الديوان » العصر المملوكي » الشريف المرتضى » تلك الديار برامتين همود

عدد الابيات : 58

طباعة

تِلكَ الدّيارُ برامَتين همودُ

دَرَسَتْ ولم تدْرسُ لهنّ عُهودُ

حَيثُ اِلتَوى ذاكَ اللّوى ثمَّ اِستَوى

وَاِلتفَّ مِن شَملِ الأراكِ بَدِيدُ

أَوَ ما رأيتَ وُقوفَنا بمُحَجَّرٍ

والدّمعُ مِنْ جَفْنِي عليه يجودُ

مُترنّحينَ منَ الغرامِ كأنّنا

قُضُبٌ تميلُ مع الصِّبا وتميدُ

والرّكبُ إمّا سادِرٌ مُتَهالكٌ

أو راكبٌ ثَبجَ السُّلوِّ جَليدُ

وعلى أهاضيب المُشقَّرِ غادةٌ

للرّيمِ منها طَرفُهُ والجيدُ

صَدّتْ ولم تُرِدِ الصُّدودَ وربّما

جاء العناءُ ولم يُرِدْه مريدُ

ولقد طَرقتَ وما طَرقتَ صبابةً

عيني ونحن إلى الرّحالِ هُجودُ

في ظلِّ خوصٍ كالقسيِّ طلائحٍ

أخَذَتْ عَوارِيَهُنَّ منها البيدُ

أَنّى اِهتَديتَ وَكيفَ زُرتَ وَبَينَنا

دون الزّيارةِ مُرْبخٌ وزَرودُ

ومفاوزٌ مِنْ دونهنّ مفاوزٌ

وتهائِمٌ مِنْ فوقهنّ نُجودُ

وغرائرٍ أنكرنَ شيبَ ذوائبي

والبيضُ مِنَّي عندهنّ السُّودُ

أنكرنَ داءً ليس فيه حيلةٌ

وَذَممْنَ مفْضىً ليس عنه مَحيدُ

يُهْوى الشّبابُ وَإِنْ تَقادم عهدُه

ويُمَلُّ هذا الشّيبُ وهو جديدُ

لا تَبْعُدَنْ عهدَ الشَّبابِ ومِنْ جوىً

أَدعو لَهُ بِالقربِ وَهوَ بعيدُ

أَيّامَ أُرمَى بِاللّحاظِ وأرتمِي

وأصادُ في شَرَكِ الهوى وأصيدُ

قد قلتُ للرّكب السِّراعِ يحثُّهمْ

مترنِّمٌ بحُدائه غِرَّيدُ

في سَبْسَبٍ خافي المعالمِ والصُّوى

فكأنّما موجودُهُ مفقودُ

مَنْ مبلغٌ فخرَ الملوكِ رسالةً

أَعيَتْ عليَّ يقولُها المجهودُ

أتَرى ليالِيَّ اللواتي طِبنَ لي

في ظلّكَ الوافي عليَّ تعودُ

وَمَتى أَزور ربيعَ أرضِك زَوْرَةً

وعليَّ من نَسْجِ الرّبيعِ بُرودُ

وأنا الّذي من بعد نَأْيِكَ نازحٌ

عن كلِّ ما فيه الهوى مطرودُ

أُضحِي أَرى ما غيرُهُ عندي الرِّضا

وأُريدُ كُرهاً ما سواه أُريدُ

للَّهِ حِلْمُك والرِّواقُ يُرى بهِ

للسائلين من الوفود وفودُ

والقول يُرزَقُهُ الشّجاعُ ويمتري

منه ويُحرَمُ نُطقَه الرِّعديدُ

في مَوقفٍ ينتاب تامورَ الفتى

للرّعبِ إقرارٌ بهِ وجُحودُ

وعلى الأسرّةِ من ضيائك بارقٌ

أو كوكبٌ جَهَر النّجومَ فَريدُ

وكأنَّ وجهَك قُدَّ من شَمسِ الضُّحى

أم مِنْ سَنا قمر الدّجى مقدودُ

لاذوا بمن ثَمَرُ المروءَة يانعٌ

منه وأُمُّ المَكْرُماتِ وَلودُ

والمنهلُ العِدُّ النميرُ وحيثما

يُدنى المَذود ويُمنحُ المحدودُ

يا فخرَ مُلكِ بني بويه ومَنْ له

ظِلٌّ على هذا الورى مَمْدودُ

وَالمُعتلي قِمم العَلاء بهمّةٍ

قامَتْ وهمّاتُ الرّجالِ قُعودُ

وَالمُنشئ الغُرِّ الغرائبِ في النّدى

حتّى تُعلّم منه كيف الجودُ

هيَ دولةٌ مازلتَ تَرْأبُ شعبَها

وتذُبُّ عنها كالئاً وتذودُ

تُنمى إِذا اِنتَسَبتْ إِليك وما لها

إِلّاكَ آباءٌ لها وجُدودُ

وَرَدَدْتها بالأَمسِ ثلَّةَ قَفْرةٍ

شَطَّتْ فأحْرزَها علينا السّيدُ

أَوْقَدتها بعدَ الخبوِّ فما لها

أَبَدَ الزّمانِ تطامنٌ وخمودُ

مَنْ ذا الّذي يَرنو إِلَيها طالباً

ولها ببابك عُدّةٌ وعديدُ

لَولا دِفاعُك ما اِستَقَرّ بمَفْرَقي

ذاك المتوَّجِ تاجُهُ المعقودُ

ولَزال هذا الملكُ بعد مماتِهِ

وَلمالَ عنهُ دعِامُه المعمودُ

كَم ذا صَليتَ وِقايةً لِنَعيمِهِ

يَوماً يَذوبُ بحَرِّهِ الجلمودُ

في ظهرِ مُستَلبِ الفُتورِ كأنّه

هَيْقٌ بأجواز الفلاةِ شَرُودُ

وكأنّه ينسابُ في خَلَلِ القنا

يومَ الكريهةِ أرْقمٌ مَزؤودُ

في غِلمةٍ سلكوا طريقَك في الوغى

والبيضُ منهمْ رُكّعٌ وسجودُ

مُتَسرّعينَ إِلى القِراعِ كأنّهمْ

وعليهمُ زُبَرُ الحديد حَديدُ

يُرْدُون مَنْ شاؤوا بِغَيرِ منيّةٍ

فَهُمُ وَإِنْ غَلَبوا الأسودَ أُسودُ

لا يَأخُذونَ المالَ إِلّا بِالقَنا

تَحمرّ مِنه ترائبٌ ووريدُ

أَو مِنْ ظُبا لم تَعْرَ يومَ كريهةٍ

إِلّا وَهاماتُ الكُماةِ غُمودُ

لا تَحقرنَّ منَ العدوِّ صغيرةً

وَاِرْدُد مكيدَةَ مَنْ تراه يكيدُ

وَإِذا اِسْتَرَبْتَ بِمنْ خَبَرْتَ فلا تَنَمْ

فَالدّاءُ يُعدِي والقليلُ يزيدُ

إِنَّ الحَسودَ هوَ العدوُّ وإنّما

سَتَروا قَبائِحَهُ فَقيل حسودُ

وَالضِّغنُ تَطْمُرُهُ الأناةُ فتعترِي

حِزَقاً إليه ضغائنٌ وحقودُ

وَالعودُ إِنْ طَرَحَ التقادُم قادحاً

فيهِ وَلم تدلكه ظلَّ العودُ

لَولا الصّلاحُ بِأنْ يُعاقَبَ مجرمٌ

ما كان وَعدٌ مُطمِعٌ وَوَعيدُ

ضَمِنَتْ لك الأقدارُ كلّ محبّةٍ

وَأحَلَّكَ الرّحمَن حيثُ تريدُ

وَنَعِمْتَ بِالنّيروزِ نعمةَ ناشدٍ

أضحى وَحشوُ يمينِهِ المنشودُ

وَعَرَتْكَ فيه جلالةٌ وإدالةٌ

وأتَتْكَ منه مَيامنٌ وسُعودُ

حَتّى يَقولَ المستزيدُ لكَ العُلا

ما فَوقَ هَذا في العَلاءِ مَزيدُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الشريف المرتضى

avatar

الشريف المرتضى حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Sharif-al-Murtaza@

588

قصيدة

4

الاقتباسات

93

متابعين

علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، من أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب. نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر. يقول بالاعتزال. ...

المزيد عن الشريف المرتضى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة