الديوان » العصر المملوكي » الستالي » وفد البريد بما يريد فبشرا

عدد الابيات : 75

طباعة

وفد البريد بما يُريد فَبشَّرا

وشفى الصّدور بما أذاع وأخبرا

خبرٌ لعمرك قد أتاح من المُنى

دَرَكاً تروَّض في القلوب ونَوَّرا

وجرى بحسْنِ الذَّكر في أنفاسنا

أزجٌ تضوَّع في البلادِ وعَطَّرا

وأنا الذي هو بالبشارة خَصَّني

وأفادني حَظَّ السّرور الأوفَرا

حمداً لك اللَّهم يا ربّاه إذْ

عمَّرتَني حتى لقيتُ مُعمّرا

ورأيت عيني صورة الوجه الذي

ما زال في فكر الضّمير مٌصَوَّرا

عاينت عينَ الدّهر في أبنائهِ

ورأيتُ من حُسناهُ أحسنَ مايُرى

ولقيتُ أشرَفهم يداً وأيادياً

وأدقَّهم نظَراً وأبهى منظرا

أعظمتُ ذنبَ الدَّهر عند بِعاده

فاليومَ آن بقربهِ أنْ يُغفرا

وأتى ببشر النّجح معتَذراً به

عن عُسْر ما قد كان قبلُ تَعَسَّرا

هذا مُجير الخائفين لقاؤهُ

أقوى لِدَفع الشرّ من ليثِ الشَّرى

وظننت داءَ المُعتفَين دوآءه

أشفى لفقري من أيارج فَيْقَرا

لولا رجاء كان يمنح خاطري

وعدي يعود لقاءه مستَبشِرا

لذممتُ معرفَتي مودتَه التِّي

ملأَت حشاي تاسّفاً وتذكُّرا

لله بُزلُ اليَعملاتِ فإنّها

عونُ المشوق على مجانبة الكَرى

كم قد جلبْنَ السّرور وما سرى

ودرأنَ كربَ الهمِّ عنهُ وما دَرَى

عُرجٌ رواسم يعتمدن على الطوى

طيّ الفَلا ويُجزَن أجوازَ القرا

يحملن أكرمَ وافد أخذت بهِ

أيدي المطيّ وخيرَ من وطئَ الثَّرى

وأجلَّ من شهد المحافل وابتدى

وأعز من ركب العتاق الضمَّرا

أولاهُ خالقه العُلى وأحلّه

في رأس أرعن باذخٍ عالي الذُّرى

بمعمّر ابن أبي المعمّر اطلعت

بُزْل الرّكابِ لنا الصّباحَ المُسْفِرا

وغمامةً تُحيي بعاجل نَفْعها

وكأنّها تهمي النباتَ المُثمِرا

وكأنّها في وقت بسط أكفّنا

تكف اللجينَ أو النُّضار الأحمَرا

لله عزمك يا أبا عمرٍ إلى

طاعات ربِّك إذ نهضتَ مُشمِّرا

قد كنت أزكى المحرمين وخَيرَ من

لَبَّى وهَلَّلَ في الحَجيج وكبَّرا

وقدمت نَزوى مَقدَماً أخذتَ به

زِيَّ العروس تدللاً وتَبَخْتُرا

وسقيتها أرْى السّرور معلّلاً

وكسوتَها وشيَ البهاءِ مُحَبَّرا

وشفيت من ألم الفراق محمّداً

السيّدَ العلم الأغرَّ الأزهَرا

أما أبو عبد الإله فقد أتى

بجميل ما خلناه فيه وبالحَرَى

وتقبل الشيَم اليمانية الَّتي

أعطت أوائلَه المحلَّ الأكبَرا

وسعى كسعي أبيه في طلب العُلى

وجرى على سير الكرام كما جرَى

واسمعْ جميل الذكر عن إحسانه

وانظرْ بعينك حسنَ ما قد أَثرا

واعْدُده من أزكى وأفضل أنعمٍ

لله عندك حُزتها دونَ الورى

واسعدْ بذا الولد الذي أُعطَيتَه

قدراً لسعدٍ قد أتاك مقدَّرا

وبقيتما ورَقيتما شرَف العُلى

ووقيتما أن تكرها أو تَحذَرا

أجوى بنفسك حالفت تَذكارهَها

وقذىً بعينك أبدتِ استعْبارَها

شوقاً إلى محبوبة عبثت بها

أيدي الفراق وجنَّبتكَ مَزارَها

وعهدتها زمناً وأهلك جيرةً

في حسن وصلٍ ما ذممتَ جوارَها

وهي المنعمّةُ الكَعاب كأنّما

ناطت بجيد جَداية أزرارَها

في خرّد بيض الوجوه أوانسٍ

أقمار تمّ ما عرفت سرارَها

يا ويح نفسي من غليل تأسفٍ

نزل المشيب وما قضت أوطارَها

ولطالما نعمت بحسن شبيبة

خَلعت مع الغيد الحسان عِذارَها

وربيبة وسطَ الخباءِ طرقتُها

في ليلةٍ غلب الكرى سُمَّارَها

ولربَّ دَسكَرة نزلتُ وصحبتي

بعد الهدوء منبّهاً خمّارَها

حتى فَضضتُ عن الدنان ختامَها

وشربت مثل الأرجوان عُقارَها

صَفراء تلمع في الزَّجاج كأنها

لون العقيق إذا النَّديمُ أدارَها

وكريمة تشدو بحسن ترنمٍ

صوت البسيطِ مجاوباً أوتارَها

في روضةٍ نسجت لها دَيمُ الحَيا

خضرَ الحرير وضاعفت أستارَها

طفقت بِها مُزْنُ المَصيف تعلّها

ويلاً وطَلاً ليلها ونَهارَها

وغَدت لها بنسيمها ريحُ الصَّبا

عند الصَّباح وباشرت أشجارَها

فتعانقت أغصانُها وتفتحت

عنها الكمامُ فأبرَزَت نوارَها

أبدت بنفسجها وآذريونها

متقابلاً وشقيقها وبَهارَها

ولقد صبحت الدَّهرَ في حالاته

وطعمت منها شهدَها ومرارَها

وأراني التجريبُ بين صحابتي

خوّانها وأبان لي غَدّارَها

وقطعت آفاقَ البلاد ميمَّما

شرقاً وغرباً سالكاً أقاطارَها

ورأيت سادَتها وزرتُ ملوكها

من كلِّ حيّ أزْدَها ونزارَها

حتى رأيت معمَّراً ومحمَّداً

فعرفت منها خيرها وخِيارَها

علمان بين العالمين تسربَلا

حُللَ النُّهى وتتَبَّعا آثارَها

متطَلبات من العُلى آثارها

متناولان من الأمور كبارَها

لمحمّد بن معمّر في يَعرُبٍ

عليا خُؤولٍ مجدَها وفخارَها

عمريّة أزدية عتكية

سمك المليكُ على السماك نجارَها

وله خلائقُ سيّدٍ قد أظهرت

منها عليه حلمها ووقارَها

وله سماحٌ يَمتري من كفّهِ

للسّائلين لجينها ونُضارَها

ومَضاء ندب في الأمور مُدبِّرٍ

إيرادَها متبيّنِ إصدارَها

إسلمْ أبا عبد الإله فإنّما

حسنُ السّلامة ما لبست إزارَها

جدّدت لي نُعمى أبيك ولم يَزل

متواترَ الحسنات ليَ درَّارَها

نفسي فداؤك يا أبا عمر لقد

هيجتَ نفسي مبدياً أسرارَها

شوَّقتني لما ذكرتك جائزاً

أعلامَ مكّة قادماً زوَّارَها

يا حبّذا البشرى تُباشرنا بها

تشفي القلوب مذيعةَ أخبارَها

يرعاك ربي شاهداً عَرفاتها

في أهلها وإذا رمَيت جمارَها

إن قد قدمت قدومَ مَسرور وقد

وافيتَ نَزوى واحتلَلت ديارَها

فتسرّ مشتاقاً لقربك وامقاً

سكن التذكُّر نفسه فأطارَها

وتزين داركَ يا أبا عمرٍ فلا

زالت بعمرك يَستجدُّ عِمارَها

أمحمدَ بنَ معمَّرٍ عُمَّرتَ ما

حيث السّلامة تجنيان ثمارَها

ولقيتما فرحَ الدّنا وعمارها

وكُفيتما مكروهها وحِذارَها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الستالي

avatar

الستالي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Al-Staley@

133

قصيدة

23

متابعين

أبو بكر أحمد بن سعيد الخروصي الستالي. شاعر عُماني ولد في بلده ( ستال ) وإليها ينسب من وادي بني خروص تلك البلدة التي أخرجت من رجال الدين وأهل العلم ...

المزيد عن الستالي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة