الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » من رأي قبل ثناياك مداما

عدد الابيات : 80

طباعة

مَن رأَي قبلَ ثناياكِ مُداماً

جَعلوا مَنزِلَها الدُّرَّ فداما

تَمترِي من عارضٍ إيماضُه

يخطِفُ القلبَ إذا أبدَى ابتساما

عارِضٌ تَجلوهُ نُعْمٌ غُدوةً

غَيرةَ العارِضِ تَحدوهُ النَّعامى

كلّما شِيمَ سقاني أَدمُعي

وسقَى المِسكَ سِواكاً والمُداما

قاتلَ اللهُ أراكاً بالحِمَى

أبداً يُملي على القلْبِ الغراما

يَصِفُ الثَّغْرَ لها يابِسُه

ويُحاكي رَطْبُه منها القَواما

يا أراكَ الجِزْعِ هَبْ لي رِيقَها

ولأطرافِكَ فاستَسْقِ الغَماما

أَرِدُ الماءَ وتَمَتاُح اللُّمَى

ساء هذا يا ابنةَ القومِ اقْتِساما

لو قضَى بالعدلِ قاضٍ بَيْنَنا

وكِلانا ذابِلٌ يشكو الأُواما

لسَقاهُ القَطْرُ ما سُقِّيتُه

وسَقاني الثّغْرُ ما يَسْقي البَشاما

بأبي من سرِّ قيس غادة

قرط الناس لها أذني الملاما

غالَطَتْني إذْ كَستْ جسمي الضّنَى

كُسوةً عَرَّتْ من اللّحْمِ العظاما

ثمّ قالت أنت عندي في الهوَى

مثلُ عَيْني صدَقتْ لكنْ سَقاما

كنتُ من قَتْلَي ليالي هَجْرِها

حُشِيَتْ منهنَّ أحشائي كِلاما

خِفْتُهُ حتّى إذا ما لَيْلُه

نالَ منها الطَّرْفُ ثأراً فأناما

قلتُ لمّا قتلتْني في الهوَى

حلَّتِ الخمرُ وقد كانت حراما

هل تَرى الرَّكبَ بشَرقيّ الحِمَى

يَشرَئبّونَ إلى وادي الخُزامى

كُلَّما لاحتْ لهمْ أطلالُه

جاذَبتْ راكِبَها العِيسُ الزِّماما

يأْمَنُ السَّيْرَ بنا أَعلامُها

ولقد تَشْجو الدِّيارُ المُسْتَهاما

فنَبذْنا نظْرةً نحوَ الحِمَى

ثُمَّ أَهدَيْنا منَ البُعْدِ السَّلاما

لا نِساءُ الحَىّ حيًّتْنا ولا

بخيامِ الحَيّ شَبَّهْنا الخِياما

طَرْبةٌ تَشْهَدُ كَفّي بَعْدَها

أنّها مرَّتْ على عَيْني مَناما

لم يكنْ غيرَ ليالٍ وَصلُها

كم عسى أنْ يُجْتَلى البدْرُ التِّماما

قُلْ لأحبائي وإنْ شَطَّ النَّوى

بعد عيشٍ ناعمٍ لو كانَ داما

كيف أَتاكُمْ ووَجْدي دائباً

يَسكبُ الدّمعَ على خَدّي سِجاما

كلّما أذكرُ يوماً لكمُ

لم يَطُلْ عنديَ أن أبكيهِ عاما

مِن مُديرٍ كأسَ دمع ساهراً

مغرماً قد رقَدتْ عنه النَّدامى

كلّما حنَّ إلى ذاتِ الغَضا

أنشأَتْ أنفاسُه فيها اضْطِراما

ذاكراً أحورَ مِن سِرْبِ المَها

لا يُوافي طَيْفُه إلاّ لِماما

حلَّ من قلبيَ بَيْتاً فارغاً

فهْو فردٌ فيه لا يَخْشَى زِحاما

فاتِلاً من صُدْغهِ أطْنابَه

ناصباً من قَدّهِ فيه دِعاما

حاطَهُ القلبُ وقد أسلَمني

فإلامَ الغدْرُ يا قلبُ إلاما

هكذا الدَّهرُ رماني صَرْفُه

بهمُومٍ قد أقامَتْ ما أقاما

رجَعَ الأيّامُ فيما وهبَتْ

لُؤْمَ طَبْعٍ ومتى كانتْ كراما

وبناتُ الدَّهرِ في غَدْرَتها

كبَنيهِ لا يُراقبْنَ ذِماما

كم أُناسٍ خلْتُهمْ لي جُنَناً

يومَ رَوْعٍ فغدَوا فيَّ سهاما

أمَّهُمْ دهريَ فائتَمّوا بهِ

هل أبٌ لم يَرْضَهُ الاِبْنُ إماما

تَبِعَ الظّلَّ يُحاكي غُصْنَه

كيفما مالَ لرِيحٍ واسْتَقاما

يا أخا الغَوْثِ وما الغَوْثُ سوى

أنْ يُلَفَّ الغَوْرُ بالنَّجْدِ اعْتزاما

إنّما وُدِّي وقد جَرّبْتَه

عُروةٌ وُثْقَى فلا تَخْشَ انْفِصاما

وإذا كان المَودّاتُ جَناحاً

لم يكنْ أقدامُها إلاّ القُدامى

فاخْشَ يا صاحِ أحاديثَ غَدٍ

إنْ تَصاحَبْنا ولا تَخْشَ الحِماما

نحن رِدْآنِ وأضحَى واحداً

قرْنُنا الدَّهرُ فلا تَرْضَ انْهزاما

كنْ ليَ الماءَ إذا خفْتُ صدىً

وسَنا النّارِ إذا خُضْتُ الظَّلاما

رَجُلاً يُوقظْهُ تحْريكُه

إنّما الطِّفْلُ إذا حُرّكَ ناما

إنْ تُرِدْ والمجدُ رَوضٌ عازبٌ

في ذُرا العزّ جميماً وجِماما

فأثِرْها حاكياتٍ في الفَلا

حينَ يَعْصِفُنَ نُعامَى أو نَعاما

لا سنامَ الأرضِ أبقَى وَخْدها

لا ولا الأرضُ لها أبقَتْ سَناما

أفنَتِ الأرضُ قصاصاً مَتْنَها

حينَ أفنَى مَتْنَها النِّضوُ لِطاما

تُودِعُ السَّيْرَ نهاراً خائناً

يأكلُ الظّلَّ إذا ما هو صاما

أو دُجَى ظلماءَ تُمسي بَطْنُها

من جَنينِ الصُّبْحِ للسّاري عَقاما

أخطأ المطلَعَ ذا الصُّبْحُ فهل

عَمِيَ النّاظرُ منه أو تَعامى

ما اعتلَى الأفْقَ رداءٌ بل هَوَى

منه فاعتمَّ به رأسي اعْتماما

أنا والدِّهرُ كقِرنَيْ مَعْرَكٍ

فتبصَّرْ أيُّنا أوفَى انْتِقاما

حينَ أبدَتْ يَدُه من شَيْبتي

صارماً منّي على المَفْرَقِ شاما

سَلَّ منصوراً على أحداثِه

من حُسامِ الدّينِ تأميلي حُساما

مُخْبِراً عن أثْرِه آثارُه

ماضياً يَغْتَنِمُ الحمدَ اغْتناما

صَقَل البِشْرُ مُحَيّا وجهه

فَجلا عن ناظرِ الحُرِّ القَتاما

مُشْرِعاً بحراً إذا مدَّ يداً

مُطْلِعاً بدراً إذا حَطَّ اللّثاما

كُلّما اهتزَّ به نادى النَّدَى

أشمسَ الوافدُ منه وأغاما

بأبي الخَطّابِ لي مُنتَصَرٌ

من خطوبِ الدّهرِ إن جُرْنَ احتكاما

وحُسامٌ ماسحٌ أعناقَها

عكْسُه وَصفٌ له دُرّي اهْتماما

بحُسامٍ قد نَماهُ عَضُدٌ

ثمَّ أوطاهُ منَ الأكفاء هاما

لن تَرَى نَدْباً هُماماً كاملاً

غيرَ مَنْ عُدَّ أباً نَدْباً هُماما

يا ابْنَ مَنْ شُدَّتْ يدُ المُلْكِ بهِ

فغدا يحمي من الجُنْدِ السّواما

وكفاهُمْ منه أن يَجْمَعَهُمْ

عارِضٍ يغدو من الجودِ رُكاما

عارِضٌ والجيشُ كالقَطْرِ له

يَمْطُرُ النَّعْماءَ والموتَ الزُّؤاما

عُوِّدَ الصّبْرَ على إعْناتِهمْ

مثْلَما لا يُسأمُ الرُّكْنُ اسْتلاما

تأخذُ الأقوامُ من آدابه

وأبَى القابسُ أن يَجني الضِّراما

لو جلا عن وجهِ أدْنَى عِلْمِه

لانْثَنى نَقْصُ بني الدَّهْرِ تماما

يُتَهادَى كُلُّ ما فاهَ بهِ

فهو الدُّرُّ انْتِشاراً وانْتظاما

بَهَرتْ آياتُها فانْقَسَمَ ال

حُسْنُ بينَ اللّفظِ والمعنى انْقساما

رُتَبّ منها و من عَلْيائها

تَملِكُ الحاسدَ أنفاً ورَغاما

يا إماماً جاعلاً سُدَّتَه

طالبَ الفضلِ لعَيْنَيْهِ إماما

ملكَ الفضلَ فحامَى دُونَه

وكذا مَن أصبحَ المسالكَ حامى

هاكَها مِن واردٍ عن ظَمأ

بعدما لابَ بها دهراً وحاما

قُرطُ آذانِ الأُلَى أصغَوا لها

مُلِئِ اللُّؤْلُؤَ فَذّاً وتُؤاما

ويَراها حاسدٌ من حَسَدٍ

صَمَماً في الأذْن منها وصماما

فاْبَق للمجدِ والعَلْياء ودُمْ

في ظلالِ العزِّ والنُّعْمَى دَواما

مُبْلياً غِمْدَ اللّيالي عِزّةً

تَصدُقُ الضّربَ ولا تَخْشَى انْئلاما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

أضف شرح او معلومة