الديوان » لبنان » أديب التقي » قد اتهمت الحجى والقول والعملا

عدد الابيات : 33

طباعة

قَد اِتَّهَمت الحِجى وَالقَول وَالعَمَلا

لا يَعقل المَرء إِمّا قال أَو فَعَلا

ما في البَريَّة قَوم راهَقوا حُلُماً

الكُلّ طفلٌ وَإِن سَمَّيتهُ رَجُلا

عَمّى عَلى الناس بَعض الناس أَمرَهُم

فَفَرَّقوا الناس مِن قَد جُنَّ أَو عَقَلا

يَرى المَجانين إِن العَقل مُكتمل

فيهُم وَعَقل سِواهم لَيسَ مُكتَملا

وَإِن رَأى عاقل يَوماً أَخا خَبلٍ

يَقول حَمداً لِمَن وَقانّي الخَبَلا

بِما تُبَرهن إِن القَوم أَهل حجى

إِن قُلت بِالعلم فَانظر ما الَّذي عَمِلاه

أَو قُلتَ مخترَعات القَوم حُجَّتُهم

قُلتُ المَجاريح تَنفي ذاكَ وَالقُتلا

ما بَدَّلَ العلمُ أَخلاقاً بِنا سَفُلت

وَلَم يَزل عالياً فينا الَّذي سفُلا

لَم يَبرحِ الشَرُّ فينا قائِماً أَبَداً

وَلَم يَزَل كَمُقيم فيهِ مَن رَحَلا

تَخالُفُ الناس في قول وَفي عَمَلٍ

يَدلنا أَنّ في أَخلاقهم دَخَلا

لَم يَبرَحوا في اِختِلافٍ مِن دِيانتهم

وَربّها جَلَّ عَن ذا رَبُّنا وَعَلا

كَم جاءَهُم رُسُلٌ يَدعونَهُم لِهُدىً

لَو أَنَّهُم ما كَذَّبوا الرُسُلا

يَنهى وَيَأمر رَبُّ الأَمر عَن سَفهٍ

وَلَيسَ يَعلم رَبُّ العلمِ ما جَهِلا

سِرُّ الحَياة مَعمىَّ لَيسَ تُدركه

هَذي العُقولُ فَفي ما نَحقر الجُهَلا

قَد يَحسب الرجل المَغرورُ أَنَّ لَهُ

عَقلاً يَميّزه عَمَّن قَد اَختُبلا

وَلَو نَظَرنا بَعَدلٍ في قَضيّته

نَقضي بِأَنَّهُما بِالعَقل ما كمُلا

جَميع ما يعقل الإِنسان مُكتسَبٌ

فيهِ اِستَوى عاقل مَع غَيرِهِ مَثَلا

كَم أَبرَم العَقل أَمراً عادَ مُنتَفِضاً

وَكَم تَوقَّع نُجحاً فَاِنثَنى فَشِلا

وَكَم تَمرّ عَلى ذي العَقل معضلة

لا يَهتدي عَقلهُ فيها لَما عَضلا

في كُلّ يَومٍ تَرى في الناس مُشتَكِياً

وَساخِطاً يَبتَغي عَن عيشه بَدَلا

فَلا الغَنيُّ وَقاه المال مِن عِلَلٍ

وَلا الفَقير وَقاه صَبره العِللا

وَلَيسَ في الكَون حُرٌّ مُطلق أَبَداً

الكُل أَمسى أَسيراً فيهِ مُعتَقلا

عَمَّ الفَساد جَميع الأَرض وَاِنتَشَرت

فيها الشُرور فَأَين العَقل وَالعُقَلا

ما الفَرق مِن بَعد ذا ما بَين رَبّ حجى

يَسود في عَقله فينا وَوَحش فَلا

لا يَقبل الكَن إِصلاحاً وَإِن بذلت

فيهِ الجُهود وَإِن جَلَّ الَّذي بُذِلا

قام النَبيُّون فينا قَبلُ وَالحُكما

وَالمُصلحون وَمن قَد أَوضحوا السُبُلا

هَل أَصلَحوا قيد شبر مِن مَفاسدنا

أَو خفَّضوا الشرّ أَو سَدُّوا لَنا خَلَلاً

هَذي المَفاسد عَمَّت كُلّ ناحية

وَهَكذا الظُلم حلَّ السَهل وَالجبلا

يا دَهر وَيحك هَلا كُنتَ مُنصفنا

قَتلت فينا الحجى وَالحَزم وَالأَمَلا

ما زَلت تَخفضُ مِنّا عالياً أَبَداً

وَلَم تَزَل تَرفَع الأَوغاد وَالسَفِلا

ما كُنت أَختار لَو أَنَّ الخَيار لَنا

هَذي الحَياة وَلا العَيش الذي رذلا

وَلَستُ أَرضى لِعُمري أَن تَكون لَهُ

ظَرفاً تَعيه وَلكن أَرقُبُ الأَجلا

هَذي لَياليك لَم تَحمد مَغبَّتها

نَفسٌ ذَممتُ لَها أَيامك الأَولا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أديب التقي

avatar

أديب التقي

لبنان

poet-Adib-Altaaqy@

141

قصيدة

1

الاقتباسات

0

متابعين

الأديب أديب بن سعيد التقي البغدادي هو أحد الشخصيات المميزة في العالم العربي، وُلد عام 1895م في قرية الشبعا الواقعة ضمن قضاء حاصبيا في لبنان. نشأ في بيئة متواضعة وتلقى ...

المزيد عن أديب التقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة