الديوان » العصر العثماني » أبو المعالي الطالوي » ذكر العقيق فسال من أجفانه

عدد الابيات : 53

طباعة

ذكر العَقيقَ فَسالَ مِن أَجفانِهِ

وَاِشتفَّهُ وَجدٌ إِلى سُكانِهِ

وَاِشتَمَّ في ريح الصَبا أَرجَ الصّبا

فَصَبا حَليفَ جَوىً إِلى أَوطانِهِ

وَشَجاهُ مَسجور الفُؤادِ إِلى الحِمى

وُرقٌ سَواجِعُ هِجن مِن أَشجانِهِ

تروى عَنِ الورقِ الغَرامَ وَطالَ ما

دَرَسَت فُنون العِشقِ في أَفنانِهِ

فيهِنّ سالِمَة الحَشا مِن لَوعَةٍ

لَم تَدرِ طَعمَ الوَصلِ مِن هِجرانِهِ

تُمسي وَتُصبِحُ في أَرائِكِ أَيكَةٍ

مَع إِلفِها وَالعُمرُ في رَيعانِهِ

تَرتادُ رَوضَ الشامِ أَخصَب مَنزِلٍ

حَيثُ العرارُ صَغى إِلى حَوذانِهِ

حَيثُ المَعالِم مُشرِقاتٌ بِالدُمى

وَالغانيات يَطُفنَ حَولَ مَغانِهِ

في ظِلِّ مُنبَجِسِ اللُجَينِ جَرى بِهِ

ذَهَبُ الأَصيلِ يَسيلُ مِن قيعانِهِ

أَلمى الظلال كَأَنَّ سُمرَتهُ لَمىً

عَذبُ المَراشِفِ نَدَّ عَن غُزلانِهِ

بَينا تراودُ فيهِ مِن عَذبٍ إِلى

عَذب يَفوق عَلى العُذَيبِ وَبانِهِ

في صَفوِ عَيش إِذ رَمَتها نيّةٌ

لِلرُوم فاخِتُها بِسودِ رِعانِهِ

هَبَطَت بِها الأَقدار أَرضاً لَم يَكُن

فيها نُزول الوَحي مِن فُرقانِهِ

سَوداءُ مُظلِمَةُ الفَضاء كَأَنَّها

قَلبُ الحَسود عَلَيهِ ظُلمَةُ رانِهِ

فَغَدَت تَنوحُ عَلى الدِيار بِمَدمَعٍ

سَحٍّ يُباري الغَيثَ في تَهتانِهِ

ماسورةُ القَلبِ المُعنّى مِن جَوىً

مَسجورةُ الأَحشاءِ مِن نيرانِهِ

تَبكي إِذا ذُكِرَ الحِمى حَيثُ الحِمى

رَوضٌ تَفَرَّد في ذُرى أَغصانِهِ

تَنفَكُّ تَنثُرُ لُؤلُؤاً مِن مَدمَعٍ

كَالدُرِّ ينظمُ في سُموط جُمانِهِ

حَتّى تَرى رَوضَ الحِمى أَو تَجتَلي

رَوضَ اِبنِ بُستانٍ إِمامِ زَمانِهِ

قاضي العَساكر مَن تَبَوّأ مَنزِلاً

تُمسي النُجومُ الزُهرُ مِن أَخدانِهِ

المُعتلي شَرَفَ العُلا بِبيانِهِ

المُجتَلي سِرَّ القَضا بِعِيانِهِ

ذُو غايَةٍ في المَجدِ رامَ بُلوغَها ال

فَلَكُ المُحيطُ فَجدَّ في دَوَرانِهِ

سَبَقتهُ فَاِستَعدى عَلَينا طاوِياً

لِصَحائِف الأَعمالِ في سُرعانِهِ

لِلَّهِ مَولىً هامُ هِمَّتِه سما

هامَ السِماك فحلَّ فَوقَ مكانِهِ

مولىً تَرَدّى الفضلُ أَبهى حُلَّة

تَوشيعُها المَعروفُ مِن إِحسانِهِ

ظِلُّ المُحيّا لَو يُقابل نُورَهُ

بَدرُ الدُجى لِحِماه عَن نُقصانِهِ

وِإِذا دَجى لَيلُ الخُطوبِ فَرَأيُهُ

فيها كَضوءِ الشَمس في لَمَعانِهِ

ماضي العَزائِمِ خَيرُ مَولى أمَّه

رَكبٌ يَجوب البيدَ في رَمَلانِهِ

في ثَني بُردَيه إِمامُ تَقىً وَفي

حِقوَيه رَضوى بانَ بَعدَ إِبانِهِ

هُوَ مَن عَلِمتَ فَدَع سِواهُ وَمَن يُرِد

بِحرَ المَكارم صَدَّ عَن غُدرانِهِ

بَحرٌ لَنا مِن راحَتيهِ جَداوِلٌ

طَفَحَت فَسالَت مِن مَسيلِ بَنانِهِ

مُتَبَسِّمٌ يَومَ النَدى لعُفاتِهِ

كَالرَوضِ ضاحَكَهُ نَدى هَتّانِهِ

ما رَدَّ يَوماً سائِلاً وَلَهُ سَطى

باس تَردُّ الدَهرَ عَن حَدَثانِهِ

راوي حَديث العِلمِ عَن نُعمانِهِ

حاوي فُنون الفَضلِ مِن بُستانِهِ

العالِمُ الطهرُ الَّذي ظَهَرَت لَهُ

كَشفاً شُؤون الحَقِّ في أَعيانِهِ

وَجَلا صَدا الأَلوان عَن مِرآتِهِ

وَرَأى وُجُودَ الحَقِّ في سَرَيانِهِ

فَأَتى عَلى عين اليَقينِ وَقَد مَضى

وَالقَومُ فيهِم غَفلَة عَن شانِهِ

صَبَّ الإِلَهُ سَحابَ رَحمَتِهِ عَلى

ذاكَ الضَريح وَحاضِري جِيرانهِ

حَتّى يَعودَ ثَراه أَنضَر رَوضَةٍ

فيها جَميمُ النَبتِ مِن رَيحانِهِ

وَغَدَت تَحايا الرَب كُلَّ عَشيَّةٍ

تُهدى إِلَيهِ عَلى يَدي رِضوانِهِ

فَبِحَقِّهِ رَبا عَلَيكَ وَوالِدا

وَبِحَق ما تَرعاه مِن رِضوانِهِ

أَلّا نَظَرتَ لِعَبدِ بابِكَ راحِما

فَالدَهرُ جارَ عَلَيهِ في عُدوانِهِ

عطفاً عَلَيهِ بِمَنصبٍ يَسمو بِهِ

بَينَ الأَنام وَمِزه عَن أَقرانِهِ

فَلَقَد شَجاه جاهِلٌ في دَرسِهِ

يَرقى وَرَبُّ الفَضلِ في حِرمانِهِ

حاشا لِما حَرَستهُ كَفُّ نَداك أَن

يَذوي وَفَيضُ نَداك في جَرَيانِهِ

وَلِمثل فَيضِكَ أَو يُؤخِّر ساعَةً

عَنهُ وَهَذا الوَقتُ وَقتَ أَوانِهِ

وَاِستَجلها عَربِيَّةً أَوطانُها

شِعب الغَوير وَمُلتَقى كُثبانِهِ

قَلَّدتَها دُرَّ المَدائِحِ لُؤلُؤاً

رَطبا يَكاد يَفوقُ دُرَّ عُمانِهِ

وَكَسَوتَها وَشيَ الثَناءِ مُحبَّرا

بُرداً يَفوحُ المسك مِن أَردانِهِ

وَاِبسُط لَها كَفّ الرَجا وَأَقِم لَها

بِالروم وَزناً تَعلُ في ميزانِهِ

فَالشعر عِندَ القَومِ حاشا سَيّدي

لا فَرقَ بَينَ هَجينه وَهِجانِهِ

وَاِسلَم وَدُم في نِعمَةٍ مَحسودَةٍ

طولَ المَدى وَالعَيشُ في رَيّانِهِ

وَبَنُوكَ أَقمارُ الفَضائل ما سَرى

بَرقٌ فَهاجَ الصَبّ في لَمَعانِهِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو المعالي الطالوي

avatar

أبو المعالي الطالوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-Abu-al-Maali-al-Talawi@

94

قصيدة

22

متابعين

درويش بن محمد بن أحمد الطالويّ الأرتقيّ، أبو المعالي. أديب، له شعر وترسل. من أهل دمشق مولداً ووفاة. جمع أشعاره وترسلاته في كتاب سماه (سانحات دمى القصر في مطارحات بني ...

المزيد عن أبو المعالي الطالوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة