الديوان » العصر العثماني » محمد المعولي » الموت أبكى جملة الأقوام

عدد الابيات : 44

طباعة

الموتُ أبكى جملةَ الأقوامِ

طُرّاً وأحزنَ جملة الحكَّامِ

وأقام في منجٍ نعيّاً دائماً

في كل منزلة وكلِّ مقامِ

وسَقَى جميعَ الخلقِ كأساً مرةً

وأذاقَهم شرباً وطعمَ سِمَامِ

وأراهمُ بعد النعيمِ ولذةٍ

بؤسا وألبسهم ثيابَ سقامِ

بوفاة ذى الإيمانِ والإحسانِ

والإعطاءِ والآلاء والإنعامِ

والفضلِ والصدرِ الرَّحيبِ وذى التقى

والجودِ والإجلالِ والإعْظَامِ

والعزّ والشرف الرفيع وذى الحِجى

والعدلٍ والمعروف والأحكامِ

ذاكَ الأشدُّ على العدوّ ووجهُه

طلق لأهلِ الدينِ والإسلامِ

ذاكَ الولىُّ الزاهدُ الفطنُ الرضىّ

العابدُ البحرُ الخضمُّ الطّامِى

العالمُ العلَمُ المعلَّمُ عمَّنَا

بعلومِه علماً عن العلاَّمِ

أعني بذلك راشداً نسلَ الفتَى

خَلَف بن راشدٍ العقيدِ السَّامِى

ذاكَ الكريمُ الموردُ العذبُ الذي

شهدت له الأعداءُ بالإكرامِ

ذاكَ الذي قال الأنامُ جميعُهم

هذا النزيهُ كريمُ كلِّ كِرَامِ

هَذا هُو الشخصُ المقدسُ ابن راشد

من كلِّ عيبٍ باطنٍ أَوْ ذَامِ

هَذا هُو العدلُ المطهرُ ابنُ راشدٍ

من جملةِ الأفذارِ والآثَامِ

يا محييَ السيْبِ الكثيرِ بجودِه

بل يا مميتَ الفقرِ والإعدامِ

يا موثل الضعفاء بل يا ملجأ

الفقراءِ بل يا موردَ الأيتامِ

يا سيدَ الأربابِ بل يا صفوةَ

الأصحابِ بل يا كعبةَ الإسلامِ

يا قدوةَ الأُمراءِ بل يا خيرةَ

الوزراءِ بل قادة الأَعْلامِ

عمّتْ مصيبتُك الورَى حتى لقد

لبس النهارُ بها ثيابً ظلامِ

يا عينُ جودى بالدموعِ فإنني

ألقيتُ جَرْى الدمعِ غيرَ حَرَامِ

وأرَى البكاءَ عليك فرضاً لازما

وعلىّ حق إقامة الإلزامِ

مِنْ حيث إنً اللهَ عظَّم شأنَه

واختارَهُ من جملةِ الأقوامِ

مَنْ في جميع الخلق يشبه خلقه

في الحالتين النقضِ والإبرامِ

والعدلِ والآراءِ والتدبيرِ

والتقديرِ والتشميرِ والأحكامِ

ماضى العزيمة لا يرد مقالُه

والرأىُ منه كضربة الصَّمْصَامِ

أبكيك يا من عدلُه ونوالُه

قد شاعَ في الأمْصَارِ حتى الشامِ

أبكيك يا كهفَ اليتامى والورى

بمدامعٍ تهمى كوبلِ غمامِ

وتحسُّرِي ما دمتُ حيّاً دائمٌ

يَتْرَى عليك قبل بدء كلامِى

الموتُ أحرقَ مهجتي وحَشاشتي

حتى أَذاب مفاصلِي وعِظامي

والموتُ أفجعني وكدَّر عيشتي

بأمولِ بدرِ التِّم بعد تمَامِ

والموتُ وأروثنى البُكا بنزولِه

بعد الصفاءٍ على الزكى السامِى

والموتُ أطفأَ كلَّ نورٍ ساطعٍ

والموتُ أيبسَ كلَّ بحرِ طامِ

صدقَ الذي قالَ الصوابَ وقولُه

ما هذه الدنيا بدارِ دَوَامِ

وجميعُ مَا فيها ولذة عيشها

إلا كأضغاثٍ من الأحلامِ

يتتابعونَ إلى المنايَا بالمنى

كتتابعِ الأقدامِ بالأَقدامِ

فتفكرُوا وقد برُوا وتدكرُوا

ما دامتِ الأَرواحُ في الأَجسامِ

قبلَ انقطاعِ الصوت من أفواهكم

ومرارةِ الأَوصاب والأَسْقَامِ

وحلولُ عزرائيلَ في جُمْانكم

ومذلة الأَمراضِ والآلامِ

ما خلتُ أن البدرَ يقبر في الثرَى

وأراه طىَّ جنادلٍ ورَغامِ

سقياً لقبرٍ ضَمَّ بحراً زاخراً

وسقاهُ وَسْمِىّ السحابِ الهامِى

سقياً لقبر ضمَّ أفضل عادل

ومؤازرٍ ومرافق قوَّامٍ

سقياً لقبر ضمَّ خيرَ ولاتنا

مِنْ فاضلٍ أو عابدٍ صوّامِ

سقياً لقبر ضمَّ أفضل صالحٍ

وإمامِ عدلٍ وهْو خيرُ إمامِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد المعولي

avatar

محمد المعولي حساب موثق

العصر العثماني

poet-Mohamed-Almawali@

208

قصيدة

2

الاقتباسات

32

متابعين

محمد بن عبد الله بن سالم المعولي. أحد أعلام الشعر العمانيين الخالدين عاش في أواخر القرن الحادي عشر وفي القرن الثاني عشر الهجري. وخلد في شعره ومدائحه مجد شعبه وعظمة حكامه وانتصارات ...

المزيد عن محمد المعولي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة