الديوان » مصر » أحمد محرم » الكتب تترى والكتائب تدلف

عدد الابيات : 64

طباعة

الكُتْبُ تَتْرَى والكتائبُ تَدلِفُ

والبأسُ بينهما يَثورُ ويعصِفُ

الله وكَّلَ بالملوكِ رَسولَه

فإذا العروشُ بهم تَميدُ وتَرجُفُ

أهِيَ القلوبُ تَلجُّ في خَفَقاتِها

أم تلكَ أجنحةٌ تَظلُّ تُرفرفُ

رُسُلُ النبيِّ بكلِّ أرضٍ جُوَّلٌ

تَرمِي بهم هِمَمٌ نواهِضُ قُذَّفُ

حَملوا القُلوبَ الصُّمَّ يَعصِمُهم بها

دِينٌ لهم صلْبٌ ورأيٌ مُحْصَفُ

تَرمِي الجَلامِدَ والحديدَ بِقوّةٍ

تمضِي فتصدعُ ما تشاءُ وتَقصِفُ

يَخشَى العَتِيُّ المُستَبِدُّ نَكالَها

ويَهابُها المُسْتكبِرُ المُتَغطرِفُ

سِرْ في ذِمامِ اللهِ دِحْيَةُ إنّها

لك حاجةٌ ما دونها مُتخَلَّفُ

أيْقِظْ هِرَقْلَ فقد تطاولَ نَومُهُ

وأبَتْ عَمايتُه فما تَتَكشَّفُ

أيْقِظهُ إنّ اللهَ ليس كَدِينهِ

دِينٌ وليس له شَريكٌ يُعرَفُ

أخَذَ الكتابَ ورَاحَ يسألُ كلّما

وَضح اليقينُ لهُ يُلِحُّ ويُلْحِفُ

ماذا أرادَ اللَّهُ ما شأنُ الذي

بَعثَ الكتابَ بأيِّ شَيءٍ يُوصَفُ

قُلْ يا أبا سُفيانَ لا تُطِعِ الهَوى

وَدَعِ المَلامَ لِمن يَجورُ ويَجْنِفُ

أبدى هِرقلُ لقومِهِ أنْ قد صَغا

مِنْهُ إلى الإسلامِ قلبٌ مُنصِفُ

غَضِبُوا فقال رُوَيْدَكُم ما بي سوى

أن أستبين وأين منا المصرف

بعث الكتاب فقالَ إنّي مُسلمٌ

لكنّهم قومي الأُلى أتَخوَّفُ

وَاخْتَارها مِمّا يُحِبُّ هَدِيَّةً

ألقى بها من مَكْرِهِ يَتزلَّفُ

قال النبيُّ رِسالةٌ من كاشحٍ

يُبدِي الرِّضى ومُنافقٍ يَتكلَّفُ

وهَديَّةٌ سَاءتْ وسَاءَ حَدِيثُها

فالزّورُ من أسمائِها والزُّخْرُفُ

كِسرَى لكَ الويلاتُ ماذا تَبتغِي

ماذا تظنُّ بِمَنْ تُغاثُ وتُسْعَفُ

مَزقَّتَ من كُتبِ النبيِّ تميمةً

فيها مَنابِعُ رَحمةٍ لا تَنْزَفُ

وذخيرةً يَجِدُ الذَّخائِرَ كُلَّها

بِيَدَيهِ حينَ يُصيبُها المتلقِّفُ

أطلبتَ من باذانَ رأسَ مُحمّدٍ

إن لم يَتُبْ بل أنتَ غاوٍ مُسرِفُ

سَتَرى اليقينَ على يَدِ ابنكِ فَانْتَبِهْ

لَكَ مَوْعِدٌ عمّا قليلٍ يَأزَفُ

صَدَقَ النبيُّ وذاقَ كِسرَى حتفَهُ

مِن شِيرويه فما له من يَعطِفُ

وَرأى الهُدى باذانُ بعد ضلالةٍ

فمضَى على البيضاءِ لا يتعسَّفُ

نَبَذَ الهَوى فَصَحا وأصبحَ مُسلِماً

ودَعا الأُلَى معه فلم يَتخلَّفوا

لا خابَ جَدُّ القومِ إنّ إلههم

جمعَ القلوبَ على الهدى فتألَّفوا

وأتى النجَاشيَّ الكتابُ فلم يكن

مِمّن يَصُدُّ عنِ الصَّوابِ ويَصدِفُ

شَرَفٌ أُتِيحَ له وعِزٌّ زانَهُ

إنّ التقيَّ هو الأعزُّ الأشرفُ

وأبى المُقْوقِسُ أن يُفارِقَ دِينَهُ

يَخْشَى الذي يَخْشَى الغَبِيُّ المُتْرَفُ

بَعثَ الهدايا يَتَّقي بحسانِها

ما يتّقِي ذُو البِغْضَةِ المتلطِّفُ

ضَنّ الخبيثُ بِمُلكِهِ وغَداً يرى

يد غَيْرِه في مُلْكِهِ تتصرَّفُ

هذا الذي قال النبيُّ وهكذا

صَنَعَ الذي يبنِي العُروشَ وينسِفُ

والمنذرُ اتَّخذَ السّبيلَ مُسدَّداً

قَبْلَ الكتابِ يُخِبُّ فيه ويُوجِفُ

سألَ النبيَّ فقالَ ما أنا فاعلٌ

بالقومِ إذ ضَلُّوا السّبيلَ وَزَيَّفُوا

فَقَضى إليهِ الأمرَ يأخذُهم بهِ

ويُقيمُه بالحقِّ لا يَتحرَّفُ

للمسلمينَ أمورُهم وله على

مَن ضلَّ جِزيةُ عادلٍ لا يُجحِفُ

وطحا بجيفرَ جَهلُهُ وعِنادُه

فأبَى على عمروٍ وأعرضَ يأنَفُ

ورآهُ يَهدِرُ بالوعيدِ فراعه

وأتى غَدٌ فَانْقَادَ لا يَتوقَّفُ

وَانْساقَ يَتبَعُه أخوهُ وإنّه

لَمُهَذَّبٌ سَمْحٌ الخِلالِ مُثقَّفُ

وأتى اليمامةَ بالكتابِ رَسُولُها

فكذاكَ يَهذِي الطّامِحُ المتعَجْرِفُ

طُغيانُ شاعرِها وجَهْلُ خطيبها

وغروُ صاحِبها المُبيدُ المُتلِفُ

طَلَب المحالَ من النبيِّ ولم يَزَلْ

ذُو الجهلِ يُولَعُ بالمحالِ ويُشْغَفُ

يَهْذِي ببعضِ الأمرِ يَقطعهُ له

والأمرُ ما قطع الحُسامُ المُرهَفُ

والحارثُ المأفونُ طاحَ بِلُبِّهِ

خَبَلٌ تُصابُ بِهِ العقولُ فَتَضْعُفُ

ألقى الكتابَ وقالَ مُلكي ليس لي

كُفْؤٌ فَيُنزَعُ من يَديَّ ويُخْطَفُ

انْظُرْ شُجاعُ الخيلَ والجُندَ الأُلَى

تَلْقَى العدوَّ بهم تَكُرُّ وتزحَفُ

وَاذْكُرْ لِصاحبكَ الحديثَ فَرُبَّما

كَفَّ المناجِزُ وارْعَوى المُسْتَهْدِفُ

ثم استعدَّ وجاءَ قيصرَ وافدٌ

بصحيفةٍ منه تَصِرُّ وتَصْرُفُ

حَمْقاءَ يَطغى الغيظُ بين سُطورِها

وتَشُبُّ بالشَّنآنِ منها الأحرفُ

رَكِبَ الغُرورَ وقال إنّي قَاذفٌ

بالجيشِ يثرِبَ فَهْيَ قاعٌ صَفْصَفُ

قالَ ازْدَجِرْ ما أنتَ من أكفائها

واسْكُنْ فإنّك لَلغوِيُّ المُرجِفُ

فأفاقَ واتَّخَذَ الخِداعَ سَجِيَّةً

لا يَسْتَحِي منها ولا يَتعفَّفُ

بَعثَ السلامَ مع ابنِ وَهْبٍ وَادَّعَى

دَعْوَى الذي يُرخِي القِناعَ ويُغْدِفُ

قال ادَّخرني يا شُجاعُ فإنّ لي

قلباً إلى دينِ الهُدَى يَتشَّوفُ

إنّي لمتبِعٌ سبيلَ مُحمّدٍ

وإليكَ رِفْدُكَ بالكرامةِ يُرْدَفُ

سَمِعَ النبيُّ حدِيثَهُ فتكشَّفتْ

نَفسٌ مُقنَّعةٌ وقلبٌ أغْلَفُ

مُلكٌ يبيدُ ومالِكٌ يُرجَى إلى

أجلٍ يَحينُ وموعَدٍ ما يُخْلَفُ

يَأبَى الغَوِيُّ الرُّشدَ يرفعَ شأنَهُ

فإذا هوى ألفيتَهُ يَتأسَّفُ

لِلحقِّ مِئذنةٌ وَدَاعٍ مُسمِعٌ

في كلِّ شيءٍ بالخلائقِ يَهتِفُ

عَجِبَ الملوكُ لِكابرِينَ سَمَتْ بهم

هِممٌ تَميلُ عنِ العُروشِ وتَعزِفُ

المُتّقونَ هُمُ الملوكُ وإن أبَوْا

رَغدَ الحياةِ ولينَها فتقشَّفوا

عَكَفوا على آيِ الكتابِ فأفْلَحُوا

والجاهلونَ على المآثِمِ عُكَّفُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد محرم

avatar

أحمد محرم حساب موثق

مصر

poet-ahmad-muharram@

442

قصيدة

1

الاقتباسات

684

متابعين

أحمد محرم بن حسن عبد الله. شاعر مصري، حَسَن الرصف، نقيّ الديباجة. تركيّ الأصل أو شركسيّ. ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر، في شهر (محرم) فسمى أحمد محرَّم. وتلقى ...

المزيد عن أحمد محرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة