنُ مَا يُبَاعُ وَيُوهَبُ
40
قصيدة