الديوان » العصر الأندلسي » التطيلي الأعمى » أنا كنت أوضح حجة من لومي

عدد الابيات : 51

طباعة

أنا كُنتُ أوْضَحَ حُجّةً منْ لُوَّمي

إذ عُجْتُ في أطلالِ دارِكِ فاعْلمي

جاءَوا بِلَوْمِهِمُ وجئتُ بأَدمعي

تَنْهَلُّ بين مُعَصَفرٍ ومُعَنْدم

فوددتُ أنكِ كنتِ حيثُ تَريْنَني

صالٍ بِلَومِهِمُ غَريقاً في دمي

فتبيّني أني على ما سُمْتِني

جَشّمْتُ فيكِ النفسَ كلَّ مُجَشّم

ووقفتُ دونكِ للصبابةِ وقْفَةً

لو أنّها بينَ الحطيمِ وزمزم

مِنْ عَذْلِهِم في صَدْرِ يوْمٍ أيْوَمِ

ومن الأسى في جُنحِ ليلٍ مُظْلم

يا تاركي مِنْ بَيْنِهِ وَصُدودِهِ

نَشوَانَ بينَ تَضَرُّعٍ وَتَظلُّمِ

نَمْ وَادِعاً فلربَّ ليلٍ بِتُّهُ

يَرْمي إليكَ بي الغرامُ وَيَرْتَمي

يَرْنُو إليَّ غَضِيضَةً أجْفَانُهُ

فكأنّها معقودةٌ بيَلَمْلَم

أعْطَيْتُهُ منّي كأنِّيَ لمْ أُبَلْ

وَأخَذْتُ لي مِنْهُ كأنْ لم أعلم

أعرضتُ عنه وجرَّ فَضْلَ خُطَامِهِ

حتى استمرَّ كأنه لم يُخْطَم

وَقَنِعْتُ منه بِظاهرٍ مُتَبَسّمٍ

وَرَّى به عن باطنٍ مُتَجَهّم

حتى إذا لم أُلْفِ فيه حَيْلَةً

إنْ أُوْمِ يَعْمَ وإن أقُلْ لا يَفْهم

أعْطَيْتُهُ حدَّ الحُسَامِ المُنْتَضَى

عِوَضاً بحاشيةِ الرِّداءِ المُعْلم

خَلَّيْتُ بين النائباتِ وبينه

وَرَمَيْنَ عَنْ عُرُضٍ فكانَ هُوَ الرَّمِي

عَرَضَتْ له من حيثُ لم يَحْفَلْ بها

جَهْلاً وخرَّ فَلليدينِ وللفم

طَفِقَتْ تضجُّ من التواءِ الدهرِ بي

وتقولُ عن عيشٍ مضى فَكَأَنْ لمِ

يا هذه إن الغِنى إنْ نِلْتُهُ

لم أغْتَبِطْ أو فاتَني لم أنْدَم

حظّي من الدُّنْيَا إذا أحْرَزتُهُ

صونُ الصديقِ لها بِبَذلِ الدّرهم

لِمَ لا أجُودُ ولو بباقي مُهْجتي

لا يسْتحقُّ الشكرَ منْ لم يُنعم

وعلى مَن يلقاني العدا مُسْتنجداً

رأس القتيلِ ولا يدُ المستسلم

وإلى متى أدَعُ الزمانَ وشأنَهُ

هيهاتِ حتى أبْلُغَ ابنَ الحضرمي

إن ابنَ عيسى قد أضاءَ وأظْلموا

فكأنما هو غُرّةٌ في أدهَم

واقَفْتُ منه رُكْنَ كلّ عظيمةٍ

بالأعظمِ ابنِ الأعظمِ ابنِ الأعظمِ

بالرَّوضةِ الغنّاءِ أعلى القبّة

الشهباءِ أثناءَ الغديرِ المُفعَم

بالكوكبِ الدريّ في جنْحِ الدُّجى

والصارمِ الهنديِّ في عَينِ الكمي

من لي به كالشّمسِ رَيْعانَ الضُّحى

في ساعةٍ كالعُرْسِ غبَّ المأتم

أمَلي من الدُّنْيا إذا أحْرَزْتُهُ

فَعليَّ أنْ أحْمِي ولي أنْ أحْتَمي

يسمو إلى العليا بكل جلالة

والناس من مستسلم ومسلم

فَيَطُولُ غيرَ مُدَافعٍ ويقولُ غي

رَ مُرَاجَعٍ وَيَعُولُ غيرَ مُذَمَّم

جَاوِرْهُ أقْوى طالبٍ واسأله أجدَى

وَاهِبٍ وامْدَحْهُ أشْرَفَ ضَيْغَم

والهجْ به متأخّراً مِيلادُهُ

لولاه كانَ الفَضْلُ للمتقدِّم

أخَذَ العَلا بيمينِه وشمالِهِ

غَوْتُ الطَّريدِ وَعِصْمَةُ المُسْتَعْصِم

سَمْحٌ ولا صوبُ الغمام المْجْتَدَى

ماضٍ ولا حدُّ الحسامِ المِخْذَم

فَعُفَاتُهُ منْ طَوْلِهِ في مَغْنَمٍ

وَعُدَاتُهُ من صَوْلِهِ في مَغْرَم

بحرُ البلاغة تَرْتَمي جَنَبَاتُهُ

بالقولِ يُطْلِقُ منْ عِقَالِ المُفْحَم

أوْمَى إلى صَعْبِ الكلام فَرَاضَه

بمقالِ لا عيٍّ وفطنةِ لا عِمِي

فالسِّحْرُ بين جَنَانِهِ ولِسانِهِ

يَنسابُ بين مُصرِّح ومُجَمْجِمِ

يا مُوْسِعي من بِرِّه ووفائِهِ

ما يسْتَرِقُّ تضرُّعي وتَخَدُّمي

مَرْآكَ في عيني وجُودُك في يدي

وهواكَ في قلبي وذكرُكَ في فمي

إلبَسْ برُودَ مدائحي ومُلاءَها

وافَتْكَ بينَ مُعَضَّدٍ ومُسَهَّم

منْ كلِّ شاردةٍ تُدِلُّ بِمِقْوَلٍ

لو كانَ مضرِبَ صارمٍ لم يُثلم

نُورٌ رفعتُ له مَنَارَ بلاغتي

فَمَشَتْ على سَننِ الطَّريق الأقوم

أهْدَتْ إليكَ الوَشْيَ غيرَ مُنَمنمٍ

وَجَلَتْ عليكَ السّحْرَ غيرَ مُحَرَّم

طلبَتْ ذَرَاك بِعَفْوِها وبِجَهْدِها

أدليلَها ألقِ عَصَاكَ وَخيّم

في حيثُ إن تمْلِقْ فَحَسْبُكَ حاتمٌ

أو تُضطَّهَدْ فحسيبُكَ ابنُ مكدّم

أصْبَحْتَ حيثُ ثَراكَ أمْنَعُ مَعْقِلٍ

فاسْلَمْ على الأيامِ واسْلمْ واسلم

ودَعِ العِدَا يَتَمَرَّسوا بِمُعَلّكٍ

فسيسْأمُونَ وويحُ مَن لمْ يسأَمِ

يَمَّمْتُهُ فلقيتُ خَيْرَ مُيَمّمِ

ورحلْتُ عنه فكانَ غيرَ مذمّم

ورأيتُه فرأيتُ عيسى وابنَهُ

وأباه لم أنكِرْ ولم أتَوَهَّم

وعرفتُ شِنْشِنَةً فقلتُ لصاحبي

قد كنتُ أعْرِفُ هذه مِن أخْزَم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن التطيلي الأعمى

avatar

التطيلي الأعمى حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Al-Tutili@

111

قصيدة

118

متابعين

أحمد بن عبد الله بن هريرة القيسي أبو العباس الأعمى التطيلي. شاعر أندلسي نشأ في إشبيلية. له (ديوان شعر - ط) و (قصيدة - ط) على نسق مرثية ابن عبدون ...

المزيد عن التطيلي الأعمى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة