ما محول الربى أو ذبول الزهر
وارتكام الثلوج وخرس النهر
أو جنون الرياح وهطل المطر
أو نواح الحمام بأعلى الشجر
يسرق الدمع من أعيني يا قمر
بل ربوع رمتها سهام القدر
قد ثوى حرّها والدجى معتكر
يندب المجد والسؤدد المندثر
حالفت مقلتاه الأسى والسهر
يا له بائساً في الورى يا قمر
هل أسود الوغى بالأذى تبتدر
وبقايا طلول العلا تحتقر
وحماة الحمى لا تطيق الخفر
يا لنا أمة يعترينا الخور
تستحق رثاء العدى يا قمر
أين للعاشق المبتلي مصطبر
ذكرته النجوم بأبهى الغرر
والظلام البهيم بداجي الطرار
والشعاع البهي ومنك انحدر
جددت عهده بالهوى يا قمر
جددت ما طواه النوى فاندثر
فالتظى قلبه لغزال هجر
ولحب مضى وغرام غير
فارتمى باكياً وأفاض الدرر
فاستمع نوحه عالياً يا قمر
وابك حورية أثكلتها الغير
ولحاظاً لها زينت بالحور
وابك تغريدها كطيور السحر
وابك خيلاءها في الصبا والصغر
فابكها في سماء العلا يا قمر
وابك من ضيعت في الحياة الوطر
جرعتها الحياة كؤس الكدر
وجنتاها ذوى زهرها واكفهر
والمحيا انطفا نوره وانحسر
خفف الله من حزنها يا قمر
نعمان ثابت (1905م - 1937م)
ضابط وأديب عراقي من بغداد، جمع بين الالتزام العسكري والشغف بالأدب والتأريخ. تخرج في الكلية العسكرية عام 1927، ومنذ ذلك الحين، بدأ في إثراء المكتبة العربية ...