الديوان » مصر » أحمد محرم » أقبل فتلك ديار يثرب تقبل

عدد الابيات : 126

طباعة

أقبِلْ فتلك دِيارُ يَثربَ تقبل

يَكفيكَ من أشواقها ما تَحمِلُ

طالَ التّلَوُّمُ والقلوبُ خوافقٌ

يهفو إليكَ بها الحنينُ الأطولُ

القومُ مُذ فارقتَ مكّةَ أعينٌ

تأبى الكرَى وجَوانحٌ تَتململُ

يُتطلّعون إلى الفجاج وقولُهُمْ

أفما يُطالِعُنا النبيُّ المُرسَلُ

أقبلتَ في بِيضِ الثّيابِ مُباركاً

يُزجي البشائرَ وجهُكَ المتهلِّلُ

يا طِيبَ ما صَنَعَ الزُّبيرُ وَطَلحةٌ

ولَصَنعُكَ الأوفى أجلُّ وأفضلُ

خفَّ الرِجالُ إليكَ يَهتفُ جمعهُم

وقلوبُهم فَرَحاً أخفُّ وأعجلُ

هي في رِكَابِكَ ما بها من حاجةٍ

إلا إليكَ وما لها مُتحوَّلُ

هَجرتْ مَنازِلَها بِيثربِ وَانْتَحتْ

أُخرى بِمكةَ دُورُها ما تُؤهَلُ

وفدان هذا من ورائِكَ يرتَمي

عَجِلاً وهذا من أمامِكَ يَنسِلُ

انْظُر بني النّجَارِ حَولك عُكّفاً

يَرِدُونَ نُورَك حِينَ فَاضَ المنهلُ

لم يُنزِلوكَ على الخُؤولةِ وحدَها

كلُّ المواطنِ للنّبوّةِ مَنزلُ

نزلوا على الإسلام عندَك إنّه

نَسَبٌ يَعُمُّ المُسلِمينَ ويَشملُ

ما للديارِ تَهزُّها نَشَواتُها

أهي الأناشيدُ الحِسانُ تُرتَّلُ

رفَّتْ نَضارتُها وطابَ أريجُها

وتردّدتْ أنفاسُها تَتسلسَلُ

فكأنّما في كلِّ مَغنىً رَوضةٌ

وكأنّما في كلِّ دارٍ بُلبُلُ

هُنَّ العذارَى المؤمناتُ أقمنَهُ

عِيداً تُحيّيهِ الملائِك من عَلُ

في مُوكبٍ للهِ أشرقَ نورهُ

فيه وقام جلالهُ يَتمثَّلُ

جَمعَ النَبيِّينَ الكِرَام فآخذٌ

بيدِ الإمامِ وعائذٌ يتَوسَّلُ

يَمشِي به الرُّوحُ الأمينُ مُسلِّماً

وجبينُه بفمِ النبيِّ مُقَبَّلُ

إيهٍ بني النجَّارِ إنَّ محمَّداً

لأَشدُّ حُبّاً لِلَّتي هي أجْمَلُ

خلُّوا سبيلَ اللهِ ما لرسولِه

عمَّا أعدَّ من المنازلِ مَعْدِلُ

ذَهبتْ مَطيّتُه فقيل لها قِفي

هذا مَناخُكِ لستِ ممّن يَجهلُ

النَّاسُ في طَلَبِ الحياةِ وها هنا

سِرٌّ لها خافٍ وكنزٌ مُقفَلُ

أعطِي أبا أيّوب رَحْلَكِ وَاحْمَدِي

من أمرِ ربّكِ ما يجيءُ ويَفعلُ

ودَعِي الزّمامَ لأسعدِ بن زُرارةٍ

فإليهِ بعد اللهِ أَمْرُكِ يُوكَلُ

لمَّا حملتِ الحقَّ أجمعَ والهدى

أمسى بحبلِ اللهِ حَبلُكِ يُوصَلُ

يتنافسُ الأنصارُ فِيك وما دروا

لِمنِ المفازُ وأيُّهُمْ هو أوّلُ

هِيَ كيمياءُ الحقِّ لولا أنّها

تَهدِي العقولَ لَخِلتُها لا تُعقَلُ

دُنيا من العجبِ العجابِ ودولةٌ

يَهوِي النُّضارُ بها ويعلو الجَندلُ

أرأيت أهل الكهف لولا سرها

هل كان يكرم كلبهم ويُبجَّلُ

شكراً أبا أيوب فُزتَ بنعمةٍ

فيها لنفسِكَ ما تُريدُ وتسأَلُ

ما مِثلُ رِفْدِكَ في المواطنِ كلِّها

رِفدٌ يُضاعَفُ أو عطَاءٌ يُجزَلُ

للهِ دارُكَ من مَحلَّةِ مُؤْمِنٍ

نَزلَ الحِمَى فيها وحَلَّ المعقلُ

نَزَلَ النبيُّ بها فحلَّ فِناءَها

مَجدٌ يُقيمُ وسؤددٌ ما يرحلُ

مجدُ النُّبوَّةِ في ضيافةِ ماجِدٍ

سَمحِ القِرى يُسدِي الجزيلَ ويبذلُ

وَسِعَتْ جِفانَ المُطعمين جفانُه

كرماً فما يأبى ولا هِيَ تبخلُ

أضفى على السَّعدينِ بُرْدَ سماحةٍ

فاهتزَّ جُودُهُما وأقبلَ يرفلُ

جذلانَ مُحتفلاً يقرّب منهما

للهِ ما يرضَى وما يتقبَّلُ

جَعلَ القِرَى سَبباً إلى رضوانِه

والبِرُّ والإيمانُ فيما يَجعَلُ

يا زيدُ من صنع الثَّريدَ وما عسى

ترجو بما حَملتْ يداك وتأمُل

بعثتك أمُّك تبتغي في دينها

ما يبتغي ذو الهمَّةِ المتعمِّلُ

شكر النّبيُّ لها وأطلق دعوةً

صعدت كما شقَّ الفضاءَ مُجلجِلُ

أطيب بتلك هديّةً يسعى بها

في اللّهِ ساعٍ بالجلال مُظلَّلُ

لو أنَّها وُزِنَتْ بدنيا قيصرٍ

رَجحتْ وأين من الخِضَمِّ الجدولُ

هي إن عييت بوصفها ما يُجْتنَى

من نعمةِ الإسلامِ لا ما يُؤكلُ

ما في جهادكِ أمَّ زيدٍ ريبةٌ

نار الوغى احتدمت وأنتِ الجحفلُ

شَرَعٌ سرابيلُ الحروب وما اكتسى

من سابغاتِ الخيرِ من يتسربلُ

يا معشر الأنصارِ هل لي عندكم

نادٍ يَضُمُّ النابغين ومحفلُ

عندي لشاعركم تحيةُ شاعرٍ

يَسِمُ القوافِيَ وسمه يَتنخَّلُ

تنميهِ في دُنيا البيانِ رَوائعٌ

منها رواكدُ ما تَرِيمُ وجُفَّلُ

الثّاوياتُ على هُدىً من ربّها

والسّابحاتُ السّائحاتُ الجُوَّلُ

شُغِلَتْ بها الدُّنيا وما هي بالتّي

تُعْنَى بدنيا الجاهلين وتُشغَلُ

تأبى القرارَ بكلّ وادٍ مُمحِلٍ

وتحلُّ بالوادي الذي لا يُمحلُ

حسّانُ أبلغُ من يقول وليس لي

منه إذا ادّعَتِ المصاقعُ مِقْوَلُ

أنتم قضيتم للنَّبيِّ ذمامه

ونصرتُمُ الحقَّ الذي لا يُخذلُ

وصنعتُمُ الصّنعَ الجميل كرامةً

لمهاجرين همُ الفريقُ الأمثلُ

فعرفتُ موضعكم وكيف سما بكم

مجدٌ لكم في المسلمين مؤثَّلُ

وأذعتُه نبأً لكم ما مثله

نبأٌ يُذاعُ ولا حديثٌ يُنقلُ

القومُ قومُ اللهِ ملء دياركم

وكأنهم بديارهم لم يرحلوا

الدينُ يعطفُ والسماحةُ تحتفِي

والحبُّ يرعَى والمروءةُ تكفلُ

والله يشكرُ والنّبيُّ بغبطةٍ

والشركُ يصعقُ والضلالةُ تذهلُ

دِينُ الهدى والحقِّ في أعراسِه

والجاهليَّةُ في المآتم تُعوِلُ

إن هالها الحَدثُ الذي نُكِبَتْ به

فلسوف تُنكَبُ بالذي هو أهولُ

زُولي مُعطِّلةَ العقولِ فمنَ قَضى

أنّ البصائرَ والعقولَ تُعطَّلُ

ألقِي السِّلاحَ فما لخصمكِ دافعٌ

ودَعِي الكِفاحَ فما لجندِكِ موئِلُ

أزرَى بكِ الفشلُ المبرّحُ وارتمى

بِحُماتكِ القَدرُ الذي لا يفشَلُ

السَّهلُ يصعبُ إن تواكلتِ القُوى

والصعبُ إن مَضتِ العزائمُ يسهلُ

أرسى المعاقلِ مؤمنٌ لا نفسُه

تهفو ولا إيمانُه يتزلزلُ

هذا النْذيرُ فإن أبيتِ سوى الأذى

فالأرضُ بالدّمِ لا محالةَ تُغسلُ

علقت بِمَقْتَلِكِ السّهامُ وما عسى

يَبقَى الرَّمِيُّ إذا أُصِيبَ المَقتَلُ

الله أكبرُ كلُّ زُورٍ يَنقضِي

مَرَّ السَّحاب وكلُّ إفكٍ يبطُلُ

المسجد الثَّاني يُقامُ بيثربٍ

ومحمدُ الباني يَجِدُّ ويَعملُ

عَمّارُ أنتَ لها وليس ببالغٍ

عُليا المراتبِ مَن يَكِلُّ وَيَكْسَلُ

إن يَثْقُلِ العِبءُ الذي حُمِّلتَهُ

فَلما يُحمَّلُ ذو التَّباعةِ أثقلُ

ماذا بَلغت من السَّناءِ على يدٍ

أدنَى أنامِلها السِّماكُ الأعزلُ

مَسَحتْه ظهراً مِنكَ طالَ مُنيفهُ

حتَّى تَمنَّى لو يكونكَ يذبُلُ

هذا رسولُ الله ِ في أصحابِه

لا يَشتكِي نَصَباً ولا يَتمهَّلُ

يَأتِي ويذهبُ بينهم فَمُلَثَّمٌ

بالتُّربِ يَغْشَى وَجْهَهُ ومُكَلَّلُ

مِن كلِّ قَوّامٍ على أثقالِه

سامٍ له ظهرٌ أشمُّ وكَلْكَلُ

ما كان أحسنَها مقَالةَ راجزٍ

لو كان يَعرفُ حُكمَها المُتَمثِّلُ

هَتفَ الإمامُ بها فَراحَ يُعيدها

ثُمَّ انْثَنى مُتَلَطِّفَاً يَتَنصَّلُ

عمّارُ يا لكَ إذ تُلامُ ويا لَهُ

مِن ذِي مُحافظةٍ يَلومُ ويَعذِلُ

هِجْتَ ابنَ مَظعونٍ فأقبلَ غاضباً

حَنِقاً يجيش كما يَجيشُ المِرْجَلُ

ولقد يَحيدُ عن التُّرابِ إناقةً

مَن لا يَحيدُ عن الضِّرابِ ويَنْكُلُ

مَهْلاً أبا اليقظانِ قِرنُكَ باسلٌ

وأخوكَ في جِدِّ الوغَى لا يَهْزِلُ

ولئن أهابَ اللُّه يَالَ مُحمّدٍ

صُونوا الحِمَى لَهْوَ الأشدُّ الأبسلُ

السَّيفُ يَعْجَزُ أن يَنالَ غِرارُه

ما ليس يَعجزُ أن ينالَ المِعْوَلُ

إيهٍ أبا بكرٍ ظَفِرتَ بصفقةٍ

شَتَّى مَغانِمُها لمن يَتأَمَّلُ

القومُ عند إبائهم وسَخَائِهم

لو يبذلونَ نفوسَهُم لم يَحفِلوا

لا يقبلون لحائِطٍ ثمناً ولا

يَبغونَها دُنيا تُذَمُّ وتُرذَلُ

اللّهُ يَطلُبُهُ لِنُصرةِ دينِهِ

والدّينُ هُم أنصارُه ما بّدلوا

قالوا أَمِنَّا يا محمدُ يُبتغَى

ما ليس يَخلقُ بالأُباةِ ويجملُ

إنّا لعمرِ اللَّهِ نَعرِفُ حَقَّهُ

ونُعِزُّ مِلَّته التي نتملَّلُ

نُعطِي اليتيمين الكِفَاءَ وإن هما

أَبيا ونَتَّبِعُ التي هي أنبلُ

خُذْ ما أردتَ فلن نبيعكَ مسجداً

يَدعوهُ فيه مُكَبّرٌ ومهلِّلُ

هو رَبُّنا إن نالنا رِضوانُه

فلنا المثوبةُ والجزاءُ الأكملُ

إيهٍ أبا بكرٍ خَليلُكَ مُطرِقٌ

يأبى وأنتَ بما يُريدُ مُوَكَّلُ

لابدَّ من ثمنٍ يَكونُ أداؤُهُ

حَكَماً يُطاعُ وشِرعة ما تُهمَلُ

لولا الرسولُ وما يُعلِّمُ قومَه

جَهل المحجّةَ ظالمٌ لا يَعدِلُ

وإذا قَضَى أمراً فما لقضائهِ

رَدٌّ ولا في غيرِهِ مُتعلَّلُ

الحقُّ ما شَرَعَ النبيُّ وباطلٌ

ما يدَّعِي المرتابُ والمتأوّلُ

لا بدّ من ثمنٍ ولستَ بواجدٍ

في القومِ من يَضِحُ الصّوابُ فَيَغفلُ

أمر الرسولُ به فدونك أدّهِ

ولأنت صاحبُهُ الكريمُ المفضلُ

يا باذِلَ الأموالِ نِلتَ ببذلِها

ما لم يَنَلْ في المسلمين مُموِّلُ

أتبعتَ نفسَكَ ما ملكتَ فمهجةٌ

تَنهالُ طيّعةً وكَفُّ تَهطلُ

أَذِّنْ بِلاَلُ لكَ الوَلاَيةُ لم تُتَحْ

لِسوَاكَ إذ تدعو الجموع فَتُقبِلُ

اللَّهُ أَلبَسَكَ الكرامَةَ وَاصْطَفَى

لك ما يُحبُّ المؤمنُ المتوكِّلُ

يا طولَ ما عُذِّبتَ فيه فلم تَمِلْ

تَبغِي الّتي اتَّبعَ الغُواةُ المُيَّلُ

أَحَدٌ إلهُكَ ما كَذبتَ وما لمن

يرجو النّجاةَ على سواهُ مُعَوَّلُ

أرِني يَدَيْكَ أفِيهما لِأُمَيَّةٍ

وِردٌ من الموتِ الذُّعافِ مُثمَّلُ

لَلسَّيفُ سَيفُ اللَّهِ أَهْوَلُ موقعاً

من صَخرةٍ تُلقَى وحبلٍ يُفتَلُ

لك في غدٍ دَمُه إذا التقتِ الظُّبى

تحتَ العَجاجةِ والرِّماحُ الذُّبَّلُ

أذِّنْ فإنَّ الدِّينَ قامَ عَمُودُه

وَرَستْ جَوانبُهُ فما يَتَقَلقَلُ

هَبَطَ الجزيرةَ فاحتوى أطرافَها

وَانْسَابَ في أحشائِها يَتَغَلْغَلُ

فكأنما طردَ السوائمَ ضيغمٌ

وكأنما ذعرَ الحمائمَ أجدلُ

خَفَّ الرجالُ إلى الصَّلَاةِ وإِنَّها

لأَجلُّ ما تَصِفُ الصّفوفُ المُثَّلُ

عَنَتِ الوجوهُ فراكِعٌ متخشعٌ

يخشى الإلهَ وساجِدٌ مُتَبَتِّلُ

صَلُّوا بني الإسلامِ خَلفَ نبيِّكم

وخُذوا بما شَرَعَ الكتابُ المنزَلُ

اللَّهُ أيَّدكم به وأمدَّكم

منه بنورٍ ساطعٍ ما يأفلُ

آثرتُمُ السَّننَ السويَّ فجدُّكم

يَعلو وجَدُّ ذوي العَمايةِ يَسفُلُ

هل يَستوِي الجمعانِ هذا صاعدٌ

يبني وهذا ساقطٌ يَتهيَّلُ

يتَألّفون على الهَوى وقلوبُهم

شَتَّى يَظلُّ شَعاعُها يتزيّلُ

نَصرٌ على نصرٍ وفتحٌ بعده

فتحٌ يَغيظُ المشركينَ مُحجَّلُ

إنَّ امرأً جمحتْ به أهواؤُه

من بعدِ ما وضَح الهُدى لَمُضلَّلُ

الحقُّ بابُ اللَّهِ هل من داخلٍ

طُوبَى لمن يَبغِي الفَلاحَ فيدخلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد محرم

avatar

أحمد محرم حساب موثق

مصر

poet-ahmad-muharram@

442

قصيدة

1

الاقتباسات

686

متابعين

أحمد محرم بن حسن عبد الله. شاعر مصري، حَسَن الرصف، نقيّ الديباجة. تركيّ الأصل أو شركسيّ. ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر، في شهر (محرم) فسمى أحمد محرَّم. وتلقى ...

المزيد عن أحمد محرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة