الديوان » مصر » علي محمود طه » إلى أبناء الشرق

عدد الابيات : 54

طباعة

دعوها مني و اتركوه خيالا

فما يعرف الحقّ إلاّ النّضالا

بني الشرق ماذا وراء الرّعود

نطلّ يمينا و نرنو شمالا

و ما حكمة الصّمت في عالم

تضجّ المعالم فيه اقتتالا

زمانكمو جارح لا يعفّ

رأيت الضعيف به لا يوالى

و يومكمو نهزة العاملين

و مضيعة الخاملين الكسالى

خطا العلم فيه خطى صائد

توقّى المقادر منه الحبالا

توغّل في ملكوت الشّعاع

و صاد الكهارب فيه اغتيالا

و حزّبها فهي في بعضها

تحطّم بعضا و تلقى نكالا

رمى دولة الشّمس في أوجها

فخرّت سماء و دكّت جبالا

مدائن كانت وراء الظّنون

ترى النّجم أقرب منها منالا

كأنّ سليمان أخلى القماقم

أو فكّ عن جنهنّ اعتقالا

و أوما إليها فطاروا بها

مدى اللّمح ثمّ تلاشت خيالا

و حتّام نشكو سواد الحظوظ

و من أفقنا كلّ فجر تلالا !

ألسنا بني الشّرق من يعرب

أصولا سمت و جباها تعالى ؟

أجئنا نسائل عطف الحليف

و نرقب منه النّدى و النوالا ؟

نصرناه بالأمس في محنة

تمادى الجبابر فيها صيالا

سبحنا إليه على لجّة

من النّار لم نذك منها ذبالا

فكيف تناسا حواريّه

غداة السّلام و أغضى مالا ؟

أردّ الحقوق لأربابها ؟

و أعفاهمو من طلاب سؤالا ؟

و رفّت على الأرض حريّة

تألّق نورا و تندى ظلالا ؟

نبيّ الحقيقة ، كم قلت لي

بربّك قل لي وزدني مقالا

رأيتك أندى و أحنى يدا

على أمم جشمّتك النّزالا

فم لك تقسو على أمّة

سقتك الوداد مصفّى زلالا

و عدت الشّعوب بحقّ المصير

فما لك تقضي و تملي ارتجالا

أتغصب من أهلها أرضهم

و تسلم للغير نهبا حلالا؟

أليست لهم أرضهم حرّة

يسودون فيها الدّهور الطوالا ؟

فلسطين مالي أرى جرحها

يسيل و يأبى الغدة اندمالا

تنازها حيرة الزّاهدين

و تنهشها شهوات تقالى

أعزّت أساتك أدواؤها ؟

هو الحقّ ! ما كان داء عضالا !

هو الحقّ إن رمتمو عالما

يشفّ صفاء و يزكو جمالا

أقيمو عليه مودّاتكم

و إلاّ فقد رمتموه محالا

فيا للبريئة ماذا جنت

فتحمل مالا يطاق احتمالا

هي الشّرق ، بل هي من قلبه

و شائج ماض تأبّى انفصالا

و تاريخ دنيا و أمجادها

بنى ركنها خالد ثمّ عالى

وعى الحقّ للمصطفى دعوة

لنصرتها و العوادي توالى

تبارى لها المسلمون احتشادا

و هبّ النّصارى إليها احتفالا

من الشّام و الأرز و الرافدين

و أقصى الجزيرة صحبا و آلا

و إفريقيا ما لإسلمها

يسام عبوديّة و احتلالا !؟

على تونس و بمرّاكش

تروح السّيوف و تغدو اختيالا

ألم تخب في الأرض نار الحروب

و يلق الطّغاة عليها و بالا ؟

ألم يتغيّر بها الحاكمون ؟

ألم تتبدّل من الحال حالا

هم العرب الصّيد لا تحسبنّ

بهم ضعة أو ضنى أو كلالا

نماهم على البأس آباؤهم

قساورة و سيوفا صقالا

بناة الحضارة في المشرقين

درى يخشع الغرب منها جلالا

ألا أيّها الشّامخ المطمئن

رويدا فإنّ الليالي حبالى

و مالك تنسى على الأمس يوما

به كاد ملكك يلقى زوالا

فتقذف بالنّار سورية

و ترمي بلبنان حربا سجالا

شباب أميّة طوبى لكم

أقمتم لكلّ فداء مثالا

دعتكم دمشق فما استنفرت

سوى عاصف يتخطّى الجبالا

و في ذمّة المجد من شيبكم

دم فوق أروقة الحقّ سالا !

بني الشّرق كونوا لأوطانكم

قوى تتحدّى الهوى و الضّلالا

أقيمو صدوركمو للخطوب

فما شطّ طالب حقّ و غالى

فزعت لكم من وراء السّقام

و قد جلّل الشّيب راسي استعالا

و ما أن بكيت الهوى و الشّباب

و لكن ذكرت العلى و الرجالا ! !

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن علي محمود طه

avatar

علي محمود طه حساب موثق

مصر

poet-ali-mahmoud-taha@

112

قصيدة

543

متابعين

شاعر مصري ينتمي إلى المدرسة الرومانسية،ولد علي محمود طه المهندس عام 1901م بمدينة المنصورة، وقضى معظم شبابه فيها. تعلم في الكُتاب وحفظ بعضا من سور القرآن الكريم، ثم انتقل إلى المدرسة الابتدائية، ...

المزيد عن علي محمود طه

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة