الديوان » العصر العباسي » البحتري » صنت نفسي عما يدنس نفسي

عدد الابيات : 56

طباعة

صُنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي

وَتَرَفَّعتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ

وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَه

رُ إِلتِماساً مِنهُ لِتَعسي وَنَكسي

بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِندي

طَفَّفَتها الأَيّامُ تَطفيفَ بَخسِ

وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ رِفَهٍ

عَلَلٍ شُربُهُ وَوارِدِ خِمسِ

وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ مَحمو

لاً هَواهُ مَعَ الأَخَسِّ الأَخَسِّ

وَاِشتِرائي العِراقَ خُطَّةُ غَبنٍ

بَعدَ بَيعي الشَآمَ بَيعَةَ وَكسِ

لاتَرُزني مُزاوِلاً لِإِختِباري

بَعدَ هَذي البَلوى فَتُنكِرَ مَسّي

وَقَديماً عَهِدَتني ذا هَناتٍ

آبِياتٍ عَلى الدَنِيّاتِ شُمسِ

وَلَقَد رابَني اِبنُ عَمّي

بَعدَ لينٍ مِن جانِبَيهِ وَأُنسِ

وَإِذا ماجُفيتُ كُنتُ جَديراً

أَن أَرى غَيرَ مُصبِحٍ حَيثُ أُمسي

حَضَرَت رَحلِيَ الهُمومُ فَوَجَّه

تُ إِلى أَبيَضَ المَدائِنِ عَنسي

أَتَسَلّى عَنِ الحُظوظِ وَآسى

لِمَحَلٍّ مِن آلِ ساسانَ دَرسِ

أَذكَرتِنيهُمُ الخُطوبُ التَوالي

وَلَقَد تُذكِرُ الخُطوبُ وَتُنسي

وَهُمُ خافِضونَ في ظِلِّ عالٍ

مُشرِفٍ يَحسِرُ العُيونَ وَيُخسي

مُغلَقٍ بابُهُ عَلى جَبَلِ القَب

قِ إِلى دارَتَي خِلاطَ وَمُكسِ

حِلَلٌ لَم تَكٌ كَأَطلالِ سُعدى

في قِفارٍ مِنَ البَسابِسِ مُلسِ

وَمَساعٍ لَولا المُحاباةُ مِنّي

لَم تُطِقها مَسعاةُ عَنسٍ وَعَبسِ

نَقَلَ الدَهرُ عَهدَهُنَّ عَنِ ال

جِدَّةِ حَتّى رَجَعنَ أَنضاءَ لُبسِ

فَكَأَنَّ الجِرمازَ مِن عَدَمِ الأُن

سِ وَإِخلالِهِ بَنِيَّةُ رَمسِ

لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ اللَيالي

جَعَلَت فيهِ مَأتَماً بَعدَ عُرسِ

وَهوَ يُنبيكَ عَن عَجائِبِ قَومٍ

لايُشابُ البَيانُ فيهِم بِلَبسِ

وَإِذا مارَأَيتَ صورَةَ أَنطا

كِيَّةَ إِرتَعتَ بَينَ رومٍ وَفُرسِ

وَالمَنايا مَواثِلٌ وَأَنوشَر

وانَ يُزجى الصُفوفَ تَحتَ الدِرَفسِ

في اِخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ عَلى أَص

فَرَ يَختالُ في صَبيغَةِ وَرسِ

وَعِراكُ الرِجالِ بَينَ يَدَيهِ

في خُفوتٍ مِنهُم وَإِغماضِ جَرسِ

مِن مُشيحٍ يَهوي بِعامِلِ رُمحٍ

وَمُليحٍ مِنَ السِنانِ بِتُرسِ

تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحيا

ءٍ لَهُم بَينَهُم إِشارَةُ خُرسِ

يَغتَلي فيهِم إِرتِابي حَتّى

تَتَقَرّاهُمُ يَدايَ بِلَمسِ

قَد سَقاني وَلَم يُصَرِّد أَبو الغَو

ثِ عَلى العَسكَرَينِ شَربَةَ خُلسِ

مِن مُدامٍ تَظُنُّها وَهيَ نَجمٌ

ضَوَّأَ اللَيلَ أَو مُجاجَةُ شَمسِ

وَتَراها إِذا أَجَدَّت سُروراً

وَاِرتِياحاً لِلشارِبِ المُتَحَسّي

أُفرِغَت في الزُجاجِ مِن كُلِّ قَلبٍ

فَهيَ مَحبوبَةٌ إِلى كُلِّ نَفسِ

وَتَوَهَّمتُ أَنَّ كِسرى أَبَروي

زَ مُعاطِيَّ وَالبَلَهبَذَ أُنسي

حُلُمٌ مُطبِقٌ عَلى الشَكِّ عَيني

أَم أَمانٍ غَيَّرنَ ظَنّي وَحَدسي

وَكَأَنَّ الإيوانَ مِن عَجَبِ الصَن

عَةِ جَوبٌ في جَنبِ أَرعَنَ جِلسِ

يُتَظَنّى مِنَ الكَآبَةِ إِذ يَب

دو لِعَينَي مُصَبِّحٍ أَو مُمَسّي

مُزعَجاً بِالفِراقِ عَن أُنسِ إِلفٍ

عَزَّ أَو مُرهَقاً بِتَطليقِ عِرسِ

عَكَسَت حَظُّهُ اللَيالي وَباتَ ال

مُشتَري فيهِ وَهوَ كَوكَبُ نَحسِ

فَهوَ يُبدي تَجَلُّداً وَعَلَيهِ

كَلكَلٌ مِن كَلاكِلِ الدَهرِ مُرسي

لَم يَعِبهُ أَن بُزَّ مِن بُسُطِ الدي

باجِ وَاِستَلَّ مِن سُتورِ المَقسِ

مُشمَخِّرٌ تَعلو لَهُ شُرُفاتٌ

رُفِعَت في رُؤوسِ رَضوى وَقُدسِ

لابِساتٌ مِنَ البَياضِ فَما تُب

صِرُ مِنها إِلّا غَلائِلَ بُرسِ

لَيسَ يُدرى أَصُنعُ إِنسٍ لِجِنٍّ

سَكَنوهُ أَم صُنعُ جِنٍّ لِإِنسِ

غَيرَ أَنّي يَشهَدُ أَن لَم

يَكُ بانيهِ في المُلوكِ بِنِكسِ

فَكَأَنّي أَرى المَراتِبَ وَالقَو

مَ إِذا ما بَلَغتُ آخِرَ حِسّي

وَكَأَنَّ الوُفودَ ضاحينَ حَسرى

مِن وُقوفٍ خَلفَ الزِحامِ وَخِنسِ

وَكَأَنَّ القِيانَ وَسطَ المَقاصي

رِ يُرَجِّعنَ بَينَ حُوٍ وَلُعسِ

وَكَأَنَّ اللِقاءَ أَوَّلَ مِن أَم

سِ وَوَشكَ الفِراقِ أَوَّلَ أَمسِ

وَكَأَنَّ الَّذي يُريدُ إِتِّباعاً

طامِعٌ في لُحوقِهِم صُبحَ خَمسِ

عُمِّرَت لِلسُرورِ دَهراً فَصارَت

لِلتَعَزّي رِباعُهُم وَالتَأَسّي

فَلَها أَن أُعينَها بِدُموعٍ

موقَفاتٍ عَلى الصَبابَةِ حُبسِ

ذاكَ عِندي وَلَيسَت الدارُ داري

بِإِقتِرابٍ مِنها وَلا الجِنسُ جِنسي

غَيرَ نُعمى لِأَهلِها عِندَ أَهلي

غَرَسوا مِن زَكائِها خَيرَ غَرسِ

أَيَّدوا مُلكَنا وَشَدّوا قُواهُ

بِكُماةٍ تَحتَ السَنَّورِ حُمسِ

وَأَعانوا عَلى كَتائِبِ أَريا

طَ بِطَعنٍ عَلى النُحورِ وَدَعسِ

وَأَراني مِن بَعدُ أَكلَفُ بِالأَش

رافِ طُرّاً مِن كُلِّ سِنخِ وَأُسِّ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


خِمسِ

الظمآن الذي لا يرد الماء إلا أياما قليلة

تم اضافة هذه المساهمة من العضو مصطفى كمال سندة


اِبنُ عَمّي

المقصود هنا الخليفة المنتصر

تم اضافة هذه المساهمة من العضو مصطفى كمال سندة


أَبيَضَ المَدائِنِ

قصر كسرى في المدائن عاصمة الساسانيين

تم اضافة هذه المساهمة من العضو مصطفى كمال سندة


الدِرَفسِ

راية الفرس وهي كلمة فارسية

تم اضافة هذه المساهمة من العضو مصطفى كمال سندة


السَنَّورِ

درع جلدي يلبسه المحاربون

تم اضافة هذه المساهمة من العضو مصطفى كمال سندة


معلومات عن البحتري

avatar

البحتري حساب موثق

العصر العباسي

poet-albohtry@

931

قصيدة

59

الاقتباسات

2462

متابعين

الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي, أبو عبادة البحتري شاعر كبير، يقال لشعره (سلاسل الذهب). وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم: المتنبي، وأبو تمام، والبحتري. قيل لأبي العلاء ...

المزيد عن البحتري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة