الديوان » العصر المملوكي » المهذب بن الزبير » أعلمت حين تجاور الحيان

عدد الابيات : 67

طباعة

أعَلِمتَ حين تجاور الحيّانِ

أنّ القلوبَ مواقدُ النّيرانِ

وعرفتَ أنّ صدورَنا قد أصبحت

في القوم وَهيَ مرابضُ الغِزلان

وعيونَنا عِوَضَ العيون أمدَّها

ما غادروا فيها من الغُدرانِ

ما الوَخذُ هزَّ قِبابَهم بل هزَّها

قلبي لما فيه من الخَفقانِ

وتراهُ يكَرهُ أن يرى إظعانَهم

وكأنّما أصبحتُ في الأظعانِ

وبمُهجتى قمرٌ إذا ما لاح للسَّ

ارِى تضاءَلَ دونه القَمرانش

قد بانَ للعُشَّاقِ أنَّ قَوامَهُ

سرقَت شمائِلَهُ غصونُ البانِ

وأراك غُصناً فى النّعيم تميلُ إذ

غُصنُ الأراك يميدُ فى نَعمانِ

للرُّمح نَصلٌ واحدٌ ولقَدِّهِ

من ناظريه إذا إذا رَنَا نَصلانِ

والسيفُ ليس له سوى جَفنٍ وقد

اضحى لصارم طَرفِه جَفنانِ

والسَّهمُ تكفى القوس فيه وقد غدَا

من حاجبَيهِ للحظهِ قوسانِ

ولَرُبَّ ليلٍ خِلتُ خاطفَ بَرقِهِ

ناراً تَلَفَّعَ للدُّجَى بدُخان

كالمائل الوسنانِ من طجُول السُّرَى

جَوزاؤُهُ والرَّاقصِ السّكرانِ

ما بانَ فيه من ثُرَيَّاهُ سوى

إعجامِها والدَّالُ في الدَّبرانِ

وترى المجّرة في النجوم كأنها

تَسقِى الرّياضَ بجدولٍ ملآنِ

لو لم يكن نهراً لَمَا عامَت به

أبداً نجومُ الحوتِ والسّرطانِ

نادَمتُ فيه الفرقدين كأنني

دون الورى وجَذيمةً أخَوانِ

وترفَّعَت همَمي فما أرضَى سوى

شُهبِ الدُّجى عِوضاً من الخِلاَّنِ

وَأنِفتُ حين فُجعتُ بالأحباب أن

ألهُو عن الإخوان بالخَوَّانِ

واعتضتُ من جود الوزير مواهباً

أسلَت عن الأوطار والأوطان

يا كاسِرَ الأصنامِ قُم فانهض بنا

حتى تصيرَ مُكَسِّرَ الصُّلبانِ

فالشَّامُ مُلكُكَ قد ورثتَ تُراثَهُ

عن قومِك الماضين من غَسَّانِ

فإذا شككتَ أنّها أوطانُهم

قِدماً فسَل عن حارث الجَولانِ

أو رُمتَ أن تتلو محاسِنَ ذكرِهم

فاسند روايتها إِلى حسَّانِ

ما زُلزلت أرضُ العِدا بل ذاك ما

بقلوب أهليها من الخفقان

وأقولُ إنّ حصونَهم سجدت لِما

أُوتيتَ من مُلكٍ ومن سلطانِ

والنّاسُ أجدَرُ بالسّجودِ إذا غدا

لعُلاكَ يسجدُ شامخُ البُنيانِ

ولقد بعثتَ إِلى الفرنج كتائباً

كالاُسدِ حين تصولُ فى خفَّانِ

لبسوا الدروع ولم نَخَل مِن قَبلهم

أنّ البحارَ تحلُّ فى غُدرانِ

وتيمّموا أرضَ العدوِّ بقفرةٍ

جرداءَ خاليةٍ من السُّكانِ

عشرين يوماً فى المُغَار وليلةً

يَسرَون تحت كواكب الخُرصانِ

حتى إذا قطعوا الجِفارَ بجحفلٍ

هو فى العديد ورملُهُ سِيَّانِ

أغريتهم بحمى العِدَا فجعلتَهُ

بِسُطَاكَ بعد العزِّ دار هوانِ

عجّلت في تلِّ العُجولِ قِراهُمُ

وهُمُ لك الضّيفان بالذِّيفانِ

لمّا أبَوا ما في الجِفان قَرَبتَهُمُ

بصوارمٍ سُلَّت من الأجفانِ

وثَلَلتَ في يوم العريش عُروشَهُمُ

بشَبَا ضرابٍ صادقٍ وطعانِ

ألجأتهُم للبحر لمَّا أن جَرَى

مِنه ومن دمهم معاً بَحرانِ

مُدِحَ الورى بالبأسِ إذ خَضَبُوا الظُّبَا

في يوم حربهمُ من الأقرانِ

ولأنتَ تخضبُ كلَّ بحرٍ زاخرٍ

ممَّن تحاربُ بالنَّجِيعِ القانى

حتى ترى دمَهم وخُضرَةَ مائِهِ

كشقائِقٍ نُثِرَت على الرَّيحانِ

وكأنّ بحرَ الرُّوم خُلِّقَ وجهُهُ

وطَفَت عليه منابتُ المَرجانِ

ولقد أتَى الأسطولُ حين غَزا بما

لم يأتِ في حينٍ من الأحيانِ

أحبِب إلىَّ بها شوانِيَ أصبحت

من فتكها ولها العُداةُ شوانى

شُبِّهنَ بالغِربانِ في ألوانها

وفَعلنَ فِعلَ كواسرِ العِقبان

أَوقرتَها عُددَ القتالِ فقد غَدت

فيها القَنَا عِوضاً من الأشطان

فأتتكَ مُوقرَةً بِسَبيٍ بينه

أسرَاهُمُ مغلولةَ الأذقانِ

حربٌ عَوانٌ حكَّمَتكَ من العدا

فى كلِّ بكرٍ عندهم وعَوَانِ

وأعَدتَ رُسلَ ابن القسيم إليه فى

شعبانَ كى يتلاءَمَ الشَّعبانِ

والفألُ يشهدُ باسمه أنسوف يغ

دُو الشامُ وهوَ عليكما قِسمانِ

وأراك من بعد الشَّهيد أباً له

وجعلَته من أقربِ الإِخوانِ

وهو الذى ما زال يفعَلُ فى العِدَا

ما لم يكن لِيُعَدَّ فى الإِمكان

قَتلَ البِرنسَ ومَن عساهُ أعانَه

لمَّا عَتَا فى البغى والعدوان

وأرى البريَّةَ حين عادَ برأسه

مُرَّ الجَنَى يبدو على المُرَّان

وتعجّبُوا من زُرقََةٍ فى طرفهِ

وكأنّ فوقَ الرّمحِ نَصلاً ثانى

فَليَهنِهِ أن فاز منك بسيِّدٍ

أوفى برتبته على كيوانِ

قد صاغَ من أرماحِهِ لمَسَامع ال

أملاك أقراطاً من الخُرِصَانِ

والخيلُ تعلمُ فى الكريهة أنّهُ

قد حَطَّ هيكلَها على الفرسانِ

عجباً لجُودِ يديه إذ يبنى العُلا

والسيلُ يهدِمُ ثابتَ الأركانِ

وَلَنارُ فِطنتِهِ تُرِيكَ لشعره

عَذباً يُرَوِّى غُلَّةَ الظَّمآن

وعُقودَ دُرٍّ لو تجسَّمَ لفظُها

ما رُصِّعَت إِلاَّ على التِّيجان

وتنزّهت عن أن تُرَى أفرادُهَا

لمواضعِ الأقراطِ والآذان

من كلِّ رائِقةٍ الجمالِ زهَت بها

بين القصائِد عِزَّةُ السلطان

سيَّارةٌ في الأرض لا يَعتاقُها

فى سيرها قَيدٌ من الأوزان

يا مُنعِماً ما للثناء ولو غلا

يوماً بما تُولى يداهُ يَدَان

قَلَّدتَ أعناقَ البريَّةَِ كُلَّها

مِنَناً تحمَّلَ ثِقلَهَا الثَّقَلانِ

حتى تساوَى الناسُ فيك وأصبح ال

قاصى بمنزلة القريبِ الدَّانى

ورحمتَ أهلَ العجزِ منهم مثلما

أصبحتَ تَغفِرُ للمسىءِ الجانِى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المهذب بن الزبير

avatar

المهذب بن الزبير حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Muhadhab-bin-Zubair@

65

قصيدة

33

متابعين

الحسن بن عليّ بن إبراهيم ابن الزبير الغساني الأسواني، أبو محمد، الملقب بالمهذَّب. شاعر من أهل أسوان (بصعيد مصر) وفاته بالقاهرة. وهوأخوالرشيد الغساني (أحمد بن عليّ) قال العماد الأصبهاني: لم ...

المزيد عن المهذب بن الزبير

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة