الديوان » احمد علي سليمان عبد الرحيم » صداقة من عالم آخر!

عدد الابيات : 55

طباعة

يَهَبُ الصداقة رُوحَها الأخيارُ

ويَمُدُّها بضيائها الأبرارُ

وتَزيدُها شرَفاً شَهامة أهلها

فالبذلُ دَأبٌ ، والعطاءُ شِعار

والتضحِياتُ طبيعة وجِبِلة

والجُودُ نَهجٌ ، والنفوسُ كِبار

والموتُ حتى الموتُ لا يُودي بها

فلها إذا حلَّ الرَّدَى استمرار

لا تُشترى بالمال والدنيا معاً

خسِرَ الشراءُ ، وأخفقَ السمسار

وَصْفُ الصديق بدقةٍ مُتعذرٌ

مهما أصوغ تُبَرِّرُ الأعذار

هو شمسُ دنيا المرء صافية الضيا

ودُجى الحياة تُزيله الأنوار

وهو الهواءُ لكائن مُتنفس

وهو النجاة إذا دَهَتْ أخطار

وهو المَلاذ لحائر مُتشتتٍ

يُزري به التضييقُ والإحصار

وهو المُشيرُ به المَشورة تحتفي

فإذا أشارَ الخِل لا يحتار

وهو الظهيرُ على المصائب إن طغتْ

ويحل بعد عُبوسها استبشار

وصديقُ قِصتنا عجيبٌ أمرُه

خبَرَ التجارة ذلك الخِتيار

ودَرَى التعاملَ كهفه ورقيمَه

وأحبَّه العُملاءُ والتجار

لم تدخل الأموالُ يوماً قلبه

فمكانها جَيبٌ له أزرار

واسألْ (بُريدة) عن صَدوق طيِّب

بين الرجال يَزينُه الإكبار

لم يُلفَ غشاشاً ولا مُتملقاً

وعلى أمانته بدَتْ آثار

ذو سِحنةٍ سودا وقلب طيِّب

أثنى عليه الغيَّبُ الحُضار

والأهلُ في (السودان) كم شادوا به

فلهم به ترويسة وفخار

وله صديقٌ مِن (بُرَيدة) صالحٌ

يُدعى (سُعوداً) ، والتجارة كار

فالتاجران تصادقا وتجاورا

كلٌ لصاحبه صديقٌ جار

والمنهجُ الإخلاصُ والتقوى معاً

في قلب كلٍّ ما انتشى الدينار

عقدان في درب التجارة لم يَجُرْ

خِلٌ على خِل ، فنعم جوار

ومضى إلى (السودان) يُتحفُ أهله

ولكَم تَشُوقُ غريباً أسفار

وأتى ليشهد عودة ملتاعة

لم يدر ماذا خبأتْ أقدار

ومن المطار إلى المُصَلى حِسبة

لم يُعط فرصته لتشرُف دار

وإذ بأمر لا يُصَدَّقُ وصفه

والعقلُ كم تغتاله الأخبار

أنهى الإمامُ صلاته في جُمْعةٍ

وأهابَ بالحُضار أن يختاروا

إما خِتامٌ ، أو صلاة جنازةٍ

فرأوا جنازتهم ، وطابَ خِيار

وأذاعَ الاسمَ على الحُضور مُكرَّراً

لمَّا يُصدِّقْ سَمعه قيدار

إن المسَجَّى في المُلاءة خِله

والموتُ حَتمٌ ، ليس منه فِرار

فسعودُ مات ، وقد مضتْ أيامُه

وبَكاه بعد رحيله الأخيار

وأتيتُ أبناءً له بعد العَزا

ورَثيتُ حتى هَدَّني استعبار

وبدأتُ تصفيه الحساب مُلبياً

طلباتِهم ، وتوالتِ الأفكار

قلتُ: الديونُ الآن تُخصَم أولاً

فرضَ الفرائضَ واحدٌ قهار

فمئاتُ آلافٍ ثلاثة دَينُه

والدائنُ (الشاميُّ) لا يَمتار

ولسوف يأتي ، إن مَوعدَه غداً

وأنا مُقِرٌ ، هل يَطيبُ قرار؟

فتلعثمَ الأبناءُ ، ثم تحَرَّجوا

مِن أن يُقِرُّوا ، فالقرارُ خَسار

قالوا: هي الأوراقُ تُثبتُ دَينه

أرأيت دَيناً ما له إشهار

أين الأدلة كي نوفيَ دَينه؟

لمَ لمْ تُدَونْ؟ ما هي الأعذار؟

وأبى الجميعُ سدادَ دَينَ أبيهمُ

وبقيتُ يَلفحُني الجوى والنار

وسألتُ نفسي كيف أخذلُ صاحبي؟

أوَهكذا يتصرفُ الأحرار؟

وأنامُ تكويني ابتسامة صاحبي

وتقول: ساعدني ، وسوف تُجار

فعرضتُ دُكاني وكلَّ تجارتي

لمَّا يكنْ قيدٌ ولا إجبار

لكنْ مُروءة تاجر صان الوفا

وتعاقبَتْ بعد الوفا الأضرار

فالبيعُ تم ، وقِصتي مشهورة

منثورة ، وبها شدتْ أشعار

والدَّينُ سُدَّ ، فما عليَّ مَلامة

والأمرُ ذاع ، وكُشِّفتْ أسرار

والتاجر (الشامي) أرجعَ ثلْثه

مائة من الآلاف ليس تُعار

هو قد تنازلَ راضياً ومُبارِكاً

فليكرمِ المتفضلَ الجبار

واختار تُجاراً لينشرَ قِصتي

بين الكِرام ، وغلبَ الإيثار

فإذا (بُريدة) تحتفي بحكايتي

وإليَّ وحدي وُجهتْ أنظار

ومُنحتُ دُكانين دون دُرَيهم

وتجارتي ازدهرتْ وزال مَرار

وبضاعة مُنحتْ بنصف حقوقها

والخلقُ سَخرهم ليَ الستار

وزكاة أموالي ملايينٌ ثلا

ثة أخرجتْ ، فلتذهب الأعثارُ

ولينعم الفقراءُ بالخير الذي

جادتْ به نفسي ، فنِعم يَسار

 

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1973

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة