الديوان » اليمن » عبدالله البردوني » اختطاف الشيخ عبدالكريم عبيد

عدد الابيات : 80

طباعة

ليلٌ وسربٌ مِن كلاب الجحيمْ ظامٍ

حديدُّ الحشا والأديمْ

يشوي تجاعيد الليالي التي

يجري عليها يحتوي أو يُضيمْ

أفَظ مِن فوضى سباع الغلا

وَهْوَ يباهي بالنظام النظيمْ

ومِن ذباب الصيف أظمى فماً

إلى دم الجرحى وجَرح السَّليمْ

للسلب أرأى مِن غرابٍ، وعن

ذي الحق أعمى مِن ركام السِّديمْ

يكفي الحبالى الوضعَ مِن حَسْوهِ

كلَّ جنينٍ قبلَ أكْل الفطيمْ

بعتِّق الأضغان فيهِ كما

تعتِّق الدودَ العظامُ الرَّميمْ

هذا القطيع النابح النارِ، يا

(صيدا) يهيم الآن، فيم يهيمْ؟

يقيم في نيَّته مأتماً

في أي بيتٍ لا يعي ما يقيمْ

يحمرُّ كالسَّفّود يسودُّ، ولا

ينام فيه المعتدي لا يُنيمْ

يقاسم الليل رؤاه، لا

يرضى له في أي نعمى قسيمْ

تقيَّأتْهُ خطةٌ مثلما

يتقيأ الفيرانَ جبٌّ وخيمْ

تحتثُّه يا (صور) طيارةٌ

كجدَّة الشيطان في شكلِ ريمْ

تُموِّه التّنينَ فيها، تُرى

زُرافةً حيناً وحيناً ظَليمْ

تحوم تبغي (لَرْنكا) تارةً

وتارةً ترتد صوب (القصيمْ)

طيف دم الإنسان أنّا مضتْ

لمقلتيها ويديها لزيمْ

كأنها تحت مهماتها

ساقٌ دقيق تحت جسمِ جسيمْ

ترتابُ مِن أين، أما حدَّدوا

جدران بيت الشيخ عبدالكريم؟

قُدّامُهُ مئذنةٌ، خلفهُ

حديقةٌ جرحى، ومقهى قديمْ

سفرجليٌ، ليس ذا لونُه

مقوسٌّ كالجسر، ذا مستقيمْ

كلُّ مكانٍ مشبهٌ جارَهُ

أصحُّ قلباً، وهو يبدو سقيمْ

(عزرا) أهذا بيتهُ؟ مثلهُ

(موشى) تأكَّدْ، أكَّدتْ (أورشليمْ)

هل أخطأتْ خارطتي، أو أنا؟

الرَّسمُ قُدَّامي خلافُ الرَّسيمْ

(ناحوم) أَطلِقْ نصف ضوءٍ، سدىً

سيختفي قبل الهبوط الغريمْ

وربما تحرقهُ شعلةٌ

أو يحرق الشيخُ الضياءَ الرجيم

له كراماتٌ حكوا أنها

تحوِّل (النّابلْمَ) بعضَ الهشيمْ

دع عنك هذا نبتغي خطفهُ

بالرِّفقِ، أو تحت العذاب الأليمْ

يا نجم هذا بيته أين مِن

هذا المصلَّى دارُ ذاك الزعيمْ؟

هذا (كدار الأرقم) انظر أما

عنوانه باسم العزيز الرحيمْ؟

على محيّا بابه همزةٌ

وفي قَذال السّور حاءٌ وجيمْ

هل مرشد النجمُ الكلابَ التي

تعوَّدتْ أن تهتدي بالشَّميمْ؟

مَن ينتمي منكم بعرقٍ إلى

قِطْمير أهل الكهف حامي الرَّقيمْ؟

لا خير ما في الكلب فيكم ولا

ما في ابن حوّا من نقاء الصَّميمْ

أسكتْ أنا ما قلت هذا وشى

بقبحكمْ هذا الرداءُ الوسيمْ

فهل أُسمّي عضَّ أنيابكم

مكرَ السياسي أو دهاءَ الحليمْ

يا تلُّ، بيت الشيخ هذا؟ أما

دلّتْ عليه وشوشاتُ النسيمْ

له هنا أو ها ههنا منزلٌ

مِن طيب آيات الكتاب الحكيمْ

خدّاهُ ذا يصبي مشيب (السُّهى)

هذا بمنديل الثريا لَطيمْ

تريد قتل الشيخ يا ابن الخنا

هل مقتل الأزكى ينجِّي الأثيمْ؟

تودُّ أن تدعى عظيماً، متى

عادى عظيمٌ أيَّ شيء عظيمْ؟

وفجأةً لفَّ الدخانُ القُرى

وانصبَّ فوجٌ كالظلام البهيمْ

مِن أين جاؤوا مثل مستنقعٍ

يرمي بكفيه حشاه الكتيمْ؟

يراطنون الليلَ يحشونهُ

لغواً كما يهجو القبيحُ الدميمْ

مَن بلّغ الإظلامَ أوجَ الضحى؟

مَن ذا هدى كلَّ عُتُلٍّ زنيمْ؟

مَن دلَّهم، هل مثل (كعبٍ) هنا؟

ومَن هنا مِن طينة (ابن الخطيمْ)؟

كوجه إسرائيل هذا الدجى

كغدرها هذا الدُّخان الكظيمْ

فلا سوى الأنقاض كأسٌ لها

ولا لها غير الأفاعي نديمْ

ولاسوى الأطفال أشهى إلى

حلوقها، هذا لديها النعيمْ

من دأبها قتلُ البراءات عن

توارثٍ في طبعها مستديمْ

لأنها أضرى خصوم النَّقا

كان لها كلُّ نبيٍ خصيمْ

بالخطف أضحتْ دولةً، قل متى

تدوَّلَ السرحانُ يا (بن العَديمْ)؟

مَن ذا سيثنيها؟ حماةُ الحمى

أدنى زنابير الزمان السَّئيمْ

يا(بن عبيدٍ) ما الذي ترتئي

فوق احتمال الأرض نصرُ اللئيمْ

كيف استباحوا بيتك ابن الهدى

وأهدروا فيه جلالَ (الحَطيمْ)

هل كنت إذ جاؤوا بلاأُهبةٍ؟

مَن ذا ينام اليوم أو يستنيمْ؟

وأين كان الغرُّ أهلُ التقى

وسادةُ الرمي السَّديد الفهيمْ؟

ما أهرقوا مِن واغل قطرةً

ماذا أما في الحيِّ عينٌ تَشيمْ؟

لعلهم كانوا يخوضون في

مَشْطِ اللحى أو تركها كالجميم

أو في دم البِّق وجَلْدِ الزِّنى

أو حَجْب مَن يدعونهنَّ الحريمْ

ما بالُ مَن يُردي أخاه هنا

يُرى أمام الغزو جَحْشاً لجيمْ

ماذا غريبٌ، طفلُ شتّى القوى

مِن كثرة الأحضان أغبى يتيمُ

هل كنتَ تخشى ما جرى؟ هكذا

يلقى الأذى أهل الطريق القويمْ

قيل لقوم الخطف أعلى العلى

في العلم، هل يحتاج علمَ العليمُ

هل تحمل الحدْأَةُ دكتورةً فيهِ

أأعطى الذيبَ ملكاً فخيمْ؟

دعهم يَروْهُ وهْمَ نَصْرٍ، فما

أنت الذي في الأسْر تُعدى الهزيمْ

يا شَبَّرَ الثاني دعتْ (كربلا)

أخرى (وشمْرٌ) غير ذاك الشتيمْ

جئت الألى جاؤوك قل صائحاً

يا (خيبر) الثاني ستمسي هديمْ

نصفُ نبيٍ مِن وليٍّ أتى

رقى مِن الترخيم داعٍ رخيمْ

ستخطف الخطفَ على رغمهِ

ورغمَ مَن أزروا بموسى الكليمْ

ومَن تبنَّوْا (سيَبنوزا) ومَن

عن وجهه أعطوه وجهاً ذميمْ

يا شيخْ أنت اليوم أبقى هنا

يا راحلاً لبنانُ فيه مقيمْ

يثني – كما تدري – وثوب الردى

يقتاد مِن أعلى البروج العصيمْ

لبنان للحرية ابنٌ، لهُ

منه زمان غير هذا العقيمْ

لأنه يختار لا فوقهُ

فرعونُ لا مشيخةٌ مِن تميمْ

لو كان يعلوه نظام كما

يعلو سواه بات قشّاً هضيم

غامت – بلا برق – ديار الضحى

ووجهُ لبنان الذي لا يغيمْ

لأنه ذو الأمر في أمرهِ

فهو المرجَّى والرجاءُ العميمْ

هذا إلى الخلف انثنى، ذا انحنى

لبنان عن نهج الفدا لا يريمْ

أمام إسرائيل أعدى العدا

للسِّلمِ عن نصرٍ صديقٌ حميمْ

أغسطس 1989م

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالله البردوني

avatar

عبدالله البردوني حساب موثق

اليمن

poet-abdullah-al-bardouni@

311

قصيدة

2

الاقتباسات

889

متابعين

عبد الله صالح حسن الشحف البردوني (1929 - 30 أغسطس 1999) شاعر وناقد أدبي ومؤرخ ومدرس يمني تناولت مؤلفاته تاريخ الشعر القديم والحديث في اليمن ومواضيع سياسية متعلقة بذلك البلد ...

المزيد عن عبدالله البردوني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة