الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » طربت وعادتني المخيلة والسكر

عدد الابيات : 25

طباعة

طَرِبْتُ وَعَادَتْنِي الْمَخِيلَةُ وَالسُّكْرُ

وَأَصْبَحْتُ لا يُلْوِي بِشِيمَتِي الزَّجْرُ

كَأَنِّيَ مَخْمُورٌ سَرَتْ بِلِسَانِهِ

مُعَتَّقَةٌ مِمَّا يَضِنُّ بِهَا التَّجْرُ

صَرِيعُ هَوىً يُلْوي بِيَ الشَّوْقُ كُلَّمَا

تَلأْلأَ بَرْقٌ أَوْ سَرَتْ دِيَمٌ غُزْرُ

إِذَا مَال ميزَانُ النَّهارِ رَأَيْتنِي

عَلَى حَسَراتٍ لا يُقَاوِمُها صَبْرُ

يَقُولُ أُنَاسٌ إِنَّهُ السِّحرُ ضَلَّةً

وَمَا هِيَ إِلَّا نَظْرَةٌ دُونَهَا السِّحْرُ

فَكَيْفَ يَعِيبُ النَّاسُ أَمْرِي وَلَيْسَ لِي

وَلا لاِمْرِئٍ فِي الْحُبِّ نَهْيٌ وَلا أَمْرُ

وَلَوْ كَانَ مِمَّا يُسْتطَاعُ دِفَاعُهُ

لأَلْوَتْ بِهِ الْبِيضُ الْمَباتِيرُ والسُّمْرُ

وَلَكِنَّهُ الْحُبُّ الَّذِي لَوْ تَعَلَّقَتْ

شَرَارَتُهُ بِالْجَمْرِ لاحْتَرَقَ الْجَمْرُ

عَلَى أَنَّنِي كَاتَمْتُ صَدْرِيَ حُرْقَةً

مِنَ الْوَجْدِ لا يَقْوَى عَلَى حَمْلِهَا صَدْرُ

وَكَفْكَفْتُ دَمْعَاً لَوْ أَسَلْتُ شُؤُونَهُ

عَلَى الأَرْضِ مَا شَكَّ امْرُؤٌ أَنَّهُ الْبَحْرُ

حَيَاءً وَكِبْراً أَنْ يُقَالَ تَرَجَّحَتْ

بِهِ صَبْوَةٌ أَوْ فَلَّ مِنْ غَرْبِهِ الْهَجْرُ

وَإِنِّي امْرُؤٌ لَوْلا الْعَوائِقُ أَذْعَنَتْ

لِسُلْطَانِهِ الْبَدْوُ الْمُغِيرَةُ والْحَضْرُ

مِنَ النَّفَرِ الْغُرِّ الَّذِينَ سُيُوفُهُمْ

لَهَا فِي حَوَاشِي كُلِّ دَاجِيَةٍ فَجْرُ

إِذَا اسْتَلَّ مِنْهُمْ سَيِّدٌ غَرْبَ سَيْفِهِ

تَفَزَّعَتِ الأَفْلاكُ وَالْتَفَتَ الدَّهْرُ

لَهُمْ عُمُدٌ مَرْفُوعَةٌ وَمَعَاقِلٌ

وَأَلْوِيَةٌ حُمْرٌ وَأَفْنِيَةٌخُضْرُ

وَنَارٌ لَهَا فِي كُلِّ شَرْقٍ وَمَغْرِبٍ

لِمُدَّرِعِ الظَّلْمَاءِ أَلْسِنَةٌ حُمْرُ

تَمُدُّ يَداً نَحْوَ السَّمَاءِ خَضِيبَةً

تُصَافِحُهَا الشِّعْرَى وَيَلْثِمُهَا الْغَفْرُ

وَخَيْلٌ يَعُمّ الْخَافِقَيْنِ صَهِيلُهَا

نَزَائِعُ مَعْقُودٌ بِأَعْرَافِها النَّصْرُ

مُعَوَّدَةٌ قَطْعَ الْفَيَافِي كَأَنَّهَا

خُدَارِيَّةٌ فَتْخَاءُ لَيْسَ لَهَا وَكْرُ

أَقَامُوا زَمَاناً ثُمَّ بَدَّدَ شَمْلَهُمْ

مَلُولٌ مِنَ الأَيَّامِ شِيمَتُهُ الْغَدْرُ

فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرُ آثارِ نِعْمَةٍ

تَضُوعُ بِرَيَّاهَا الأَحَادِيثُ وَالذِّكْرُ

وَقَدْ تَنْطِقُ الآثَارُ وَهْيَ صَوَامِتٌ

وَيُثْنِي بِرَيَّاهُ عَلَى الْوابِلِ الزَّهْرُ

لَعَمْرُكَ مَا حَيٌّ وَإِنْ طَالَ سَيْرُهُ

يُعَدُّ طَلِيقَاً وَالْمَنُونُ لَهُ أَسْرُ

وَمَا هَذِهِ الأَيَّامُ إِلَّا مَنَازِلٌ

يَحُلُّ بِهَا سَفْرٌ وَيَتْرُكُها سَفْرُ

فَلا تَحْسَبَنَّ الْمَرْءَ فِيها بِخَالِدٍ

وَلَكِنَّهُ يَسْعَى وَغَايَتُهُ الْعُمْرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1888

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة