الديوان » العصر العباسي » أبو العلاء المعري » ترنم في نهارك مستعينا

عدد الابيات : 96

طباعة

تَرَنَّم في نَهارِكَ مُستَعيناً

بِذِكرِ اللَهِ في المُتَرَنِّماتِ

عَنَيتُ بِها القَوارِحَ وَهيَ غُرٌّ

وَلَسنَ بِخَيلِكَ المُتَقَدِّماتِ

يَبِتنَ بِكُلِّ مُظلِمَةٍ وَفَجٍّ

عَلى حَوضِ الرَدى مُتَجَهِّماتِ

إِذا السُبُحُ الجِيادُ أَرَحنَ وَقتاً

حَمَلنَكَ مُسرَجاتٍ مُلجَماتِ

وَهَينَم وَالظَلامُ عَلَيكَ داجٍ

لَدى وُرقٍ سُمِعنَ مُهَينَماتِ

وَلا تُرجِع بِإيماءِ سَلاماً

عَلى بيضٍ أَشَرنَ مُسَلِّماتِ

أُلاتُ الظَلمِ جِئنَ بِشَرِّ ظُلمٍ

وَقَد واجَهنَنا مُتَظَلِّماتِ

فَوارِسُ فِتنَةٍ أَعلامُ غَيٍّ

لَقينَكَ بِالأَساوِرِ مُعلِماتِ

وِسامٌ ما اِقتَنَعنَ بِحُسنِ أَصلٍ

فَجِئنَكَ بِالخِضابِ مُوَسَّماتِ

رَأَينَ الوَردَ في الوَجناتِ حَيماً

فَغادَينَ البَنانَ مُعَنِّماتِ

وَشَنَّفنَ المَسامِعَ قائِلاتٍ

وَكَلَّمنَ القُلوبَ مُكَلِّماتِ

أَزَمنَ لِجَهلِهِنَّ حَصىً بِدُرٍّ

غَرائِبُ لَم يَكُنَّ مُثَلَّماتِ

أَجازَينَ التُرابَ عَنِ البَرايا

بِأَكلِ شُخوصِها المُتَجَسِّماتِ

نُقِعنَ بِماءِ زَمزَمَ لا نَصارى

وَلا مُجُساً يَظَلنَ مُزَمزَماتِ

وَقَد يُصبِحنَ عَن بِرٍّ وَنُسكٍ

بِأَطيَبِ عَنبَرٍ مُتَنَسِّماتِ

كَأَنَّ خَواتِمَ الأَفواهِ فُضَّت

عَنِ الصُهبِ العِذابِ مُخَتَّماتِ

كُؤوسٌ مِن أَجَلِّ الراحِ قَدراً

وَلَكِن ما يَزَلنَ مُفَدَّماتِ

يَكادُ الشُربُ لا يَبليهِ عَصرٌ

إِذا باشَرنَهُ مُتَلَثِّماتِ

ثَنَتهُنَّ الجَماجِمُ عَن مُرادٍ

بِشيبٍ فَاِنثَنَينَ مُجَمجِماتِ

خُمورُ الريقِ لَسنَ بِكُلِّ حالٍ

عَلى طُلّابَهُنَّ مُحَرَّماتِ

وَلَكِنَّ الأَوانِسَ باعِثاتٌ

رِكابُكَ في مَهالِكَ مُقتِماتِ

صَحِبنَكَ فَاِستَفَدتَ بِهُنَّ وَلَداً

أَصابَكَ مِن أَذاتِكَ بِالسِماتِ

وَمَن رُزِقَ البَنينِ فَغَيرُ ناءٍ

بِذَلِكَ عَن نَوائِبَ مُسقِماتِ

فَمِن ثُكلٍ يَهابُ وَمِن عُقوقٍ

وَأَرزاءٍ يَجِئنَ مُصَمِّماتِ

وَإِن نُعطَ الإِناثَ فَأَيُّ بُؤسٍ

تَبَيَّنَ في وجوهِ مُقَسَّماتِ

يُرِدنَ بُعولَةً وَيُرِدنَ حَلياً

وَيَلقَينَ الخُطوبَ مُلَوَّماتِ

وَلَسنَ بِدافِعاتٍ يَومَ حَربٍ

وَلا في غارَةٍ مُتَغَشِّماتِ

وَدَفنٌ وَالحَوادِثُ فاجِعاتٌ

لِإِحداهُنَّ إِحدى المَكرُماتِ

وَقَد يَفقِدنَ أَزواجاً كِراماً

فَيا لِلنِسوَةِ المُتَأَيِّماتِ

يَلِدنَ أَعادِياً وَيَكُنَّ عاراً

إِذا أَمسَينَ في المُتَهَضَّماتِ

يَرُعنَكَ إِن خَدَمَن بِغَيرِ فَنٍّ

إِذا رُحنَ العَشيَّ مُخَدَّماتِ

وَأَمّا الخَمرُ فَهِيَ تُزيلُ عَقلاً

فَتَحتَ بِهِ مَغالِقَ مُبهَماتِ

وَلَو ناجَتكَ أَقداحُ النَدامى

عَدَت عَن حَملِها مُتَنَدِّماتِ

تَذيعُ السِرَّ مِن حُرٍّ وَعَبدٍ

وَتُعرَبُ عَن كَنائِزَ مُعجَماتِ

وَيَنفُضُ إِلفُها الراحاتِ حَتّى

تَعودَ مِنَ النَفائِسِ مُعدَماتِ

وَزَيَّنَت القَبيحَ فَباشَرَتهُ

نُفوسٌ كُنَّ عَنهُ مُخَزَّماتِ

وَيَشرَبُها فَيَقلِسُها غَويٌّ

لَقَد شامَ الخَفِيَّ مِنَ الشِماتِ

وَيَرفَعُ شَربُها لَغطاً بِجَهلٍ

كَأَسرابٍ وَرَدنَ مُسَدَّماتِ

لَعَلَّ الرُبدَ عُجنَ لَها بِرَبعٍ

فَإِضنَ مِنَ السِفاهِ مُصَلَّماتِ

أَو الغِربانَ مِلنَ لَها بِبَيضٍ

نَواصِعَ فَاِنثَنَينَ مُحَمَّماتِ

فَإِن هَلَكَت خُروسُكِ أُمَّ لَيلى

فَما أَنا مِن صِحابِكِ وَاللُمّاتِ

فَعَنكِ تَعودُ أَبنِيَةُ المَعالي

وَأَطلالُ النُهى مُتَهَدِّماتِ

وَقَد يُضحي صُحاتُكِ أَهلَ سَجنٍ

وَتَلقَينَ الكُؤوسَ مُحَطَّماتِ

وَلا تُخبِر شُؤونَكَ وَاِجعَلَنها

سَرائِرَ في الضَميرِ مُكَتَّماتِ

فَإِنَّ السِرَّ في الخَلِدَينِ مَيِتٌ

أَخو لَحدَينِ بَينَ مُقَسَّماتِ

وَما الجاراتُ إِلّا جارِياتٌ

بِعَيبِكَ إِن وجِدنَ مُهَيَّماتِ

فَلا تَسأَل أَهِندٌ أَم لَميسٌ

ثَوَت في النِسوَةِ المُتَخَيِّماتِ

وَلا تَرمُق بِعَينِكَ رائِحاتٍ

إِلى حَمّامِهِنَّ مُكَمَّماتِ

فَكَم حَلَّت عُقودُ النَظمِ وَهناً

عُقوداً لِلرَشادِ مُنَظَّماتِ

وَكَم جَنَت المَعاصِمُ مِن مَعاصٍ

تَعودُ بِها المَعاضِدُ مُعصِماتِ

وَمَن عاشَرتَ مِن إِنسٍ فَحاذِر

غَوائِلَ مُرَّدٍ مُتَهَكِّماتِ

مَتّى يَطمَعنَ فيكَ يُرَينَ تيهاً

لِأَطيَبَ مَطعَمٍ مُتَأَجِّماتِ

وَيَرفَعنَ المَقالَ عَلَيكَ جَهلاً

وَيَنفِدنَ الذَخائِرَ مُغرِماتِ

تَوَهَّمنَ الظُنونَ فَكُنَّ ناراً

لِما أُشعِرنَهُ مُتَوَهِّماتِ

إِذا زُيَّنَّ في أَيّامِ حَفلٍ

بَدَت خَيلُ المَريدِ مُسَوَّماتِ

فَغِر زُهرَ الحِجالِ وَلا تُغِرها

فَتَسمَح بِالدُموعِ مُسَجَّماتِ

وَلَيسَ عُكوفُهُنَّ عَلى المُصَلّى

أَماناً مِن غِوارٍ مُجرَماتِ

وَلا تَحمَد حِسانَكَ إِن تَوافَت

بِأَيدٍ لِلسُطورِ مُقَوِّماتِ

فَحَملُ مَغازِلِ النِسوانِ أَولى

بِهُنَّ مِنَ اليَراعِ مُقَلَّماتِ

سِهامٌ إِن عَرِفنَ كِتابَ لِسنٍ

رَجَعنَ بِما يَسوءُ مُسَمَّماتِ

وَيَترُكنَ الرَشيدَ بِغَيرِ لُبٍّ

أَتَينَ لِهَديَه مُتَعَلِّماتِ

وَإِن جِئنَ المُنَجَّمَ سائِلاتٍ

فَلَسنَ عَنِ الضَلالِ بِمُنجَماتِ

لِيَأخِذنَ التَلاوَةَ عَن عَجوزٍ

مِنَ اللائي فَغَرنَ مُهَتَّماتِ

يُسَبِّحنَ المَليكَ بِكُلِّ جُنحٍ

وَيَركَعنَ الضُحى مُتَأَثِّمَتِ

فَما عَيبٌ عَلى الفَتَياتِ لَحنٌ

إِذا قُلنَ المَرادَ مُتَرجِماتِ

وَلا يُدنَينَ مِن رَجُلٍ ضَريرٍ

يُلَقِّنُهُنَّ آياً مُحكَماتِ

سِوى مَن كانَ مُرتَعِشاً يَداهُ

وَلِمَّتهُ مِنَ المُتَثَغِّماتِ

وَإِن طاوَعنَ أَمرَكَ فَإِنَّهُ غِيداً

يُزِرنَ عَرائِساً مُتَيِمِّماتِ

أَخَذنَ كَريشِ طاوُوسٍ لِباساً

وَمِسكاً بِالضُحى مُتَلَغِّماتِ

وَأَبعِدهُنَّ مِن رَبّاتِ مَكرٍ

سَواحِرَ يَغتَدينَ مُعَزِّماتِ

يَقُلنَ نُهَيَّجُ الغُيّابَ حَتّى

يَجيؤوا بِالرُكابِ مُزَمَّماتِ

وَنَعطِف هاجِرَ الخِلّانِ كَيما

يَزولُ عَنِ السَجايا المُسئِماتِ

زَعَمنَ بِأَنَّ في مَغنى فَقيرٍ

عَلَينا بِالجَوالِبِ مُوَذَّماتِ

زَعَمنَ بِأَنَّ في مَغنى فَقيرٍ

كُنوزاً لِلمُلوكِ مُصَتَّماتِ

فَلا يَدخُلنَ دارَكَ بِاِختِيارٍ

فَقَدَ أَلفَيتُهُنَّ مُذَمَّماتِ

وَإِن خالَسنَ غِرَّتَكَ اِرتِقاباً

فَحَقٌّ أَن يَرُحنَ مُشَتَّماتِ

وَساوِ لَدَيكَ أَترابَ النَصارى

وَعيناً مِن يَهودَ وَمُسلِماتِ

وَمَن جاوَرتَ مِن حُنُفٍ وَسِربٍ

صَوابيءَ فَليَبِنَّ مُكَرَّماتِ

فَإِنَّ الناسَ كُلَّهُم سَواءٌ

وَإِن ذَكَت الحُروبُ مُضَرَّماتِ

وَلا يَتَأَهَّلَن شَيخٌ مُقِلٌّ

بِمُعصُرَةٍ مِنَ المُتَنَعِّماتِ

فَإِنَّ الفَقرَ عَيبٌ إِن أُضيفَت

إِلَيهِ السَنَّ جاءَ بِمُعَظَّماتِ

وَلَكِن عِرسُ ذَلِكَ بِنتُ دَهرٍ

تَجَنَّبَت الوُجوهَ مُحَمَّماتِ

مِنَ اللائي إِذا لَم يُجدِ عامٌ

تَفَوَّقنَ الحَوادِثَ مُعدِماتِ

مِنَ الشُمطِ اِعتَزَلنَ بِكُلِّ عودٍ

وَأَفنَينَ السِنينَ مُجَرَّماتِ

وَيَغتَفِرُ الغِنى وَخَطّاً بِرَأسٍ

إِذا كانَت قِواكَ مُسَلَّماتِ

وَواحِدَةٌ كَفَتكَ فَلا تُجاوِز

إِلى أُخرى تَجيءُ بِمُؤلِماتِ

وَإِن أَرغَمتَ صاحِبَةً بِضَرٍّ

فَأَجدِر أَن تَروعَ بِمُعرِماتِ

زُجاجٌ إِن رَفِقتَ بِهِ وَإِلّا

رَأَيتَ ضُروبَه مُتَقَصِّماتِ

وَصِن في الشَرخِ نَفسَكَ عَن غَوانٍ

يَزُرنَ مَعَ الكَواكِبِ مُعتِماتِ

فَقَد يَسري الغَوِيُّ إِلى مَخازٍ

بِجِنحٍ في سَحائِبَ مُنجَماتِ

وَما حَفِظَ الخَريدَةَ مِثلُ بَعلٍ

تَكونُ بِهِ مِن المُتَحَرِماتِ

يَحوطُ ذِمارَها مِن كُلِّ خَطبٍ

وَيَمنَعُها مَصاعِبَ مُقرَماتِ

إِذا الغارانِ غِرتَهُما بِحِلٍّ

فَدينُكَ بِالتَوَرُّعِ وَالصُماتِ

فَهاذا قَولُ مُختَبِرٍ شَفيقٍ

وَنُصحٌ لِلحَياةِ وَلِلَمَماتِ

طَبائِعُ أَربَعٌ جُشَّمنَ أَمراً

فَإِضنَ لِحَملِهِ مُتَجَشِّماتِ

وَأَرواحٌ سَوالِكُ في جُسومٍ

يُهَنَّ بِأَن يُرَينَ مُجَسَّماتِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو العلاء المعري

avatar

أبو العلاء المعري حساب موثق

العصر العباسي

poet-almaarri@

1612

قصيدة

17

الاقتباسات

2324

متابعين

أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري. شاعر وفيلسوف. ولد ومات في معرة النعمان. كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمى في السنة الرابعة من عمره. وقال الشعر وهو ابن ...

المزيد عن أبو العلاء المعري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة