الديوان » العصر العباسي » الصنوبري » لو كان يشتاقه من كان شوقه

عدد الابيات : 38

طباعة

لو كان يشتاقه مَن كان شوَّقَهُ

ما فرَّق الصبرَ عنه يومَ فرَّقهُ

صبٌّ إذا ذاق بردَ الوصل خاطرُه

أغصَّهُ هجرُ من يهوى وأَشرقَه

انظر إلى جسدي تنظرْ إلى جسدٍ

أبلاهُ تجديدُ بلواهُ وأخلقه

وقائلٍ ما له لم يبك قلتُ له

مقالَ صدقٍ رجاءً إن يصدِّقه

قد فاض وجْدي إلى عيني فأحرقها

وغاض دمعي إلى قلبي فَغرَّقه

يا من تعادت جفوني في هواه كما

عادى مؤَزَّرُهُ ظلماً منطِّقَه

نسرينُ خدِّكَ مَنْ بالورد لمَّعهُ

وخطُّ صدغِكَ مَن بالمسك غرَّقه

من ماءِ وجهك ظلَّ الحسنُ في تعَبٍ

في كلِّ راووقِ معنىً منه رَوَّقه

رقَّت حواشيه حتى لستُ أعلم كم

أراق من دمعِ إنسان وأرَّقه

أنتَ الغزالُ غزالُ الإنسِ زيَّنهُ

دلٌّ وتَرَّفه شكلٌ وفنَّقه

ملكتَ قلبي فصار السقمُ يملكه

فهل ترقُّ لمملوكٍ فتعتقَه

أراهُ أوبقَ قَدرَ المستهام بكم

لديكَ أن لباسَ العُدْم أوبَقَه

الحلمُ والعُدمُ خيرٌ أم يُقالُ له

لا كان ما كان أغناهُ وأحمقَه

فالآن أطلقتُ تأميلي وكنتُ وما

أنفكُّ أحبسُ دون الخلقِ مُطلَقه

وسرتُ في الرأي إِصعاداً ومنحدَراً

وجالَ مغربه قلبي ومَشرقَه

فلم أجدْ كعليٍّ من يليقُ به

حَلْيُ العلاءِ إذا ما اخترتُ أليقه

وأنّ مَنْ خلَقَ التوفيقَ وَفَّقني

لحمدِ مَنْ لحميدِ الفِعْل وفَّقه

يهني أبا حسنٍ إذ لم يدعْ خُلُقاً

من المكارم إلا قد تَخلَّقه

تعشَّقَ المجدَ أدناه وأبعدَه

والمجدُ أعشقُ شيءٍ مَن تعشَّقه

فَردُ الفَعال بتاج الفخر توَّجَه

فَعالُهُ وبطوق الفخر طَوَّقه

المشتري من عُلوقِ الفضلِ أثمنَها

والمكتسي منه أبهاه وأشْرَقَه

والهندوانيّ تَخْشَى حدَّ مضربه

كفُّ الذي استحسنتْ عيناهُ رَوْنَقه

ما سَوّدَ الطِّرْسَ خطاً حين سوّده

لكنه بِخَلُوقِ الفكرِ خَلَّقه

ألَدُّ يبلغُ ما شاءَت بلاغته

وليس يطلبه خَلْقٌ فيلحَقه

موحٍ إلى ناطقٍ نُطْقاً بغير فمٍ

فالعينُ تسمعُ دونَ الأذْنِ منْطِقَه

ما بارز العسرَ مسودّاً مفارقُه

إلا أشابَ بهول اليُسر مفرقه

شهابُ فكرٍ إذا استوعرتَ مسلكه

مفتاحُ ذكرٍ إذا استفتحتَ مُغلقه

رأيٌ تحصَّنَ مِن لبسِ الظنونِ به

مذ ابتنى سُورَهُ واختطَّ خندقه

تلقى عليَّ بنَ إبراهيم ذا خُلُقٍ

يكفيكَ أن تتقاضاه تَخلُّقَه

تلقاه أنفذَ ذي حزمٍ وأثقبَ ذي

فهمٍ وأفتقَ ذي علمٍ وأرتَقه

أفَلَّهُ لشبا خطبٍ وألطفَهُ

بحلِّ ما يَلْتَوي منه وأرْفَقَه

فقلْ لحاسِدِهِ أطْرِقْ على حَسَدٍ

لو كنتَ رُخّاً لما وازَنتَ بَيْذَقَهُ

المنفقُ الوفرَ لما قلَّ مُنْفِقُهُ

وإنما في اكتساب الحمد أنفقه

لله هضبةُ أرفاقٍ يَلوذُ بها

مَنْ وسَّدَتْهُ صروفُ الدهر مِرفَقه

بشراً أَمامَ العطايا كالغمامِ إذا

أنشا يُقَدِّم قبل الوبلِ مُبْرِقَه

هذا ثنائي وشعري فيك زَخْرَفَهُ

صدقُ الثناءِ من المُنْشي وَنَمَّقَه

طابقته لا كمن كدَّ القوافيَ كي

يطابقَ اللفظ في المعنى فأطبقه

ترى الأعاديَ زُرقاً نحو منشده

يرون منه طريرَ الحدِّ أزرقه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الصنوبري

avatar

الصنوبري حساب موثق

العصر العباسي

poet-alsanubri@

693

قصيدة

1

الاقتباسات

121

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الأنطاكي، أبو بكر، المعروف بالصنوبري. شاعر اقتصر أكثر شعره على وصف الرياض والأزهار. وكان ممن يحضر مجالس سيف الدولة. تنقل بين ...

المزيد عن الصنوبري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة