الديوان » العصر العثماني » جميل صدقي الزهاوي » إن فعل الرجال غير الكلام

عدد الابيات : 47

طباعة

إن فعل الرجال غير الكلام

لا تعيش الشعوب بالأحلام

قد نسينا تقصيرنا ثم أكثر

نا عتابا منا على الأيام

أي خير من الحياة لشعب

ما له من نقض ومن إبرام

ما حياة في الشرق ذات هدوء

كحياة في الغرب ذات صدام

إننا أحجمنا وهم أقدموا شو

ساً وليس الإحجام كالإقدام

لا يهيج الإحساس بالنقص شيء

كاحتكاك الأقوام بالأقوام

نحن إن لم نسرع خطانا بعزم

داسنا المسرعون بالأقدام

أيها الشعب إن أردت حياة

فتقدم إلي الأمام الأمام

آمنت بالأصنام في الله ناس

وأناس بالله في الأصنام

ربما كان ما أقول من الشع

رِ عليه شيء من الإبهام

إنما أترك الصراحة فيه

لليالي بعدي وللأيام

رب أفكار لم يذعها ذووها

بقيت كالأزهار في الأكمام

لم يكن كل الناس ناسا بحق

رب قوم يحيون كالأنعام

يعبس الجاهلون في الوجه منى

فأداري عبوسهم بابتسامي

وعدوني بعد الحمام نعيما

ليت ذاك النعيم قبل الحمام

أخذ العقل يستبين هداه

بعد أن كان خاطبا في ظلام

ليس هذا الإنسان إلا حبابا

يختفي بعد الطفو في القمقام

وهي الأرض في السماء تضاهى

ذرة هاجتها رياح الموامى

إنها حول الشمس تجرى كما طا

فت بليل فراشة بضرام

هي لولا اعصامها بذيول الش

مس هامت في الجو أي هيام

وهي والشمس والتوابع يحكي

ن سفينا تجرى ببخر طامي

لا يزيد البحر الخضم جلالا

فوقه المنشآت كالأعلام

وكأن النجوم طرا خلايا

في بناء المجزة المتزامي

كم سديم بها تدور وشمس

تتناءى عما به من زحام

أخطأوا يا حياة في زعمهم أن

نك مفقودة من الاجرام

أنت موجودة بكل مكان

أنت مبثوثة بكل مقام

فام بالحيوان التطور حتى

كان إنسانا بعد ذاك القيام

ولتلك التطورات ظهور

في جنين يعيش في الأرحام

أمة من سلالة القرد جاءت

تهتدي بالحجا من الآجام

طلبوا منها في الحياة سلاما

وهي لم يعل شأنها بسلام

انها أحرزت سيادتها بالبط

ش أتى توجهت والخصام

الترقي إذا افتكرت مليا

في خلاف الشعوب لافي الوئام

كل حي فإنما فيه نقص

وبه النسل سائر للتمام

لا يرى للأرواح عقل تروى

من وجود في خارج الأجسام

يبسم الفيلسوف مما إليه

أخلد الجاهلون من أوهام

ربما كان للجمادات إحسا

س ببعض اللذات والآلام

ولقد طاشت العقول عن الأغ

راض في قصد هن طيش السهام

إنما هذه الحياة كنور

حف من كل جانب بظلام

ما وراء الشكوك إلا يقين

قد توارى كالبدر خلف الغمام

ستزيل الأيام عما قليل

ما على وجه الحق من إبهام

إنني مبصر على البعد ماء

فلعلي به أبل أوامي

كل ظني أن الحقيقة تبدو

بعد حين مميطة للثام

لا يسليني في شقائي إلا

طيف ليلى إن جاد بالالمام

طيف ليلي بل ليس يبرح عيني

طيف ليلى في يقظتي ومنامي

تغرب الشمس في المساء ويبقي

أثر منها في ذري الاكام

ليس شيخوختي التي أنا منها

أشتكي اليوم غير داء عقام

أيها النفس إن أردت رحيلا

فارحلي عن سقيفتي بسلام

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جميل صدقي الزهاوي

avatar

جميل صدقي الزهاوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-jamil-sidqi-al-zahawi@

373

قصيدة

2

الاقتباسات

139

متابعين

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن المنلا أحمد بابان، الزهاوي. شاعر، ينحو منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر. مولده ووفاته ببغداد. كان أبوه مفتيها. وبيته بيت ...

المزيد عن جميل صدقي الزهاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة