الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » أخذ الكرى بمعاقد الأجفان

عدد الابيات : 36

طباعة

أَخَذَ الْكَرَى بِمَعَاقِدِ الأَجْفَانِ

وَهَفَا السُّرَى بِأَعِنَّةِ الْفُرْسَانِ

وَاللَّيْلُ مَنْشُورُ الذَّوَائِبِ ضَارِبٌ

فَوْقَ الْمَتَالِعِ وَالرُّبَى بِجِرَانِ

لا تَسْتَبِينُ الْعَيْنُ فِي ظَلمَائِهِ

إِلَّا اشْتِعَالَ أَسِنَّةِ الْمُرَّانِ

نَسْرِي بِهِ مَا بَيْنَ لُجَّةِ فِتْنَةٍ

تَسْمُو غَوَارِبُهَا عَلَى الطُّوفَانِ

فِي كُلِّ مَرْبَأَةٍ وَكُلِّ ثَنِيَّةٍ

تَهْدَارُ سَامِرَةٍ وَعَزْفُ قِيَانِ

تَسْتَنُّ عَادِيَةٌ وَيَصْهَلُ أَجْرَدٌ

وَتَصِيحُ أَحْرَاسٌ وَيَهْتِفُ عَانِي

قَوْمٌ أَبَى الشَّيْطَانُ إِلَّا نَزْغَهُمْ

فَتَسَلَّلُوا مِنْ طَاعَةِ السُّلْطَانِ

مَلأُوا الْفَضَاءَ فَمَا يَبِينُ لِنَاظِرٍ

غَيْرُ الْتِمَاعِ الْبِيضِ وَالْخُرْصَانِ

فَالْبَدْرُ أَكْدَرُ وَالسَّمَاءُ مَرِيضَةٌ

وَالْبَحْرُ أَشْكَلُ وَالرِّمَاحُ دَوَانِي

وَالْخَيْلُ وَاقِفَةٌ عَلَى أَرْسَانِهَا

لِطِرَادِ يَوْمِ كَرِيهَةٍ وَرِهَانِ

وَضَعُوا السِّلاحَ إِلَى الصَّبَاحِ وَأَقْبَلُوا

يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسُنِ النِّيرَانِ

حَتَّى إِذَا مَا الصُّبْحُ أَسْفَرَ وَارْتَمَتْ

عَيْنَايَ بَيْنَ رُبَىً وَبَيْنَ مَحَانِي

فَإِذَا الْجِبَالُ أَسِنَّةٌ وَإِذَا الْوِهَا

دُ أَعِنَّةٌ وَالْمَاءُ أَحْمَرُ قَانِي

فَتَوَجَّسَتْ فَرَطُ الرِّكَابِ وَلَمْ تَكُنْ

لِتَهَابَ فَامْتَنَعَتْ عَلَى الأَرْسَانِ

فَزِعَتْ فَرَجَّعَتِ الْحَنِينَ وَإِنَّمَا

تَحْنَانُهَا شَجَنٌ مِنَ الأَشْجَانِ

ذَكَرَتْ مَوَارِدَهَا بِمِصْرَ وَأَيْنَ مِنْ

مَاءٍ بِمِصْرَ مَنَازِلُ الرُّومَانِ

وَالنَّفْسُ مُولَعَةٌ وَإِنْ هِيَ صَادَفَتْ

خَلَفَاً بِأَوَّلِ صَاحِبٍ وَمَكَانِ

فَسَقَى السِّمَاكُ مَحَلَّةً وَمَقَامَةً

فِي مِصْرَ كُلَّ رَوِيَّةٍ مِرْنَانِ

حَتَّى تَعُودَ الأَرْضُ بَعْدَ مُحُولِهَا

شَتَّى النَّمَاءِ كَثِيرَةَ الأَلْوَانِ

بَلَدٌ خَلَعْتُ بِهَا عِذَارَ شَبِيبَتِي

وَطَرَحْتُ فِي يُمْنَى الْغَرَامِ عِنَانِي

فَصَعِيدُهَا أَحْوَى النَّبَاتِ وَسَرْحُهَا

أَلْمَى الظِّلالِ وَزَهْرُهَا مُتَدَانِي

فَارَقْتُهَا طَلَباً لِمَا هُوَ كَائِنٌ

وَالْمَرْءُ طَوْعُ تَقَلُّبِ الأَزْمَانِ

حَمَلَ الزَّمَانُ عَلَيَّ مَا لَمْ أَجْنِهِ

إِنَّ الأَمَاثِلَ عُرْضَةُ الْحِدْثَانِ

نَقَمُوا عَلَيَّ وَقَدْ فَتَكْتُ شَجَاعَتِي

إِنَّ الشَّجَاعَةَ حِلْيَةُ الفِتْيَانِ

فَلْيَهْنَإِ الدَّهْرُ الْغَيُورُ بِرِحْلَتِي

عَنْ مِصْرَ وَلْتَهْدَأْ صُرُوفُ زَمَانِي

فَلَئِنْ رَجعْتُ وَسَوْفَ أَرْجِعُ وَاثِقَاً

بِاللَّهِ أَعْلَمْتُ الزَّمَانَ مَكَانِي

صَادَقْتُ بَعْضَ الْقَوْمِ حَتَّى خَانَنِي

وَحَفِظْتُ مِنْهُ مَغِيبَهُ فَرَمَانِي

زَعَمَ النَّصِيحَةَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْ بِهِ

غِشّاً وَجَازَى الْحَقَّ بِالْبُهْتَانِ

فَلْيَجْرِ بَعْدُ كَمَا أَرَادَ بِنَفْسِهِ

إِنّ الشَّقِيَّ مَطِيَّةُ الشَّيْطَانِ

وَكَذا اللَّئِيمُ إِذَا أَصَابَ كَرَامَةً

عَادَى الصَّدِيقَ وَمَالَ بِالإِخْوَانِ

كُلُّ امْرِئٍ يَجْرِي عَلَى أَعْرَاقِهِ

وَالطَّبْعُ لَيْسَ يَحُولُ فِي الإِنْسَانِ

فَعَلامَ يَلْتَمِسُ الْعَدُوُّ مَسَاءَتِي

مِنْ بَعْدِ مَا عَرَفَ الْخَلائِقُ شَانِي

أَنَا لا أَذِلُّ وَإِنَّمَا يَزَعُ الْفَتَى

فَقْدُ الرَّجَاءِ وَقِلَّةُ الأَعْوَانِ

فَلْيَعْلَمَنَّ أَخُو الْجَهَالَةِ قَصْرَهُ

عَنِّي وَإِنْ سَبَقَتْ بِهِ قَدَمَانِ

فَلَرُبَّمَا رَجَحَ الْخَسِيسُ مِنَ الْحَصَى

بِالدُّرِّ عِنْدَ تَمَاثُلِ الْمِيزَانِ

شَرَفٌ خُصِصْتُ بِهِ وَأَخْطَأَ حَاسِدٌ

مَسْعَاتَهُ فَهَذَى بِهِ وَقَلانِي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1888

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة