الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » ما الحب إلا موئل المتعلل

عدد الابيات : 68

طباعة

ما الحبُّ إلّا موئلُ المتعلّلِ

وبراعةُ اللّاحي وطولُ العُذَّلِ

خُدَعٌ إِذا اِصطَلتِ النّفوسُ بنارها

لم تبقَ فيها مُسكَةُ المُتَجمِّلِ

عُدْ بالسُّلُوِّ على الغَرامِ فإنّه

أَمَدُ المشوقِ وعزّة المتذلّلِ

للَّه قلبٌ ما اِطمأنّ به الهوى

إِلّا تلوُّمَ مُزمِعٍ متحمِّلِ

لا تحسبَنْ ودّي لأوّلِ راغبٍ

طوعَ العيونِ ونُهزَةَ المتعجّلِ

فلَطالما أعرضتُ عن وجه الهوى

وثنيتُ عن جهة الغواني كلْكَلي

أمّا وقد صبغ المشيبُ ذوائبي

للنّاظرين فلاتَ حين تغزّلِ

وأزال من خطر المشيب توجّعي

علمي بأنْ ليس الشّبابُ بمَعْقِلي

فَلِئن جَزعت فكلُّ شىءٍ مجزعي

ولئنْ أمنتُ فشيمةُ المسترسلِ

حسبُ الفتى زمنٌ يقرّب صرفُهُ

ما بين كلّ إقامةٍ وترحّلِ

ممّا يُعِلّ الحزمَ إنْ لم يُرْدِهِ

ظفرُ المقيمِ وخيبةُ المتوغّلِ

جَهْدُ العليمِ كعفو آخرِ جاهلٍ

والنُّجْحُ للسّاعي له والمُؤْتَلِي

حتّى مَ تأنسُ بالحوادثِ همّتي

والدّهرُ يوحش ظِنّة المتأمّلِ

أُلقي على الأيّامِ وطأةَ حازمٍ

متكشّفِ الأعضاء خافي المقتَلِ

ومتى قدرتُ على الزّمان بسطوةٍ

فعلى أميرِ المؤمنين توكّلي

بالطّائع اِطّادَتْ مذاهبُ أُمّةٍ

فَوْضى على سُنَنِ النبيّ المرسلِ

نال الخلافةَ وهي أبعدُ مرتقىً

وأقام فيها وهي أكرمُ منزلِ

كملتْ أداةُ المجد فيه وربّما

كَملَت رياسةُ مُخدَجٍ لم يكمُلِ

شِيَمٌ تَبَلّجُ للعيون وتنثني

طُرُقاتُها تدجو على المُتَقَيِّلِ

متفاوتُ الطَّعْمينِ أَريٌ في فم ال

عافي وللباغي نقيعُ الحنظلِ

كرمٌ تبوّأ في ظِلالِ شراسةٍ

كالماء يرتع في فقار المُنْصُلِ

وإذا تسرّع في بدايةِ عزمِهِ

أخزى بهنّ رَوِيَّةَ المتمهِّلِ

ماضٍ كحدِّ السّيفِ إلّا أنّه

لم تَثنِ جُرْأَتَه جَزالةُ مَفْصِلِ

إنْ همّ لم تَعُقِ الهُوَيْنَى هَمَّه

كالسّيلِ يُلحِق محزناً بالمُسهِلِ

وَكَلوا إليه عُرا الأمور وإنّما

وَكَلوا السَّماحَ إلى العمامِ المُسبِلِ

عاذوا بمنخرقِ اليمين مضاؤه

يكفي العُفاة ذريعةَ المتوسّلِ

فإذا سَرَوْا فَسَناهُ أشرقُ كوكبٍ

وإذا صَدَوْا فنداه أعذبُ منهلِ

غيرانُ يدفع عن قرارةِ دينهمْ

دَفْعَ الأسودِ عن العرينِ المُشبِلِ

متسرّعٌ للطّالبين إلى الجدا

ثَبْتُ المقامةِ في المقامِ الأهولِ

وإذا سألتَ فلم تُغالِ ولم تُخَبْ

وَإن اِشتططّتَ أخذتَ ما لم تسألِ

نأتِ الظّنون فليس يهجس لاِمرئٍ

فَطِنٍ من المعروفِ ما لم يفعلِ

وإذا تزاحمتِ الهموم بصدره

جلّى غَيابتها بهمّةِ فَيصلِ

قَلِقُ البصيرةِ إنْ سَرَتْ أفكارُه

ظفرتْ بما خَلْفِ القضاءِ المُسدَلِ

سامى البنيّةِ في المكارمِ أُسكنتْ

منه الخلافةُ في مُعِمٍّ مُخْولِ

كم قد تجاذبها الرّجالُ فلم تَنُخْ

إلّا على البيت الأعزّ الأطولِ

لبّتْ نداءَكُم وكم من هاتفٍ

ما سوّغَتْه إصاخة المُتَقَبِّلِ

أفضت إلى الكَنَف الخصيب فطالما

كانتْ تَقَلَّبُ في الخَبارِ المُمحلِ

لم تلتئم بأكفّكْم حتّى رأتْ

تصديعكمْ فيها رؤوس الزُّمَّلِ

يفديك مَن شَرِقتْ بمجدك نفسُه

شَرَقَ المَذانِبِ بالعوادي الهُطَّلِ

رَوِيَتْ بفيض نَوالك الخضل النّدي

فتبوّعَتْ في بِشْرِك المتهلّلِ

ولقد بلوك على الزّمان فصادفوا

عَضْباً غنيّاً عن يمين الصَّيْقَلِ

لا يبعد اللَّه اِنصِلاتك للعِدا

عَجِلاً تُدَهْدِه جَحْفَلاً في جحفلِ

متوقّداً في هَبوتي ذاك الدّجى

متهجّماً في ضيقِ ذاك المَدخَلِ

إذْ لا جريء البأسِ إلّا مُحجمٌ

حيرانُ يخبط حَيْرةً بتأمّلُ

ولكَمْ رميتَ أخا مروقٍ هزّه

أَشَرُ الجماحِ بعزمةٍ كالمِسْحَلِ

لا تستقلّ بماضِغَيْه فتنكفي

إِلّا وغاربُه ضَجيعَ الجندلِ

أَمُساورِي الأضغانِ هل من غايةٍ

ما طالها أم فاضلٍ لم يفضُلِ

لا تُحرجوه بالعقوقِ فتأخذوا

من سخطه بزمام أمرٍ مُعضلِ

ملّاكُمُ البالَ الرّخيَّ وكنتُمُ

ثاوين بين تَلَدُّدٍ وتَقَلْقُلِ

أطغاكُمُ خَفضُ الأناةِ ودونها

نِقَمٌ تعدّل جانبَ المُتَزَيِّلِ

ما غرّكمْ إلّا تغاضي خادرٍ

متيقّظِ العزمات عادي الأنصُلِ

إِنْ يغتفرْ لا ينتقمْ أو ينتقمْ

لا يَصطلمْ أو يصطلمْ لا يَنكُلِ

خلّوا السّبيلَ لشمسِ كلِّ دُجُنَّةٍ

كَثُفتْ وموضحِ كلِّ خطبٍ مُشِكلِ

يا كالئَ الإسلامِ ممّن رامه

ومقيمَ أحكامِ الكتاب المُنزَلِ

أقصى مرادى أنْ أراك وإنّها

أُمنيّةٌ حسبي بها لمؤمّلِ

تتساقط الحاجات عند بلوغها

عن كلّ قلبٍ بالعَلاءِ موكَّلِ

هل لِي إلى الوجه المحجَّبِ نظرةٌ

ترمي بصِيتي فوق ظهر الشَّمْأَلِ

أجْلو بها صدأ الشّكوكِ إذا اِعتَرتْ

دوني وأسكن ظلّها في المحفِلِ

أُثِني وما هذا الثّناء لمجتَدٍ

فلذاك أُبعدُ عن مقالِ المُبطِلِ

لا دَرَّ دَرُّ الإنتجاعِ فإنّه

دَنَسٌ لثوبِ المعتفِي والمُفضلِ

هيهات يبلغك المديحُ وإنّما

أحظى بفضل الجاهد المُتَغلغلِ

أسلفتني النّعماءَ في أهلي معاً

فمتى ينوء بعبءِ حقّك مِقْوَلِي

ومددتَ من ضَبعَيْ أَبِي فتركته

يُزري بمنزلةِ السِّماكِ الأعزلِ

أوْطأته قُلَلَ العُداة وإنّها

قُلَلٌ مؤهّلَةٌ لوقعِ الأرجلِ

لمّا اِستطارَ البغيُ في آنافهمْ

وتنكّبوا سنن السّبيل الأمثلِ

أمطرتَهمْ غُلَواءَ بأسٍ ردّهمْ

يتدارسون بلاغةَ المتنصّلِ

لم يغنِ إنْ دبوا بعذرٍ بعدها

ركبوا بذنبهمُ قوادمَ أجدَلِ

لا زلتَ تَستقضي الدّهورَ محكّماً

في النّائباتِ منيعَ ظهرِ المَعقِلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

91

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة