الديوان » العصر الأندلسي » التطيلي الأعمى » أما الزمان فلا أشكو ولا أذر

عدد الابيات : 41

طباعة

أما الزمانُ فلا أشْكو ولا أذَرُ

لا يَصْنعُ الدهرُ ما لا يَصْنعُ القدر

لو أنْ حظّيَ من دنيايَ أُمْنَحُهُ

جاءتْ إليَّ الليالي وهي تعتذر

ماذا أقولُ وقد أخنى على جِدَتي

رَيْبُ الزمانِ وخطبٌ كلُّهُ ضرَر

تأبَى خلائِقُهُ إلا مُنَاقَضَتي

حتى كأنّيَ في لَهْوَاتِهِ صَبْرُ

حَسْبي من الدّهْرِ أن لو صاب مقصده

ما كان مُعْتَمداً بالكُلْفَةِ القَمرُ

لا تُنْكِروا ذُرْأةَ الأيام فيّ فقد

أبْدى العِيانُ لكم ما ضَيَّعَ الخَبَرُ

لو كان بالقَدْرِ يَسْمُو مَن له خَطَرٌ

ما كانَ يَسْكُنُ قَعْرَ اللجَّةِ الدُّرَرُ

أوْ كانَ يُرْزَقُ بالعقل اللبيبُ لما

كانتْ تعيشُ إذنْ من جهلها البقرُ

إن البُزاةَ إذا ما نُكّسَتْ هَزأتْ

منها العصافيرُ والصدّاحةُ القُمُر

وَحسْبُ نَدْبٍ من الدنيا إذا عتبت

أن يَسْتَقِلّ به من صَبْرِه أمَرُ

فما مواصلةُ الأغمادِ واصلةٌ

ما لا يقوم على إمضائه السُّمُر

كم قد حَذِرْت النّوى لو كان يَنْفَعُني

أو كان يعْصِمُني منْ وقْعِها الحذر

وإن كفّاً رمتْ بيني وبينهمُ

بالبينِ عنهمْ لَمَا تُبْقي ولا تَذَر

وَحكّمَتْ فيهمُ صَرْفَ الردى ولقد

كانوا وما إن به مِنْ ذِكْرِهِ كدر

كأنَّ دمعيَ لما بِنْتُمُ مقةً

ذابَ العقيقُ به أو أَثمَرَ الشَّقِرُ

وحبَّذا لَوْعَةٌ في جَنْبِ مُعْتَقِدٍ

ما لا تَبُوحُ به في قلبه الذِّكَرُ

وطيبُ مُرْتَشَفٍ في حُسْنِ مُؤْتَلِفٍ

في مثلِ مُرْتَعَفٍ أوْدَى به النظر

يكادُ يَنْقَدُّ من لينٍ وَيَجْرَحُهُ

أنْ صُرِّفَتْ في تَنَاهِي حُسْنِهِ الفِكر

ما حمل الله في الانجاد من عضب

ما حمل القلب ذاك الدل والخفر

ولا انتضى صارماً يوم الوغى بَطَلٌ

كما انْتَضَى من ظُبَاهُ ذلك الحور

ولا عتا سَقَمٌ في جِسْمِ ذي شَجَنٍ

بمثلِ ما عاثَ فيَّ البينُ والسهر

لا تحسبُوا أدْمُعي ماءً تجودُ به

عيني ولكنَّه مِنْ لوعتي شرر

يا حادياً نَحْوَهُمْ بلّغْ تحيتنَا

لُقّيتَ خيراً ولا يَشْعُرْ بكَ السَّفَر

وقلْ هنالكَ إن الصبَّ حمله

عنه السلام إليكمْ أيها النَّفر

تأتي مواهبُهُ المعسولُ ساكبُهَا

عن السّحاب يعيها السّمْعُ والبصر

يا غيثُ يا ليثُ يا فضّال يا وَزَرُ

يا نجمُ يا كوكبٌ يا شمسُ يا قمر

أنت الذي لم يَقُدْ جيشاً لمنزلة

إلا وزُلْزِلَ عنها البدوُ والحضر

إن كان صُوِّرَ هذا البأسُ في صِفَةٍ

فإنت لا شكَ منها النابُ والظفر

ورُبّ ليلٍ من النقع اخترقت ضحىً

والهصر منتظمٌ والهام منتثر

ولا نجومَ سوى الأرماحِ تشبهه

وليس فجرٌ سوى التحجيلِ ينفجر

رماهمُ بكتابٍ من كتيبته

عنوانُهُ واسْمُهُ الأحجالُ والغُرر

ولا خطيبَ لدى الأقوام يُنْشِدُهُمْ

شرحَ القضيّةِ إلا الصارمُ الذكر

ماذا يضرُّك من إدمانِ منطقِه

للصمتِ في مأزق آياتُهُ العبر

قد أعْرَبتْ دونه الآفاقُ مُنْهلَةً

والخيلُ مرسلةً والسيفُ ينتقر

لا غَروَ أنْ سمحتْ كفُّ الزمانِ به

فقد يجودُ بِعَذْبِ السَّلْسَلِ الحجر

وقد تجيبُ نجومُ السّعْدِ عنه فلا

يَعْرُو السحابَ بها طلٌّ ولا مطر

يَحِيدُ عنك لسانُ القول معترفاً

كما يَحِيدُ لنور الجَوْنَةِ البصر

وكيف وصفُك حالاً فاتَ عالمها

حدّ العقول فلا عينٌ ولا أثر

طالتْ مآثرُهُ كُنْهَ الوجودِ فلا

يَعيبُهُ ويكَ إلا أنه بشر

إذا رضيتَ نبا غربُ الزمان وإن

أعرضت يوماً فبئس الذكرُ والخبر

لا تَقْذِفَنْهُ بِأعْراضٍ يُطَوِّقُهُ

طَوْقَ الهجين فما في باعِهِ قِصَر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن التطيلي الأعمى

avatar

التطيلي الأعمى حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Al-Tutili@

111

قصيدة

117

متابعين

أحمد بن عبد الله بن هريرة القيسي أبو العباس الأعمى التطيلي. شاعر أندلسي نشأ في إشبيلية. له (ديوان شعر - ط) و (قصيدة - ط) على نسق مرثية ابن عبدون ...

المزيد عن التطيلي الأعمى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة