الديوان » لبنان » إلياس أبو شبكة » تذكرني وحقك ما نسيت

عدد الابيات : 38

طباعة

تُذَكِّرُني وَحَقِّكَ ما نَسيتُ

وَهَل أَنسى شُجونَكَ ما حَييتُ

أُحِسُّكَ في الحَرارَةِ مِن حَنيني

كَأَنَّكَ في غَليلِ دَمي تَبيتُ

وَأَسمَعُ مِنكَ ما أَسمَعتَ قَلبي

وَقَد غَدَرَ الحَبيبُ المُستَميتُ

يُغَرِّقُ مِن عُيونكَ في عُيوني

هَوً ساهٍ وَوِجدانٌ شَتيتُ

تَقولُ أَرى عَلى وَقبَيكَ خَمراً

إِذا وُصِفَت تَنَكَّرَتِ النعوتُ

أَخافُ عَلَيكَ مِن دَمِها فَإِنّي

بَذَلتُ لَها الحَياةَ وَما رَويتُ

هَواكَ هَوايَ قَلبُكَ مِثلُ قَلبي

كَما تَهوى عَلى مَضمَضٍ هَويتُ

سَلَكنا مُعضِلَ الدُنيا وَلكِن

شُفيتَ مِنَ الشَقاءِ وَما شُفيتُ

تُرابُ القَبرِ أَسلَمُ مِن فِراشٍ

عَلى جَنبَيهِ ثُعبانٌ وَحوتُ

رَأَيتُكَ تَملَأُ الدُنيا ضِياءً

وَفي عَينَيكَ تَحتَرِقُ الزُيوتُ

وَتَفنى في المَحَبَّةِ وَهيَ بِكرٌ

وَيَسمَنُ حَولَكَ البُغضُ المَقيتُ

وقَلبُ الحُرِّ آفَتُهُ هَواهُ

وَآفَةُ وَحيِهِ الأَدَبُ النَحيتُ

فَفيهِ يُحَقَّرُ الخَزُّ المُوَشّى

وَيُكرَمُ في سِواهُ العَنكَبوتُ

تَكَلَّم يا فِليكسُ فَنَحنُ صَرعى

وَفي أَعماقِنا حُلُمٌ يَموتُ

وَعَلِّم كَيفَ تُكتَسَبُ المَراقي

وَكَيفَ تُشادُ لِلأُمَمِ البُيوتُ

وَكَيفَ صَواعِقُ الأَفكارِ تَهوي

وَكَيفَ يُجَلجِلُ الشَعبُ الصَموتُ

أُفَتِّشُ في سُكوتِكَ عَن بَياني

فَيُخرِسُهُ بِرَوعَتِهِ السُكوتُ

وَأَبحَثُ عَن شُعاعِكَ في سِراجي

وَلي مِن زَيتِكَ العُلوِيِّ قوتُ

سَمِعتُ المِنبَرَ المَحزونَ يَشكو

فَتَتَّضِعُ الأَرائِكُ وَالتُخوتُ

يَقولُ رُزِقتُهُ أَشهى طَعامي

وَلَمّا اِشتَدَّ ساعِدُهُ قَويتُ

أَبَرُّ الوُلدِ بِالآباءِ خُلقاً

وَأَقرَبُهُم إِلَيَّ إِذا زُهيتُ

عَلى عُريي نَما أَمَلاً وَلَمّا

أَظَلَّتني ذِراعاهُ كُسيتُ

يَلُفُّ وَتينُهُ خَشَبي فَيَحيا

وَيَنبُضُ لي بِهِ شَرَفٌ وَصيتُ

وَكُنتُ أَوَدُّ لَو ذَوّيتَ نَوطاً

لَهُ وَإِلى سَريرَتِهِ رَقيتُ

وَنَوطُ البَعضِ تُحرَمُهُ الأَعالي

وَيُمنَحَهُ الزِبانِيَةُ التَحوتُ

سَمِعتُ عَروسَ شِعرِكَ في خَيالي

تَقولُ عَشِقتُهُ حَتّى اِشتَهَيتُ

فَفي عَينَيهِ ذَوبُ السِحرِ يُرغي

وَفي أَهدابِهِ المِسكُ الفَتيتُ

بَذَلتُ لَهُ الخَطايا مِن عُروقي

وَحينَ لَمَستُ مِرشَفَهُ نَقيتُ

وَأَطلَقتُ الرَوِيَّ لَهُ جَواري

قيانٌ في مَزاهِرِها رَبيتُ

سَمِعتُ بِلادَكَ الثَكلى تُنادي

ليَ الغِطريفُ وَالرجُلُ الثَبيتُ

ليَ الأَنوارُ في عَنَتِ اللَيالي

إِذا ما راغَتِ الدُنيا العَنوتُ

ليَ الفُصحى عَلى أَدَبٍ بَليغٍ

وَمِن أَليانِ ثَديَيها سُقيتُ

وَلَيسَ ليَ الضَواري في خُدوري

تَسَرَّتني وَكَالسِلَعِ اِقتُنيتُ

يُقَعقِعُ في مَشافِرِها سَميجٌ

وَأَدرَدُ أَشنَعُ الدَعوى هَريتُ

عَذيري مِن مَماليكٍ مَوالٍ

لَهُم خُطَطٌ وَلَيسَ لَهُم سُموتُ

سَمِعتُ القَبرَ يَنفُثُ مِن دُجاهُ

حَديثاً فيهِ أَشجاني الخُفوتُ

يَقولُ إِلَيَّ يَأتي كُلُّ حَيٍّ

وَيَبقى في تُرابي ما بَقيتُ

يُقيمُ اِثنانِ في دُنيا سُكوني

فَتىً يَفنى وَآخَرُ لا يَموتُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن إلياس أبو شبكة

avatar

إلياس أبو شبكة حساب موثق

لبنان

poet-elias-abu-shabaki@

193

قصيدة

1

الاقتباسات

100

متابعين

إلياس أبو شبكة. مترجم يحسن الفرنسية، كثير النظم بالعربية. لبناني. اشترك في تحرير بعض الجرائد ببيروت. ونقل إلى العربية (تاريخ نابليون - ط) وقصصاً من مسرحيات (موليير) ونشر مجموعات من نظمه.

المزيد عن إلياس أبو شبكة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة