هَل قَلدتك محاسن الانشاء

مِن جَوهر المَلَكوت عقد ضِياء

فَإِليك أَيتُّها الطبيعة لمحة

تروي حَديث الشَّوق مِن أَنبائي

كَالرَّوض في عَهد الرَّبيع إِذا اِحتَسى

راحَ النميرين النَّدى وَالماء

فَلئن حَويت الخافقين كِلَيهما

لَقَد اِحتَوَتك خَواطر الشُعراء

قَد أَكبروك فَما يبالغ معشر

إن لقبوك بعلة الأَشياء

وَتسابقت فيك الظنون فمن لها

بِحَقيقة دقت عن الفهماء

وَجلا التأمل فيك أَبهر حكمة

سطعت بِنور اللَّه في الأَحياء

تَسترسل الأَشباح فيك بمظهر

يذر الحَكيم مقسم الآراء

وَالناسُ في خطَر الحياة وعَيشهم

في ذاهب بالحادِثات وَجائي

يَتنازعون العاريات وَخيرهم

مَن قامَ في الدُّنيا على استحياء

يَومي إِلى صحف الوجود بنظرة

فَيرى وُجوه الحق صورة رائي

يَرمي بِهِ البر الفَسيح إِلى مَدى

آفاقه من آهل وخلاء

وَيَرده الفلك المدار لراحة

طوراً وَطوراً لاتصال عناء

وَإِذا عدت بِالشَّمسِ عادية الدُجى

وَأقلها في الغرب نطع دماء

وَتبادرت فرق الظلام نوادباً

بِالأُفق تَنهض في مسوح عَزاء

وَهفت بِذات الرجع أنة موحش

فاِستعبرت بالشهب عين بكاء

أنى لمحت فثم عقد مدامع

أَو نقش ماس في تريب فَضاء

أو رقم نور في غلائل روضة

مطلولة بمدامع الأنواء

أو بركة تغشي الخمائل سطحها

مدت إليها الريح كف عطاء

أَرغى بنوء الياسمين عبابها

فتموجت بالفضة البيضاء

يزهو ويهذى بالعيون جمالها

وجلالها وَالمجد للحكماء

تلك النجوم الشاخصات كأنما

ترنو إليك بأعين الرقباء

حتّى إذا كبت الثريا واِنبرى

ببنات نعش منسم الجوزاء

وحدا بها شفق يدب على الدجى

متماثلاً من وصمة الرحضاء

يَنساب في عرض السماءِ كَأنه

ماء يرف بسرحة لفاء

والفجر أَوسع لِلنَهار وَقَد نَضا

سَيفاً يَشق مفارق الظلماء

وَبشائر النور انبعثن طَوالعاً

ينذرن حالكة الدُجى بِقضاء

متعثرات بالنجوم كأنها

ذيل المَنية في ثَرى الهَيجاء

فَكأن قَبض النجم عندَ أُفوله

كف الفَناء تشير بالإِيماء

وَكَأن بسط الشَّمس عِندَ شُروقها

أَمل تعقبه كبير رجاء

حركات أقدار دَوائر عبرة

تطفو بدان في الوجود وَنائي

فَتعاقب الإصباح وَالإمساء

لتبادل السراء وَالضراء