الديوان » وشاح » فتاة السماء

عدد الابيات : 69

طباعة

قَبَسْتُ مِنْ النُورِ نُورَ السَماءِ

لِأَرْسُمَ فاتِنَتِي فِي النِساءِ 

 

فَخَيْلُ مُخَيِّلَتِي أُسْرِجَتْ

تُرِيدُ الأَمانِيَّ بَعْدَ البَلاءِ

فَكَمْ أَنْكَرَ الحُبَّ قَلْبِي بِقَوْلٍ :

أَساطِيرُ غُنَّتْ بِلَحْنِ العَزاءِ !

شَرِبْتُ مِنْ اليَأْسِ كَأْساً فَماتَتْ

ظُنُونِي ، فَهَلْ لِلرَدَى مِنْ دَواءِ ؟!

رَأَى القَلْبُ فِي الصِّغَرِ رُؤْيَةً :

( يُعانِقُ حُبّاً فَتاةَ السَماءِ )

رَأَى الشَمْسَ تَسْجُدُ وَالقَمَرَ

وَخَمْساً وَسِتّاً رَضُوْا بِالقَضاءِ 

خُضُوعاً لِوَجْهٍ يَشِعُّ جَمالاً

وَجِسْمٍ تَوَشَّحَ ثَوْبَ الحَياءِ

فَعَقْلِي يَقُولُ : حَذارِ حَذارِ

تَقُصُّ رُؤَاكَ لِأُذْنِ العَدَاءِ

فَكَمْ مِنْ حَسُودٍ يَكِيدُ ظَلاماً

لِيَطْمِسَ فِي القَلْبِ نُورَ العَلاءِ

وَقالُوا : اُقْتُلُوا حِبَّهُ لِتَسُودُوا

وَيَغْفِرُ رَبِّي ذُنُوبَ الخَلاءِ

وَلٰكِنَّهُمْ أَعْرَضُوا ثُمَّ قالُوا :

لِنُلْقِيهِ بِالجُبِّ وَسَطَ العَراءِ

وَقالُوا : يَـ عَقْلُ حَبَسْتَ صَغِيراً

وَشابُوا أَحادِيثَهُمْ بِالرِياءِ

فَقالَ : مِن الذِّئْبِ خَوْفِي ، فَقالُوا :

أَنَحْنُ عَلَى الحِرْصِ بِالجُهَلاءِ ؟!

فَأَلْقَوْهُ فِي البِئْرِ لٰكِنَّ وَحْياً

أَتاهُ يُنَبِّئُهُ بِالغَناءِ 

يَكِيدُونَ وَاللّٰهُ كادَ بِلُطْفٍ

فَشُدَّ يَدَيْكَ بِحَبْلِ القَضاءِ

وَجاؤُوا إِلَى العَقْلِ لَيْلاً وَأَلْقَوْا

عَلَى صَفْحَةِ الوَجْهِ دَمْعَ الرِّثاءِ

وَصاحُوا : فُجِعْنا بِذِئْبٍ عَدا

عَلَيْهِ ؛ وَظَنُّوا الخَفَا بِالعِشاءِ

فَأَلْقَوْا عَلَيْهِ قَمِيصَ البَراءِ

فَأُنْطِقَ بِالحَقِّ زَيْفُ الدِماءِ

فَقالَ لَهُمْ : بَلْ نَصَبْتُمْ فِخاخاً

فَصَبْرٌ جَمِيلٌ رِضىً بِالبَلاءِ

وَسَيّارَةُ الفِكْرِ أَلْقَتْ دِلاها

فَما أَعْظَمَ ما ارْتَمَى فِي الدِّلاءِ !

فَباعُوهُ بَخْساً لِنَفْسِ الهَوَى

فَقالَتْ : أُعَلِّقُ فِيهِ رَجائِي

فَفِي كُلِّ لَيْلٍ أُراوِدُهُ

لِأَظْفِرَ مِنْ غَفْلَةٍ بِالهَناءِ

فَقالَ : أَعُوذُ بِرَبٍّ بَصِيرٍ

فَكَيْفَ أَمِنْتِ ظَلامَ الغِطاءِ ؟!

وَقَدَّتْ قَمِيصَ الصَلاحِ فَأَلْفَتْ

لَدَى سَيِّدِ العُرْفِ مَنْعَ القَضاءِ 

فَقالَتْ : جَزاءُ تَعَدِّيكَ سِجْنٌ

فَقالَ : دَواءُ الرَذِيلَةِ دائِي

فَناداهُمُ شاهِدُ الجِسْمِ أَنَّ

قَمِيصَ الصَلاحِ مِنْ الشُهَداءِ 

فَإِنْ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ ؛ فَكَذَبْتِي

وَإِنْ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ ؛ فَشِفائِي

فَأَلْفَوْهُ قُدَّ مِنَ الخَلْفِ ثُمَّ

أَرادُوا بِخُبْثٍ قَبُولَ اِفْتِراءِ !

وَقالَ : أَرَدْتِ هَلاكِي فَكَيْفَ

أَرَقْتِ بِسُوءٍ مِنْ الوَجْهِ مائِي ؟!

وَقالَ نِسا الشَّهَواتِ : نُرِيدُ

نَرَى خَلْقَ إِنْسٍ بِطِينِ الضِياءِ

فَلَمَّا رَأَوْهُ قَطَعْنَ أَيادِي

رَجاءٍ ، وَقُلْنَ وَلِيدَ الحَياءِ

حَياءٌ يُخالِطُ إِيمانَ قَلْبٍ

وَجِسْمُ المُجاهِدِ طِيبُ الوِعاءِ

فَقُلْنَ لَهُ : هَيْتَ لِلوَطَرِ

وَإِلَّا جُعِلْتَ مِن السُجَناءِ

فَقالَ : سَجِينٌ بِجِسْمِي ، وَقَلْبِي

بِنُورِ اليَقِينِ مِن الطُلَقاءِ

فَلا بِعْتُ إِيمانَ قَلْبِي بِرَخْصٍ

فَهَلْ أَقْبَلُ داءَ وَسْطَ الدَواءِ ؟!

فَسَلُّوا سُيُوفَ الحَرامِ بِظُلْمٍ

وَسَلَّ عَلَيْهِمْ سُيُوفَ الدُعاءِ

فَأُلْقِيَ فِي السِجْنِ ظُلْماً ، وَلٰكِنْ

حَباهُ اللَطِيفُ بِنُورِ اِهْتِداءِ

فَلا نِلْتَ تَمْكِينَ دُونَ اِبْتِلاءِ

فَذُقْ طَعْمَ نَصْرِكَ بَعْدَ العَناءِ

فَبَعْدَ السِنِينَ العِجافِ أَضاءَتْ

حَقِيقَةُ صِدْقٍ بِنُورِ الوَفاءِ

وَقُلْنَ نِسا الشَهَواتِ وَنَفْسُ الـ

هَوَى : أَظْهَرَ الحَقَّ صِدْقُ النِّداءِ

وَقالَ مَلِيكُ اليَقِينِ : صَدَقْتَ

فَإِنَّكَ مُخْلَصُ فَاقْبَلْ قَضائِي

وَقالَ : عَلِمْتُ قِوايَ فَذَرْنِي

عَلَى خَزَْنَةِ الحَقِّ وَانْظُرْ بَلائِي

وَجِيءَ بِعَشْرَةِ يَسْعَوْنَ جُوعاً

وَبَعْدَ العِجافِ أَرادُوا عَطائِي

أَعْيْنانِ ، أُذْنانِ ، كَفَّانِ ، أَنْفٌ

لِسانٌ ، وَرِجْلانِ دُونَ اِعْتِلاءِ

قَدِمْتُمْ بِذِلَّةِ حاجَتِكُمْ

فَقالُوا : أَغِثْنا بِماءٍ رَواءِ

فَقالَ : نَقَصْتُمْ مِن العَدِّ فَرْداً

فَإِنْ جاءَ حِزْتُمْ كرِيمَ الغِذاءِ

فَقالُوا : صَدَقْتَ ؛ فَنَفْسُ المَلامِ

حَوَتْهُ يَدُ العَقْلِ تَحْتَ اللِّواءِ

وَلٰكِنَّ نَرْجُو بِأَنْ يَقْنَعَ

فَما نَحْنُ عِنْدَهُ بِالأُمَناءِ

فَأَوْثَقَ عَهْداً بِأَنْ يُرْجِعُوهُ

وَلٰكِنَّ رَبِّي قَضَى بِالخَفاءِ

فَكادَ لِيُرْجِعَ نَفْسَ المَلامِ

إِلَى الحِبِّ فَضْلاً ، فَهَلْ مِنْ دَهاءِ ؟!

فَقالَ اللِّسانُ : فَهٰذا مَكانِي

إِلَى العَقْلِ عُودُوا فَعَهْدِي وَرائِي

فَقَصُّوا عَلَيْهِ ، وَقالَ : اُتْرُكُونِي

فَصَبْرٌ جَمِيلٌ لِنَيْلِ الزَكاءِ

أَسُحُّ الدُمُوعَ عَلَى فُرْقَةٍ

عَمِيتُ ؛ وَقَلْبِي مِنْ البُصَراءِ

فَقالَ : اذْهَبُوا فَاِجْلِبُوا لِي أَخاكُمْ

فَعَزْمُ الفَتَى مِنْ بَصِيصِ السَناءِ

فَجاءُوا وَقالُوا : تَصَدَّقْ عَلَيْنا

جَزاءُ المُصَدِّقِ خَيْرُ الجَزاءِ

فَشاءَ القَدِيرُ تَجَلِّي الحَقِيقَةْ

وَقالُوا : شَهِدْنا عَظِيمَ الجَلاءِ

فَآثَرَ رَبِّي عَلَيْنا غُلاماً

تَوَثَّقَ هَدْيُهُ بِالكُرَماءِ

فَقالَ : غَفَرْتُ وَرَبِّيَ يَغْفِرْ

رَحِيمٌ صِلاتُهُ بِالرُحَماءِ

فَأَلْقُوْا قَمِيصَ البَراءِ عَلَى العَقْـ

ـلِ حَتَّى تَقِرَّ عُيُونُ البُكاءِ 

فَلَمّا أَتَوْهُ يَقُولُ : شَمَمْتُ

مِنْ الحِبِّ رِيحاً سَرَى بِالرِداءِ

فَقالُوا لَهُ : لا تَزالُ حَبِيسَ الـ

ظُنُونِ ، فَأَعْرَضَ عَنْ سُفَهاءِ

فَجاءَ بَشِيرُ المَحَبَّةِ أَلْقَى الـ

قَمِيصَ ؛ فَأَنْجَزَ عَهْدَ الوَفاءِ

فَجاءَتْهُ رُوحٌ وَعَقْلٌ وَعَشْرُ

حَواسٍ ؛ تُنادِي لَهُ بِالثَناءِ

فَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً لِيَقِرُّوا

بِفَضْلِ الكَرِيمِ عَلَى الفُضَلاءِ

فَقالَ : أَهٰذِهِ رُؤْيايَ حَقّاً ؟!

تَعالَى العَظِيمُ عَنْ الشُرَكاءِ

شَهِدْتُ بِلُطْفِ الحَكِيمِ ، فَعَبْدٌ

فَقِيرٌ لَهُ ؛ لَمِنَ السُعَداءِ

وَأَنَّ وِشاحاً تَقَلَّدَ حُبِّي

وَأَنِّي حَنِيفٌ مِنْ الحُنَفاءِ 

وَأَنِّي تَشَكَّلْتُ فِي وَجْهِ "غادَةْ"

فَها قَدْ ضَمَمْتَ فَتاةَ السَماءِ !

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن وشاح

وشاح

35

قصيدة

شاعرٌ عذريٌّ في نسب الشعر، فقصائدي وشائحٌ لا تحتضن إلا ( غادة )

المزيد عن وشاح

أضف شرح او معلومة