الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » إذا رفعت من شراف الخدور

عدد الابيات : 88

طباعة

إذا رُفِعَتْ من شَرافَ الخدورُ

فصبرَك إن قلتَ إني صبورُ

ستعلمُ كيف يُطَلُّ القتي

لُ بعد النوى ويُذَلُّ الأسيرُ

فإن كنتَ منتصِراً فاستقدْ

بثأرك والعيسُ عَجلَى تثورُ

وإلاّ فَلِن جانباً للفراقِ

فما كنتَ أوَّلَ جَلْدٍ يخورُ

ألا تُسعداني بعينيْكما

وما كنتُ قبل الهوى أستعيرُ

فقد حار لحظِيَ بين اثنتين

هوىً منجدٍ وخليط يغورُ

ترى العينُ ما لا يراه الفؤادُ

فيقصِدُ قلبي وطرفي يجورُ

وقفتُ وقد فاتني بالحُمو

لِ غضبانُ ليلٍ سراه قصيرُ

عنيفٌ إذا ساقَ لم يلتفتْ

لساقٍ تَطيحُ ومخٍّ يَريرُ

كفاه مع العيس حسنَ النشاط

حنينيَ في إثرها والزفيرُ

ولما تعيَّفتُ فاستعجمت

مَيامنُ كانت بخيرٍ تطيرُ

ولم أدرِ والشكُّ يَنفِي اليَقينَ

إلى أيِّ شِقَّيْ طريقي أصيرُ

تَنَبَّه من هاجعاتِ الرياحِ

فدلَّ عليكم نَسيمٌ عطيرُ

وخاطَفَ عينيَ برقٌ تُشا

مُ في حافَتيْه الطُّلَى والنحورُ

وفي الظُّعْن مشتبِهاتُ الجَما

ل تَشقَى بأعجازهنّ الصدورُ

حملنَ إلى قتلنا في الجفون

سيوفاً حمائلهن الشعورُ

وقُلِّدنَ دُرّاً تحدَّيْنَ عنه

كأنّ قلائدَهنَّ النحورُ

بكيتُ دَماً يوم سفح الغويرِ

وذاك لهم وهو جهدي يسيرُ

ومن عجبِ الحبّ قَطْرُ الدما

ءِ من مقلتي وفؤادي العقيرُ

وليلٍ تعلَّقَ فيه الصباحُ

فما يستَسِرُّ وما يستنيرُ

يعود بأوّلِ نِصفيْه لي

إذا قلتُ كاد وجاء الأخيرُ

كأنّ سنا الفجر حيرانَ في

ه أعمَى تقاعدَ عنه بصيرُ

نسيرُ به ونحطُّ الركابَ

وغيهبُه جانح لا يسيرُ

كأنّ الثريّا على جنحه

يدِي من مَقام الهوى تستجيرُ

سريتُ أشاورُ فيه النجومَ

ومالِيَ بالصبح فيها بشيرُ

إلى حاجةٍ في العلا همَّتي

إليها تطول وحظّي قصيرُ

وهل ينفعُ الرمحَ ما لم يُنَطْ

بكفٍّ تُطاعِنُ نصلٌ طريرُ

عَذيرِيَ من وجه دهري الوَقَاحِ

وأين من المتجنِّي عَذيرُ

ومن غَدرِ أيّامه العادياتِ

على ما أذمَّتْ عليه تُغيرُ

ألم يكفِها أنّ غصنَ الصِّبا

ذَوى واستردَّ الشبابَ المعيرُ

ولو نظرَتْ حسَناً لم تَمِلْ

عليَّ ومالِيَ فيها نظيرُ

ومولىً إذا أنا قلتُ احتكم

تفاحشَ يحبِسني أو يجورُ

رماني وقال احترِسْ من سوايَ

ليشعَبَ قلبيَ منه الفُطورُ

ألم يأتِه أنّه لا يُجَس

سُ غَوري ولا يطَّبيني الغؤور

وأن حِمَى هِبةِ اللّهِ لي

من الضيم لو رام ضيمي مجيرُ

ومن يعتصمْ بمعالي أبي ال

معالي يبِتْ كوكباً لا يغورُ

يبِتْ للغزالةِ من دونه

ذراعٌ قصيرٌ وطرفٌ حسيرُ

حَمَى سَرحَ سودَدِه أن يرا

عَ أشوسُ دون حِماه هصورُ

وقام بنُصرة إحسانه

فتىً لا يُخذِّلُ وهو النصيرُ

طليقُ المحيا إذا ياسروه

وجَهمٌ إذا حاربوه عسيرُ

له خُلُقانِ من الماء ذا

كَ ملحٌ وهذا فُراتٌ نميرُ

وطعمانِ إن طَمِعَ الحلوُ في

ه قام يدافعُ عنه المريرُ

إذا انتُهِكتْ للعلا حُرمةٌ

تنمَّرَ منه أبيٌّ غيورُ

وإن جئتَ محتلباً كفَّه

سقى من أوامك ضرعٌ دَرورُ

وفَى بالسيادة لَدْنَ القضيبِ

ولم تتعاقبْ عليه العصورُ

ورُشِّح عاتقُه للنِّجادِ

ولم تُلْقَ أخرازُه والسيورُ

حمولٌ قويمُ قناةِ الفَقارِ

إذا ركعتْ للخطوبِ الظهورُ

رحيبُ الأضالِع ثَبْتٌ إذا

تنفَّس من ضِيقهن الضَّجورُ

غنيٌّ بأولِ آرائه

إذا ما استبدَّ فما يستشيرُ

سماتُ ابنِ عشرين في وجههِ

وفي حلمه عشراتٌ كثيرُ

كريمٌ تفرَّع من أكرمِي

نَ كَوْرُ فخارِهمُ لا يحورُ

وُسُومُهُمُ في جباهِ الدهو

ر بالعزِّ تبقَى وتَفنَى الدهورُ

إذا مات منهم فتىً فابنُه

حياةٌ لسؤدُدِه أو نشورُ

بنَى البيتَ لا ترتقي الفاحشاتُ

إليهِ ولو حَمَلتْها النُّسورُ

رفيعُ العمادِ ترى بيتَه

مكانَ ابتنى منكبيْه ثَبيرُ

تَزالَقُ عنه لحاظُ العيونِ

فترجعُ عن أفْقِهِ وهْي زُورُ

ولو لم يكنْ في العلوِّ السماءَ

لما طلَعتْ منه هذي البدورُ

لنيرانهم في مُتونِ اليفَاعِ

لحاظٌ إلى طارق الليل صُورُ

مواقدُ تُضرَمُ بالمندليّ

وتُنحرُ من حولهنَّ البُدورُ

عُلاً شادَها مجدُ عبد الرحيم

على خُطّةٍ خطَّها أرْدَشِيرُ

فروعٌ لهمْ قَلَمُ المُلك من

أصولٍ لهم تاجُهُ والسريرُ

فداكم شقيٌّ بنُعماكُمُ

تلثَّمَ عجْزاً وأنتم سُفورُ

له حين يبطُشُ باعٌ أشل

لُ من دونكم وجَناحٌ كسيرُ

ضعيفُ جناحِ الحشا بائحُ ال

لسان بما ضمَّ منه الضميرُ

يغيض بأذرعكم فِترُه

وكيف ينالُ الطويلَ القصيرُ

تدورُ عليه رَحَى غيظِهِ

بكم وعليكم تدورُ الأمورُ

على صدره حسَدٌ أن غَدَتْ

بأوجهكم تستنيرُ الصدورُ

لكم كلّ يومٍ بما ساءه

بشيرٌ ومنكم إليه نذيرُ

فللسيف والسَّرجِ منكم فتىً

أميرٌ وللدّست منكم وزيرُ

وليس له غيرَ عضِّ البنان

وذمِّ الزمان عليكم ظهيرُ

بكم وضَحتْ سبُل المكرُماتِ

وبات سِراجُ الأماني يُنيرُ

ومالتْ إليّ رقابُ المدي

حِ تُصحِبُ وهي عَواصٍ نُفُورُ

وكان جباناً لسانُ السؤالِ

فأصبح وهو جريءٌ جسورُ

ملكتم نواصِيَ هذا الكلام

فليس بهنَّ سواكم يطورُ

لذاك وأنتم فحولُ الرجا

ل يهواكم الشعرُ والشعر زِيرُ

وهَبْتُ لساني وقلبي لكم

فيوماً ودادٌ ويوماً شُكورُ

وأصبحتُ منكم فمن رامني

سواكم فذاك مَرامٌ عسيرُ

لك الخيرُ إني فتىً منك شِمْتُ

نداك فأسبَلَ نوءٌ غزيرُ

وجوهرة لم تلِدْ مثلَها

على طول غوصِيَ فيها البحورُ

وربَّ ندىً لك مستملَحٌ

صغيرُك عندِيَ فيه كبيرُ

يطيبُ فأبصرتَ منه مكانَ

رضاي وغيرُك عنه صبورُ

لئن قمتَ فيه بشرط الوفاء

على فَوْرةٍ لم يعقها فتورُ

فما كان أوّلَ ما يعجزو

ن عنه وأنت عليه قديرُ

وكم أملٍ لي حَصيصٍ وثقتُ

بأنّ جناحك فيه يطيرُ

وعنديَ من أمّهات الجزاءِ

وَلودٌ وأمُّ القوافي نَزورُ

تزورك في كلّ يومٍ أغرَّ

بحقٍّ من المدحِ ما فيه زُورُ

أوانسُ جودُك من كفئها

إذا أبرزتْها إليك الخدورُ

وأمدحُ قوماً ولكنني

إليك بما قلتُ فيهم أُشيرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

133

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة