الديوان » العصر المملوكي » الطغرائي » أصالة الرأي صانتني ( لامية العجم )

عدد الابيات : 58

طباعة

أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ

وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ

مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ

والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ

فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني

بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي

نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ

كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ من الخَللِ

فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي

ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي

طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي

ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ

وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما

يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي

أُريدُ بسطةَ كَفٍ أستعينُ بها

على قضاءِ حُقوقٍ للعُلَى قِبَلي

والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني

من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ

وذِي شِطاطٍ كصدرِ الرُّمْحِ معتقلٍ

لمثلهِ غيرَ هيَّابٍ ولا وَكِلِ

حلوُ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ

بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ

طردتُ سرحَ الكرى عن وِرْدِ مُقْلتِه

والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ

والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ

صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ

فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي

وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ

تنام عيني وعينُ النجمِ ساهرةٌ

وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ

فهل تُعِيُن على غَيٍّ هممتُ بهِ

والغيُّ يزجُرُ أحياناً عن الفَشَلِ

اني أُريدُ طروقَ الحَيِّ من إضَمٍ

وقد رَماهُ رُماةٌ من بني ثُعَلِ

يحمونَ بالبِيض والسُّمْرِ اللدانِ بهمْ

سودَ الغدائرِ حُمْرَ الحَلْي والحُلَلِ

فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُهتدياً

بنفحةِ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ

فالحبُّ حيثُ العِدَى والأُسدُ رابضَةٌ

نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ

قد زادَ طيبَ أحاديثِ الكرامِ بها

ما بالكرائمِ من جُبنٍ ومن بُخُلِ

تبيتُ نارُ الهَوى منهنَّ في كَبِدٍ

حرَّى ونار القِرى منهم على القُلَلِ

يقتُلنَ أنضاءَ حبٍّ لا حَراكَ بها

وينحرونَ كرامَ الخيلِ والإِبِلِ

يُشفَى لديغُ الغوانِي في بُيوتهِمُ

بنهلةٍ من لذيذِ الخَمْرِ والعَسَلِ

لعلَّ إِلمامةً بالجِزعِ ثانيةً

يدِبُّ فيها نسيمُ البُرْءِ في عللِ

لا أكرهُ الطعنةَ النجلاءَ قد شُفِعَتْ

برشقةٍ من نِبالِ الأعيُنِ النُّجُلِ

ولا أهابُ صِفاح البِيض تُسعِدُني

باللمحِ من صفحاتِ البِيضِ في الكِلَلِ

ولا أخِلُّ بغِزلان أغازِلُها

ولو دهتني أسودُ الغِيل بالغيَلِ

حبُّ السلامةِ يُثْني همَّ صاحِبه

عن المعالي ويُغرِي المرءَ بالكَسلِ

فإن جنحتَ إليه فاتَّخِذْ نَفَقاً

في الأرضِ أو سلَّماً في الجوِّ فاعتزلِ

ودَعْ غمارَ العُلى للمقديمن على

ركوبِها واقتنِعْ منهن بالبَلَلِ

يرضَى الذليلِ بخفضِ العيشِ يخفضُه

والعِزُّ عندَ رسيمِ الأينُقِ الذُلُلِ

فادرأْ بها في نحورِ البِيد جافلةً

معارضاتٍ مثانى اللُّجمِ بالجُدَلِ

إن العُلَا حدَّثتِني وهي صادقةٌ

في ما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ

لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً

لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ

أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمِعاً

والحظُّ عنِّيَ بالجُهَّالِ في شُغُلِ

لعلَّهُ إنْ بَدا فضلي ونقصُهُمُ

لعينهِ نامَ عنهمْ أو تنبَّهَ لي

أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها

ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ

لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ

فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ

غالى بنفسيَ عِرفاني بقيمتِها

فصُنْتُها عن رخيصِ القَدْرِ مبتَذَلِ

وعادةُ النصلِ أن يُزْهَى بجوهرِه

وليس يعملُ إلّا في يدَيْ بَطَلِ

ما كنتُ أُوثِرُ أن يمتدَّ بي زمني

حتى أرى دولةَ الأوغادِ والسّفَلِ

تقدَّمتني أناسٌ كان شَوطُهُمُ

وراءَ خطويَ إذ أمشي على مَهَلِ

هذا جَزاءُ امرئٍ أقرانُه درَجُوا

من قَبْلهِ فتمنَّى فُسحةَ الأجلِ

وإنْ عَلانِيَ مَنْ دُونِي فلا عَجَبٌ

لي أُسوةٌ بانحطاطِ الشمس عن زُحَلِ

فاصبرْ لها غيرَ محتالٍ ولا ضَجِرٍ

في حادثِ الدهرِ ما يُغني عن الحِيَلِ

أعدى عدوِّكَ أدنى من وَثِقْتَ به

فحاذرِ الناسَ واصحبهمْ على دَخَلِ

وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها

من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على رَجُلِ

وحسنُ ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ

فظُنَّ شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ

غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجتْ

مسافةُ الخُلْفِ بين القولِ والعَمَلِ

وشانَ صدقَك عند الناس كِذبُهمُ

وهل يُطابَقُ معوَجٌّ بمعتَدِلِ

إن كان ينجعُ شيءٌ في ثباتِهم

على العُهودِ فسبَقُ السيفِ للعَذَلِ

يا وارداً سؤْرَ عيشٍ كلُّه كَدَرٌ

أنفقتَ عُمرَكَ في أيامِكَ الأُوَلِ

فيمَ اعتراضُكَ لُجَّ البحرِ تركَبُهُ

وأنتَ تكفيك منه مصّةُ الوَشَلِ

مُلْكُ القناعةِ لا يُخْشَى عليه ولا

يُحتاجُ فيه إِلى الأنصار والخَوَلِ

ترجو البَقاءَ بدارِ لا ثَباتَ لها

فهل سَمِعْتَ بظلٍّ غيرِ منتقلِ

ويا خبيراً على الأسرار مُطّلِعاً

اصْمُتْ ففي الصَّمْتِ مَنْجاةٌ من الزَّلَلِ

قد رشَّحوك لأمرٍ إنْ فطِنتَ لهُ

فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمَلِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


إن العُلَى حدَّثتِني وهي صادقةٌ في ما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ

المعنى: لو أنّ المقام في المكان الشريف يبلغ المنى ما برحت الشمس مقيمة في دارة الحمل؛ لأنها في هذا البرج في غاية الشرف، وهذا تمثيل بديع، وفيه حث على الحركة، قال عليه السلام: سافروا تصحوا، واغزوا تستغنوا، وفي حديث آخر، سافروا تصحوا وتغنموا، وفي التوراة: يا ابن آدم أحدث سفرا أُحدث لك رزقا، وقال العرب: الحركات بركات

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالباري الكياطي


فاتَّخِذْ نَفَقاً

النفق سرب في الأرض له مخلص إلى مكان.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احساس


رسيمِ

ضرب من السير، يعني أن من الذل الرضا بالراحة والدعة وأما العز ففي السفر.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احساس


يدَيْ بَطَلِ

يعني أن السيف وإن كانت قيمته في جودة متنه لا يؤثر إلا إذا ضرب به الشجاع.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احساس


دَخَلِ

بفتح الخاء المكر والخديعة.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو احساس


الطَفَلِ

نهاية النهار أثناء الغروب

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن آل غوماندر


لا ناقتي فيها ولا جَملي

بيان عن خلوه من هذا الأمر تماماً، ولا علاقة له به

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن آل غوماندر


راحلتي

الناقلة التي يصلح أن تكون ركوبا للسفر

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن آل غوماندر


حنَّ

الصوت الذي يُصدره الحيوان شوقاً وحنيناً إلى ولده أو غير ذلك

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن آل غوماندر


ورحُلها

الذي يوضع فوق الراحلة ليقعد عليه الراكب

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن آل غوماندر


العَسَّالةِ الذُّبلِ

وصفٌ للرِماح: بمعنى السريع المُهتز، والحّدة والّدقة

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن آل غوماندر


نضوي

البعير الهزيل والنحيل الذي يركبُه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن آل غوماندر


الحُلَلِ

اللبس الذي يستر كلتا نصفّي الإنسان

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن آل غوماندر


اللُّجمِ

الحبل الذي يقود به الفارس فرسه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو عبدالرحمن آل غوماندر


فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمَلِ

بمعنى فهرب منهم ولاتطاوعهم كي لا تكون كالإبل التي ترعى بلا راعي.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو ماجد الجبوري


أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ

أقنعَ نفسي بالأمل الآتي، وبأن الغد لا بد أن يأتي بالخير والإفضال طالما همّتي تبلغ عنان السماء، فما أشدّ قسوةَ الحياةِ لولا ذلك الأملِ الذي يُرضيها به!

تم اضافة هذه المساهمة من العضو يزن خنفر


معلومات عن الطغرائي

avatar

الطغرائي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Tughrai@

375

قصيدة

4

الاقتباسات

184

متابعين

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي. شاعر، من الوزراء الكتاب، كان ينعت بالأستاذ. ولد بأصبهان، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب ...

المزيد عن الطغرائي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة