الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » لما تراءت راية الربيع

عدد الابيات : 160

طباعة

لَمّا تَراءَت رايَةُ الرَبيعِ

وَاِنهَزَمَت عَساكِرُ الصَقيعِ

فَالماءُ في مُضاعَفِ الدُروعِ

وَالنورُ كَالأَسِنَّةِ الشُروعِ

قَد هَزَّ مِن أَغصانِهِ ذَوابِلاً

وَسَلَّ من غُدرانِهُ مَناصِلا

وَبَلَغَت ريحُ الصَّبا رَسائِلاً

حينَ ثَنى العِطفَ الشتاءُ راحِلا

وَنُصِبَت مَنابِرُ الأَشجارِ

وَخَطَبَت سَواجِعُ الأَطيارِ

وَاِستَفصَحَت عِبارَةً الهِزارِ

فَهوَ لمَنشورِ الرَبيعِ قاري

وَأَقبَلَ النَيروز مِثلَ الوالي

فَارتَجَعَ الفَضلَ مِنَ اللَيالي

وبشِّر الناقِصَ بِالكَمالِ

فَعادَتِ الدُنيا إِلى اِعتِدالِ

وَالدينُ وَالشَمسُ لِسَعدٍ مُؤتَنَف

كُلٌّ بِهِ اللهُ اِنتَهى إِلى شَرَف

فَأَصبَحَ العَدلُ مُقيماً وَاِعتَكَف

وَوَدَّعَ الجَورُ ذَميماً وَاِنصَرَف

بِالشَرَفَينِ اِستَسعَدَ الشَمسانِ

شَمسُ الضُحى وَغُرَّةُ السُلطانِ

في أَسعَدِ الأَيّامِ وَالأَزمانِ

مُبَشِّراً بِالأَمنِ وَالأَمانِ

فَاِعتَدَلَ الأَنامُ وَالأَيّامُ

وَأَمِنَ المُسيمُ وَالمُسامُ

مُذ طَلَعا وَنظَرَ الأَنامُ

لَم يَبقَ لا ظُلمٌ وَلا ظَلامُ

قَد أَصبَحَت قَوسُ الزَمانِ سَهما

وَقُد رَمى الأَرضَ بِهِ فَأَصمى

فَالكَتفُ مِنها بِالشَقيقِ تَدمى

وَالرُعبُ أَضحى لِلشِتاءِ هَزما

اِبيَضَّ قَبلَ الإِخضِرارِ الفَنَنُ

فَشابَ مِن قَبلِ الشَبابِ الغُصُنُ

وَاِسوَدَّ مِن بَعدِ البَياضِ القُنَنُ

فَشَبَّ مِن بَعدِ المَشيبِ الزَمَنُ

قَد غَنِيَ الوَعدُ عَنِ التَقاضي

وَأَعرَضَ الغيدُ عَنِ الإِعراضِ

وَخَرَجَت بِالحَدَقِ المِراضِ

تُواجِهُ الرِياضَ بِالرِياضِ

قَد سَئِمَت بُيوتَها النُفوسُ

وَأَصبَحَت كَأَنَّها حُبوسُ

وَأَسلَمَ المُنَمِّسَ التَنميسُ

وَصاحَ في جُنودِهِ إِبليسُ

أَبَحتُ لِلنسِ دَمَ الزِقاقِ

في حَيثُ لاقوها مِنَ الآفاقِ

وَجَرَّها كَجُثَثِ المُرّاقِ

وَشُربَها بِكَأسِها الدِهاقِ

إِلى الجِنانِ عَجَباً دَعاكُمُ

مَن كانَ مِنها مُخرِجاً أَباكُمُ

يَجعَلُها كَفّارَة لِذاكُمُ

فَأَصحِروا لِتُبصِروا مَأواكُمُ

فَالأَرضُ مِن كَفِّ الزَمانِ حاليه

كَجَنَّةٍ لِلناظِرينَ عالِيَه

مِن كُلِّ ساقٍ عِندَ كُلِّ ساقِيَه

يَجعَلُ مِن صافٍ مِزاجَ صافِيَه

وَالشَمسُ في البُرجِ الَّذي يَشوونَهُ

إِذا غَدَوا شَرباً وَيَأكُلونَهُ

وَفيهِمُ قَومٌ يُثاكِلونَهُ

طولَ الزَمانِ وَيُناطِحونَهُ

بِحَملٍ قَد باعَتِ الشَمسُ الأَسَد

وَكانَ هَذا عِندَنا الرَأيَ الأَسَد

فَاِعتاضَ طَبعاً في الزَمانِ وَاِستَجَد

مِن غَضَبٍ بِشَهوَةٍ كُلُّ أَحَد

حَتَى غَدا بَعضُ بَني الأَشكالِ

يَقولُ قَولاً ظاهِرَ الإِشكالِ

لَكِنَّهُ مِن كَثرَةِ البَلبالِ

قَد قالَ ما قالَ وَلَم يُبالِ

كَم أوكِفُ الظَهرَ بِطَيلَسانِ

وَيُشبِهُ العِدلَينِ لي كُمّانِ

مُستَبضِعاً عِندَ بَني الزَمانِ

وِقرَ نِفاقٍ ثِقلُهُ أَعياني

هَل لَكَ في حَمراءَ مِثلَ الحُصِّ

يا قوتَةٍ قَد شُرِبَت بِرُخصِ

مَجلوبَةٍ مِن مَعدِنٍ في القُفصِ

تَلوحُ في الإِصبَعِ مِثلَ الفَصِّ

يَسعى بِها عَلَيهِ يا فِشِيُّ

وَطَرفُهُ الساحِرُ بابِلِيُّ

وَثَغرُهُ كَكَأسِهِ رَوِيُّ

وَوَردُهُ كَخَدِّهِ جَنِيُّ

أَغيَدُ يَومُ وَصلِهِ تَأريخُ

لِصُدغِهِ مِن نِقسِهِ تَضميخُ

وَالجَمرُ في خَدَّيهِ لا يَبوحُ

كَما يَحِلُّ العَقرَبُ المَرّيخُ

يَضحَكُ مِن تَشبيبِ عاشِقيهِ

عَن لُؤلُؤٍ لِنَظمِهِم شَبيهِ

فَلا يَزالُ مُظهِراً لِمَّتّيهِ

بِدُرِّ فيهِ أَو بِدُرٍّ فيهِ

لفُرَصِ اللذاتِ كُن مُنتَهِزاً

وَلا تَبت مِن عاذِلٍ مُحتَرِزا

فَالدهرُ مِخلافٌ فَخُذ ما أُنجِزا

فَرُبَّما طَلَبتَهُ فَأَعوَزا

فَقَد تَغَنّى الطَيرُ في الشُروقِ

وَالريحُ دارَت دَورَةَ الرَحيقِ

فَظَلَّ كُلُّ غُصُنٍ وَريقِ

لِلسكرِ في رَقصٍ وَفي تَصفيقِ

وَالزهرُ لِلروضَةِ عَينٌ تُلمَحُ

يَضُمُّها طَوراً وَطَوراً يَفتَحُ

تُمسى بِها قَريرَةً وَتُصِبحُ

لَكِنَّها مِنَ الدُموعِ تَطفَحُ

وَالرَوضُ في شَمسِ سَناها يُعشى

وَالسُحبُ بِالقُربِ لَها تَمَشِّ

فَكُلَّما أَدارَ عَينَ المَغشي

عَلَيهِ جادَت وَجهَهُ بِرَشِّ

صَحوٌ وَغَيمٌ في الرِياضِ اِشتَرَكا

يُقَطِّعانِ اليَومَ ضَحكاً وَبُكا

إِذا الجَنوبُ أَقبَلَت فيهِ بَكى

حَتّى إِذا عادَت شَمالا ضَحِكا

صارَ الأَضا في حَلَقٍ وَخُوَذِ

وَرَمتِ الأَرضُ لَها بِالفِلَذِ

فَالغُصنُ خَوفَ جُندِها المُستَحوِذِ

كَإِصبَعٍ تُشيرُ بِالتَعَوُّذِ

ساعِد عَلى الراحِ وَلا تُبالِ

وَالناسَ لا تُخطِرُهُم بِبالِ

أَوِ اِستِراقاً في مَكانٍ خالِ

لا تَعلَمُ اليَمينُ بِالشَمالِ

وَإِنَّما يَعلَمُهُ مَن يَغفِرُه

إِذا رَجَعتَ نادِماً تَستَغفِرُه

وَلَو بَقيتَ عُمُراً تُكَرِّرُه

ما عِندَ عفوِ اللَهِ ذَنبٌ يُكبِرُه

لَستُ أَرى مُحَللاً في مَذهَبِ

إِهلاكِيَ النَفسَ بِغَيرِ موجِبِ

أَنا اِمرُؤٌ عَجِبتَ اَو لَم تَعجَبِ

يَأكُلُني الهَمُّ إِذا لَم أَشرَبِ

ما كانَ مِن دُرّي وَمِن عَقيقي

نَزَفتُهُ في فُرقَةِ الفَريقِ

فَمِن دَم الكَرمِ أُيعضس عُروقي

تُحيِ بِهِ نَفسَ أَمرِئٍ صَديقِ

فَقُلتُ خَلِّ عَنكَ يا خَليلي

تَجاوُزَ الفَضلِ إِلى الفُضولِ

فَلَيسَ لي مَيلٌ إِلى الشَمولِ

إِلّا الَّتي تَزيدُ في العُقولِ

حَظّي مِنَ الآدابِ أَسنى حَظِّ

وَالراحِ ما رَوَّقتُهُ مِن لَفظي

وَما اِبنَةُ الكَرمِ بِمَرمى لَحظي

وَلا لَها اللَهُ بِحُبّي مُحظِ

لِذاكَ أَصبَحتُ مَنيعَ الجانِبِ

نَديمَ مَولانا الأَجَلِّ الصاحِبِ

العادِلِ الكامِلِ في المَناقِبِ

وَالناسِكِ التارِكِ لِلمَثالِبِ

أَسقى كُؤوسَ المَدحِ وَهوَ يَشرَبُ

وَأُسمِعُ الثَناءَ وَهوَ يَطرَبُ

وَأَسَلُ الأَمساكَ وَهوَ يَهَبُ

مَواهِباً تَعدادُها لي مُتعِبُ

دَأَبُ الوَزيرِ هَكَذا وَدابي

الشُّربُ مِن سُلافَةِ الآدابِ

وَمُعجِبٌ نِهايَةَ الإِعجابِ

تَناسُبُ المَصحوبِ وَالأَصحابِ

مُدامُنا الحَلالُ لا الحَرامُ

ما خَلَّصَ اللِسانُ لا الفِدامُ

تَغذو بِها عُقولَها الأَنامُ

وَتَنتَشي بِكَأسِها الكِرامُ

قَد عادَ وَجهُ الدينِ وَهوَ أَزهَرُ

وَعادَ لِلمُلكِ النِظامُ الأَكبَرُ

نِعمَةُ رَبٍّ لِلعُقولِ تَبهَرُ

تَجِلُّ عَن شُكرِ الوَرى وَتُشكَرُ

فَردٌّ وَفيهِ جُمعَ المَحامِدُ

فَلَم يَجِد لَهُ نَظيراً واجِدُ

كَم في الوَرى مِن واحِدٍ تُشاهِدُ

أَمّا الوَرى في واحِدٍ فَواحِدُ

أَروعُ لا يُحينُ إِلّا يُحسِنا

وَمُقدِمٌ يَجبُنُ عَن أَن يَجبُنا

وَمُنعِمٌ يُنيلُ غاياتِ المُنى

فَقرُ الفَتى إِلَيهِ ميعادُ الغِنى

إِذا رَأى إِعدامَ مُعتَفيهِ

حَسِبتَهُ لِلمالِ إِذ يُقنيهِ

مِن مُعتَفيهِ العُدمَ يَشتَريهِ

يَأخُذُهُ مِنهُ بِما يُعطيهِ

سائِلُهُ شَريكُهُ في نَعمَتِه

يَقولُ قاضي عَجَبٍ مِن شيمَتِه

أَعانَهُ اللَهُ عَلى مَكرُمَتِه

بِزَمَنٍ يَسَعُ عُظمَ هِمَّتِه

ذو كَرَمٍ أَخلاقُهُ حَديقَه

حَقيقَةٌ بِالحَمدِ في الحَقيقَه

يَجري مِنَ الجُودِ عَلى طَريقَه

خَليقَةٍ بِمَدحِ ذي الخَليقَه

مَن يَكنِزُ الأَموالَ في الرِقابِ

وَيَذخَرُ الثَناءَ لِلأَعقابِ

أَيادِياً مُعييَةَ الحُسّابِ

تَبقى وَمُوليها عَلى الأَحقابِ

قُل لِمُغيثِ الدينِ ذي المَعالي

وَالصَدقُ أَبهى حَليَةِ المَقالِ

اليَومَ أَوثَقتَ عُرا الآمالِ

أَجَدتَ يا مُنتَقِدَ الرِجالِ

يا ملكاً مِن رَأفَةٍ يَحكي مَلَك

بَل وَطأَةٌ مِنكَ عَلى ظَهرِ الفَلَك

ليس الثريا من نُجومٍ تَشتَبِك

بل وطأَةٌ منك على ظَهر الفَلك

بَلَّت بِسَيفٍ صارِمٍ يَداكا

ما لِمُلوكِ الأَرضِ مِثلُ ذاكا

وَهوَ أَدام اللَهُ ما آتاكا

أَنفَسُ ما وَرِثتَهُ أَباكا

اُنظُر إِلى الشاهِدِ مِن رُوائِهِ

وَقِس بِهِ الغائِبَ مِن آرائِهِ

فَهوَ وَزيرٌ لَيسَ فَوقَ رائِهِ

رَأى سِوى رَأيِكَ في اِرتِضائِهِ

إِن سُمِّيَ اِثنانِ بَنوا شَروانِ

وَوُصِفا بِالعَدلِ وَالإِحسانِ

فَاللَيلُ مازالَ لَهُ فَجرانِ

وَإِنَّما الصادِقُ فيهِ الثاني

أَعدَلُ مَولىً وَهوَ فيهِ نَعلَمُ

لِمالِهِ دونَ العِبادِ يَظلِمُ

وَراحِمٌ إِذا اِستَقالَ المُجرِمُ

لِنَفسِهِ مِن جودِهِ لا يَرحَمُ

أَعيَت رُكامُ جودِهِ الغَماما

وَفاقَ ما ضي رَأيِهِ الحُساما

وَتابَعَ الصَنائِعَ الجِساما

فَأَرضَيتِ الأُمَّةَ وَالإِماما

لَهُ زَمانُ كُلُّهُ رَبيعُ

وَهِمَّةٌ جَنابُها مُريعُ

فَالناسُ في رِياضِها رُتوعُ

وَالدَهرُ عَبدٌ سامِعٌ مُطيعُ

تُمطِرُ شَمسُ وَجهِهِ وَتُشرِقُ

وَلا يَغيمُ وَجهُهُ وَيَبرُقُ

وَبَحرُ جَدواهُ الَّذي يُدَفَّقُ

يَستَغرِقُ الوَصفَ وَلَيسَ يغرِقُ

سَيفٌ بِهِ المُلكُ حَمى أَطرافَهُ

وَالدينُ هَزَّ طَرَباً أَعطافَهُ

تَهُزُّهُ اليَمينُ لِلخِلافَه

حَتّى يُبيدَ مَن نَوى خِلافَهُ

ماضٍ وَما تَنفَكُّ دِرعٌ غِمدَه

لِلنَصرِ سُلطانُ الوَرى أَعَدَّه

وَهوَغَنِيٌّ أَن يَشيمَ حَدَّهُ

فَيَهزِمُ الجَيشَ لَهُ اِسمٌ وَحدَهُ

لَهُ يَدٌ مِنها الأَيادي تَسجُمُ

يَصغَرُ عَنها البَحرُ وَهيَ تَعظُمُ

ما سَبعَةٌ مِن واحِدٍ تَنتَظِمُ

إِلّا الأَقاليمُ لَهُ وَالقَلَمُ

رُمحٌ غَدا مِن نَفسِهِ سِنانُهُ

وَفَرَسٌ في طِرسِهِ مَيدانُهُ

ما إِن يُرَدُّ عَن مَدىً عِنانُهُ

فَإِنَّما عِنانُهُ بَنانُهُ

لِخَيلِهِ في الصَخرِ نوناتٌ تُخَطُّ

لَهُنَّ آثارُ المَساميرِ تُقَط

وَالرُقشُ مِن أَقلامِهِ بِلا شَطَط

تَقتَصُّ مِن هامِ العِدا بِما نُقَط

عِزُّ عَلى مَرِّ اللَيلي زائِدُ

يُربي عَلى البادِئِ مِنه العائِدُ

مُتَّصِلٌ فَل يَرتَقِبهُ الحاسِدُ

فَإِنَّما مَبدَأُ أَلفٍ واحِدُ

مِن قَبلِ أَن مَلَكَهُ بِلادَهُ

مَلَّكَهُ مَولى الوَرى فُؤادَهُ

كَما كَساهُ قَلبُهُ سواده

من فبل أن يكسٌوَه أبراده

تشريفه أبطأُ من تأدبه

وَإِن ضَجِرنا نَحنُ مِن تَرَقُّبِه

مُخَبِّراً أَنَّ عَظيمَ مَنصِبِه

يَجِلُّ عَنهُ فَوقَ ما يَجِلُّ بِه

بَل لَم يَكُن مِن عَجَلِ المُشَرِّفِ

إِلّا مِنَ الخَجلَةِ في تَوَقُّفِ

كَيفَ يَكونُ عِندَ فَقدِ المُنصِفِ

تَشريفُ مَولىً هُوَ نَفسُ الشَرَفِ

لَو بَلَغَ التَشريفُ في التَضعيفِ

مَعدودَ قَولِ قائِلٍ تَشريفي

كُلٌّ على أَقصى الأَماني يوفي

لَكانَ دونَ قَدرِهِ المُنيفِ

كَفاهُ ما خالِقُهُ كَساهُ

مِن ثوبِ مَجدٍ وَعُلاً كَفّاهُ

لَو لَم يَكُن ضَمَّنَهُ رِضاهُ

سُلطانُ أَرضِ اللَهِ شاهِنشاهُ

يا فارِعَ السَماءِ بِالسُمُوِّ

مُنعِلَ الهِلالِ في العُلُوِّ

فَما مَحَلُّ مَفرِقِ العَدُوِّ

أَمَنتَ مُداحَكَ مِن غُلُوِّ

عَلَيكَ مِمّا صاغَتِ العُقولُ

ما دونَهُ السِوارُ وَالإِكليلُ

فَأَينَ يا شِعرُ لَكَ الفُحولُ

هَذا أَوانُ القَولِ فَليَقولوا

كَم أَحبِسُ العُقودَ في الحَقاقِ

دونَ تَراقيها إِلى التَراقي

ما قُلتُهُ وَما فَعَلتَ باقِ

كِلاهُما قَلائِدُ الأَعناقِ

دونَكَها خَوالِعاً لِلعُقلِ

أَعَرتُها وَهُنَّ ذَوبُ العَقلِ

تَهازُلاً مِنّي بِغَيرِ هَزلِ

فَضلَ اِتِّباعٍ في مَجالِ فَضلي

حاشَ لِطَبعي أَن يُسرى فيهِ طَبَع

لا سِيَّما مِن بَعدِ شَيبٍ وَصَلَع

لَكِنَّ ما يَأَتى بِهِ الجِدُّ لُمَع

وَلَيسَ في خالٍ عَلى خَدٍّ بِدَع

لا عَيبَ فيما قالَهُ مُشَبِّبُ

تَشبيبُ مُدّاحِ المُلوكِ أَضرُبُ

أَلَيسَ حَسّانُ وَلا يُؤَنَّب

مِن قَولِهِ فَهوَ حَرامٌ طَيَّبُ

مَولايَ إِكرامُكَ لي ابتِداءَ

أَوجَبَ مِن كُلٍّ بِكَ اِقتِداءَ

وَمَن أَبى ذاكَ فَقَد أَساءَ

فَالظِلُّ يَحكي عودَهُ اِستِواءَ

لِلمَوعِدِ المَضروبِ جِئتُ أَرقُبُ

فَحالَ دوني حاجِبٌ مُقَطِّبُ

وَمَن يَكُن مَكانُهُ المُقَرَّبُ

خَلفَ حِجابِ القَلبِ كَيفَ يُحجَبُ

دَولَتُكَ الغَرّاءُ في اِرتِفاعِهِما

كَالشَمسِ أَو أَشمَلَ بِاِصطِناعِها

وَالشَمسُ تُحظي الناسَ مِن شُعاعِها

بِحاجِبٍ قَد صيغَ مِن طِباعِهِما

يا شَرَفَ الدينِ كَرُمتَ سَمعاً

وَلِلنَدى وَالبَأسِ دُمتَ تُدعى

أَدامَ حِفظُ الله عنك الدفعا

مُظاهِراً مِنهُ عَلَيكَ دِرعا

مِن دَوحِ مَجدٍ باسِقٍ أَغصانُهُ

بيتُ عُلا ثابِتَةٌ أَركانُهُ

داموا وَدامَ عالِياً مَكانُهُ

مُضاعِفاً إِقبالَهُم سُلطانُهُ

نَورِز بِسَعدٍ دائِماً وَمَهرِجِ

وَاِبقَ لَنا في ظِلِّ عَيشٍ سَجسَجِ

مُقَوِّماً بِالرَأيِ كُلَّ أَعوَجِ

وَفاتِحاً بِالجَدِّ كُلَّ مُرتَجِ

قَد ضَمِنَ اللَهُ وَلَيسَ يَنكُثُ

أَنَّكَ ما اِمتَدَّ الزَمانُ تَلبَثُ

أَلَيسَ في كِتابِهِ فَليَبحَثوا

أَنَّ الَّذي ينَفعُ فَهوَ يَمكُثُ

يا مَن يَظَلُّ خَلفاً عَمَّن مَضى

وَلَيسَ عَنهُ خَلَفٌ فَلا اِنقَضى

دُمتَ عَلى الأَيّامِ سَيفاً مُنتَضى

يُفني وَيُغني السُخطُ مِنكَ وَالرِضا

ذا دَولَةٍ عَلى الوَلِيِّ تُسبَغُ

ظِلالُها وَلِلعَدُوِّ تَدمَغُ

دائِمَةٍ آخِرُها لا يُبلَغُ

كَأَنَّما عُمرُكَ طَوقٌ مُفَرَغُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة