الديوان » العصر العثماني » نيقولاوس الصائغ » كوني استحال إلى بلى وفساد

عدد الابيات : 39

طباعة

كَوني استحالَ إلى بِلىً وفَسادِ

لا غروَ هذه غايةُ الأَجسادِ

بُعداً لجسمٍ قد غدا متبدّداً

وهو المؤَلَّفُ شاملَ الأبعادِ

اسبابُ موتي سوءُ فعلي ان ذا

سببٌ لهُ بادٍ وجِسمي مادي

وجدودُ هذا العُمرِ ناتجةُ الرَدَى

إِذ إِنَّ أفعالي لَهُنَّ مبادِ

أي جائزاً هذا السبيلَ تَرَّفَقن

بي وانتبه من رائحٍ أو غادِ

أني غدوت الآنَ مضَّجِعَ الثَرَى

فمتى يكونُ بهِ مهبُّ رُقادي

أمسيتُ للحَشَرات خيرَ فريسةٍ

يا ليتَ كنتُ فريسةَ الآسادِ

نَهَلَت دمايَ ولا تَسَل حتى ارتَوَت

منِّي قلوبٌ لم يَزَلنَ صوادي

قِف واتلُ ما سطَّرتُهُ لكَ واعتَبِر

وانظُر بلحدي إِنَّ فيهِ رَمادي

عمَّرتُ لي قبراً وكنتُ بصِحَّتي

حيّاً على ذُعرٍ بغير تمادي

وارمُق لممدودٍ بهِ متضيّقٍ

ضِيقاً بلا فَرَجٍ ليومِ مَعادي

في ظُلمةٍ أَبَتِ الضِياءَ كثيفةٍ

مَن جازَ فيها لم يَفُز برَشادِ

متكبّلاً اقيادَ خصمٍ داركٍ

قاسٍ تملّكَ مُهجتي وقِيادي

وغدوت منهُ مغلَّلاً لا استطيعُ بهِ

الحَراكَ على مَدَى الآبادِ

بالله صوِّت بي لتعلمَ أَنَّما

صَوَّتَّ بالأَغوارِ والأَنجادِ

ويَرُوعني صوتُ الملاكِ منادياً

يوماً يُنادي عندَ ذاك النادي

يا ذا الرُقودُ من القُبُور إلا أخرُجوا

هُبُّوا ايا نُوَّامُ بعدَ رُقادِ

إِيتوا امامَ اللَه واحتضنوا الجَزا

بإِزاءِ نهرِ النارِ ذي الإِيقادِ

وتجمعوا في الحال جمعاً سالماً

ليَضُمكَّمُ للحُكمِ ذاك الوادي

وادي يَهُوشافاطَ ثَمَّت مُلتَقَى

كُلِّ الورى في ذلكَ الميعادِ

أَترومُ أَن تدري وتُدرِكَ يا فتى

جنسي واصل أَرُومتي وبِلادي

وغِنايَ مع شَرَفي وعِلمي ثم أَثوابي

التي بُدِلَت بثوبِ حِدادِ

أَنا نازلٌ من آدَمٍ متسلسلاً

عنهُ بأجيالٍ بلا تَعدادُ

وبِلادي الدُنيا الدنيَّةُ موطنُ ال

شَقَوات والحَسَرات بالتَردادِ

حَبِلت بي الأُمُّ القديمةُ بالخطا

ولذاك كانَ نظيرَهُ ميلادي

وغِنايَ فهو الفَقرُ ثم تَكَرُّمي

فَهُوَ الهَوانُ ومثلُهُ أَمجادي

شرفي المَنُونُ وقد غدت حُرّيَّتي

أَسراً بذي الأَغلالِ والاقيادِ

علمي غدا جهلاً وصيتُ نَباهتي

كدُخانِ نارٍ بادَ بالإِصعادِ

لِبسي المَصاعبُ والمتاعبُ حِليتي

ماءِي المصائبُ والنوائبُ زادي

قد عِشتُ في هذا الزمانِ دقيقةً

واقلُّ منها كثرةُ المُتَمادي

هُوَ ذا أنا اسكندرُ المَلِكُ الذي

غَدَتِ الممالكُ كلُّها أَجنادي

وأنا الذي مَلَكَت يداهُ على الوَرَى

من سيّدٍ متأَيّدٍ ومسادِ

فارقتُ يوماً أُمَّ دَفرٍ باكياً

كبُكايَ إذ وافيتُ عِندَ وِلادي

أنا عِبرةٌ لكَ فاعتبر مِنّي وخُذ

عني وإروِ القولَ بالإِسنادِ

واعمَل بكلِّ تواضُعٍ وأَمانةٍ

واحذَر دَهاءَ الكِبر والإِلحادِ

والحِد بلحدِ نَدامةٍ مَيتَ الخَطا

من قبلِ أَن تنحازَ للأَلحادِ

لتحوزَ مُلكاً لا يُدانيهِ بِلىً

وتفوزَ بالأمجادِ والإِسعادِ

هذا الذي قد شئتُهُ لكَ أيُّها ال

قاري من الربِّ الكريمِ الهادي

فاسلُك سبيلَكَ مُفكِراً بالموتِ واجعَل

ذِكرَهُ وِرداً من الأَورادِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نيقولاوس الصائغ

avatar

نيقولاوس الصائغ حساب موثق

العصر العثماني

poet-nicolaos al-sayegh@

342

قصيدة

33

متابعين

نيقولا (أو نيقولاوس) الصائغ الحلبي. شاعر. كان الرئيس العام للرهبان الفاسيليين القانونيين المنتسبين إلى دير مار يوحنا الشوير. وكان من تلاميذ جرمانوس فرحات بحلب. له (ديوان شعر - ط) وفي ...

المزيد عن نيقولاوس الصائغ

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة