الديوان » العصر الأندلسي » الأبيوردي » أثرها وهي تنتعل الظلالا

عدد الابيات : 67

طباعة

أثِرْها وهْيَ تَنتَعِلُ الظِّلالا

وإنْ ناجَتْ مَناسِمُها الكَلالا

فليسَ بمُنحَنى العَلَمَيْنِ وِرْدٌ

يُرَوّي الرَّكْبَ والإبِلَ النِّهالا

وهَبْها فارَقَتْهُ فأيُّ وادٍ

تُصادِفُ في مَذانِبهِ بِلالا

كأنّكَ حينَ تُزْجرُها وتُرخِي

أزِمَّتَها تَروعُ بها رِئالا

فكَم تُدمي أخِشَّتَها بِسَيرٍ

يُحَكِّمُ في غَوارِبِها الرِّحالا

وتُسري في ضَميرِ اللَّيلِ سِرّاً

وتَخْطِرُ في جَواشِنهِ خَيالا

وتَفْري الأرضَ أحياناً يَميناً

على لَغَبٍ وآوِنَةً شِمالا

فتُوطِئُها وإنْ حَفِيَتْ جِبالاً

وتُغْشيها وقد رَزَحَتْ رِمالا

بآمالٍ تُلَقِّحُهُنَّ عُجْبا

بِهِنَّ وهُنَّ يُسرِرْنَ الحِيالا

ولَو خَبِرَ البَرِيّةَ مَنْ رَجاهُمْ

لَشَد على مَطِيَّتِه العِقالا

إذا لم يَسْتَفِدْ مِنهمْ نَوالاً

فَلِمْ يُزجي على ظَلَعٍ جِمالا

طلائِحَ كالقِسيِّ فإنْ تَرامتْ

على عَجَلٍ به حَكَتِ النِّبالا

وأينَ أغَرُّ إنْ يَفزَعْ كَريمٌ

إليهِ يَجِدْهُ لِلْعافي ثِمالا

إذا التفَتَتْ عُلاهُ إِلى القوافي

وفَدْنَ على مَكارِمهِ عِجالا

مَتى تُرِدِ الثّراءَ فلسْتَ منّي

وخِدْني غَيرُ مَنْ سألَ الرِّجالا

فلا تَصْحَبْ مِنَ اللُّؤَماءِ وغْداً

يكونُ على عَشيرتِهِ عِيالا

وشايِعْنِي فإنّي لسْتُ أُبْدي

لِمَن يَنوي مُخالَصَتي مَلالا

ومَنْ أعْلَقْتُهُ أهْدابَ وعْدٍ

بِما يَهْواهُ لَم يَخَفِ المِطالا

أنا ابنُ الأكرَمينَ أباً وأمّاً

وهُمْ خَيْرُ الوَرى عمّاً وخالا

أشَدُّهُمُ إذا اجتَلَدوا قِتالاً

وأوثَقُهُمْ إذا عَقَدوا حِبالا

وأرجَحُهُمْ إذا قَدَروا حُلُوماً

وأصْدَقُهُمْ إذا افتَخَروا مَقالا

وأصْلَبُهُمْ لدى الغَمَراتِ عُوداً

إذا الخَفِراتُ خَلَّيْنَ الحِجالا

غَنُوا في جاهِليَّتِهمْ لَقاحاً

ونارُ الحَربِ تَشْتَعِلُ اشتِعالا

ويُسمَعُ للكُماةِ بها ألِيلٌ

إذا خَضَبَتْ ترائِبُهُمْ إلالا

وإنْ دُعِيَتْ نَزالِ مَشَوا سِراعاً

إِلى الأقْرانِ وابْتَدَرَوْا النِّزالا

يكَبُّونَ العِشارَ لمُعْتَفيهِمْ

ويَرْوونَ الأسِنَّةَ والنِّصالا

ويَثْنونَ المُغيرَةَ عن هواها

إذا الوادي بِظَعْنِ الحَيِّ سالا

ويَحتَقِبونَ أعماراً قِصاراً

ويعتقِلونَ أرماحاً طِوالا

على أثباجِ مُقرَبَةٍ تمطَّتْ

بِهمْ ورِعالُها تَنْضوا الرِّعالا

فجَرُّوا السُّمْرَ راجِفَةً صُدوراً

وقادوا الجُرْدَ راعِفةً نِعالا

بأيْدٍ يُسْتَشَفُّ الجودُ فيها

تُفيدُ مَحامِداً وتُفيتُ مالا

وأوجُهُهُمْ إذا بَرِقَتْ تجلَّتْ

عَليها هَيْبةٌ حَضَنَتْ جَمالا

وإنْ أشرَقْنَ فاكْتَحَلَتْ عُيونٌ

بها لمْ تَرْضَ بالقَمَرِ اكْتِحالا

وقدْ مُلِئَتْ أسِرَّتُها حَياءً

وأُلْبِسَتِ المَهابَةَ والجَلالا

وفي الإسلامِ ساسوا النّاسَ حتّى

هُدوا للحَقِّ فاجْتَنَبوا الضَّلالا

وهُمْ فتَحوا البِلادَ بِباتِراتٍ

كأنَّ على أغِرَّتِها ثِمالا

ولولاهُمْ لَما دَرَّتْ بِفَيءٍ

ولا أرْغى بها العَرَبُ الفِصالا

وقَدْ عَلِمَ القبائِلُ أنَّ قَومِي

أعزُّهُمُ وأكرَمُهُمْ فَعالا

وأصْرَحُهُمْ إذا انْتَسَبوا أصُولاً

وأعظَمُهُمْ إذا وَهَبوا سِجالا

مَضَوا وأزالَ مُلْكَهُمُ اللّيالي

وأيَّةُ دَولَةٍ أمِنَتْ زَوالا

وقَد كانوا إذا رَكِبوا خِفافاً

وفي النَّادي إذا جَلَسوا ثِقالا

ولَمْ يَسْلُبْهُمُ سَفَهٌ حُباهُمْ

وكيفَ تُزعْزِعُ الرِّيحُ الجِبالا

وفيمَنْ خَلَّفوا أسْآرَ حَرْبٍ

كأُسْدِ الغابِ تقتحِمُ المَصالا

يُراميهِمْ أراذِلُ كُلِّ حَيٍّ

وهُمْ نَفَرٌ يُجيدونَ النِّضالا

ويَدْنو شأوُ حاسدِهِمْ ويَنْأى

عليهِ مَناطُ مَجدِهمُ مَنالا

وها أنا مِنهُمُ والعِرْقُ زاكٍ

أشُدُّ لمَنْ يَكيدُهُمُ القِبالا

نَماني مِنْ أمَيَّةَ كُلُّ قَرْمٍ

تَرُدُّ البُزْلَ هَدْرَتُهُ إفالا

أُشَيِّدُ ما بَناهُ أبي وجَدّي

وأحْمي العِرْضَ خِيفَةَ أن يُذالا

بِعارِفةٍ أريشُ بِها كَريماً

إذا طَلبَ الغِنى كرِهَ السُّؤالا

وكابي اللّونِ يغْمُرُهُ نَجيعٌ

فَيَصْدَأُ أو أُجِدَّ لهُ صِقالا

وكُلّ مَفاضَةٍ تَحْكي غَديراً

يُعانِقُ وهْوَ مُرتَعِدٌ شَمالا

وقَدْ أهْدى الدَّبى حَدَقاً صِغارا

لها فتحوَّلَتْ حَلَقاً دِخالا

وأسْمَرَ في نُحولِ الصَّبِّ لَدْنٍ

كقَدِّ الحِبِّ لِيناً واعْتِدالا

تَبِينُ لهُ مَقاتِلُ لمْ تُصِبْها

بَسالَةُ أعْزَلٍ شَهِدَ القِتالا

وكيفَ يَضِلُّ في الظَّلْماءِ سَارٍ

ويَحمِلُ فوْقَ قِمَّتِهِ ذُبالا

فإنْ أفْخَرْ بِآبائِي فإنّي

أراهُمْ أشْرَفَ الثَّقَلَيْنِ آلا

وفِيَّ فَضائِلٌ يُغْنينَ عَنْهُمْ

بِها أوْطَأتُ أخمَصِيَ الهِلالا

تَريعُ شَوارِدُ الكَلِمِ البَواقي

إليَّ فَلا اجْتِلابَ ولا انتِحالا

فإنْ أمْدَحْ إماماً أو هُماماً

فَلا جاهاً أرومُ ولا نَوالا

وأنْظِمُ حينَ أفخَرُ رائِعاتٍ

تَكونُ لكُلِّ ذي حَسَبٍ مِثالا

وأعْبَثُ بالنَّسيبِ ولَسْتُ أغْشى ال

حَرامَ فيَقْطُرُ السِّحْرَ الحَلالا

إذا وسِعَ التُّقى كَرَمي فأهْوِنْ

بِخَوْدٍ ضاقَ قُلْباها مَجالا

ومَنْ عَلِقَ العَفافُ بِبُرْدَتَيْهِ

رَأى هُجْرانَ غانِيَةٍ وِصالا

فلَمْ أسَلِ المَعاصِمَ عنْ سِوارٍ

ولا عَنْ حَجْلها القَصَبَ الخِدالا

ولَولا نَوْشَةُ الأيَّامِ منِّي

لَما نَعِمَ اللِّئامُ لَدَيَّ بالا

ولكنّي مُنِيتُ بِدَهْرِ سَوْءٍ

هوَ الدَّاءُ الذي يُدْعَى عُضالا

يُقَدِّمُ مَنْ يَنالُ النَّقْصُ مِنْهُ

ويَحرِمُ كُلَّ مَنْ رُزِقَ الكَمالا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأبيوردي

avatar

الأبيوردي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alabywrdy@

390

قصيدة

159

متابعين

محمد بن أحمد بن محمد القرشي الأموي، أبو المظفر. شاعر عالي الطبقة، مؤرخ، عالم بالأدب. ولد في أبيورد (بخراسان) ومات مسموماً في أصبهان كهلا. من كتبه (تاريخ أبيورد) و (المختلف ...

المزيد عن الأبيوردي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة