الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » مالي وللفصحاء لا تتكلم

عدد الابيات : 53

طباعة

مالي وَلِلفُصَحاءِ لا تَتَكَلَّمُ

كَثُرَ الجُمانُ فَمالُه لا يُنظَمُ

قَد أَنطَقَتنا المُرهَفاتُ وَأَظهَرَت

ما كانَ يُخزَنُ في الصُدُورِ وَيُكتَمُ

أَينَ الَّذينَ تَفَوَّهَت شُعَراؤُهُم

بِالمَينِ وَافتَخَرُوا بِما لَم يَعلَمُوا

زَعَمُوا بِأَنا طَعمَةٌ لِسُيُوفِهِم

في كُلِّ أَرضٍ أَنجَدُوا أَو أَتهَمُوا

إِن يَصدُقُوا فَسُيُوفُ مَن تَرَكتُهُمُ

صَرعى تَهُزُّهُمُ النُسُورُ الحُوَّمُ

بِخَرابِ حِمصٍ وَالجِبابُ خَبِيثَةٌ

مِنهُم كَأَنَّ مِياهَهُنَّ العَندَمُ

لا يَنجَحَنَّ الدِزبِريُّ بِما جَرى

قِدِماً فَقَد وَضَحَ الطَريقُ الأَقوَمُ

هَل فَخرُهُ إِلّا بِمَوتِ سَمادِعٍ

أَنِفُوا وَقَد عَرَفُوا الرَدى أَن يُحجِمُوا

لَم يَلقَهُم في مَعرَكٍ وَلَو التَقَوا

لَعَرَفت أَيُّهُمُ أَشَدُّ وَأَكرَمُ

ماتُوا بِغَيرِ حُسامِهِ وَحُسامُهُ

ما سالَ فَوقَ شِفارِهِ مِنهُم دَمُ

بَل كانَ يَنظُرُ مِن بَعيدٍ وَالظُبى

تَفري الجَماجِمَ وَالقَنا يَتَحَطَّمُ

لا يَفخَرُ الرَجُلُ الَّذي نَظَرَ الوَغا

بَل يَفخَرُ البَطَلُ الَّذي يَتَقَحَّمُ

شَتّانَ بَينَ الدِزبرِيِّ وَبَينَ مَن

نَصَحَ الإِمامَ نَصيحَةً لا تَسقَمُ

هَذا يَعُقُّ وَقَد أَطاعَ وَذا عَصى

مِن بَعدِ أَن أَضحى يُعَزُّ وَيُكرَمُ

عَمرِي لَقَد صَدَقَ الَّذي هُوَ قائِلٌ

فِينا وَفيهِ مَقالَةً لا تُخرَمُ

أَفعالُ مَن تَلِدُ الكِرامُ كَريمَةٌ

وَفَعالُ مَن تَلِدُ الأَعاجِمُ أَعجَمُ

عَدَّدتُمُ أَيّامَكُم وَعَلَيكُم

فيها النَقِيصَةُ لا عَلَينا فاعلَمُوا

يَومَ الأُبَيَّضِ كانَ جُلُّ نِهابَكُم

ما كانَ يُسقاهُ الرِجالُ وَيُطعَمُ

وَنِهابُنا مِنكُم مَعاقِلُ حَظّكُم

مِنها المُثَقَّف وَالحُسامُ المِخذَمُ

أَمّا العَواصِمُ وَالثُغورُ فَلَم تَزَل

تُحمى بِنا دُونَ المُلوكِ وَتُعصَمُ

لَولا صَوارِمُنا لَكانَت تُبَّلٌ

دَهَمَتكُمُ بِأَشَدِّ خَطب يدهمُ

وَلَسَحَّ مِنها عارِضٌ يَطمُو بِهِ

مِمّا وَراءَ السَدِّ بَحرٌ خِضرِمُ

لَكِن تَجَشَّمنا العَظيمَ بِأَنفَسٍ

عَظُمَت فَسُدَّ بِها المُلِمُّ الأَعظَمُ

عَنكُم وَعَن أَهلِ البِلادِ وَأَنتُمُ

أَدرى بِما دَفَعَ الإِلهُ وَأعلَمُ

فَعَلامَ تُصبَحُ كُلَّ يَومٍ أَرضُنا

تُغزى وَتُصبِحُ بِالعَداوَةِ تُلزَمُ

أَفَما عَلِمتُم أَن دُونَ حَرِيمِنا

قُضُباً تُشامُ وَمُقرَباتٍ تُلجَمُ

وَفَوارِساً سُودَ الجُلُودِ لِطُولِ ما

يَصدا عَلَيها السابِريُّ المُحكَمُ

بِأَكُفِّهِم بِيضٌ تَطِنُّ شِفارُها

حَتّى كَأَنَّ شِفارَها تَتَكَلَّمُ

يَومَ المَشاهِدِ وَالقَنا مُتَضايِقٌ

ما بَينَهُ وَالرِيحُ خُرقٌ تَنسِمُ

وَحُماتُكُم أَسرى تُقادُ وَمِنهُمُ

شَرقٌ بِما شَرِقَ السِنانُ اللَهذَمُ

قَد كانَ في العامِ المُقُدَّمِ عِبرَةٌ

لَكمُ وَعلِمٌ لِامرِئٍ يَتَعَلَّمُ

لَم تَنزِلُوا حِمصاً وَلَم تَتَأَمَّلُوا

قِمَماً تُداسُ بِها وَدُوراً تُهدَمُ

وَعَظَتكُم تِلكَ المَصارِعُ حَولَها

لَو أَنَّ مَن سَمِعَ المَواعِظَ يَفهَمُ

وَعَلى كَفَر طابَ بِمَصرَعِ جَعفَرٍ

حِرتُم فَكَيفَ جَسَرتُمُ أَن تُقدِمُوا

لا يَنفَعُ الرَجُلَ الَّذي هُوَ حازِمٌ

يَوماً إِذا نَزَلَ القَضاءُ المُبرَمُ

هَجَم الخَصِيُّ بِكُم عَرِينَ ضَراغِمٍ

خَطَرُ الهُجُومِ عَلى الَّذي يَتَهَجَّمُ

وَكَأَنَّما كُنتُم وَكانَ فَرِيسَةً

فَرَّت فَأَدرَكَها الهِزَبرُ الضَيغَمُ

مَرَةٌ مُخَدَّرَةً تَسِيرُ وَحَولَها

لَجِبٌ يَسُدُّ الخافِقَينِ عَرَمرَمُ

حَكَمَت عُقُولُ ذَوي العُقولِ بِأَنَّهُم

لا يَسلَمُونَ وَأَنَّها لا تَسلَمُ

يا رِفقُ رِفقاً رُبَّ فَحلٍ غَرَّةُ

ذا المَشرَبُ الأَهنى وَهَذا المَطعَمُ

حَلَبٌ هِيَ الدُنيا تُحَبُّ وَطَعمُها

طَعمانِ حُلوٌ في المَذاقِ وَعَلقَمُ

قَد رامَها صَيدُ المُلوكِ وَعاوَدُوا

عَنها وَما غَنِمُوا وَلَكِن غُنِّموا

شُرِيت بِنَصرٍ وَالحُلا حِلِ صالِحٍ

فِيمَن يُباعُ لِسائِمٍ يَتَسَوَّمُ

ما أَنتَ أَهلاً أَن تَكونَ لِسَنبَرٍ

كُفؤاً وَلا مَلِكُ الزُنُوجِ الأَعظُمُ

لَكِن إِذا حَضَرَ الفِداءُ فَإِنَّما

تُفدى بِما يُفدى الغَرابُ الأَسحَمُ

رُمتَ الصُعُودَ فَقَد صَعِدتَ مُعَمَّماً

بالسَيفِ أَحسَنَ عِمَّةٍ تَتَعَمَّمُ

وَجَلَستَ ما بَينَ المُلوكِ مُكَرَّماً

تُرعى كَما يُرعى الصَديقُ وَتُخدَمُ

وَثَوَيتَ لا خَيراً حَويتَ وَلا نَوى

ما قَد نَوَيتَ لَنا الإِمامُ الأَكرَمُ

يابانياً بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا

بَيتاً مِنَ العَلياءِ لا يَتَهَدَّمُ

إِن فُزتَ بِالشرَفِ الَّذي لا آخِرٌ

في الدَهرِ فازَ بِهِ وَلا مُتَقَدِّمُ

فَلِأَجلِ أَنَّكَ ما حَيِيتَ وَإِنَّما

يُخشى عَلَيكَ مَدى الزَمانِ وَيُحكَمُ

خُلُقاً كَأَندِيَةِ الغَمامِ وَهِمَّةً

مِثلَ الحُسامِ وَعَزمَةً لا تَكهَمُ

لا زِلتَ مُخضَرَّ الجَنابِ مُؤَيّداً

بِالنَصرِ ترزُقُ مَن تَشاءُ وَتَحرِمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

19

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة