الديوان » العصر العثماني » جميل صدقي الزهاوي » حول الحقيقة في الحياة طوافي

عدد الابيات : 49

طباعة

حول الحقيقة في الحياة طوافي

ولها برغم الكاشحين هتافي

خالفت فيها أهل عصري كلهم

متطرفا ولقد يطول خلافي

اني لقد شاهدتها في يقظتي

وسواي أبصرها بطرف غافي

تبدو وتخفي في زمان واحد

والناس إما مثبت أو نافي

حسناء ما قلمي الذي أرهفته

عمرا لوصف جمالها بالكافي

وقفت كما يقف الخيال بمشرف

ذمرتها من طرفها الخطاف

هي من عشقت على سماع حسنها

ما أشبه السموع بالشتاف

برزت حيال الشك سافرة وقد

لعب الجنوب بثوبها الهفهاف

برزت بثوب رق فوق قوامها

وانشق عن صدر وعن أكتاف

برزت كعابا في وشاح ضيق

عقدته معطوفا ودرع ضافي

برزت بوجه باسم وبأعين

وطف وفرع كالسخام غداف

السحر كل السحر في أنظارها

والسر كل السر في الأعطاف

ولقد ولعت بها لأول نظرة

ولقد تنشب حبها بشغافي

وعدوت مقتربا ومن ذا قادر

من غيرة فيه على إيقافي

فشهدت عن كثب بضاضة جسمها

وبياضه من ثوبها الشفاف

وهفت مبتهجا بها من بعدما

صافحتها فتبسمت لهتافي

الناس أعداء لها قد بالغوا

في نقدها وأنا الصديق الوافي

قد أزعجوها حين لم تحفل بهم

بالكذب من حقد وبالأرجاف

أحسن بذاك الوجه حين تبسمت

والثغر ذي الظلم النصيع الصفاي

قد غرني منها التبسم طاهرا

متى نسيت مكانتي ومطافي

وتباعدت عني ولم تنظر إلى

أسفي هناك ودمعي الذراف

كانت لعمري هفوة مني وما

أنا في سبيل الحب وحدي الهافي

فرجع منكر الفؤاد منكسا

للراس لا أرنو إلى أطرافي

الخير كل في قصد الفتى

والشر كل الشر في الإسراف

ما للطبيعة أول أو آخر

فكأنها بحر بغير ضفاف

أما السماء فليس غير طرافها

ولقد بنته فوق كل طراف

والدهر لم يك غير نهر هادر

والمرء ليس سوي حباب طافي

وإذا ترقبت الحباب وجدته

بعد الظهور يذوب في الرجاف

والأرض في جنب النجوم كذرة

بين الحصى والرمل في الأحقاف

لا شيء إلا والطبيعة أمه

لكنما كنه الطبيعة خافي

ما لي بأمر بدايتي ونهايتي

وحقيقتي والكون علم كاف

من أين قد جلب الزمان خميرتي

أو أين قد جبل الزمان جلافي

حي الطبيعة أوجدت أو أتلفت

ما إن هنالك خلفة وتنافى

ما أتلفت إلا لتوجد فائقا

ما أحكم الإيجاد في الاتلاف

الدهر يقضي ما يشاء قضاءه

من غير ما عدل ولا إجحاف

اما الحمام فلا أود دنوه

وان اغترفت من الحياة كفاني

أنحى على الحق المبين يهيته

ناس خلوا من شيمة الانصاف

ما زلت من فوق المنابر معلنا

بفمى له رغما عن الاناف

النشء للآراء غير مصوب

إلا إذا جاءت من الأسلاف

لا تحسب الأسلاف ماتوا فانتهوا

بل إنهم يحيون في الاخلاف

قد صوب المتعصبون سهامهم

لكنها طاشت عن الأهداف

إن الليالي أخلفتني وعدها

حتى برمت بذلك الاخلاف

والحادثات حربنني وجرحنني

فبقيت منبوذا بلا إسعاف

ليت الذي قسم الشؤون قضاؤه

قسم السعادة قسمة الإنصاف

ألما من الكاس الروية رنقها

ولكم غداة بها يطاف الصافي

أنا لست في الشعراء إلا بلبلا

يشدو على الليمون والصفصاف

ظنوا بأن الشعر ألفاظ لها

في النظم أوزان وبضع قوافي

والشعر ليس سوى شعور ثائر

في شكل نوح تارة وهتاف

ما إن يسمي في زمان شاعرا

من جاء بعد النكد بالسفاف

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جميل صدقي الزهاوي

avatar

جميل صدقي الزهاوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-jamil-sidqi-al-zahawi@

373

قصيدة

2

الاقتباسات

138

متابعين

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن المنلا أحمد بابان، الزهاوي. شاعر، ينحو منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر. مولده ووفاته ببغداد. كان أبوه مفتيها. وبيته بيت ...

المزيد عن جميل صدقي الزهاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة