الديوان » العصر العباسي » صردر » ماذا يعيب رجال الحى في النادي

عدد الابيات : 78

طباعة

ماذا يَعيبُ رجالُ الحىِّ في النادي

سوى جنوني على أُدمانةِ الوادي

نعَمْ هي الزادُ مشغوفٌ بهِ سَغِبٌ

والماءُ حامت عليه غُلَّة الصادي

يا صاحبى أنتَ يومَ الرَّوع تُنجدْنى

فكيف يوم النوى حرَّمتَ إنجادي

وما سلكتُ فجِاج الحبِّ معتزما

حتى ضمِنتُ ولو بالنفس إسعادي

من أين تعلَمُ أنّ البينَ وخزَتُه

في القلبِ أسلمُ منها ضربةُ الهادي

لا دَرَّ دَرُّك إن ورَّيتَ عن خبري

إذا وصلتَ وإن أشمتَّ حُسّادي

قُلْ للمقيمين بالبطحاءِ إنَّ لكم

بالرقمَّتين أسيرا ماله فادي

بين العواذل تطويه وتنشُره

مثلَ المريِض طريحا بين عُوَّادِ

ليتَ الملامةَ سدَّت كلَّ سامعةٍ

فلم تجد مسلَكا أُرجوزةُ الحادي

أكلِّف القلبَ أن يهوَى وأُلزمه

صبرا وذلك جمعٌ بين أضدادِ

وأكتُم الركبَ أسرارى وأسألهم

حاجاتِ نفسي لقد أتعبتُ رُوّادي

هل مدلجٌ عنده من مُبكرٍ خبرٌ

وكيف يعلم حالَ الرايح الغادي

وإن رويتُ أحاديثَ الذين نأَوا

فعَنْ نسيم الصَّبا والبرقِ إسنادي

قالوا تعَوّضْ بغِزلان النقا بدلا

أمقنعى شِبْهُ أجيادٍ لأجياد

إن الظباءَ التي هام الفؤادُ بها

يَرعَينَ ما بين أحشاءٍ وأكبادِ

سَكَنَّ من أنفس العُشّاق في حَرَمٍ

فليس يطمع فيها حبلُ صيَّادِ

هيهات لا ذقتُ حُلوا من كلامكمُ

قد بان غدركُمُ في وجه ميعادي

ولا جعلتُ اللَّمى وِرْدي وقد ضمِنتْ

غمامةُ الجود إصداري وإيرادي

في شَرف الدّين عن معروفكم عِوضٌ

كرامةُ الجارِ والإيثارُ بالزادِ

للطارقِ الحكمُ في أعناقِ هَجمِته

ولو تقراَّه ذئبُ الرَّدهةِ العادي

نادتْ هلَّم إلى الشِّيَزى مكارمُهُ

فنُبنَ في الليلِ عن نارٍ ووقَّادِ

يَشفِين من قَرِم الضِّيفانِ عند فتىً

لا يزجرُ السيفَ من عُرقوبِ مِقحادِ

مباحُ أفنيةِ المعروفِ ليس له

بابٌ يعالجه العافى بمِقلادِ

فلا وكاء على عينٍ ولا ورقٍ

ولا رِعاء لأزرابٍ وأذوادِ

أجدَى فلم يَرذُجرا في خزائنه

إلا قناطيرَ من شكرٍ وإحمادِ

في كلِّ يومٍ يُرينا من مواهبه

بِرًّا غَريبا وفضلا غيرَ مُعتادِ

شريعةٌ في النّدَى ضلوا فدلّهُمُ

على مناهجها خِرّيتُها الهادي

قاضي اللُّبانةِ لم يفطِن لها أملٌ

كأنّه لهوى العافى بمِرصادِ

له قِبابٌ بطيب الذكرِ شيَّدها

فما دُعِمنَ بأطنابٍ وأوتادٍ

يا بحرُ إن شئتَ أن تحِكى مواهَبهُ

فدع مَخُوفَيْكَ من هَيْج وإزبادِ

قد ساجمَ العارضَ الهامي وزايدَه

حتى استغاث بإبراق وأرعادِ

لله أىّ زلالٍ في مَزَداتِهِ

والظِّمءُ يَخلِطُ فُرَّاطا بُورّادِ

اُنظر إليه ترى من شأنِهِ عجبا

زِىَّ الملوك على أخلاقِ زُهّادِ

إن قال قومٌ له مِثلٌ يقلْ لهُمُ

من ماثلوه به جئتم بإلحادِ

لا تكذُبنَّ فهذا الشخصُ من نفرٍ

لم يخلُق اللهُ منهم غيرَ آحادِ

شرائطُ المجد كلٌّ فيه قد جُمِعتْ

جمعَ حروِف التهجِّى في أبي جادِ

أرِحْ بنانَك من حُسبانِ سؤدده

إن الكواكبَ لا تُحصَى بأعدادِ

وهل يفوت المعالي من أحاط بها

بنفسه وبآباءٍ وأجدادِ

إذا الفخارُ رمَى الفُتيَا إلى حَكَمٍ

وافَى ينافر أمجادا بأمجادِ

على المهابةِ قد زُرَّت بَنائقُه

كأنّه لابسٌ لِبداتِ آسادِ

لذاك صُعِّر خدٌّ غيرُ منعفرٍ

له وخرَّ جبينٌ غيرُ سَجَّادِ

تطأطأ المجدُ حتى صار فارسَه

ثم اشمخرّ فلم يلطأ لصعَّادِ

فكيف لا ترهبُ ألأعداء نقمتَه

وبطشُها كصنيع الريح في عادِ

صوارمٌ من صواب الرأى يطبعها

وصانعُ المكرِ يكسوها بأغمادِ

إذا انتْتُضِينَ وما يَظهرنَ من لَطَفٍ

فرّقن ما بين أرواح وأجسادِ

وللمكايد سيفٌ غيرُ منثلمٍ

وللخدائع رمحٌ غيرُ منادِ

في أيِّما جانبٍ من حزمهِ نظروا

لم يجدوا مطلعا فيه لأَفنادِ

تخافُ عزمتَه الإبْلُ التي خُلقتْ

أخفافُهنَّ لتهجيرٍ وإسآدِ

وتتقيه العِتاق القُبُّ سائمةً

تطويحَها بين أتهامٍ وأنجادِ

أليس ناظمها عِقدا له طَرَفٌ

بالرىّ والطرفُ ألأقصى ببغدادِ

مكَّلفات بساطَ الدوّ امسَحه

بأسؤقٍ وبأعناقٍ وأعضادِ

كأنَّ آثارَ ما داست حوافرُها

دراهمٌ بَدَدٌ في كفِّ نقَّادِ

طورا تَسامَى على يافوخِ شاهقةٍ

بها السمواتُ ظُنَّتْ ذاتَ أعمادِ

وتارةً ترتمى في صفصفٍ قُذُفٍ

للآلِ يُكذَب فيه كلُّ مُرتادِ

حتّى شَتَيْنَ بنيسابورَ باليةً

إلا عِظاما مُواراةً بأجلادِ

في شَتوةٍ شَمِطَ الليلُ البهيمُ بها

تُضاحِك الريحَ ما هبَّتْ بصَرَّادِ

كأنَّ في أرضها أنْسَاجَ قِبْطِيَةٍ

أو السماءَ استعارت بَرْسَ نَجَّادِ

يا من يشاوَرُ في قُرب وفي بُعُدٍ

ومن يُعَدُّ لإصلاحٍ وإفسادِ

إن الإمامَ مذ استرعاك دولتَهُ

غَنِى برأيك عن تجهيز أجنادِ

إن مرِضَتْ ليلةٌ عُمىٌ كواكُبها

قدحتَ فيها بزنَدٍ غيرِ صَلاَّدِ

فهذه ألأرضُ قد عَجَّت بدعوتهِ

في كلِّ قُطرٍ خطيبٌ فوق أعوادِ

عونٌ من الله لم يضشهد وقيعتَه

إلا كتائبُ توفيقٍ وإرشادِ

وحسنُ تدبيرك المُردِى أعاديَهُ

مقرَّنين بأغلالٍ وأصفادِ

فأىُّ فظٍّ عليها غيرُ منعطفٍ

وأي صعبٍ حرون غيرُ منقادِ

وفي خراسانَ قد شِيدتْ مآثره

أرَّخَها صيتُها تاريخَ ميلادِ

بين الخليفةِ والمَلْكِ المطيعِ له

أبرمتَ وصلةَ أولادٍ لأولادِ

شمسٌ وبدرٌ لويتَ العَقدَ بينهما

لولا الشريعةُ لم يوثَق بإشهادِ

فليس كالصِّهر في سهلٍ ولا جبل

وليس كالحمو في حَضْرٍ ولا بادِ

فيا له شرفا أحرزتَ غايتَه

فلم تدع فضلةً فيه لمرتادِ

وما بلوغُك في العلياء آخَرها

بمانعٍ كَرَّةَ المستأنِف البادي

تسومني أن أُنير القولَ فيك وما

يُغني المرقَّشُ من تفويفِ أبرادِ

بل كلُّ مدحِك أمرٌ ليس من حِيلى

وكنْهُ وصفك ثِقلٌ ليس في آدى

إنَّ القوافى وإن جاشت غواربُها

لا يُستطاه بها تحويلُ أطوادِ

فإن رضيتَ بميسورى فهاءِ حُلىً

مَصُوغة بين أفكاري وإنشادي

فلن تعوزَيدَ الغوَّاص من صدفى

فريدةٌ وُسِّطتْ في سِلك عقَّادِ

أُعابُ بالشعر لا أبغى به عِوضا

ولا يُعاب أناسٌ غيرُ أجوادِ

لكنّني في أناسٍ إن سألتُهُمُ

لم يعرفوا الفرق بين الظاء والضادِ

ما دمتَ سمعا وعينا في الزمان لنا

فكلُّ أيامِه أيامُ أعياد

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن صردر

avatar

صردر حساب موثق

العصر العباسي

poet-Sardar@

130

قصيدة

1

الاقتباسات

122

متابعين

علي بن الحسن بن علي بن الفضل البغدادي، أبو منصور. شاعر مجيد، من الكتاب. كان يقال لأبيه (صرّ بَعْر) لبخله، وانتقل إليه اللقب حتى قال له نظام الملك: أنت (صر ...

المزيد عن صردر

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة