الديوان » العصر العباسي » ابن دراج القسطلي » الشمس شاهدة وإن تك واحده

عدد الابيات : 49

طباعة

الشمسُ شاهِدَةٌ وإِنْ تَكُ وَاحِدَهُ

فشهادَةُ الإِقْرارِ أَعدلُ شاهِدَهْ

عَرَفَتْكَ فاعترفَتْ بأَنَّكَ واحِدٌ

فينا كَمَا هِيَ في الكواكِبِ واحِدَهْ

فَغَدَوْتُمَا صِنْوَيْنِ إِنْ يُبْعِدْهُما

نأْيُ الدِّيارِ فما الصِّفَاتُ مُبَاعِدَهْ

متناسِبَيْنِ إِلَى أُخُوَّةِ فِطْرَةٍ

لَيْسَتْ لَهَا فِطَرُ العقولِ بجاحِدَهْ

متقاسِمَيْ خُطَطِ العُلا لا حاسِداً

فَضْلاً عَلَيْهِ لَهَا ولا هِيَ حاسِدَهْ

إِن راقَ حاجِبُها فَيَحْيى حاجِبٌ

وَرِثَ الحجابَةَ والرِّياسَةَ والِدَهْ

أَوْ تَجْلُ راكِدَةَ الدُّجى فلكَمْ جَلا

يَحْيَى بِهَا ظُلَمَ الخطوبِ الرَّاكِدَهْ

أَوْ تَمْحُ نورَ النَّيِّراتِ فكم عفا

نُورَ الضَّلالِ رُسُومَهُ ومَعاهِدَهْ

أَوْ تَهْوِ في فَلَكِ البروجِ فكمْ هَوى

بالسَّيْفِ يضربُ قِرْنَهُ ومُعانِدَهْ

أَوْ تَشْفِ فِي كَبِدِ السَّماءِ فكم شفى

كَبِداً لأَوجالِ الهمومِ مُكابِدَهْ

ولَربما احْتَجَبَتْ لَنَا شمسُ الضُّحى

فِي دَجْنِ بارِقَةِ السَّحابِ الرَّاعِدهْ

فَسَحابُكَ الرَّهَجُ المثارُ من الوغى

وبروقُكَ الهنديَّةُ المتجالِدَهْ

وإِذَا تناهَتْ فِي عُلُوِّ بروجِها

بالسَّعْدِ بادِئَةً إِلَيْكَ وعائِدَهْ

فلَكَ العوالي يَا مُظَفَّرُ أَسعُدٌ

ولكَ المراتِبُ فِي العُلُوِّ الصَّاعِدَهْ

والشمس زائِلَةٌ وعهدُكَ ثابتٌ

وتغيبُ عنكَ ومأَثُرَاتُكَ شاهِدَهْ

تتَناسَخُ الأَزْمانُ من آياتِها

سُوَراً تخلِّدُها القرونُ الخالدَهْ

وورِثْتَ عنها يَا مُظَفَّرُ دَوْلَةً

دانَتْ لِعِزَّتِها الملوكُ العانِدَهْ

مُلْكاً رفعْتَ عَلَى القَنا شُرُفاتِهِ

وجعَلْتَ حِلْمَكَ أُسَّهُ وقواعِدَهْ

فَمَلأْتَ أَحناءَ الصُّدورِ محبَّةً

وسَلَلْتَ أَحقادَ القلوبِ الحاقِدَهْ

ووفَيْتَ للدُّنيا بعهدِ مكارِمٍ

سَقَتِ البلادَ عِهادُها المتعاهِدَهْ

شِيَماً عَمِدْتَ بِهَا عُلاكَ فَأَصْبَحَتْ

عَمَداً لَهَا فَوْقَ الخلائِقِ عامِدَهْ

وتركْتَها فِي كُلِّ أُفْقٍ نازِحٍ

موجودَةً ولكُلِّ حَمْدٍ واجِدَهْ

فبِها وسِعْتَ الأَمْنَ أُمَّةَ فِتْنَةٍ

نَعِمَتْ بعَطْفِكَ فِي الظِّلالِ البارِدَهْ

وبها أَنَمْتَ جفونَ عينٍ ساهِدَهْ

وبها ذَعَرْتَ جفونَ عَيْنٍ هاجِدَهْ

وبها أَهَلَّ إِلَيْكَ أملاكُ العِدى

تدعوكَ من أَقطارِها المُتباعِدَهْ

من عائِذٍ بِكَ منكَ باتَ يَؤُزُّهُ

رَوْعٌ تذوبُ لَهُ الصَّخُورُ الجامِدَهْ

أَوْ نازِعٍ فزِعٍ إِلَيْكَ حياتهُ

من حَيَّةٍ فِي قَلْبِهِ لكَ راصِدَهْ

أَو غُرَّةٍ جُعِلَتْ لِسَيْفِكَ غرَّةً

إِن لَمْ تَخِرَّ إِلَى جَبينِكَ ساجدَهْ

ولِمِثْلِها قادَ ابنُ شَنْجٍ نَفَسَهُ

وجُنودَهُ فِي طاعَةٍ لَكَ قائِدَهْ

يرتادُ روضاً من رِضاكَ وَلَمْ يَجِدْ

إِلّا هداياهُ إِليها رائدَهْ

فَغَدا يُكايِدُ عن كَرَائِمِ ذُخْرِهِ

نفساً لَهُ عن بَذْلِهِنَّ مُكايِدَهْ

حَتَّى اصطفى لَكَ من صَوَافِنِ خَيْلِهِ

عِلْقاً لَهُ لَمْ يَدَّخِرْكَ فوائِدَهْ

خيلاً تُصادُ بِهَا الظِّباءُ وفَوْقَها

فرسانُها أَشْباهُ مَا هِيَ صائدَهْ

حَتَّى إِذَا أَدْناهُ إِذْنُكَ أَقبلَتْ

تهفُو بِهِ أَنفاسُهُ المُتَصَاعِدَهْ

سَمْحاً بأَنْ أَعطى يَدَيْكَ قيادَهُ

لَهِجاً بأَنْ أَلقى إِلَيْكَ مقالِدَهْ

وَرَأَى فرائِصَهُ لِسيفِكَ فُرْصَةً

وفؤادَهُ لسنانِ رُمْحِكَ فائِدَهْ

فَدَنا بِهِ زَمَعُ الرَّجاءِ كَأَنَّما

أَحشاؤهُ عَزَماتُهُ المُتفاقِدَهْ

لا ثَغْرَ دُونَكَ غَيْرَ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ

إِلّا رجاءَ عوائِدٍ لَكَ عائِدَهْ

ولقد لَبِسْتَ إِلَيْهِ من حُللِ الهُدى

نوراً ثَنى نارَ الضَّلالَةِ خامِدَهْ

ومَلأْتَ عينَيْهِ بما مَلأَ المَلا

أُسْداً لأَقرانِ الحُتوفِ مُساوِدَهْ

رَمَقُوا صفوفَ جنودِهِ من فَرْسَخٍ

فأَرَتْكَ إِجفالَ النَّعامِ الشَّارِدَهْ

حَتَّى بَسَطْتَ لخاضِعٍ ومُقَبِّلٍ

كفّاً لسيفِ البأْسِ عنهُمْ غامِدَهْ

فَدَنَوْا يَرَوْنَ الأرضَ مائِدَةً بِهِمْ

ذُعْراً وَوَشْكاً مَا رأَوْها مائِدَهْ

خِصْباً لَهُمْ بالنُّزْلِ أُرغِدَ أُكْلُها

للمعتَفِينَ وللجنودِ الوافِدَهْ

وموارِدٌ حَطَّ ابْنُ شَنْجَ رِحالَهُ

ورجالَهُ فِيهَا مَحَطَّ الوارِدَهْ

صُنْعاً لمن أَحْيا بدولَتِكَ الورى

فَسَقى بيُمْنِكَ كُلَّ أرضٍ هامِدَهْ

فاسْلَمْ ولا زالَتْ قُصورُكَ للمُنى

مقصودَةً وسِهامُ عزمِكَ قاصِدَهْ

تُصْمِي بِسَعْيِكَ كُلَّ أَنْفٍ شامِخٍ

قَهْراً وتَفْقَأُ كُلَّ عينٍ حاسِدَهْ

واسْلَمْ وَلا نَقَصَتْ لِدَهْرِكَ ساعَةٌ

إِلّا وكانت فِي بقائِكَ زَائِدَهْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن دراج القسطلي

avatar

ابن دراج القسطلي حساب موثق

العصر العباسي

poet-ibn-darray-alqastalli@

171

قصيدة

1

الاقتباسات

133

متابعين

أحمد بن محمد بن العاصي بن دَرَّاج القَسْطلي الأندلسي، أبو عمر. شاعر كاتب من أهل "قَسْطَلَّة دَرّاج" المسماة اليوم "Cacella" قرية في غرب الأندلس منسوبة إلى جده. كان شاعر المنصور ...

المزيد عن ابن دراج القسطلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة