عدد الابيات : 101

طباعة

آليت أُبرِدُ حَرَّ جمري

وأُديلُ من أمر بخمرِ

وأُقايضُ البلوى بأيّة

بسمةٍ عن أيّ ثغر

بنشيش كأسيَ بالحَبا

ب بخمرتي، ببنات شعري

يا رُبَّ يومٍ لي غَنيتُ

بساعهِ عن ألف شهر

خِلتُ الحياةَ بزوغَ

فجرٍعنده بضفافِ نهر

وكأنّ لي من بَرْدِ معسول

الرُّضابِ دِنانَ خمرِ

وحَسِبْت أنّي داهرٌ

ما شئت أرغمُ أنفَ دهري

ونَسِيتُ أنِّي مُضْغَةٌ

في شِدقِ أرقَط مُستَسر

آليت أُمضي بالعيو

ن سواحراً نفثات سِحري

وأُلَحِّنُ الأمواجَ في

شِعْري على أمواجِ بحر

وأخيط من مِزَق الغما

م مطارفاً لِبنَاتِ شِعْري

وأَصُبّ في الأنفاس من

خُضْرِ الرُّبى نفحاتِ عطري

وأصونُ عُشّي وادعاً

صَوْنَ الحمامِ أليفَ وَكر

آليتُ بعدَ تَمرُّسٍ

بالدهرِ من كرٍّ وفَرّ

ووقيعةٍ أنكرتُها

شنعاءَ من " زيدٍ " بعمرو

أن أفتدي بدمي جريحاً

كان أنْ أُرديه نَذْري

أوقفتُ شَطريَ في الشدا

ئد كي يروحَ وِقَاءَ شطري

حتى إذا انفرجَتْ ريا

حُ الدّهرِ عن نَكْبَاءَ صِرّ

يتكالبُ الشّرُّ المحيقُ

بها ، فيُلجَا للأشرّ

عرّضتُ وَجهيَ للحُتو

فِ دريئةً وأسلتُ نحري

آليت أمتحنُ الرّجو

لةَ يوم مَلْحَمةٍ وعُسر

وأرى رُجولاتِ الفتى

ما كان من نفعٍ وضُرّ

وكريهة ملمومةٍ

لم أُلِف عنها من مَفر

لم أعتذِرْ عنها، وعندي

لو أراوِغُ ألفُ عُذر

وكريهةٍ لم تُكتَشَفْ

فدفَنْتُ جاحِمها بصدري

ألفيتُها خيرَ الثّوا

بِ لمنبِهٍ في الناس ذكري

من صُنعِ وغدٍ فَجرةٍ

من كل ذي بِرٍّ أبرّ

ومُساومين على الحرو

ف كأنها تنزيلُ ذِكر

مَدُّوا لعُريان الضميرِ

يداً بزعمِهِمُ تُعرِّي

ماذا تُعرِّي إنّها

شِيَةُ الحُجول على الأغر

يا زاحمينَ بطُهرهمْ

طُهرَ الملائكِ يومَ حَشر

شتّانَ أمرُكُم وأمري

أنا ذا أنوءُ بثقل وِزري

أنا ليس لي عَسّالُ

"عنترة" ولا صَمْصامُ " عَمرو "

عُمري سيقطعُ رحلتي

أنا لستُ أقطعُ شوطَ عمري

شاخ الجوادُ ولم يزَلْ

تعتامهُ صبواتُ مُهر

طَلْقُ العِنانِ فإن كبا

نفَض العِنان، وراح يجري

ولقد أقولُ وفي الثرى

رجلي، ونفسي في المجرّ

سبحانَ مَنْ جمع النّقا

ئضَ فيّ من خيرٍ، وشرّ

عندي كَفافُ " حمامةٍ "

فإذا استُثِرْتُ فجوعُ " نَمر "

أسرجتُ للأزمات مُهري

وخَبرتُها، وحَزَمْتُ أمري

وحَمِدْتُ في الكُرَبِ الشدا

دِ صمودَ إيماني لكُفري

سبعونَ في سُوح الجها

دِ نذرتها، ووفيتُ نَذري

ومبارزينَ سلاحهم

أن لست ندَّ ذواتِ ظُفْر

أمنوا بعصمةِ صافح

عن كاشفي السوءات نُكر

مثلَ "الفواحشِ" يحتمين

بفُحشِهِنَّ، بأيِّ ستر

مستعبدين توارثوا

حِقَبَ التملّك، والتسرّي

ومُسخرين فهُمْ لديكَ

وهم عليكَ ! لقاء أجر

ومخنَّثٍ لم يُحْتَسَبْ

في ثيّب خُطبتْ وبِكر

أقعى .. وقاءَ ضميرَهُ

ملآن من رِجسٍ وعُهر

كذُنابِ " عقربةٍ " لها

سُمٌ على العَذَبات يجري

غالٍ كأرخصِ ما تكو

نُ أجورُ غيرِ ذواتِ طُهر

لم يُعلِ قدريَ مدحهُ

وبذمِّهِ لم يُدنِ قدري

أسْلَمْتُه للمُبتلينَ

العارفينَ به بمصر

ولمن بَرى أظفارَه

قلم المباحث والتحرِّي

يضوَى بما يُغذَى به

شهمٌ، ويَسمنُ بالتّهري

ومُقامِرين على " الجوا

د " فكبوةٌ منه بقَمْر

حسدوا الفتى في نِعمةٍ

من دون ما نَشَبٍ ووفر

من دون ما وَرِقٍ سوى

وَرَق من الجنات نضر

لولا خُفُوقُ جناحِهِ

لم تُعْتَرف وثبتُ نَسْر

عاشوا على ساعٍ لسا

عٍ وهو من عصرٍ لعصر

يُحصُونَ وقعَ مزاحفي

وكأنّهم أشياخُ " بدر "

دنيا تلوذُ بواحةٍ

إذ ألفُ قَصرٍ رهنُ قفر

أفكان ذنبي أنّني

أنشودةٌ في كلّ قُطر

أو أن تروحَ قصائدي

وكأنها نفثاتُ سِحر

خُسري خَسارةُ أمةٍ

وكأنّ ربحَهُمُ بخُسري

يا صامداً .. والنازلا

تُ السود تُخلِق ثم تفري

عجباً للحمِكَ لا يُطا

قُ أقُدَّ من زُبُر، وصَخْر ؟!

كم صَلَّ عندَ كعوبه

للوَحشِ من نابٍ وظُفر

يا صاحبي في الباحةِ القُصوى

وأنت أخي وذُخري

هوّنت كيدَ الكائدين

تمدّ في جَلدي وصبري

أكبرتني أن أختشي

وَغْداً وأن أُعنى بِغرّ

وضربتَ لي أمثولةً

بأبي المُحسَّد والمعرّي

يا سيّدي .. ونداك ذخري

ونثاك مجمرتي، وعطري

شكراً وتلك هديةٌ

يعيا بها فرحي، وشكري

إنَّ الرجولةَ حرّة

كالبحر في مَدٍّ، وجزر

بنتُ الطبيعةِ.. كالنّدى

كالبحرِ، كالنّسماتِ تسري

كالزهرِ يَحمِلُ شوكَهُ

بوجنبه نفحاتُ عطر

يغشى الهجيرَ مغاضبا

ويرقّ مثلَ نسيمِ فجر

ما أهونَ الدنيا إذا

ضاقتْ بسمْحِ النَّفْسِ حُرِّ

وإذا انتهى أمر الأديبِ

بها إلى نهي وأمر

وإلى مدى ما في القرا

ع المُرِّ من نفعٍ وضُرِّ

لا خير في وَمْضِ النجو

مِ إذا خبتْ ومضاتُ فِكر

أمّا حديثُ المَشْرِقَيْنِ

فمُلتَقى نحري، وسَحري

ضاقت قبورُ الملهَمينِ

فألفُ مَوْهِبةٍ بقبرِ

إني دَرَيْتُ، وليتني

كنتُ الجهولَ، فلست أدري

بالمُنْعِظينَ رؤوسَهم

كبراً، نتاجَ صَغاً وصُغر

وبكلِّ منعَفِرِ الجبين

أربَّ من فُحش وهُجر

يُبدي العَفافَ، وربُّه

ومُرِبُّه فضلاتُ تبر

سحتاً يُسَمّنُ نحرَهُ

بدمِ الأضاحي يومَ نحر

ومسارجٍ مزعومةٍ

في حومةِ الآدابِ غُرِّ

حولي.. ولا أدري بهنّ

كأنهنّ نجومُ ظُهر

حتى إذا زحفَ الظلا

مُ بجحفلٍ للخَطْبِ مَجْر

لم أُلْفِ حرفَ ذُبالةٍ

تهدي السبيل مَدَبَّ شِبر

خاست براعاتٌ تخشُّ

كأعظُمٍ في القبر نُخر

ومُسَعِّراتِ ضغائنٍ

تتأكّل الأضلاعَ وُغر

ليتَ القذاةَ بأعينٍ

مسمومةِ النَّظراتِ خُزْر

من ذا يُخَلِصُ أمةً

أُخِذَتْ على طَوعٍ، وقَسر

من نفسِها، من آمر

فيها، ومن خَدمٍ لأمر

مثل " الموالي " شرفت

نسباً إلى " مُضَر " و " فِهْر "

يتملّكونَ رِقابَهم

ملكَ الجَزورِ ليومِ نحر

من كلّ " فرعون " بها

من تحته الأنهارُ تجري

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2341

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة