الديوان » العصر الأندلسي » ابن السيد البطليوسي » لعلكم بعد التجنب والهجر

عدد الابيات : 53

طباعة

لعلكم بعد التجنب والهجر

تديلون من بعد وتشفون من ضر

فإن الذي غادرتم بين أضلعي

يزيد على مر الزمان ويستشري

ولم تنبكم عني النوى غير أنكم

رحلتم من الجفن القريح إلى الفكر

ومن عجب أني أسائل عنكم

ومنزلكم بين الجوانح والصدر

واستعطف الأيام فيكم لعلها

تعيد الليالي السباقت كما أدري

وأطمع منها في الوصال ولم أزل

عليما بما يؤثرن من شيم الغدر

ويوحشني حسن الزمان لنايكم

وإن كنت مأنوس الجوانح بالذكر

ولم أنس إذا صدت كما صد شادنٌ

غريرٌ من الربعي أوجس من ذعر

تميس كما ماس القضيب على النقا

وترنو كما أغضى الشريف من السكر

وما زلت صبا بالغواني تصيدني

ذوات الثنايا الغر والأوجه الزهر

وعندي أحشاء ملئن صبابة

كالحاظ أجفان ملئن من السحر

ولوة وجد ما تفيق وظمأة

لا شنب معسول اللمى طيب النشر

وكم في كناس السمهرية من رشا

أغن يقيم العذر في الخلع للعذر

وأهيف يثنيه النسيم إذا جرى

فلو شاء من لينٍ تختم في الخصر

وساحرة الألفاظ لو أنها دعت

بنغمتها ميتاً للبى من القبر

حسرت قناع الستر فيها ولم يكن

يطيب الهوى يوماً لمن دان بالستر

وللَه ليل باللوى أبعد الجوى

وقرب نحراً من مشوق إلى نحر

فما شئت من شكوى أرق من الهوى

وما شئت من نجوى الدمن من الخمر

سرت لم تمس الطيب عجباً بحسنها

وقد أفعمت عرض البسيطة بالعطر

فقلت عبيد اللَه أو نجله سرى

فذكرني دارين أوبت بالشحر

كأن ضياء الصبح في الليل إذ سرى

بصيرة إيمان سرت في عمى كفر

كان مها في الأفق ريعت وقد بدا

لها ذنب السرحان من وضع الفجر

كأن سنى الشمس المنيرة إذا بدا

كسا ورق الإصباح ذوبا من التبر

وإلا فوجه الظافر الملك انجلى

فجلى ظلام النقع في الجحفل المجر

عجبت لأيام تداعت خطوبها

لتثلم من غربي وتقدح في وفري

ولم تدر أتى في حمى الظافر الرضا

أرد العدى عني بصمصامتى عمرو

حللت جنابا منه مد ظلاله

علي وأعطاني أماناً من الدهر

جناب بكت فيه غمائم جوده

فاضحكن روض المجد عن زهر الشكر

وكم نلت مذ أصبحت الثم كفه

بيمناه من يمن ويسراه من يسر

لدى ملك ما لاح ضوء جبينه

بجنح الدجى إلا كفى مطلع البدر

ومتقد الآراء لو جال في الوغى

بخاطره أغنى عن البيض والسمر

ولولا اضطرام الباس يه غدا القنا

براحته يهتز بالورق الخضر

أرى عابد الرحمن رحمة من قست

عليه الليالي أمن من ريع بالفقر

وكعبة آمالٍ كثيراً حجيجها

لها حرمٌ فيه مشاعر للشعر

له من حجاه بالسماحة آمر

ومن حلمه ناه عن اللغو والهجر

فتىً لم يشمر قط إلا عنا له

عداه وساق الحرب مسبلة الأزر

ولم يعترك بخل بميدان عدله

وجدواه إلا فاز جدواه بالنصر

أبا عامرٍ لازلت للمجد عامرا

فأنك وسطى العقد في عنق الفخر

وقمت العدا عني برافة ماجد

وغمر نوال سر إذ ساء ذا الغمر

وأوسعت تعمى ضيقت ذرعا بحملها

فإن خففت عمري لقد أثقلت ظهري

ولما ارتقت بي في سمائك همتي

غدا أخمصي فوق النعائم والنسر

فحييت شمس الملك في فلك العلا

وشمت سحاب الجود في بارق البشر

أيرجو ضلالاً أن يناويك حاسد

وقد حزت خصل لسق وهو على الأثر

وأرسى عبيد اللَه بيتك في الغلا

وطنبه بين السماكين والغفر

وأصبحت كالمأمون تقفو سبيله

كأنك موسى تقتفي أثر الخضر

وما علت صبراً حين قلدك العلا

وجاء بأمر من بدائعه أمري

فلله ما شادوا وشدت من العلا

وللَه ما حازوا وما حزت من ذكر

نظمت شتيت الملك بالعدل والتقى

وقمت بحق اللَه في السر والجهر

وجاءك صوم إثر فطرٍ قضيته

بحظين من سعدٍ جزيلٍ ومن أجر

وأدبر سقمٌ عنك بشر جسمه

بأقبال تعمى واتصالٍ من العمر

سيملاً شكري كل قطرٍ تحله

بنشر ثناءٍ عنك أذكى من العطر

وتبقى لكم بين الضلوع محبةً

ألاقي بها الرحمن في موقف الحشر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن السيد البطليوسي

avatar

ابن السيد البطليوسي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Bin-Al-Sayed-Al-Bateousi@

50

قصيدة

1

الاقتباسات

71

متابعين

عبد الله بن محمد بن السيد، أبو محمد. من العلماء باللغة والأدب، ولد ونشأ في بطليوس (Badajoz) في الأندلس، وانتقل إلى بلنسية فسكنها، وتوفي بها. له: (الاقتضاب في شرح أدب الكتاب، ...

المزيد عن ابن السيد البطليوسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة