الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » يا ديار الأحباب كيف تحولت

عدد الابيات : 104

طباعة

يا دِيارَ الأحبابِ كيفَ تحوَّل

تِ قفاراً وَلَم تَكوني قِفارا

ومحتْ منك حادثاتُ اللّيالي

رغم أنفي الشّموسَ والأقمارا

وَاِستَردّ الزمانُ منك وَما سا

ور في ذاك كلّه ما أعارا

وَرَأتكِ العيونُ لَيلاً بهيماً

بَعدَ أَن كنتِ للعيون نهارا

كَم لياليَّ فيك همّاً طوالٌ

وَلَقد كُنّ قَبل ذاك قصارا

لِمَ أصبحتِ لي ثماداً وقد كن

تِ لمن يبتغي نَداكِ بحارا

ولقد كنتِ برهةً لِي يميناً

ما توقّعتُ أن تكوني يَسارا

إِنّ قوماً حلّوكِ دهراً وولَّوْا

أَوحشوا بالنّوى علينا الدّيارا

زوَّدونا ما يمنع الغُمْضَ للعي

ن ويُنبي عن الجُنوبِ القرارا

يا خليلي كن طائعاً لِيَ ما دُم

تَ خليلاً وإن ركبتَ الخِطارا

ما أُبالي فيك الحِذارَ فلا تخ

شَ إِذا ما رضيتُ عنك حِذارا

عُج بأرضِ الطّفوفِ عيسك واِعْقِلْ

هُنَّ فيها ولا تجزهنَّ دارا

وَاِبكِ لِي مُسعِداً لحزنِيَ وَاِمنح

ني دموعاً إن كنّ فيك غِزارا

فَلنا بالطّفوف قتلى وَلا ذَنْ

بَ سوى البغيِ من عدىً وأُسارى

لَم يَذوقوا الرّدى جُزافاً ولكنْ

بَعدَ أَن أكرهوا القنا والشِّفارا

وأطاروا فَراشَ كلِّ رؤوسٍ

وأماروا ذاك النجيعَ المُمارا

إنّ يوم الطّفوف رنّحني حُزْ

ناً عليكم وما شربتُ عُقارا

وإذا ما ذكرتُ منه الّذي ما

كنتُ أنساه ضيّق الأقطارا

وَرَمى بي عَلى الهمومِ وَأَلقى

حَيَداً عَن تنعّمي وَاِزوِرارا

كِدتُ لمّا رَأيتُ إقدامهمْ في

هِ عليكم أن أهتِك الأستارا

وأقول الذي كتمتُ زماناً

وتوارى عن الحشا ما توارى

قُل لِقومٍ بنوا بغيرِ أَساسٍ

في ديارٍ ما يملكون مَنارا

وَاِستَعاروا مِنَ الزّمان وَما زا

لَتْ لَياليهِ تَستَرِدُّ المُعارا

ليس أمرٌ غصبتموه لزاماً

لا ولا منزلٌ سكنتمْ قرارا

أيُّ شيءٍ نَفعاً وضرّاً على ما

عوّد الدّهرُ لم يكن أطوارا

قَد غَدَرتمْ كَما عَلِمتم بِقومٍ

لم يكن فيهم فتىً غدّارا

وَدَعوتمْ مِنهمْ إِلَيكم مُجيباً

كرماً منهُمُ وعُوداً نِضارا

أمِنوكمْ فما وفيتمْ وكم ذا

آمنٌ من وفائنا الغدّارا

ولكُمْ عنهُمُ نجاءٌ بعيدٌ

لو رضُوا بالنّجاء منكم فرارا

وَأَتوكمْ كَما أَرَدتمْ فلمّا

عاينوا عسكراً لكمْ جرّارا

وَسُيوفاً طوَوْا عَليها أكفّاً

وقناً في أيمانكمْ خطّارا

عَلِموا أنّكم خَدعتمْ وقد يخ

دَعُ مكراً من لم يكن مكّارا

كانَ من قبل ذاكَ سترٌ رقيقٌ

بَيننا فَاِستَلبتُمُ الأستارا

وَتَناسيتُمُ وما قَدُمَ العه

دُ عهوداً معقودةً وذمارا

وَمَقالاً ما قيل رَجماً مُحالاً

وكلاماً ما قيل فينا سِرارا

قَد سَبرناكُمُ فكنتم سَراباً

وخبرناكُمُ فكنتمْ خَبارا

وهديناكُمُ إلى طُرُقِ الحق

قِ فكنتمْ عنّا غفولاً حَيارى

وَأَردتمْ عزّاً عَزيزاً فما اِزددْ

تمْ بِذاك الصّنيع إلّا صَغارا

وَطَلبتم رِبحاً وَكَم عادتِ الأر

باح ما بيننا فعدن خسارا

كانَ ما تضمرون فينا من الشر

رِ ضِماراً فالآن عاد جهارا

في غدٍ تبصر العيونُ إذا ما

حُلنَ فيكمْ إقبالَكمْ إدبارا

وتودّون لو يفيد تمنٍّ

أنّكم ما ملكتُمُ دينارا

لا ولا حُزتُمُ بأيديكُمُ في ال

ناس ذاك الإيراد والإصدارا

عدِّ عن معشرٍ تناءوا عنِ الحَق

قِ وعن شَعبه العزيز مَزارا

لَم يَكونوا زيناً لِقومهمُ الغر

رِ ولكن شيناً طويلاً وعارا

وَكأنّي أثنيكمُ عن قبيحٍ

بمقالي أزيدكم إصرارا

قَد سَمِعتمْ ما قالَ فينا رسول ال

له يَتلوهُ مَرّةً وَمِرارا

وَهوَ الجاعل الّذين تَراخوا

عن هوانا من قومه كفّارا

وإذا ما عصيتُمُ في ذويه

حال منكمْ إقرارُكمْ إنكارا

ليس عذرٌ لكم فيقبله اللّ

ه غداً يوم يقبل الأعذارا

وغُرِرتمْ بالحلمِ عنكم وما زِي

دَ جهولٌ بالحلم إلّا اِغتِرارا

وَأَخَذتم عَمّا جرى يومَ بدرٍ

وَحُنينٍ فيما تخالونَ ثارا

حاشَ للَّه ما قَطعتم فَتيلاً

لا ولا صرتُمُ بذاك مصارا

إِنّ نورَ الإِسلامِ ثاوٍ وَما اِسطا

عَ رِجالٌ أَن يَكسِفوا الأَنوارا

قَد ثَلَلْنا عروشَكمْ وَطَمَسنا

بِيَدِ الحقّ تلكُمُ الآثارا

وَطَردناكُمُ عنِ الكفرِ باللّ

ه مُقاماً ومنطقاً وديارا

ثمّ قُدناكُمُ إِلَينا كَما قا

دتْ رُعاةُ الأنعام فينا العِشارا

كَم أَطَعتمْ أَمراً لَنا وَاِطّرَحنا

ما تَقولون ذِلَّةً وَاِحتِقارا

وَفَضَلْناكُمُ وما كنتُمُ قط

ط عنِ الطّائلين إلّا قِصارا

كَم لَنا منكمُ جروحٌ رِغابٌ

وجروحٌ لمّا يكنّ جِبارا

وضِرارٌ لولا الوصيّة بالسِّلْ

مِ وبالحلم خاب ذاك ضِرارا

وَاِدَّعَيتمْ إلى نِزارٍ وأنّى

صدقكمْ بعد أن فضحتمْ نِزارا

وإذا ما الفروع حِدنَ عن الأص

ل بعيداً فما قَرُبن نِجارا

إِنّ قَوماً دَنوا إِلَينا وشبّوا

ضَرَماً بيننا لهمْ وأُوارا

ما أَرادوا إلّا البَوارَ وَلَكنْ

كَم حَمى اللَّهُ مَن أَرادَ البَوارا

فَإِلى كَم والتجرِباتُ شعاري

ودثاري ألابس الأغمارا

وَبَطيئينَ عَن جَميلٍ فإن عَن

نَ قَبيحٌ سَعوْا لَه إِحضارا

قسماً بالّذي تُساقُ له البُدْ

نُ ويُكسى فوق السّتار ستارا

وَبِقومٍ أتوا مِنىً لا لشيءٍ

غير أن يقذفوا بها الأحجارا

وبأيدٍ يُرفَعْنَ في عَرَفاتٍ

داعياتٍ مخوِّلاً غفّارا

كم أتاها مخيَّبٌ ما يُرجّى

فَاِنثَنى بالغاً بها الأوطارا

والمصلّين عند جَمْعٍ يرجّو

ن الّذي ما اِستجيرَ إلّا أَجارا

فَوقَ خُوصٍ كللن مِن بعدِ أَن بل

لَغنَ تلك الآمادَ والأسفارا

وَأَعاد الهجيرُ والقُرُّ والرَّوحا

تُ منها تحت الهِجار هِجارا

يا بَني الوحي والرّسالة والتَّط

هير من ربّهمْ لهمْ إكبارا

إنّكم خيرُ من تكون له الخَض

راءُ سقفاً والعاصفاتُ إزارا

وَخيار الأنيسِ لَولاكُمُ في

ها تُحِلُّون من يكونوا خِيارا

وَإِذا ما شفعتُمُ مِن ذنوب ال

خلق طرّاً كانت هباءً مُطارا

وَلَقد كُنتُمُ لِدين رَسولِ ال

له فينا الأسماعَ والأبصارا

كُم أُداري العِدا فَهل في غيوب ال

لَه يومٌ أخشى بِه وأدارى

وأُصادِي اللّئامَ دَهري فهل يق

ضى بأن بتّ للأكارم جارا

وأقاسي الشّدّاتِ بُعداً وقرباً

وأخوض الغمار ثمّ الغمارا

وَأُموراً يعيينَ لِلخَلقِ لَولا

أنّني كنت في الأذى صبّارا

أَنا ظامٍ وليس أَنقع أَن أُب

صِرَ عَيني في الخلقِ إلّا الشّرارا

لَيتَ أنّي طِوالَ هَذي اللّيالي

نلتُ فيهنّ ساعةً إيثارا

وَإِذا لَم أَذق منَ الدّهر إحلا

ءً مدى العمر لم أذق إمرارا

مَيُّ أنَّى لِي أن أقصُر اليومَ عن كل

لِ الأماني إن أملك الإقصارا

سالياً عن غروس أيدي اللّيالي

كيف شاءت وقد رأيت الثّمارا

أَيُّ نَفعٍ في أَن أراها دياراً

خالياتٍ ولا أرى دَيّارا

وسُكارى الزّمان بالطّمع الكا

ذب فيه أعيوا عليَّ السّكارى

فَسَقى اللَّه ما نَزلتُم من الأر

ض عليه الأنواءَ والأمطارا

وَإِذا ما اِغتَدى إِليها قِطارٌ

فَثَنى اللَّه لِلرّواح قُطارا

ما حَدا راكبٌ بركْبٍ وما دب

بَ مَطيُّ الفلاة فيها وسارا

لَستُ أَرضى في نَصركمْ وَقد اِحتج

تمْ إلى النّصر مِنِّيَ الأشعارا

غَيرَ أنّي مَتى نُصرتمْ بطعنٍ

أو بضربٍ أسابق النّصّارا

وإلى أن يزول عن كفَّيَ المن

عُ خذوا اليوم من لساني اِنتِصارا

وَاِسمَعوا ناظرينَ نَصر يميني

بشبا البِيض فَحْلِيَ الهدّارا

فلساني يحكي حسامي طويلاً

بطويلٍ وما الغِرار غِرارا

وَأُمرنا بِالصّبر كي يأتِيَ الأم

رُ وما كلّنا يطيق اِصطِبارا

وَإِذا لَم نَكُن صَبرنا اِختياراً

عَن مرادٍ فقد صبرنا اِضطِرارا

أَنا مَهما جريت في مَدحكمْ شأ

واً بعيداً فلن أخافَ العثارا

وَإِذا ما رَثيتكمْ بقوافي

يَ سراعاً فمُرْجَلُ الحيِّ سارا

عاضَني اللَّه في فَضائِلكم عل

ماً بِشكٍّ وَزادني اِستِبصارا

وأراني منكم وفيكم سريعاً

كلَّ يومٍ ما يُعجب الأبصارا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

91

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة