الديوان » العصر المملوكي » ابن الأبار البلنسي » نادتك أندلس فلب نداءها

عدد الابيات : 90

طباعة

نَادَتْكَ أنْدَلُسٌ فَلَبِّ نِداءَها

واجْعل طَواغيتَ الصّليبِ فِداءَها

صَرَختْ بِدَعوَتك العليّة فاحْبُها

من عاطِفاتك ما يقي حوْباءها

واشدُدْ بِجلبك جُرْد خَيلك أزْرَها

تَرْدُدْ على أعْقَابِها أرْزَاءها

هيَ دَارُك القُصوى أوَتْ لإِيالَةٍ

ضَمِنْتَ لها معَ نصْرِها إيواءَها

وبَها عَبيدُك لا بَقاءَ لَهُم سوى

سُبُل الضّراعة يَسْلُكون سَواءَها

خَلَعَتْ قُلُوبُهُمُ هُناك عزَاءَها

لمّا رأتْ أبْصارُهُم مَا ساءها

دُفِعوا لأبكارِ الخُطوب وعُونها

فَهُمُ الغَداةَ يُصابِرونَ عَنَاءَها

وَتَنَكّرَتْ لَهُم اللَّيالي فَاقْتَضَتْ

سَرَّاءَها وَقَضَتْهُمُ ضَرّاءَها

تِلك الجَزيرَةُ لا بقاء لها إذا

لَمْ يَضْمن الفَتْحُ القريب بَقاءَها

رِشْ أيها المولى الرّحيمُ جناحَها

واعْقِدْ بِأرْشية النّجاة رِشاءَها

أَشفى على طرفِ الحياةِ ذَماؤُها

فاستبْق للدّين الحَنيف ذماءَها

حاشَاكَ أنْ تَفْنى حُشاشتُها وَقدْ

قَصَرتْ عليك نداءها ورَجَاءَها

طَافَتْ بِطَائفَة الهُدى آمالُهَا

تَرْجو بِيَحيى المُرْتَضى إحْياءَها

واسْتَشرفَتْ أمْصَارُها لإمَارة

عَقَدت لنَصر المُسْتضام لوَاءَها

يا حَسْرَتِي لِعقائِلٍ مَعْقولَةٍ

سَئم الهُدى نحْو الضّلالِ هِداءها

إيهٍ بَلَنْسيَةٌ وفي ذكراكِ ما

يمري الشؤون دماءَها لا ماءَها

كيف السّبيلُ إلى احتِلال معاهدٍ

شبّ الأعاجِم دُونها هيْجاءها

وإلى رُبىً وأباطِحٍ لَمْ تَعْرَ مِنْ

خلَعِ الرّبيع مصيفَها وشِتاءَها

طابَ المُعرّسُ وَالمَقيلُ خِلالَها

وَتطلّعَتْ غُرَر المُنى أثْناءها

بِأبي مدارسُ كالطلول دَوارسٌ

نَسختْ نواقيسُ الصّليب نِداءَها

ومصانعٌ كسَف الضّلالُ صَباحها

فيخالُه الرّائي إليْه مَسَاءَها

رَاحَتْ بها الوَرْقاءُ تُسمعُ شدوَها

وغَدت تُرجِّعُ نَوْحَها وبكاءَها

عَجَباً لأهْل النار حلّوا جَنّةً

مِنْهَا تمُدُّ عَلَيْهِم أفْيَاءَها

أمْلتْ لهُم فتعجّلوا ما أمّلوا

أيّامُهُم لا سُوِّغوا إملاءها

بُعْداً لِنَفْس أبْصَرَتْ إسْلامَهَا

فَتَوكَّفَتْ عنْ جزّها أسْلاءَها

أمّا العُلوجُ فَقَد أحالُوا حالها

فَمَن المُطيقُ علاجَها وشِفَاءها

أهْوى إليْها بالمكاره جارح

لِلكُفْر كَرّه ماءَها وهواءَها

وكفى أسى أن الفواجعَ جمّة

فَمَتى يُقاوم أسْوُها أسْوَاءها

هَيهات في نَظَر الإمارَة كفُّ ما

تخْشاه ليْت الشُّكرَ كان كِفاءها

مَولاي هَاك معادةً أنْباءَها

لِتُنيلَ منْك سعادةً أبْناءَها

جَرِّدْ ظُباك لمحو آثار العدى

تَقْتلْ ضَراغِمَها وتَسْبِ ظِباءَها

واسْتدْع طائِفَة الإمام لِغَزْوها

تَسْبِق إلى أمثالِها استدْعاءَها

لا غَرْو أن يُعْزى الظهور لملة

لَمْ يَبْرحُوا دُون الوَرى ظُهَراءها

إنّ الأعاجِم للأعاربِ نُهْبَة

مَهْما أمَرْتَ بِغَزْوها أحْياءهَا

تالله لو دَبّت لها دَبّابُها

لَطَوَتْ عَلَيها أرْضَها وَسَمَاءَها

وَلو اسْتَقَلَّت عَوْفُها لقتالها

لاسْتَقبلت بالمُقرَبات عَفَاءَها

أرْسِل جَوارِحَها تَجئك بصيدها

صَيْداً وناد لِطَحْنِها أرْحَاءَها

هُبُّوا لها يا مَعْشَرَ التَّوحِيدِ قَدْ

آن الهُبوبُ وأحْرِزوا عَلْياءها

إنّ الحَفائِظَ من خلالِكُمُ التي

لا يَرْهَبُ الداعي بِهِنّ خَلاءها

هي نُكتةُ الدّنيا فحيهلاً بها

تَجدوا سناها في غدو سناءها

أوْلوا الجَزيرَةَ نُصْرَةً إن العدى

تَبْغِي على أقطارها اسْتيلاءَها

نُقِصَتْ بِأهل الشّرك من أطرافها

فَاستحْفِظوا بالمُؤْمنين بقاءَها

حاشاكُم أنْ تُظْهروا إلْقاءَها

في أزْمةٍ أو تُضْمروا إقْصاءَها

خُوضوا إليها بحْرها يُصبح لكمْ

رَهواً وجوبوا نحوَها بيداءها

وافى الصَّريخ مُثوّبا يدعو لها

من يصْطفي قصد الثّواب ثواءها

دَارُ الجِهاد فلا تَفُتْكمُ سَاحَةً

ساوَتْ بها أحياؤُها شُهَدَاءها

هَذي رسائِلُها تُناجي بِالتي

وَقَفَتْ عَلَيْهَا رَيْثَها ونجَاءَها

ولَرُبّمَا أنْهَت سَوالِبَ للنهى

منْ كائِنات حُمّلت إنْهاءها

وفَدَت على الدّار العَزيزة تَجْتَني

آلاءَهَا أوْ تَجْتَلِي آرَاءَها

مُسْتَسْقِياتٍ مِنْ غُيوث غياثها

ما وَقْعُه يَتَقَدّمُ اسْتسقَاءَها

قَدْ أمّنَتْ في سُبْلها أهْوَالَها

إذْ سَوَّغَت في ظِلِّها أهْواءها

وبِحَسْبِهَا أنّ الأمير المُرْتَضَى

مُتَرَقِّبٌ بِفُتوحها أنْبَاءها

في الله ما يَنويه من إدراكها

بكلاءةٍ يفدي أبي كلاءها

بُشْرى لأَنْدلُسٍ تُحبُّ لقَاءه

ويُحِبّ في ذات الإلَه لِقاءَهَا

صَدَقَ الرُّواةُ المُخْبِرونَ بأنّه

يَشْفِي ضَنَاهَا أوْ يُعيدُ رُوَاءها

إنْ دَوَّخَ العُرْب الصّعابَ مَقَادَةً

وأبى عليها أن تُطيع إبَاءها

فكأن بِفيْلقه العرمْرَم فالقاً

هَامَ الأعاجم نَاسِفاً أرْجَاءَها

أنْذرْهُمُ بِالبَطْشَة الكُبْرى فقدْ

نذَرت صَوارمُه الرّقاقُ دِماءَها

لا يَعدَم الزّمنُ انتصارَ مؤيَّدٍ

تَتَسوَّغُ الدُّنيا بِه سَرّاءَها

ملِكٌ أمَدَّ النَيّرات بِنُوره

وأفادَها لألاؤُه لألاءَها

خَضَعَتْ جَبَابِرَة المُلوكِ لِعزه

ونَضَتْ بِكَفّ صغارِها خُيَلاءَها

أبقى أبُو حَفْصٍ إمَارَتَه له

فَسَمَا إلَيها حامِلاً أعْبَاءهَا

سَلْ دَعْوَةَ المَهْديّ عن آثاره

تُنْبِئْك أنّ ظُباه قُمْنَ إزَاءَها

فَغَزا عِداها واسْتَرَقَّ رقَابَها

وحمَى حِمَاها واستَرَدّ بهَاءَها

قبضت يداه على البسيطة قَبْضَةً

قادَتْ له في قدّه أمراءَهَا

فعلى المَشارق والمغارب ميسَمٌ

لِهُداه شَرّفَ وَسْمُه أسْماءَها

تَطْمو بِتُونِسها بِحارُ جُيوشه

فيزورُ زاخر موْجها زَوْرَاءها

وَسع الزمانَ فضاقَ عنْه جَلالةً

والأرضِ طُرّا ضَنكها وفَضَاءَها

ما أزْمَع الإيغال في أكْنَافِها

إلاّ تصَيّد عَزْمُهُ زُعَمَاءَها

دانَتْ له الدُّنيا وشُمُّ مُلوكِها

فاحْتَلَّ منْ رُتَب العُلى شمّاءها

رَدّتْ سَعَادَتُه على أدْراجِها

غِيَل الزّمان ونَهْنهت غُلَواءها

إن يغْتِم الدُّوَلَ العَزيزَة بأسُه

فَلأنْ يُوالي جُودُه إعطاءَها

تَقَعُ الجَلائلُ وهْو راسٍ راسخٌ

فيها يُوقّعُ للسعودِ جلاءَها

كالطَّوْد في عَصْف الرياح وقَصْفها

لا رَهْوَها يَخْشى ولا هْوجاءها

سامي الذّوائب في أعزّ ذُؤَابَةٍ

أعْلت على خِيَمِ النجوم بنَاءها

بَرَكَتْ بكُلّ مَحَلّةٍ بركاتُه

شَفْعاً يُبَادرُ بذلُها شُفعاءها

كالغَيْث صَبّ على البَسيطة صَوْبَه

فَسَقى عَمائِرَها وجَاد قَواءَها

يَنْميه عَبْد الواحِد الأرْضى إلى

عُلْيا تَجَنّح بَأسها وَسَخَاءَها

في نَبْعَةٍ كَرُمتْ وطابَتْ مَغْرِساً

وسَمَتْ وطالتْ نضْرَةً نُظراءها

ظهرت بِمحتدها السّماء وجاوَزَتْ

بِسُرادقاتِ فخارها جوْزاءها

فئةٌ كرامٌ لا تكُفّ عن الوغى

حتّى تُصرِّعَ حوْلها أكفاءها

وتَكُبُّ في نار القِرى فوْقَ الذُّرى

من عِزّةٍ لُوّاتِها وكُبَاءَها

قد خلقوا الأيَّامَ طيبَ خَلائِق

فَثَنَتْ إلَيهمْ حَمْدها وثَنَاءَها

يُنْضُونَ في طَلَب النّفائِس أنْفُساً

حَبَسوا على إحرَازِها أنْضَاءَها

وَإذا انْتَضَوْا يَوْمَ الكَريهَة بيضَهُمْ

أبْصَرْت فيهم قَطْعها وَمَضاءَها

لا عُذْر عند المكرُماتِ لهم متى

لم تَسْتَبن لعُفاتِهم عذْرَاءها

قَوْمُ الأمير فمنْ يقُومُ بِما لهم

من صالِحاتٍ أفحَمتْ شُعَرَاءَها

صَفْحاً جَمِيلاً أَيُّها المَلك الرّضي

عنْ مُحكماتٍ لم نُطق إحْصَاءها

تَقِفُ القوافي دُونَهنّ حَسيرةً

لا عِيّها تُخْفي ولا إعْيَاءها

فلعل عَلْيَاكمْ تُسامح راجياً

إصْغاءها ومُؤمّلاً إغضاءَها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الأبار البلنسي

avatar

ابن الأبار البلنسي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-alabar@

253

قصيدة

1

الاقتباسات

45

متابعين

محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي أبو عبد الله. من أعيان المؤرخين أديب من أهل بلنسية بالأندلس ومولده بها، رحل عنها لما احتلها الإفرنج، واستقر بتونس. فقربه ...

المزيد عن ابن الأبار البلنسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة