الديوان » اليمن » عبدالله البردوني » ربيعية الشتاء

عدد الابيات : 126

طباعة

هذا الذي سمَّيتُه منزلي

كان انتظاراً قبل أن تدخلي

كان سؤالَ القلب عن قلبه

يشتاق عن قلبيْه أن تسألي

أن ترجعي مثل الربيع الذي

يغيب في الأعواد كي ينجلي

أن تصبحي مثل نثيث الندى

مثل نجوم الصيف أن تُلْيلي

أن تومئي واعدةً ليلةً

وليلةً تنسين كي تبتلي

كيما تنادي الأرض: أجنيتِ يا

حدائقي أينعت يا سُنْبلي

أَقَبْلَ سُكْرِ الوعد، قالوا صحت؟

أيُّ هوىً أرغى بها: عجِّلي؟

هذا زمانٌ مذهلٌ ذاهلٌ

عنه فمن حاولتِ أن تُذهلي؟

ذاجمر صنعا خُفْتُ إذ أحرقوا

فيه (بخور الشيخ) أن تسعلي

أن تصرخي: هل رامني موئلاً

مَنْ غاب عن حسبانه موئلي

أظنُّ ما أسرعتِ كي تُدهِشي

هل قال داعي القلب أن تُقْبلي؟

أقول ماذا؟ صاح من لا أرى

: عليك من نصفيْكِ أن ترحلي

من مكتب التأجيل قالوا: ثبِي

أنهي كتابَ الأمس؟ لا، أجِّلي

لاتحملي أيُّ كتاب ولا

دواةِ (جيفارا) ولا (الزِّركلي)

رحلتُ منْ ساقي، إلى سُرَّتي

منْ أعْرَضي أعدو إلى أطوَلي

مفاصلي كانت طريقي وما

درتْ حصاةٌ أنها مِفْصلي

أَقرأتُ كفِّي البرقَ حنّى فمي

قرأتُ كفَّ المشمش الحوملي

هل مرَّ يا ابْني مَنْ هنا أو هنا

أيُّ جوادٍ جَدُّه (مَوْكَلي)؟

هل خلتَ موّالاً كسرب القطا

يزقو ويدعو: يا ربى موِّلي

أسمعتُه (الجرّاش) و(القَعْطَبي)

بكى على (بستان) و(الموصلي)

ومدَّ نحوي سلّةً لم يقل

صِلي بها مهواك أوْ وصِّلي

ناديتُ: ياذا الورد ضمِّخْ يدي

فقال: أهلي قطَّعوا أكْحلي

وقال (قاعُ الوطْية) استخبري

(عيشانَ) عن قمحي وعن خردلي

ماذا ألاقي يا (بن علوان) قلْ

يا(عيدروسُ) احْمِلْ معي مُثْقِلي

أيٌي، أنا، بيني وبيني، على

أيِّ الشطايا وجهيَ الجرْولي

سألتُ ذاتَ الودْعِ ما طالعي؟

أفضتْ بردَّيْنِ: عليَّ ولي

لأيِّ أزواجي جنى عِشرتي

خذي سواهم قبل أن تحملي

جمالُ هذي الحقْبة استْنوقَتْ

والآن يا إنسانة استرجلي

وغيِّري (يحيى بيفنى) وكي

تُبدِّلي عن جوفكِ استبدلي

واحتثَّني مُسْتقبلي قبل أن

أعدَّ رمّاني ولا حنظلي

قولي: أيبدو منزلي غير ما

عَهِدْتهِ مَنْ قبل أن تنزلي

تنحنحتْ مثل الخطيب الذي

أنساه شيءٌ، صوتَه المحفلي

كان كوجْر الضبِّ ذا البيت لو

أتيتِ قبلاً خفتُ أن تجفلي

والآن مَنْ بعد التصابي صَبا

وقام بعد العري كي يحتلي

أحضانه امتدت وجدرانهُ

سكرى على قاماتها تعتلي؟

لكل قنديل وكأسٍ صِباً

ولليالي فرحٌ مشتلي

وذكرياتٌ ضاحكات كما

حكى (الخُفَنْجي) عن (علي عَيْطَلي)(6)

قال (الشبيبي): نجمكِ الثور يا

(قرنا) وأبدى شكَّه (العَنْدَلي)

قال اجتلى هاءً ودالاً بلا

حاء وواوٍ، فاقطعي، أو صِلي

يُقال أخبرت الشذى أنني

رسولةٌ لم أنتخب مُرْسَلي

فقال: باسمي ضلَّلوني وبي

حيناً، وقالوا: باسمهم ضللي

يبدو لسمعي (هَبَليّاً) فهلْ

تحسُّني ألحاظُهُ (المَقْبَلي)

بُولي على جبهته، فادّنى

وقال: شدِّي لحيتي واتفلي

أراكِ غيري آخر المنتهى

بدءاً، ونادى مَنْ هنا بسملي

قل: أصبح الشطران بي شطرةً

لا بأس في جرحيك أن تَرْفُلي

هل تسمعين الزفَّةَ الآن؟ لا

أصمَّني يا (دامُ يا بَلْبلي)

تسعون طبّالاً وطبّالةً

شهراً وقالوا: مثلُهم طبِّلي

هناك من يأبى: أقيلَ انظمي

للكل داراً، أم بها كبِّلي؟

أأنت من غنيتُ: جودي لنا

بالوصل، هل أبكي لكي تبخلي؟

ومَنْ ينادي كالشعاع اهبطي

ومن يفادي عن هنا حوّلي؟

ومن يرى فرديّة الجمع في

كفيك عهداً نصف مُتوكِّلي؟

وقائلٍ كم قيل ما دّللوا

عنها، ولاقالوا لها دلِّلي

عشرين عاماً: سوف تأتي غداً

ما اسم الذي كان بها مُختلي؟

وسائلٍ: ماذا سيجري؟ لمن

جاءت، أيا خضراء لا تأْمُلي

فما أفادت علم شيءٍ سوى

ما ينبغي يا أُمُّ – أن تجهلي

صوغي على كفيك أخرى تريْ

صباك في مجلى صباها الجلي

هل ذاك – يا أولى – الذي يحتفي

إذ جئتِ يخشى الآن أن تأفُلي؟

هناك مَنْ يسلوك من يجتوي

هنا الذي يدعوك يا معقلي

ويفرش الخدّين كي تخطري

ويملأ الكأسين كي تثملي

كلي تحلمي حلم النواسي، صحا

من سكرة (الكرخي) بقُطرُبُّلي

وواقف يفديك فهّامةٌ

ترقين مثل الشمس كي تعدلي

يجلو بعينيك الرؤى تالياً

نصف كتابٍ كلُّهُ ما تُلي

مُعوّذاً كفيك أن تأخدي

وُرَيْقَةً من قبل أن تبذلي

وقالت الربْوات: أعطي فمي

ثدييك أربو قبل أن توغلي

وقالت الأرهار: لا تعبري

فوقي فيلهو الشوك في مقتلي

وللمقاهي عنك صوتٌ لهُ

أيدٍ، وصوتٌ فاقع بُلبُلي

وصائح يدعوك أن تقفزي

وهامس يوصيك أن تكسلي

محاذراً أن تأكل الجمر عن

أنياب مقتاديك أو تؤُكلي

تدرين؟ كم قالوا ولم يفعلوا

قولي: تنحّوا جانباً وافعلي

يرتاب هاذ الحيُّ أن تنجزي

يودُّ ذاك الربع أن تمطلي

ذا يرتئي: تلك التي أهجعت

قلاقلي ما أقلقت عُدّلي

أشمها مائدتي سائلاً:

متى انتهى من طبخها مرجلي؟

وقال شادٍ: ما شدت مثلها

أسمار أعراسي ولا مَقيلي

أنسى الدجى والصبحَ وقتيهُما

صوتان: عَوديٌ يلي كُعدُلي

كيف التقى نصفي بنصفي ضحىً

في نضج مكرِ العصرِ يا مأملي

وقال مضنٍ يا لعقيم التي

شاءت مواني (هنتُ) أن تحبلي

يا بنتَ أُمَّ (الضهضمدِ) قولي لنا

: أيٌّ عليٍّ سوف يخصي علي

قولي لماذا كنت أمثولةً

سحريةً من قبل أن تَمثُلي

فقال هَجسُ الأرض: مني رقت

تعيد تشكيلي، ألا شكِّلي

منْ بعضها انصبهضتْ إلى كلِّها

أكلُّ وادٍ قال ذي منهلي

شغلت أعراق الثواني فهلْ

يرضي سُهيلاً عنه أن تشغلي؟

في طعم ريق القات تَحمينَ عن

ما قال تُفشين الصّدى المخملي

تسرين في الكاذي فتدنين من

عينيه وجه البارق الأحول

تَنديْنَ في (ياظبي صنعاء) هوى

تَشجينَ في أنفاس (ياصيدلي)

في الحبر تحمرّين أنشودةً

في الكأس تبيضِّين كي تُشعلي

في الجمع تذكين الجدال الذي

يميز الأبقى من المرحلي

هل أنت من تُحيينَ كي تعظُمي

أو أنت من تُحيينَ كي تَقتُلي؟

هل خاتمي قانٍ؟ ألي خاتمٌ

يكفي يدي أن سَلمتْ أنملي؟

يا صاحب الصاروخ قلبي على

كفِّي كتابٌ خلفهُ منجلي

لا بدَّ من أن تُنْبهي خاملاً

وكي يُرى لابدَّ أن تخملي

لا بدَّ من أن تحتفي بالتي

وبالذي لابد أن تحفلي

مَنْ ذا سيعطيك لتعطي ومَنْ

قال خذي، قال الحسي مَغْسَلي

مادَام ذاتُ الأمر مأمورةً

به، دعيه قبل أن تُعزلي

– مني ابتدا نهجي، ألا فليكنْ

صعباً ولايخشاكِ أن تَسُهلي

يا طلعةً ماأذبلت مطلعاً

تقدَّمي هيهات أن تذبلي

ويا ربيعاً شق عمر الشَّتا

تهدّلي للصيف واخضوضلي

إن زيّن الإكليلُ مَنّ قبلهُ

فكلِّلي مَنْ بعده كلِّلي

مذ جئت جاء البدءُ مَنْ بدئِه

وعاد من آخره أوّلي

واجتاز ومضاً كان مُستدفئاً

به إلى الوهج الذي يصطلي

فأنكر التأريخ تأريخهُ

لمّا استبان الأمسُ مستقبلي

: لا رأسمالياً أرى ذا الفتى

ولا اشتراكياً ولا هيجلي

لا في (بني عبد المدان) اسمه

لا من (بني باذان) لا (عَبْهلي)

وعنده زائرة مثلهُ..

تزف (عنِّيناً) إلى (المُشكِل)

ردّي على التأريخ يا بنتَهُ

لا تخجلي يؤذيه أن تخجلي

قالوا: إلى نصف الطريق التقوْا

سجِّل بلا حيفٍ وقلْ: حلِّلي

زادوا على رأسي رؤوساً فهلْ

تزيدني رِجلاً إلى أرجلي

ضع نصفيَ الأعلى على الركن أو

حوِّل أعالي قامتي أسفلي

ما اقتاد تغييرٌ خطاي التي

صيَّرن ما لا ينطلي ينطلي

وأنت يا هذا؟ يقال الذي

سوف يلي يومي أبى أن يلي

لا هذه (سَيّان) لا غيرها

لا (العبدلي) ثانٍ ولا العبدلي

مَنْ غيّر التشكيلَ عن شكله؟

قوّى على (الصِّلْوي) يَدَ (المقْولي)

فاستضحكت قائلةً: أيُّنا

أراد هذا، قلتُ لا رأي لي

أمّا أنا ما جئت كهفي أنا

وأنتِ كهفٌ بالمنى تغتلي

تهوى سعاداً، ليدياً، غادةً

وأختَ (هنري) وابنة العوذلي

كان ابن جدي زوجَ عشر إلى

أن طلّقتهُ (هَيْدبُ الحوْقلي)

نبغي وتخشى نصف ما تبتغي

فتنثني مثل الشَّجيِّ الخلي

ترجو ولياً نائياً خيرةً

فاختار لقيانا مزارُ الولي

تمثال هذا هيكلي، أنتَ بي

كصورة فيما اسمه هيكلي

أعطاكِ طنبوراً، أنا مصحفاً

فاعزفْ، ويا أميّتي رتّلي

عزفتُ غازلت التي والتي

حتى أتتْ مَنْ كسّرت مغزلي

فالتمّ بحر القلب في كفّها

كوباً بنهديْ كرمةٍ يمتلي

إلى رضاعي جئتِ مني ومنْ

تخرُّجي فيكِ ابتدأ مدخلي

كي يرتدي عينيك معنى الضحى

كي تبتدي الأنهار من جدولي

أما تساقينا البروقَ المِدى

وآنَ أنْ أغلي وأنْ تهطلي

أن ينشر (المهديُّ) منك اللوا

أو يركض (الدجّال) من منزلي

مايويونيو 1990م.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالله البردوني

avatar

عبدالله البردوني حساب موثق

اليمن

poet-abdullah-al-bardouni@

311

قصيدة

2

الاقتباسات

889

متابعين

عبد الله صالح حسن الشحف البردوني (1929 - 30 أغسطس 1999) شاعر وناقد أدبي ومؤرخ ومدرس يمني تناولت مؤلفاته تاريخ الشعر القديم والحديث في اليمن ومواضيع سياسية متعلقة بذلك البلد ...

المزيد عن عبدالله البردوني

أضف شرح او معلومة