الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » إن أقمر الليل للسارين في حضن

عدد الابيات : 60

طباعة

إنْ أقمرَ اللَّيلُ للسّارينَ في حَضَنِ

فلْيَعلَمِ الرَّكْبُ أنّ البدْرَ في الظُّعُنِ

ليس ابْنُ مُزْنةَ في عيني فأرمُقَهُ

ولا المُقنَّعُ في صَحبي فيَسْحرَني

وإنّما طلعَتْ واللّيلُ مُعتكِرٌ

من خِدْرِها بالفلا لَيْلَى لِتَفْتِنَني

ما لِلَّذينَ سَرَتْ لَيْلاً حُمولُهمُ

ساروا ولم يُشْرجوا عَيْني على وَسَن

قد حَلَّلوا من عُراها فهْيَ ناثِرةٌ

لِلُؤْلُؤٍ منْذُ غابَ الحَيُّ لم يُصَن

باتَتْ جُفوني وراء الظّاعِنِينَ به

كأنّما فُتِّقَتْ عن وابلٍ هَتِن

كم من قِطارٍ لها خلْفَ القطِارِ لهمْ

تَسْتَنُّ والعِيسُ والحادي على سَنَن

أجْرَى دموعي وحتّى اليومَ مارقأَتْ

سِرٌّ به الإلْفُ لمّا سارَ حَدَّثني

كأنّما خرَقتْ كفُّ الوَداعِ إلى

عَيْني طريقاً لِذاكَ الدُّرِّ من أُذُني

قد قُلْتُ للنّاسِ لَمّا أنْ قَضْوا عَجَباً

أنْ لم أمُتْ بعدَ إلْفي حينَ ودَّعني

هُمْ في فؤادي ويَبْقَى للفتَى رَمَقٌ

ما دامتِ الرُّوحُ في جُزْءٍ منَ البَدَن

لولا هِلاليّةٌ هام الفؤادُ بها

لم أُمسِ بعدَ رحيلِ الحَيِّ ذا شَجَن

تُعزَى بمُنْتَسبٍ منها ومُنْتقَبٍ

إلى هِلالَيْنِ كُلٌّ مُضْرِمُ الفِتَن

فلَيْتَهُ لم يَبِنْ ذلك الهلالُ لنا

أوْ لَيْتَهُ بعدَ أن قد بانَ لم يَبِن

إجمَعْ بجُهْدِكَ شَمْلَ القومِ تَصْحَبُهمْ

ما دام دَهْرُكَ بالتَّفريقِ ليس يَني

واجْعَلْ بماء ندىً تَجري يَداكَ به

رِداءَ عِرضكَ مَرْحوضاً من الدَّرَن

وافْخَرْ بمَغْناكَ في الدُّنيا وكنْ رَجلاً

إنْ شئْتَ من مُضَرٍ أو شئتَ من يَمَن

بيتُ العَلاء كبيتِ الشِّعرِ صاحبُه

إنْ لم يَزِنْه بإحسانٍ له يَشِن

بَيْتانِ يُكسِبُ كلٌّ منهما شَرَفاً

بقَدْرِ ما فيه من مَعْنىً عليه بُنِي

إنّي امْرؤٌ أضَعُ الأقوالَ مَوْضعَها

فإنْ أرابكَ منّي ذاك فامْتَحِن

مَظِنَّتي حيثُ حَلَّ العِزُّ حُبْوتَه

والذُّلُّ لم أرهُ يوماً ولم يَرَني

ولا تَرَى مِدْحتي كُفْؤاً إذا نُظِرَتْ

إلاّ إذا أصبحَتْ تُجْلَى على حَسَن

أعنْي الإمامَ ابْنَ سَلْمانَ الَّذي طلعَتْ

عُلياهُ شادِخةً في بُهْمَةِ الزَّمَن

إذا مدَحْنا جمالَ الدّينِ أطْرَبنا

إهداءُ مَدْحٍ له بالصِّدْقِ مُقْتَرِن

قاضي قُضاةِ بلادٍ قد أُتيحَ لها

منه مُقيمُ فُروضِ المَجْدِ والسُّنَن

مُهَذَّبٌ وُقيَتْ فينا خلائقُه

من شائبِ الوَصْمَتيْنِ البُخلِ والجُبُن

يُمناهُ واليُمْنُ إن لاقَيْتَهُ وكذا

يُسراهُ واليُسْرُ مَقْرونانِ في قَرَن

في كلِّ رَجْعةِ طَرْفٍ منه من كَرمٍ

إنجادُ ألْفِ فتىً بالدّهرِ مُمْتَحَن

إن قاسَ سَدَّدَ نحْوَ الحقِّ نَظْرتَه

أَو ساس أصبح لم يَخْشُنْ ولم يَلِن

المَلْكُ كالعَبْدِ إنْصافاً إذا اخْتَصما

لدَيهِ في حادثٍ والعِيُّ كاللَّسَن

يُدني مُحِقّاً ويُقْصي مُبْطِلاً أبداً

فهكذا مَن يُعينُ الدّينَ فَلْيُعَن

كأنّ أقلامَه المُصماةَ إذ طَعنَتْ

في ثُغرةِ الخَطْبِ أطرافُ القنا اللُّدُن

مِثْلُ السّهامِ نَفاذاً في مَقاصدِها

لكنَّهنَّ على الإسلامِ كالجُنَن

تَجِلُّ عن زُخْرُفِ الدُّنْيا فلو أُمرَتْ

بكَتْبِ سَطْرٍ لغَيرِ الدِّينِ لم تَدِن

إليكَ تَرْجِعُ حُكّامُ البِلادِ إذا

ما أشكَل الأمرُ عند الحازمِ الفَطِن

كأنّك الشَّمسُ للدُّنْيا إذا طلعَتْ

تقاسمَ النُّورَ منها ساكنو المُدُن

كأنّما أنت بيتُ اللهِ بينهُمُ

فوجْهُ كلِّ امرئٍ منهمْ إلى رُكُن

فَلْيَهْنِ أعمالَ خُوزِسْتانَ إذ رُزِقَتْ

إقبالَ طَبٍّ بأسرارِ العُلا طَبِن

وِلايةٌ كان من مَيْلٍ إليه بها

ما بالغربيةِ من شَوْقٍ إلى الوطَن

حتّى استقرَّتْ على ذي مِرَّةٍ يَقظٍ

تُقاهُ قِسمانِ من بادٍ ومُكْتَمِن

يُقلِّدُ الشُّغْلَ نُوّاباً وقَلَّدَه

دُرّاً من المَدْحِ أقوامٌ ذوو فِطَن

لكنْ لتَقْليدِنا الغالي من الثَّمَنِ ال

أوفَى وتَقليدهُ الخالي منَ الثّمَن

لكَ المدائحُ منّا دائماً ولنا

منكَ المنائحُ تتَرْى يا أخا المِنَن

عَمْري لقد أحزنَ الماضي بفَجْعَتهِ

لكنْ بقاؤك أضحَى مُذْهِبَ الحَزَن

غُصْنانِ من دوحةٍ لمّا ذَوى غُصُنٌ

بعَصْفةٍ للرَّدَى مِلْنا إلى غُصُن

أوهَتْ رزيئةُ هذا منّةً وأَتَتْ

أيّامُ هذا فأهدَتْ قُوّةَ المنَن

فاسعَدْ بتَوْليةٍ جاءتكَ راكضةً

عَجْلَى الخُطا مثْلَ ركضِ السّابقِ الأَرِن

أعطاكَها اللهُ عفْواً إذ رآكَ لها

أهلاً وإعطاءُ غيرِ اللهِ غيرُ هَني

وبان للصّاحبِ الميمونِ طائرُه

حُسنُ اخْتيارٍ لدينِ اللهِ أعجبَني

لمّا انْتضَى بكَ سيفَ الرّأي مُنْصلِتاً

على زمانٍ على الأحرار مُصْطَغِن

يا ابْنَ الَّذي طالما قد كان أعجبَه

صفْوُ الولاءِ له منّي وشَرَّفني

نوعانِ وُدّيَ مَوْروثٌ ومُكْتَسَبٌ

لستُ البعيدَ فأبغي مَنْ يُقرِّبُني

أستغفِرُ اللهَ إلاّ من مديحكمُ

فإنّني فيه لم أكذِبْ ولم أَهُن

أقسمتُ جُهداً بما طافَ الحجيجُ به

وما أهلُّوا وما ساقوا منَ البُدُن

وكُلَّ أروعَ عاري المَنكِبَيْنِ ضُحىً

يَهْوي إليه على رَوعاءَ كالفَدَن

لأشكُرَنَّ الّذي تُوليه من منَنٍ

ما عشتُ شكراً كشُكر الرّوضِ للمُزُن

هذا على أنّه ما إن لديَّ سوى

شكرٍ بسابقِ ما أولَيْتَ مُرْتَهَن

إنّي بحبلِك بعدَ اللهِ مُعْتَصمٌ

لدى الإقامةِ منّي أو لدَى الظَّعَن

فاسلَمْ لنا يا ابنَ سَلمانٍ سلامةَ ذي

دِينٍ على نَصْرِ أهلِ الدّينِ مُؤْتَمن

ودُمْ فأنت الإمامُ ابنُ الإمام لنا

في العِزِّ ما صدحَتْ ورقاءُ في فَنَن

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة