الديوان » العصر العباسي » مهيار الديلمي » بين النقا فثنية الحجر

عدد الابيات : 81

طباعة

بين النَّقا فَثَنيَّةِ الحِجْرِ

سمراءُ تُرقَبُ بالقنا السُّمرِ

رصفَتْ قلائدَها بما سفكتْ

من فيضِ دمعٍ أو دمٍ هَدْرِ

ماشئتِ من حَبِّ القلوب أو ال

أجفان في بيضٍ وفي حُمرِ

نزَلتْ مِنىً أُولَى ثلاثِ مِنىً

فقضت نجيزة ليلة النَّفْرِ

وجلَتْ لأربع عشرة قمراً

والشهرُ ما أوفَى على العَشْرِ

تَرمِي الجِمارَ وبين أضلعنا

غرضٌ لها ترميه بالجمرِ

من لي على عَطْلَى بغانيةٍ

شبَّت وشِبْتُ وعمرُها عُمري

لم تَنوِ في قَسَمٍ تَحِلَّتَهُ

إلا إذا حلفتْ على الهَجرِ

قالت وليمت في ضنا جسدي

طَرْفي علَى إسقامه عُذري

واستُسقِيَتْ لظَمايَ ريقَتها

فاستشهدتْ بالآي في الخمرِ

وتقول للعذّالِ مُغضبَةً

شيَّبتُه من حيثُ لا يدري

قبَّلتُ عصياناً عوارضَه

عمداً فأعدى شَعرَهُ ثَغري

وأَخٍ مع السّراء من عُدَدِي

وعليّ في الضَّراء والشرِّ

تطوِي حشاه على تبسُّمِهِ

أضلاعَ مُشرَجَةٍ على الغِمرِ

مولاي والأحداثُ مغمَدةٌ

فإذا انتُضِينَ فَرَى كما تَفْرى

تَعِبٌ بحفظ هَناتِ مَيسَرَتي

حتى يعدِّدَها على العُسرِ

الدهرُ ألْينُ منه لي كنفاً

لو كان يتركني مع الدهرِ

ومغَيِّمِ المعروف يخدعني

إيماضُ واضحتيهِ بالبِشرِ

سكَنَ اليفاعَ وشبَّ مَوقِدَه

ناراً يُغرُّ بها ولا يَقْري

ذي فطنةٍ في الشكر راغبةٍ

وغباوةٍ بجوالب الشكرِ

فإذا مدحتُ مدحتُ ماطرةً

وإذا عصرتُ عصرتُ من صخرِ

لا طاب نفساً بالنوالِ ولا

مخَضَ المودةَ زُبدةَ الصَّدرِ

وأرادني من غير ثروتِهِ

أن أستكين لذلَّة الفقرِ

ينجو بِعرضي أن يضام له

عَرْضُ الفلاةِ وغضبةُ الحُرِّ

وتنجُّزُ الأيّام ما وعدتْ

في مثله وعواقبُ الصبرِ

ومؤيّد السلطان عاليةً

يَدُه بتأييدي وفي نصري

لو شئتُ فُتُّ سُرَى النجوم به

وخَفِيت عن ألحاظها الزُّهرِ

ولبلَّغَتْنِي المجدَ سابحةٌ

بالظَّهرِ ليست من بني الظهرِ

ترتاح للضَّحضاح خائضةً

وتكُدُّ بالمتعمِّقِ الغَمرِ

تجري الرياح على مشيئتها

فتُخالُ طائرةً بما تجري

وإذا شراعاها لها نُشِرَا

خفقَتْ بقادِمتيْن من نَسْرِ

في جانبٍ لينٌ يُدَفّعُها

وخِطارُها في جانبٍ وَعْرِ

يحدو المطيَّ الزاجرون له

وتساقُ بالتهليل والذِّكْرِ

من لي بقلبٍ فوقها ذَكَرٍ

مُصْغٍ لعذلي تابعٍ أمري

قالوا الشجاعةَ إنّه غَرَرٌ

متقاربُ الميقاتِ والقدْرِ

يومان في لُجٍّ فإن فَضُلا

بزيادةٍ فبليلة العِبْرِ

هيهات منّي ساحلٌ يَبِسٌ

والبحرُ يُفضي بي إلى البحرِ

القصدُ والمقصودُ من شَبَهٌ

في الجود أو حدٌّ من الغَزْرِ

ما أنَّ إلا أنَّ ذا أجِنٌ

مِلحٌ وذاك زلالةُ القَطْرِ

جارَى الملوكَ فبذَّهم ملك

سبق القوارحَ في سِني مُهرِ

وأَرَى بني الستين عجزَهُمُ

في الرأي وهو ابنُ اثنَتَيْ عَشْرِ

لا طارفُ النعماءِ منزعجٌ

فيها ولا مستحدثُ الفخرِ

من وارثي العلياء ما اغتصبوا

مجداً ولا ملكوه بالقهرِ

أرباب بيتِ مكارمٍ عقدوا

أطنابَه بأوائل الدهرِ

ضربوا على الدُّوَل استهامَهُمُ

وتقاسموا بالنَّهْي والأمرِ

في كلّ أفْقٍ منهُمُ عَلَمٌ

مَرعَى العفاةِ وسَدَّةُ الثَّغْرِ

ابناء مُكْرَمَ وهي مَعرِفةٌ

نصروا اسمها بإهانة الوفرِ

قَطَنوا وسار عطاؤهم شَبَهاً

بالبحر قامَ وملْكُهُ يسري

في كلّ دارٍ من مواهبهم

أثرُ الحيا في البلدة القفرِ

وملكتَ يا ذا المجد غايتَهم

ما للبِهامِ فضيلة الغُرِّ

زيَّدتهم شرفاً وبعضُهُمُ

لأبيه مثلُ الواوِ في عمرو

سدُّوا بك الغاراتِ منفرداً

فملأتَ صفَّ الجحفلِ المَجْرِ

ودجا ظلامُ الرأي بينهُمُ

فوَضَحتَ فيه بطلعةِ الفجرِ

وأبوك يومَ البصرةِ اعترفت

قِمَمُ العدا لسيوفه النُّكرِ

ألقى عصاً من عزمةٍ بَتَرتْ

آياتُها حدَّ الظُّبَا البُتْرِ

لقَفَتْ على الكَرجيِّ ما أَفكتْ

كفَّاه من كيدٍ ومن مَكْرِ

فمضى يخيِّر نفسَه خَوَراً

ذلَّيْن من قَتْل ومن أسرِ

يجدُ الفِرارَ أحبَّ عاجلةً

لو كُفَّ غربُ الموتِ بالفَرِّ

ورأت عُمانُ وأهلُها بك ما

أغنى الفقيرَ وأمّنَ المثرى

صارت بجودك وهي موحشةٌ

أُنسَ الوفودِ وقِبلةَ السَّفْرِ

يفديك مبتهجٌ بنعمته

أسيانُ في المعروف والبِّرِ

ألهاه طيبُ المالِ يُحرِزُهُ

عن طيبِ ما أحرزتَ من ذِكْرِ

يبغي عِثارَك وهو في تعبٍ

كالليل طالبُ عثرةِ البدرِ

قد قلتُ لما عقَّ دع مِدَحي

زينُ الكفاةِ أبرُّ بالشِّعرِ

اُتركْ مقاماتِ العلاء له

متأخِّراً فالصدرُ للصدرِ

يا نازحاً ورجاءُ نعمتهِ

منّي مكانَ السَّحْرِ والنَّحرِ

هل أنت قاضٍ فِيَّ نذرَك لي

فلقد قضت فيك المنى نذري

أيّامَ لي وحدي الوفاء وكل

لِ الناسِ من نكثٍ ومن غدر

وأرى نداك اليوم في نفرٍ

لم يُشرَكوا في ذلك العصرِ

اُردد يدي ملأى وحاش لمن

يعتامُ جودَك من يدٍ صِفْرِ

واعطفْ عليَّ كما صددتَ أَذُقْ

طعميك من حُلوٍ ومن مُرِّ

والبسْ من النعماء سابغةً

لا تدَّريها أسهمُ الدهرِ

تَعمَى النوائبُ عن تأمُّلها

وتُطيلُ فيها نَومةَ السُّكرِ

مهما تَعُدْ خَلَقاً فجِدَّتها

تزداد بالتقليبِ والنشرِ

واسمعْ أَزُرْكَ بكلّ مالئةٍ

عينَ الضجيع خريدةٍ بِكْرِ

نَسْجُ القريحةِ ثوبُ زينتها

وحُلِيُّها من صنعة الفكرِ

من سحر بابلَ نفثُ عُقدَتِها

سارٍ وبابلُ منبِتُ السِّحرِ

وكأنما ساقَ التِّجارُ بها

لك من صُحَارَ لطيمةَ العطرِ

تُمسي لها الآذانُ آذنةً

ولوَ اَنَّهنّ حُجبنَ بالوَقْرِ

حتى أراك وأخمَصاك معاً

قُرطانِ للعَيّوق والنَّسرِ

هذي الهَدِيُّ عليَّ جَلْوَتُها

وعليكم الإنصافُ في المَهرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مهيار الديلمي

avatar

مهيار الديلمي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mihyar-al-daylami@

388

قصيدة

2

الاقتباسات

133

متابعين

مهيار بن مرزويه؛ أبو الحسن (أو أبو الحسين) الديلمي". شاعر كبير؛ في معانيه ابتكار. وفي أسلوبه قوة. قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم. وقال الزبيدي: شاعر ...

المزيد عن مهيار الديلمي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة