الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » لمثل ذا اليوم كان الملك ينتظر

عدد الابيات : 29

طباعة

لِمِثْلِ ذَا الْيَوْمِ كَانَ الْمُلْكُ يَنْتَظِرُ

فَاسْعَدْ بِهَا دَوْلَةً عُنْوانُها الظَّفَرُ

تَهَلَّلَتْ مِصْرُ بَعْدَ الْيَأْسِ وَابتَهَجَتْ

بِكَ الرَّعِيَّةُ حَتَّى عَمَّهَا الْحَبَرُ

نالَتْ بِنَصْرِكَ مَا كَانَتْ تُؤَمِّلُهُ

لا زِلْتَ لِلْمُلْكِ وَالإِسْلامِ تَنْتَصِرُ

فَالْعَدْلُ مُنْبَسِطٌ وَالْجَوْرُ مُنْقَبِضٌ

وَالأَمْنُ مُنْسَدِلٌ وَالْخَوْفُ مُنْشَمِرُ

نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَافَى بَعْدَ دَاجِيَةٍ

كَمَا تَبَلَّجَ عَنْ مَكْنُونِهِ السَّحَرُ

فَالنَّاسُ مِنْ طَرَبٍ فِي نَشْوَةٍ أَخَذَتْ

بِهِمْ فَمَالُوا كَأَنَّ الْقَومَ قَدْ سَكِرُوا

مُسْتَوفِضُونَ إِلَى الدَّاعِي تَسِيلُ بِهِمْ

أَرْضٌ وَتَجْمَعُهُم أُخْرَى فَهُمْ زُمَرُ

في كُلِّ نَادٍ خَطِيْبٌ حَوْلَ مِنْبَرِهِ

جَمْعٌ وَفِي كُلِّ وادٍ تَرْكُضُ الْبَشَرُ

يَسْتَعْذِبُ السَّمْعُ مَا يُمْلِي اللِّسَانُ لَهُ

وَيَعْلَقُ الْقَلْبُ مَا يُوحِي بِهِ الْبَصَرُ

فَلا شَقَاءٌ وَلا بَأْسٌ وَلا فَزَعٌ

وَلا عَدَاءٌ وَلا غَدْرٌ وَلا حَذَرُ

عِيدٌ تَهلَّلَتِ الدُّنْيَا بِهِ فَرَحاً

وَنِعْمَةٌ لَيْسَ يَقْضِي حَقَّهَا الْبَشَرُ

وَكَيْفَ لا تَفْخَرُ الدُّنْيَا بِطَلْعَةِ مَنْ

لَوْلاهُ لَمْ يَبْقَ فِيهَا لاِمْرِئٍ وَطَرُ

فَاسْتَبْشِرُوا يَا بَنِي الأَوطَانِ إِنَّ لَكُمْ

مِنْ عَدْلِهِ جَنَّةً يَجْرِي بِهَا نَهَرُ

هُوَ الْمَلِيكُ الَّذِي لَوْلا سِيَاسَتُهُ

مَا كَانَ لِلْعَدْلِ لا عَيْنٌ وَلا أَثَرُ

أَفْضَى إِلَى مِصْرَ وَالدُّنْيَا عَلَى خَطَرٍ

فَمَا تَمَثَّلَ حَتَّى أَجْفَلَ الْخَطَرُ

مُوَفَّقٌ لِصَنِيعِ الْخَيْرِ مُبْتَدِعٌ

لِمَا تُقَصِّرُ عَنْ إِدْرَاكِهِ الْفِكَرُ

يَهْمِي نَدىً وَرَدىً جُوداً وَمَحْمِيَةً

كَذَلِكَ الدَّهْرُ فِيهِ النَّفْعُ وَالضَّرَرُ

يَسْطُو بِرِفْقٍ إِذَا مَا الْحَزْمُ أَعْوَزَهُ

إِلَى الْعِقَابِ وَيَعْفُو حِينَ يَقْتَدِرُ

فَالْبَطْشُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ حِكْمَةٍ سَرَفٌ

وَالْحِلْمُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قُدْرَةٍ خَوَرُ

إِذَا ارْتَأَى بَدَرَتْ أَنْوَارُ حِكْمَتِهِ

كَمَا تَطَايَرَ بَعْدَ الْقَدْحَةِ الشَّرَرُ

دَلَّتْ عَلَى فَضْلِهِ آثارُ حِكْمَتِهِ

وَكُلُّ شَيءٍ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَثَرُ

إِذَا تَبَسَّمَ فَاضَتْ رَاحَتَاهُ لَنَا

جُوداً وَمَا كُلُّ بَرْقٍ خَلْفَهُ مَطَرُ

تَملَّ بِالْمُلكِ يَاعَبَّاسُ وَابْقَ لَنَا

فِي نِعْمةٍ لَمْ يُخَالِطْ صَفْوَهَا كَدَرُ

فَأَنْتَ مِنْ دَوْحَةٍ فِي الْمَجْدِ بَاسِقَةٍ

طَابَتْ وَدَلَّ عَلَيْهَا النَّوْرُ وَالثَّمَرُ

بَلَغْتُ مَجْهُودَ نَفْسِي في الثَّنَاءِ وَلَمْ

أَبْلُغْ عُلاكَ وَأَنَّى يُدْرَكُ الْقَمَرُ

فَامْنُنْ عَلَيَّ بِإِصغَاءٍ إِلَى كَلِمٍ

تُعَدُّ فِي النُّطْقِ إِلَّا أَنَّهَا دُرَرُ

وَسَمْتُهَا بِاسْمِكَ الْعَالِي فَأَلْبَسَهَا

حُسْنَاً تَتِيهُ بِهِ الدُّنْيَا وَتَفْتَخِرُ

إِذَا تَلاهَا لِسَانُ الشُّكْرِ قَامَ لَهَا

حُبَّاً بِذِكْرِ عُلاكَ الْبَدْوُ وَالْحَضَرُ

لا زِلْتَ مَوْرِدَ آمَالٍ تَحُومُ بِهِ

طَيْرُ الْقُلُوبِ إِلَى أَنْ تُنْشَرَ الصُّوَرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1888

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة