الديوان » العراق » محمد بهجة الأثري » دمشق جمال وتاريخ

عدد الابيات : 58

طباعة

أبِكَ ارْتَوَى وَاخْضَلَّ وَابْتَرَدا 

ها ذا الجْمَال الغَضُّ، يا (بَرَدَى)؟

شَغَفَ الفُؤادَ سَناً وَأسْكَرَهُ، 

فَانْسابَ في مَرْآهُ واتَّحَدا. 

يا دِينَ قَلْبِيَ، والهَوَى قَدَرٌ! 

قَلْبِي أحَبَّ، وناظِرِي رَصَدا!

هذا مَطَافُ الحُسْنِ، مُقْتَرِبٌ 

مِنّي، وَحِسِّيِ فِيهِ قَدْ بَعُدا! 

و(دِمَشْقُ) خَضْراءٌ مُنَوِّرَةٌ 

فَيْحاءُ، نافِحَةُ الشَّذا أبَدا 

نَفَسُ العَذارَى، ما تُناسِمُهُ. 

أشَمَمْتَ أطْيَبَ مِنْهُ إنْ مَأدا؟

وَخَمائِلٌ رَيّا، انْتَشَتْ، وَزَهَتْ 

بَهَجاً، وَرَفَّ نَعيمُها غَيَدا

وأطايبٌ، يُعْطِيكَ لَيِّنُها 

نُعْمَى الحياةِ هَنِيئةً رَغَدا 

وكَأنَّما (بَرَدَى) بِسَلْسَلِهِ 

عَسَلٌ وصَهبْاءٌ قدِ ابْتَرَدا

وَ (الرَّبْوتَانِ) وَإنَّ حُسْنَهُما 

ما بانَ عَنْ عيني، وإنْ شَرَدا

بابٌ إلى (الفِرْدَوْسِ)، تَحْتَهُما 

(رِضْوانُ) شَدَّدَ حَوْلَهُ الرَّصَدا:

(الغُوطَتانِ) رُؤىً وأخْيِلَةٌ 

ونَعِيمُ دُنْيا مِنْ سَدىً ونَدَى

جَمَعَ الجْمالُ لَدَى فَوارِدِها 

ما كان مِنْ أنْواعِهِ بَدَدا 

ضَحِكَتْ وُجُوهُ فُتُونِها، وَبَدَتْ 

والحُسْنُ فَوْقَ أديِمِها سَجَدا 

و(النَّيْرَبانِ) مَنارِةٌ، رَقَصَتْ 

زَهَراً، وَغَنّى طَيْرُها غَرِدا

اللَّيْلُ فِيها: كُلُّهُ سَحَرٌ 

زاهٍ، وسِحْرٌ يَخْلُبُ الكَبِدا 

وهُناكَ.. مَنْ يَعْشَقْ، يَجِدْ صُوَراً 

عَجَباً، تَعالَى حُسْنُها صَعَدا 

ما دارَ في خَلَدٍ تَصَوُّرُهُ، 

فاقَ الخْيَالَ، وَجازَهُ أمَدا! 

ناغَيْتُ (جِلَّقَ) عاشقاً بَلَداً 

نَزِهاً، وناساً أشْبَهُوا البَلَدا! 

أسْكَنْتُهُمْ لِجَلالِهِمْ خَلَدِي 

حُبّاً، كما أسْكَنْتُها الخَلَدا

وَطَنُ السَّناءِ، أنافَ ساكِنُهُ 

بِكَرِيمَتَيْنِ: عُرُوبَةٍ وَهُدَى!

جُذَّتْ يَدا مَنْ سامَهُ ضَرَراً 

واسْتُؤْصِلَ الأرَحْامَ والوَلَدا

أ (دِمَشْقُ) يا أخْتَ الضُّحَى 

ذَهَباً، ويا رِئْدَ العُلَى صَيَدا

أسَلِيلَةَ الأحَقْابِ، وارِثَةً 

زَهْوَ الحَضِارَةِ جَلْوَةً ورِدا

بِنْتَ العُرُوبَةِ، نَبْتَ ترْبَتِها 

وعَرِينَها المُتَأشِّبَ الأسِدا

(غَسّانُ).. أثَّلَ فِيكِ مملكةً، 

غَنَّى لها (حَسّانُ) واحْتَشَدا

كُبَراؤُها، يَسْقُونَ مَنْ وَرَدُوا 

صًفْوَ الرَّحِيقِ مُمازِجاً (بَرَدَى)

وعُلاكِ في (الإسْلام): كُلُّ عُلاً 

سَجَدَتْ لَهُ وتخاوَصَتْ حَسَدا!

مُلْكٌ عَرِيضٌ.. شَدَّ (أنْدَلُساً) 

ِ (السِّنْدِ) مُحْتَشِداً وَمُتَّحِدا 

وجَحافِلٌ في البَرِّ، وازِعَةٌ 

نَزْوَ الغُزاةِ وَمَنْ بغى وَعَدا

وسَفائِنٌ في البَحْرِ، حارِسَةٌ 

حُرَمَ الثُّغُورِ، طَوالِعٌ مَدَدا

أصْبَحْتِ بِ (الإسْلامِ) قاعِدَةً 

(لِلْمَشْرِقَيْنِ)، ومَؤْئِلاً فَرَدا 

كنْتِ (الثُّريّا)، والوَرَى احْتَشَدُوا 

كانُوا (الفُرُودَ الزُّهْرَ) و(السُّعُدا)

أعْلَتْ (أمَيَّةُ) فِيكِ رايَتَهُ 

شَمّاءَ تَحْسِرُ ناظِراً رَصَدا 

وَحَوَيْتِهِ، فَحَوَيْتِ جَوْهَرَةً 

كالكَوْكَبِ الوَهّاجِ قَدْ وَقَدا 

يَفْرِي الظَّلامَ سَنَا تَألَقُّهِ 

ويُحِيلُ مِثْلَ الصُّبْحِ ما كَمَدا

ويُرِي البَصائِرَ، إذْ يُجَنّبُها 

شَرَّ العِثارِ، طَرِيقَها الجَدَدَا

أطْلَعْتِهِ شَمْساً على أمَمٍ 

غَشَّى الظَّلامُ عُيُونَها رَمَدا 

عَلَّمْتِها ما لَيْسَ تَعْلَمُهُ 

وَحَبَوْتِها الإيمانَ والرَّشَدا 

وَرَئِمْتِها عَطْفاً ومَرْحَمَةً 

رَأْمَ الثَّواكِلِ تُرْضِعُ الوَلَدا

وهَدَيْتِ دانِيَهُمْ وقاصِيَهُمْ 

فَسَمَوْا مَعالِيَ وارْتَقَوْا سُدَدا

نَعِمُوا، وكانُوا في ضَلالَتِهِمْ 

عُمْيَ القُلُوبِ مَعاشِراً بِدَدا 

بادِينَ في تَيْهاءَ مُظْلِمَةٍ 

في رَذْلِ عيشٍ جاوَزَ الأمَدَا

مَنْ دانَ لِلأصَنْامِ يَعْبُدُها 

وَجْهاً، وَمَنْ لِلنّارِ قد سَجَدا 

تابَعْتِ (طَيْبَةَ) سُنَّةً وهُدىً، 

والخَيْرُ ما سَنَّتْهُ وامْتَهَدا

(أمُّ الخِلافَةِ)، أصْلُ دَوْحَتِها 

طابَتْ وطابَ بِها الوَرَى رَغَدا

لَوْلا خِلافَتُها وسِيرَتُها 

ما قامَ مُلْكُكِ بَسْطَةً وَيدا 

مِنْ رَحْمَةِ (الرَّحْمانِ) ما نَفَحَتْ، 

يا طِيبَ ما نَفَحَتْ، وما وَفَدا! 

كَرَوائِحِ (الفِرْدَوْسِ) ناشِرَةً 

طِيباً، وعابِقَ سَوْسَنٍ، ونَدَى

تَغْدُو على ذاوٍ فَتُنْعِشُهُ 

وتَرُبُّ ما ألْوَى وما هَمَدا

أوْحَتْ، فَسَطَّرْتِ الهُدَى سِيَراً 

وُشِيَتْ طِرازاً، وازْدَهَتْ بُرَدا

(تارِيخُكِ المَيْمُونُ)، مَخْبَرُهُ 

أصْبَى هَوايَ إلِيكِ، واعْتَبَدا

يَتَرنَّحُ (العَرِبَيُّ) قارِئُهُ 

طَرَباً، وتَسَمْوُ نَفْسُهُ صُعُدا 

يُوحِي إلى الأبَنْاءِ ما سَطَرَتْ 

أنْباؤُهُ العَزَماتِ وَالْجلَدا 

مَجْدٌ على الأيَّامِ.. لَوْ وَزَنُوا 

مَجْدَ الأنَامِ بِبَعْضِهِ، مَجَدا!

ألْوَتْ بِهِ الأعْداءُ، غَيْرَ سَنَا 

ذِكْرٍ، كَلألاءِ الضُّحَى، خَلَدا

هَلْ يُسْتَعادُ جَلالُ سُدَّتِهِ؟ 

حُضِيّ البَنِينَ عليه والحُفَدا

نَسْتَعذِبُ الذَِكْرَى، وَلَيْسَ بِنا 

فَخْرٌ، لِنَبْعَثَ وانِياً قَعَدا!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد بهجة الأثري

avatar

محمد بهجة الأثري حساب موثق

العراق

poet-Mohammad-Bahjat-Athari@

11

قصيدة

3

متابعين

محمد بهجة الأثري هو أحد كبار الأدباء والشعراء في العراق والعالم العربي، عُرف بتمسكه بالإسلام واهتمامه بقضايا الأمة العربية والإسلامية. وُلد في بغداد عام 1902، ودرس على يد كبار العلماء ...

المزيد عن محمد بهجة الأثري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة