الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » وجدي بلومك يا عذول يزيد

عدد الابيات : 70

طباعة

وَجْدِي بلَومِك يا عذولُ يَزيدُ

فاستَبْقِ سَهْمَك فالرَّمِيُّ بَعيدُ

بلَغ الهوى من سِرِّ قلبيَ مَوضِعاً

لا العَذْلُ يَبلُغُه ولا التَفْنيد

وتَنِمُّ بالشَّجْوِ المُكَتَّمِ عَبْرَتِي

ومنَ الدُّموعِ على الغرامِ شُهود

كيف السّبيلُ إلى مِزَارِك ليلةً

ومنَ التّهائمِ دونَ وَصْلِكِ بِيد

يَصِلُ الرّسولُ إليكِ وهْو مُساعِدٌ

ويعودُ عنكِ إليّ وهْو حَسود

وأُراقِبُ المِيعادَ منك وإنّما

من دونِ وَعْدِكِ للغَيورِ وَعيد

واهاً لطيفِكِ حين يَطْرُقُ فِتيةً

شُعْثاً تَمِيلُ بها السُّرى ونَميد

عُنِيَ الغرامُ بهم فأيقظَ شَوقَهم

بينَ الجوانحِ والعيونُ رُقود

وجَلا لَهم وجْهَ المليحةِ مَوهِناً

فهمُ إليه على الرِحّالِ سُجود

يا صاحِ إنّ الدّهرَ يأْبَى خُلْقُه

ألاّ يَشوبَ عطاءهُ تَنْكيد

فانْهَضْ إلى فُرَصِ السُّرورِ مبادِراً

فالعُمْرُ عِقْدٌ دُرُّه مَعْدود

أوَما تَرى بُدَدَ النُّجومِ وقد بَدَتْ

فوق السّماء كأنّهنّ فَريد

والبدرُ تَأْتلِقُ الكواكبُ حَوْلَهُ

في جُنْحِ داجيةٍ وهُنّ رُكود

فكأنَّها زُهْرُ الأئمّةِ وَشّحَتْ

أُفُقَ الهدَى وكأنّه مَسْعود

هادي الهُداةِ بعِلْمِه العَلَمُ الذي

فضَل الأنامَ مَقامُه المَحْمود

صدْرٌ لدينِ اللّهِ أُودِعَ سِره

فارتدَّ عنه الغَيُّ وهْو مَذود

مَلَكَ العلومَ فراحَ وهْو لأهلِها

مَلِكٌ حَماهم ظِلُّهُ المَمْدود

فإذا بدا العلماءُ وهْو بمَجْمَعٍ

يوماً تبَيَّن سَيِّدٌ ومَسود

مُتجّرِدٌ للهِ يَنصُرُ دِينَهُ

والسّيفُ أحسَنُ حَلْيِه التَّجْريد

فالدِّينُ فوق النَّسْرِ من إعْلائهِ

وعَدُوُّه في بَطْنِه مَلْحود

وهواهُ حَدٌّ في البريّةِ فاصلٌ

بين الضَّلالةِ والهُدَى مَحْدود

ففَداهُ في الأقوامِ كُلُّ مُقَصِّرٍ

يَنْميهِ لُؤْمٌ طارِفٌ وتليد

كَثُرَتْ نفائسُه وقَلّتْ نَفْسُه

كالحَدِّ زاد لنَقْصِه المَحْدود

ومُحَرِّفون عن الصّوابِ مَقالَهُ

والإفْكُ رُكْنُ سَدادِه مَهْدود

ما ضَرَّ ما قال الغُواةُ فأكثروا

واللهُ بالحقِّ المُبينِ شَهيد

أعَربْتَ للسّلطانِ عن حُجَجٍ وقد

أصبَحْتَ تُبدِيءُ قائلاً وتُعيد

جلَتِ الشُّكوكَ عن التيقُّن مِثْلما

فلَق الظّلاَمَ من الصّباحِ عَمود

أحسَنْتَ غايةَ ما يُطاقُ وإنّما

في النّاسِ مَن إحسانُه مَجْحود

فاليوَم أذعَنَتِ العُداةُ وراعَهم

عِزّاً لواءُ جَلالِك المَعْقود

بلَغُوا نهايةَ ما يُشاءُ فَردَّهُم

لك صاحبانِ النّصرُ والتّأييد

ولَربّما جَمعَ الأعادي كَيْدُهم

ويُزادُ في تَمْكينهِ المَجْدود

وكذا يُعادِي النّاسُ طُرّاً قولَ لا

ويُحِلُّها في صَدْرِه التّوحيد

فاللهَ أسألُ أن يَزيدَك رِفْعةً

إن كان فوقَك للعلاء مَزيد

وَيُتابعَ الأعيادَ نَحوك يَنْثَنِي

عِيدٌ ويُقْبِلُ بالمَيامِن عِيد

يا مَن حُسِدْتُ عليه من شَرفى به

قولُ الحسودِ على الفَتى مَردود

قَسَماً بخُوصٍ كالحنايا فوقَها

أشياخ صِدْقٍ من كِنانةَ صِيد

أَمُّوا بها البلدَ الحرامَ فكلها

ذُلُلٌ يُبارِينَ الأزِمّةَ قُود

وطَوَوْا إليه فِناءَ كلِّ قبيلة

فهم على ربِّ العبادِ وُفود

لم يَصْدُقِ الواشون فيما بَلّغُوا

كَلاّ ولم يَتغيَّرِ المَعْهود

لكنّني لمّا رَميْتُ بنَظرة

حَوْلي كما حَذِرَ الرُّماةَ طَريد

وتَفرَّق الأنصارُ واجتمَع العدا

ألْباً وهل يَكْفي الجُموعَ وحيد

وهَممْتُ منهم أن ألوذ بنَحْوةٍ

فرأيتُ أن طَريقَها مَسْدود

شِمْتُ اللّسانَ تَقيّةً ولَربّما

حَنِقَ الكَمِيُّ وسَيْفُه مَغْمود

عِفْتُ الكلامَ وقد تَكنّفَني العِدا

حذَراً كما عاف النَّشيدَ عَبيد

وغدوْتُ في إسخاطِهم لرِضاكمُ

حَدَّ المُطاقِ ولِلأُمورِ حُدود

ما كان ذلك لا وعَهْدِكَ إنّه

ما سَرَّني بالنّفْسِ دُونَكَ جُود

بلْ غَيْرةً من أن يَغيْبَ بيَ الرّدى

عن خِدْمةٍ والآخَرون شُهود

فأَعِدْ لها نظَر المُصيبِ فَرُبّما

ذمَّمْتَ بعضَ النّاسِ وهْو حميد

أفمِثْلُ وُدِّي للكرامِ وإن جنَتْ

نُوَبُ الزمّانِ تُذَمُّ منه عُهود

أم مِثْلُ خُبْرِكَ للرّجالِ يَجوزُ أن

يَخْفَى عليه كاشِحٌ ووَدود

لا تَحسَبِ المُتصادقِينَ أصادِقاً

ما كُلُّ مَصْقولِ الحديدِ حَديد

واعْلَقْ بمَنْ أولاك خالصَ وُدِّه

يوماً فما أُمُّ الصّفاءِ وَلُود

أفبَعْدَ إبْلائي وإنْ لم يُرضِكم

أيّامَ صِدْقٍ كُلُّها مَشْهود

أصبحتُ أستَكْفِي التَوعُّدَ منكمُ

والحِلْمُ أنْ يُستَنجَزَ المَوعود

وأُسامُ عُذْرَ جريمةٍ لم أجْنِها

إنّ الشّقيَّ بما جَنَى لَسعيد

أمّلْتُ ما طَرق الزّمانُ بغيرِه

اَلغَرْسُ سَعْيٌ والقِطافُ جُدود

ولأبكِيَنَّ عليه عُمْرِيَ كُلَّه

لا مثلّما حَدَّ البُكاءَ لَبيد

أحبابَنا كَثُرَ العِتابُ فأقصِروا

حتّى نعودَ إلى الرِّضا وتَعودوا

لا تُطلِقونا بالإساءةِ بعدما

لُوِيَتْ علينا للجميلِ قُيود

لا تَهْجُروا إنّي على ما نابَني

في الدّهرِ إلاّ هَجْرَكم لجَليد

وصِلُوا فقد جُبِلَتْ على حُبِّيكمُ

نَفْسي وتَبديلُ الطِّباعِ شَديد

إن كان ما زعَم الوُشاةُ فلا يَزلْ

حَظَّيَّ منكم هَجْرةٌ وصُدود

من بَعْد صحبةِ خمس عشْرة حِجّةً

أنساكُمُ إنّي إذَنْ لَكَنود

ولنا بِكُم عَهْد يَرِقُّ لذِكْرِه

قَلْبُ الفتَى ولَوَ انّهُ جُلْمود

وسَوابق الخِدَمِ التي يأْبَينَ أنْ

يتَتابَعَ الإنضاجُ والتَّرميد

يا مَنْ ثَنى العِطْف المَهابةُ دونه

حيرانَ أَمضي خُطْوة وأَعود

لم تَخْل عَيْني من خِيالِك ساعةً

فتَشابَه التّقريب والتَّبعيد

كُنْ كيف شِئْت فبي وإن لم تُدنني

ما عشْتُ حُبٌّ لا يزال يَزيد

إن أخلق الوُدُّ القديم فعِفْتَهُ

فَهُناك وُدُّ تَصطَفيهِ جَديد

أوْ لم ترِدْني في الأصاغرِ خادماً

فبَقِيتَ والقومَ الّذين ترِيد

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة